عملية التغيير الجنسي قانونا وشرعا في القانون المصري
نشرت بواسطة:
كتب / د.عادل عامر
إن حرية الإنسان ليست مطلقة في تغيير جنسه في ظل الوضع القانوني الراهن في مصر الذي خلا من وجود تنظيم قانوني لعمليات تغيير الجنس يحدد حالات إجراؤها كضرورة طبية علاجية.
إن الدين الإسلامي هو المعيار الأساسي للإنسان الذي بناءاً عليه تستقيم أموره وهو المعلم الذي يدله على الحلال والحرام والصحيح والسقيم، فإذا ابتعد الإنسان عن الدين قل عنده هذا الوازع الديني وبالتالي تجده يتخبط يمنةً ويسرة. وأن تغيير الجنس بقصد التخنث منهي عنه شرعاً ولكن من قلّ عنده الوازع الديني تجده لا يهتم بهذا النهي ويمارس كل ما يخطر على هواه دون مراعاة لأحكام الدين الإسلامي.
إن للتربية دوراً مهماً في تكوين شخصية الطفل منذ نعومة أظافره فهو يكتسب الخصائص النفسية والاتجاهات والقيم والمعتقدات التي تعتبر مناسبة لجنسه وبالتالي يكتسب الطفل هويته الجنسية، فإذا اتبعت الأسرة في تربية طفلها أساليب خاطئة كالتدليل الزائد والحرمان العاطفي والقسوة وعدم إشباع الحاجة النفسية للطفل تجد الطفل يتجه للانحراف السلوكي وحدوث اضطرابات في هويته الجنسية
إن وسائل الإعلام لها أهمية بالغة وتأثير قوي على نفسيات الأفراد خاصةً على الأطفال، فمثلاً مشاهدة أفلام العنف تولد العنف.
وإن عرض مشاهد فيها انحراف سلوكي ومخالفة لأعراف المجتمع يبني في نفوس الناس هذا الانحراف ويهدم كل القيم والتقاليد.
إن لجرائم الخطف والاغتصاب تأثير جسدي ونفسي على المجني عليه خاصةً على الذكور، لذلك تجده يرغب في تغيير جنسه لأنه انتابه شعور بأنه أنثى وذلك لرغبة الرجال الشاذين جنسياً به.
وقد أجرت جريدة الوطن لقاء مع أحد الذين قاموا بتغيير جنسهم وبسؤاله عن سبب تغيير جنسه ذكر بأنه كان يتعرض للخطف والاغتصاب في صغره من قبل الشباب والصبيان.
• الدافع الثالث: التنكر والتخفي:
قد يكون من دوافع تغيير الجنس قيام شخص ما بجريمة معينة ومن ثم يرغب في تغيير جنسه ليتنكر ويختفي من العدالة ليفلت من العقوبة.
• الدافع الرابع: السعي وراء تحصيل كسب معين:
قد يرغب شخص في تغيير جنسه سعياً وراء تحصيل كسب معين لا يستطيع تحصيله وهو على الجنس الأصلي الذي خلق عليه وهذا الكسب قد يكون أرث نصيب أكبر من الذي سيرثه وهو على جنسه أو غير ذلك من أنواع الكسب.
وبعد عرض دوافع جراحة تغيير الجنس يتضح أن الدافع الوحيد الذي فيه نوع من المشروعية لإجراء هذه الجراحة هو الدافع الأول وهو إصابة الشخص بمرض اضطراب الهوية الجنسية، لذلك سأتحدث في المطلب القادم عن مرض اضطراب الهوية الجنسية.
أما الدوافع المتبقية فهي غير مشروعة لأنها ناتجة عن أهواء وانحرافات أخلاقية وإجرامية واعتقد أنه لا بد من أن يضع المشرع قوانين تعاقب كل من يقوم بإجراء جراحة تغيير الجنس بقصد التشبه بالجنس الآخر أو التخفي والتنكر من العدالة أو السعي وراء تحصيل كسب معين. إن مرض اضطراب الهوية الجنسية سبب رئيسي من أسباب تغيير الجنس وقد يكون فيه نوع من المشروعية، لذلك أفردت له مطلب خاص لأوضح أنواع مرض اضطراب الهوية الجنسية وطبيعة كل نوع ولكن أحببت قبل أن أشرع في ذكر أنواع المرض وطبيعة كل نوع أن أذكر المعايير الشرعية والطبية التي من خلالها يتم التمييز بين الذكر والأنثى.
إن الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة يمكن من خلالها تحديد جنس الشخص وذلك لأن الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة للذكر تختلف عن الأنثى وبالتالي يمكن التمييز بينهم، فالذكر تتكون أعضاءه التناسلية الباطنة من الحبل المنوي والحويصلة المنوية والبروستاتا وغدد كوبر، أما الأعضاء التناسلية للذكر (ما عدا الخصية) فإنها تتكون من قناتي ولف وهي قناة الكلية المتوسطة للجنين ومنها يتكون البربخ والقناة الناقلة للمني والقناة القاذفة، وتتكون الأعضاء التناسلية الباطنة للأنثى من المبيضان والرحم وقناتي الرحم والمهبل، أما الأعضاء التناسلية الباطنة للأنثى (ما عدا المبيض) فتتكون من قناتي مولر وهي قناة بجانب الكلية المتوسطة للجنين (واحدة على كل جانب) وتتحد القناتان في الوسط لتكون الرحم والمهبل.
الخنثى الذي لا يخلص لذكر ولا أنثى، وجعله بعضهم وصفاً، فقال: رجل خنثى له ما للذكر والأنثى، والخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعاً، والجمع خناثي، وخُنَاث، والمصدر الإنخناث بمعنى: التثني والتكسر، ويقال: خَنَث الرجل خنثاً فهو خنث وتخنَّث وإنخنث تثَّنى وتكسّر، وتخنث أيضاً إذا فَعَلَ فِعلَ المخنَّث وقيل المخنث الذي يفعل فعل الخناثي
هو مرض نفسي ينتاب الشخص يتمثل في رغبته الشديدة في تغيير جنسه على الرغم من مظهره الخارجي والتكويني الواضح، ولا يخل هذا المرض بقدرات صاحبه الذهنية والمهنية إذ لا يعتبر من قبيل الأمراض العقلية.
إن مرض الإنترسكس تباينت أساليب العلاج فيه لذلك قد تعارضت آراء الأطباء في أسلوب علاج مرض الإنترسكس وتنحصر أساليب علاج مرض الإنترسكس في نوعين:
النوع الأول: العلاج النفسي:
يلجأ أطباء الأمراض النفسية في علاج مرض الإنترسكس وذلك بتصحيح مسلك المريض النفسي إما عن طريق التنويم المغناطيسي وإقناع الشخص بحقيقة جنسه أو عن طريق إعطائه هرمونات منشطة أو بأي طريق آخر.( )
(3) أنه لا يوجد في هذه الجراحة تغيير لخلق الله وإنما الذي يحدث فيها هو إزالة التشوه الخلقي عن المريض وبيان الجنس الحقيقي الذي ينتمي إليه.
(4) قال: ” لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء “. ( )
وجه الدلالة: أن الفقهاء ذكورا أنه يجب على المخنث أن يزيل مظاهر الخنوثة عنه وأن يجتهد في ذلك حتى لا يدخل في ضمن الملعونين في الحديث السابق
قال ابن حجر: وأما ذم التشبيه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك وأما ما كان ذلك من أصله الخلقة فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج.
(5) إن إجراء الجراحة لمريض الإنترسكس ليس فيه غش أو تدليس الذي نهى عنهما الشرع وإنما الهدف من إجراء الجراحة هو إعادة المريض على خلقته السوية الطبيعية لذلك جازت شرعاً.
وما سبق ذكره من أدلة يتبين أحقية الشخص المصاب بمرض الإنترسكس في تغيير جنسه.
إن لتغيير الجنس آثار قانونية مترتبة عليه كما ذكرنا وذلك لأن الشخص الذي يطلب تغيير جنسه يريد بذلك ترتب الآثار القانونية عليه ولذلك أفردت مبحث خاص سأتطرق فيه عن الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس.
إن من آثار تغيير الجنس هو تغيير الاسم وذلك لأنه لا يصح أن يتم تغيير جنس الشخص من أنثى إلى ذكر وهو يحمل اسم أنثى أو العكس، وسيكون في هذا مدعاة للسخرية والازدراء، وقد رسم القانون إجراءات معينة يتم من خلالها تصحيح اسم الشخص وهو ما نصت عليه المادة الأولى من مرسوم القانون رقم (1) لسنة (1988) بشأن تنظيم إجراءات دعاوي النسب وتصحيح الأسماء: “لا تقبل دعاوي النسب وتصحيح الأسماء إلا إذا سبقها تحقيق تجربة لجنة برئاسة أحد أعضاء النيابة العامة يصدر بتشكيلها وتحديد مقر انعقادها ونظام العمل بها والإجراءات التي تتبع أمامها قرار من مجلس الوزراء.
وتباشر اللجنة التحقيق بناء على طلب من ذوي الشأن وعليه الانتهاء منه وإحالة النزاع إلى المحكمة المختصة مشفوعاً بتقرير مفصل بما انتهت إليه في شأن صحة النسب أو الاسم وذلك خلال سنة من تاريخ تقديم الطلب إليها، فإذا انتهت هذه المدة دون البت في الطلب كان لصاحب الشأن اللجوء إلى القضاء.
وعلى إدارة كتاب المحكمة بناء على طلب صاحب الشأن وبعد سداد الرسوم المقررة تحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة تتبع في إعلانها ونظرها الإجراءات المعتادة في التقاضي. وذلك دون إخلال بحق النيابة العامة في رفع الدعوى أو التدخل فيها طبقا لنص المادتين 337، 338 من قانون الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم (51) لسنة 1984.
ومن خلال المادة السابقة يتضح أنه على الشخص الذي تم تغيير جنسه أن يتقدم بطلب إلى اللجنة المختصة بدعاوى النسب وتصحيح الأسماء لتباشر معه التحقيق وتحيل النزاع إلى المحكمة المختصة مشفوعا بتقرير بما انتهت إليه، ولكن قبل ذلك لا بد على الشخص الذي تم تغيير جنسه أن يثبت نوع الجنس الذي ينتمي إليه، ولا يمكن ذلك إلا من خلال رفع أمره إلى المحكمة لتفصل في نوع الجنس الذي ينتمي إليه، وكذلك يستطيع الشخص الذي يقوم برفع دعوى إلى المحكمة يطلب فيها إثبات أحقيته بتغيير جنسه أن يطلب معها كذلك إثبات أحقيته في تغيير اسمه للفصل في الموضوعين معا بدلا من أن يعرض كل طلب على حدة.
2023-10-03