ضالة الانتعاش الاقتصادي في ظل الأزمة الحالية

كتب / د. عادل عامر

أدى قيام الاقتصادات المتقدمة بتيسير السياسة النقدية في بداية الجائحة إلى تخفيف كبير للأعباء المالية في الأسواق الصاعدة. وفي الفترة المقبلة، ستنشأ تحديات من جراء السرعات المتعددة التي يتم بها التعافي من الأزمة.

 ويشير التحليل الوارد في هذا الفصل إلى أن تشديد السياسة الأمريكية الناتج عن قوة الاقتصاد النسبية يغلب عليه الطابع الحميد في تأثيره على معظم اقتصادات الأسواق الصاعدة، إلا أن التشديد المفاجئ يحفز خروج تدفقات رأس المال من هذه الأسواق.

 وبالتالي، فسيكون من المهم للاقتصادات المتقدمة أن تفسر بوضوح كيف تنوي تنفيذ سياساتها النقدية أثناء التعافي. كذلك يشير التحليل الوارد في الفصل إلى أن اقتصادات الأسواق الصاعدة يمكن أن تحد من تعرضها للتداعيات المالية المعاكسة باعتماد أطر نقدية ومالية أكثر شفافية واعتمادا على القواعد

اتسع نطاق الانتعاش الاقتصادي العالمي الذي بدأ نحو منتصف 2016 واكتسب مزيدا من القوة. ويتوقع العدد الجديد من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أن تواصل الاقتصادات المتقدمة مسيرة التوسع كمجموعة لتتجاوز معدلات نموها الممكن في العامين الحالي والقادم، ثم تبدأ في التراجع.

 وفي الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، يُتوقع أن ترتفع معدلات النمو ثم تستقر. ولن تدوم معدلات النمو المواتية الحالية بالنسبة لمعظم البلدان. ولذلك ينبغي لصناع السياسات اغتنام الفرصة السانحة لتدعيم النمو وجعله أكثر استدامة وتسليح الحكومات بأدوات أفضل لمواجهة الهبوط الاقتصادي القادم.

وتبدو آفاق النمو المستقبلية مثقلة بالتحديات بالفعل في حالة الاقتصادات المتقدمة وكثير من البلدان المصدرة للسلع الأولية. ففي الاقتصادات المتقدمة، سيكون من الصعب أن يعود المعدل المتوسط لنمو دخل الأسرة إلى وتيرته السابقة على الأزمة بسبب شيخوخة السكان والانخفاض المتوقع في وتيرة التقدم نحو معدلات أعلى من الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج. بل يبدو من الأصعب تحقيق زيادة ملموسة في الدخول المتوسطة والدنيا.

 وبالإضافة إلى ذلك، ستميل معدلات النمو حتماً إلى مستوياتها الأضعف على المدى الأطول. وسينحسر الدعم الذي تقدمه السياسات في الولايات المتحدة والصين – رغم ضرورته التي تمليها الاختلالات الاقتصادية الكلية في هذين البلدين. أما البلدان التي يمكنها الآن تسريع النمو بتشغيل العمالة ورأس المال غير المستخدمين بالكامل فسوف تبلغ طاقتها الكاملة. ولذلك فإن الحاجة ملحة لأن تتخذ السياسات منظورا استشرافيا – للحد من المخاطر وتعزيز النمو.  

ويعتبر النمو السكاني، وتوزيع الأعمار، وغيرها من الاتجاهات الهيكلية في مجال التوظيف، عوامل ضرورية لفهم النمو والاستثمار والإنتاجية. ويركز الفصل الثاني على المشاركة في سوق العمل في الاقتصادات المتقدمة، حيث تمثل شيخوخة السكان، وكذلك تراجع معدلات المشاركة الكلية في سوق العمل في كثير من البلدان، عوامل معاكسة شديدة التأثير على النمو. ومما يثير القلق بوجه خاص انتشار التراجع في مشاركة الشباب والرجال في مقتبل العمر.

 ويوضح هذا الفصل كيف يمكن لمجموعة من السياسات – كالاستثمار في التعليم والسياسات الضريبية – أن تخفف حدة هذه الآثار. لكن المشاركة ستستمر في الانخفاض حتى في ظل المناهج التي تعتمد أفضل الممارسات.

يعتبر موضوع تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من الموضوعات التي تناولها المفكرون الاقتصاديون بالدراسة والتحليل منذ القدم إلى غاية اليوم، وهذا مرده إلى المكانة التي تحتلها الدولة في اتمع باعتبارها المدبر والمنظم لشئونه وتغلغل أجهز في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،

 ولقد أصبح واضحا بان للدولة دور كبير في قيادة وتوجيه الاقتصاد بما يحقق الأهداف التنموية، وهذا ما حدث في الكثير من الدول التي تبنت التخطيط كوسيلة للتنمية الاقتصادية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، سواء الرأسمالية منها كإنجلترا وفرنسا وهولندا وإيطاليا، أو الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي( سابقا )

 والصين، ورغم اختلاف الاقتصاديين في كيفية و في حجم التدخل، فإما متفقون على أن هناك حدا ادني من التدخل يجب على الدولة أن تقوم به، ولذلك اختلفت صور وطبيعة وحجم هذا التدخل من دولة لأخرى ومن حقبة زمنية إلى أخرى، نظرا للمستجدات التي طرأت على الساحة الدولية وكذا بفعل الكثير من المتغيرات الفكرية والوقائع الاقتصادية، والمتتبع لأدبيات الفكر الاقتصادي يلاحظ بأنه

ومنذ أن ظهرت الأفكار الكينزية بدأت الدول تتدخل أكثر في النشاط الاقتصادي بما فيها البلدان الرأسمالية الصناعية، فامتلكت الدولة بعض الصناعات الهامة، كما ارتفع الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية وتم تدعيم المواد التموينية لأصحاب الدخل المحدود وارتفع الإنفاق الاستثماري في الأشغال العامة وارتفعت نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وحتى البلدان النامية تأثرت ذه الأفكار حيث ظهرت بعض نظريات التنمية الخاصة

التي تحث الحكومات على التدخل الواسع في النشاط الاقتصادي للتخلص من التخلف وتحقيق التنمية الاقتصادية، فالدولة لا يمكن لها أن تكون حيادية حتى ولو اجتهدت في ذلك حتى مع انحسار دورها مع بزوغ نجم الرأسمالية ،

 فما تزال الدولة تلعب دورا محوريا حتى في أكثر النظم الرأسمالية في العالم المعاصر وهو ما تشهد به العديد من التطورات الدولية في الوقت الحالي، سواء من خلال الأزمات الاقتصادية والمالية أو من خلال الآلات الجديدة التي أصبحت تضطلع والتي فرضتها عليها ظاهرة العولمة

يعتبر موقف تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ردا على ما جاء في نظرية التوازن التلقائي لديفيد هيوم التي تنص على عدم التدخل لان المعادن النفيسة تتوزع تلقائيا دون الحاجة إلى وجود دولة، وان تدخل الدولة لتوزيع المعادن النفيسة يتسبب في ارتفاع أسعارها، الأمر الذي يؤدي إلى عجز الدولة على زيادة قيمة الصادرات

الحقائق تفرض نفسها أولًا، فالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يبلغ 20 تريليون دولار وللمقارنة فإن الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد عالمي لا يزيد الناتج المحلي الإجمالي لها على 14 تريليون دولار، كما أن الهند على سبيل المثال وهي إحدى أسرع الاقتصادات نموًا على مستوى العالم يبلغ ناتجها المحلي نحو 3.2 تريليون دولار فقط.

باتت التحذيرات من الركود أمرًا شبه يومي نطالعه في وسائل الإعلام يوميًا ويتردد على ألسنة بنوك الاستثمار وحتى الرؤساء التنفيذيين للشركات وعلى الرغم من خروج المسؤولين الأمريكيين بدءًا من “جانيت يلين” وزيرة الخزانة وحتى الرئيس الأمريكي “جو بايدن” شخصيًا لنفي حتمية وقوع الاقتصاد في براثن الركود إلا أن الشكوك تتزايد حيال قدرة الاقتصاد على مواصلة النمو.

بشكل مبدئي، فإن الركود من الناحية الفنية هو أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما انكماشًا بدلًا من النمو لربعي سنة متتاليين.

لكن ثمة استثناءات، فالركود الناجم عن جائحة كورونا استمر شهرين فقط، ليسجل أقصر دورة على الإطلاق.

كما يرى مراقبون أنه من الممكن التنبؤ بالركود بناء على إشارات تاريخية، فمثلا حين يرتفع التضخم دومًا فوق أربعة بالمائة وتنخفض البطالة دون أربعة بالمائة وهما مؤشران حين يخترقهما الاقتصاد الأمريكي، فإن ذلك يشير إلى حالة من الإنهاك المحموم، فإن ذلك يعني أن الاقتصاد سيشهد ركودًا في غضون عامين، والمقياسان جرى تجاوزهما بالفعل.

الخطورة هنا تكمن في تباطؤ التعافي من الآثار السلبية للركود؛ ففي المعتاد يستغرق الأمر عشرة أشهر من بلوغ القاع في معدل البطالة إلى التعافي لمستويات توظيف ما قبل الركود في الركود النمطي، لكن خلال الركود الناجم عن فقاعة الدوت كوم والأزمة المالية العالمية، تطلب الأمر ثلاثة أمثال تلك الفترة، أي نحو 32 شهرًا، للوصول إلى مستويات البطالة التي سادت قبل الركود.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس السيسي يؤكد دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

كتبت مني جودت أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في ...