كتب د/ عادل عامر
لا يزال الغرب يمتلك العديد من الأوراق، قوته المالية لا تزال مهيمنة، حتى خصومه يودون جذب استثماراته، التعاون معه لعب دورًا في إخراج عدة دول من دائرة الفقر والمرض، الجيش الأمريكي لا يزال أقوى جيش في العالم، الغرب هو مركز الاكتشافات العلمية والإبداعات التكنولوجية التي تغير من أساليب الحياة في كل أنحاء العالم، خطابه الثقافي والإعلامي والترفيهي بكل مشتقاته وبكل أنواعه لا يزال الأحسن والأكثر تأثيرًا على مستوى العالم،
رغم مساوئه الكثيرة والمتزايدة، طبقاته الوسطى لا تزال تساهم بإيجابية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية، لديه مخزون من الخبرات ومن الكفاءات ومن الاتصالات الجماعية والفردية لا مثيل له في العالم، كل أعدائه وحلفائه يتعاملون معه بالتواصل أو بالتفاعل أو بالصدام على أنه لا يزال المركز، وتصوراتهم عن وضعه وحتى مقاومتهم له تلعب دورًا في تكريس هذه المركزية.
ويجب لفت النظر والتشديد على كون عدد كبير من المشكلات والسلبيات المذكورة ما هي إلا الوجه الآخر لنجاحات كبيرة مبهرة- وطبعًا هناك بعض آخر كبير أيضًا هو نتاج أخطاء بل خطايا مذهلة-، على سبيل المثال مأزق دولة الرفاه وتغير التركيبة العمرية وقلة المواليد نتائج نجاح دولة الرفاه والمنظومة الطبية في تحسين الظروف الصحية لكل الطبقات وإطالة عمر الناس، كما هو نتيجة تحرر المرأة واستقلالها وانخراطها في الحياة الاقتصادية، صعوبة إيجاد مشترك حاشد أو تعريف واضح للصالح العام ناتجة عن تعدد محمود في المذاهب الفكرية وفي المصادر الإعلامية وفي تنوع وتناقض المصالح، تدهور مستوى التعليم في شق منه نتيجة تعميمه ليشمل
ويستهدف أبناء كل الطبقات في المنظومة، وفي شق منه نتيجة خيارات تربوية غلبت فيها أيديولوجيات ساذجة، وقرارات خاطئة في شأن التمويل الخاص والأجنبي، فقدان ثقة المواطنين في نخبهم في شق منه نتيجة طبيعية لزيادة الشفافية ووسائل المراقبة القضائية، التي سمحت بفضح ممارسات فساد كانت دائمًا موجودة، وفي شق آخر عائد إلى كم أخطاء ارتكبتها النخب وعجزها عن فهم هموم وقضايا الفئات الخاسرة من جرّاء العولمة أو العاجزة عن التأقلم، والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
إن الدول لا يمكنها مطلقاً أن تتيقن من نوايا الدول الأخرى، فالدول في النهاية تريد أن تعرف إن كانت الدول عازمة على استخدام القوة لتغيير توازن القوى، أو كانت قانعة به إلى حد لا رغبة لديها في استخدام القوة لتغييره، إلا أن المشكلة هي أن من المستحيل تقريباً معرفة نوايا دولة أخرى بدرجة عالية من اليقين، فالنوايا هي في عقول صناع القرار واستشعارها أمر صعب للغاية.
قد يأتي من يجيب بأن صانعي القرار يصرحون بنواياهم في الخطابات وفي وثائق السياسات العامة التي يمكن تقويمها والمشكلة في هذه المحاجة هي أن صناع القرار يكذبون أحياناً بشأن نواياهم الحقيقية أو يخفونها، ولكن حتى إذا استطعنا تحديد نوايا دولة أخرى اليوم، فأنه لا يوجد سبيل على الإطلاق إلى تحديد نواياهم المستقبلية، فمن المحال معرفة من الذي سيدير السياسة الخارجية في أي دولة بعد خمس أو عشر سنوات من الآن.
إن الدول العظمى يخشى بعضُها بعضاً وهناك ثقة قليلة فيما بينهم، وتكمن أكبر مخاوفها في إمكان أن تكون لدى دولة أخرى القدرات إضافة الى الدافع لمهاجمتها ويجتمع هذا الخطر مع حقيقة أن الدول تعمل في منظومة من الفوضى السياسية، ما يعني أنه لا يوجد حارس ليلي يمكنه أن ينقذها إذا هددتها دولة أخرى، وعندما تطلب دولة ما رقم هاتف خدمات الطوارئ طالبة المساعدة، لن يكون هنالك أحد في النظام الدولي ليرد على المكالمة.
يتفاوت مستوى الخوف بين الدول من حالة إلى أخرى لكنه لا يمكن خفضه البتة إلى مستوى غير منطقي، فالمخاطر ببساطة أكبر من أن تسمح لذلك بالحدوث والسياسة الدولية تجارة قد تكون قاتلة، حيث احتمال نشوب الحرب حاضر دوماً فيها ما يعني عادةً القتل الجماعي داخل أرض المعركة وخارجها والذي يمكنه أن يقود حتى إلى دمار الدولة.
الأخطاء العامة الواضحة هي عدم انتباه الغرب إلى تبعات ماضيه الاستعماري، وأهمية مراعاة الذاكرة الجريحة لعدد هائل من الدول، وإلى أوجه الشبه بين ماضيه الكريه العدواني ومساعيه الحالية في إعادة هيكلة الدول الأخرى ونظمها السياسية والاجتماعية بعد انهيار الشيوعية دون إدراك كافٍ لخصوصية كل بلد وكل وضع وكل مرحلة، اختلاف وتحسن النوايا لا يعفي من الأخطاء،
ولم ينتبه إلى كون خطابه يحمّله ما لا طاقة له به، مما ولد تلقائيًا تهمًا مبررة بالنفاق والكذب والكيل بمكيالين، وزاد من الطين بلة ميله إلى تعلية سقف أهدافه مع تقليل التمويل للسياسات التابعة، والاعتماد المبالغ فيه على سياسة العقوبات وعدم انتباهه لأهميتها الرمزية (الأمر يبدو وكأن المدرس الحكيم يعاقب التلميذ الشرير ليكون عبرة لغيره مما يولد أحيانًا تضامنًا مع المنبوذ غربيًا)
وارتكابه أخطاءً استراتيجية مذهلة أهمها على الإطلاق غزو العراق والتأخر المذهل للانتباه لمسار روسيا العدواني وفي إدارة الملف الإيراني من ناحية والرهان على الإخوان في الربيع العربي من ناحية ثانية وعدم الانتباه إلى خطر محاولات اليمين الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية.
تبقى السمة الغالبة لهذه السيطرة هي العنف، ما بين هذه الدول نفسها (الحروب الأوروبية الطويلة الأمد والحروب العالمية)، وضد دول الجنوب (العنف الاستعماري) والتدخلات العسكرية ذات الطابع الإمبريالي من طرف الولايات المتحدة وحلفائها بعد الحرب العالمية الثانية إلى حد الآن. وهذا العنف يأتي على خلفية أسطورة تكوِّنَت منذ عصر النهضة، مفادها أن مهمة الإنسان «الأبيض» في غالب الأحيان هي السيطرة على الطبيعة وتطويعها. وبالتالي، فإن الاكتشافات الجغرافية جاءت لتنفيذ هذه الرؤيا التي ترى في الطبيعة «عدواً» يجب قهره، أو «وحشاً» وجب تطويعه، عكس الثقافات الأفريقية والآسيوية والأوسيانية وثقافة الشعوب الأصلية في الأميركيتين، التي ترى في الطبيعة أصلاً، ومسكناً وموطناً ومصدر عيش وتعايش.
أصبحت مجموعة بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظرا لأرقام النمو التي باتت تحققها دول هذا التكتل مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام عديد من الدول الأخرى، التي ما فتئت ترغب في الانضمام إلى التكتل.
ومن بين الأهداف الرئيسية الأخرى للمجموعة رغبة القوى الخمس الناشئة في تعزيز مكانتها على مستوى العالم من خلال التعاون النشط فيما بينها، وذلك من خلال:
السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل بهدف القضاء على الفقر ومعالجة البطالة وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
توحيد الجهود لضمان تحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات.
السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان غير الأعضاء في مجموعة بريكس.
تعزيز الأمن والسلام من أجل نمو اقتصادي واستقرار سياسي.
الالتزام بإصلاح المؤسسات المالية الدولية، حتى يكون للاقتصادات الناشئة والنامية صوت أكبر من أجل تمثيل أفضل لها داخل المؤسسات المالية.
العمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف وتحسين التجارة الدولية وبيئة الاستثمار.
السعي إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالتنمية المستدامة، وكذا الاتفاقات البيئية متعددة الأطراف.
التنسيق والتعاون بين دول المجموعة في مجال ترشيد استخدام الطاقة من أجل مكافحة التغيرات المناخية.
تقديم المساعدة الإنسانية والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، وهذا يشمل معالجة قضايا مثل الأمن الغذائي العالمي.
التعاون بين دول بريكس في العلوم والتعليم والمشاركة في البحوث الأساسية والتطور التكنولوجي المتقدم.
وتتوقع الدول الأعضاء للمجموعة أن تحقيق هذه الأهداف من شأنه أن يعطي زخما جديدا للتعاون الاقتصادي على مستوى العالم.