دور الإعلام الحديثة في التنمية المستدامة وتأثيره على المرأة

كتب /د. عادل عامر

يدور دور المرأة في وسائل الإعلام حول المحاور الأربعة للإعلام: حرية الإعلام والتعددية الإعلامية واستقلال وسائل الإعلام وسلامة وسائل الإعلام. لا تواجه المرآه في وسائط الأعلام نفس الصعوبات والتهديدات التي يواجهها الرجل، ولكنها تعاني أيضا من عدم المساواة بين الجنسين، وقضايا السلامة، أو التمثيل الناقص.

تعد المرأة إحدى أهم الأطراف المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة والسعي من أجل بيئة نظيفة خالية من الكربون، ولا يقل دورها عن دور الرجل في إيجاد حلول لتحديات تغير المناخ ودعم الجهود من أجل مستقبل مستدام.

وباعتماد الدول لأهداف التنمية المستدامة الجديدة لعام 2030، يقر العالم مرة أخرى بأهمية دور المرأة في تحقيق الاستدامة.

لا تنمية اجتماعية دون مساواة كاملة بين الجنسين والقضاء على كافة أشكال التمييز، ولا استدامة بيئية دون دور فاعل للنساء كرائدات أساسيات للتغيير.

هذا ما يؤكد عليه مسؤولو الأمم المتحدة في مختلف الفعاليات منذ اعتماد أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.

المرأة هي نواة المجتمع وإذا استطعنا أن نطور أو نغير من سلوكيات المرأة يمكن تغيير سلوكيات الأسرة ومنها المجتمع. المرأة لها تأثير كبير على الأطفال والرجال ويمكن أن تعمل على تغيير الثقافة الاستهلاكية لدينا. نستطيع القول إن التفكير السائد عن مبادرات البيئة هي فقط لخفض الانبعاثات، ولكن لها مردود اقتصادي كبير والذي يتمثل في توفير الموارد المالية للأسرة وبالتالي للمجتمع، ويمكن أن يتطور ويستخدم في مجالات أخرى للارتقاء في المجتمع وبناء المدن المستدامة وتطويرها والتسريع من العجلة الاقتصادية في تلك الدول.”

الملتقى والذي تأسس رسميا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015، أكد على الدور الأساسي للمرأة في التنمية المستدامة، حيث يسعى إلى تزويد المرأة بمعلومات قيمة حول متطلبات تحقيق النجاح في القطاعات المتعلقة بالاستدامة.

” الرجل شريك هام ولهذا فإن المجلس الاستشاري للملتقى لا يقتصر على العنصر النسائي، فالرجل موجود في كل جلسات المؤتمر وذلك لإيجاد حل للتحديات التي نواجهها ومنها عدم وجود المرأة في كثير من تلك المجالات. هذا الأمر يعد مسؤولية مشتركة بين المرأة والرجل. لا نستطيع القول إن الدور يقتصر على المرأة لوحدها والرجل لوحده، بل لكلاهما دور في تدعيم دور المرأة في هذا المجال.”

يجمع الباحثون في مجال الاتصال والإعلام على الدور الخطير الذي يلعبه الإعلام في التأثير على المتلقي ” علاوة على ما تتميز به وسائل الإعلام من طبيعة مزدوجة تساعد على نشر وترويج الأفكار والقيم المتناقضة في آن واحد فهي قد تساعد على تغيير القيم والعادات والمفاهيم التقليدية فتسهم في ذلك بخلق أشكال جديدة من الوعي أو تعمل على تثبيت القيم والرؤى التقليدية فتسهم عندئذ في تزييف وعي الأفراد وذواتهم وأدوارهم الحقيقية ” ومما لاشك فيه أن الإعلام له دور مهم في تشكيل الوعي الثقافي والقيمي في المجتمع ويعود ذلك للإمكانيات المتاحة أمام وسائل الإعلام لتوصيل الرسالة الإعلامية للرأي العام من مختلف الفئات الاجتماعية .

ويكمن أهمية الإعلام في إبراز قضية المرأة والدفع بها إلى الأمام بأن يلعب الإعلام دوراً بارزاً في إبراز دور المرأة والمفاهيم المتعلقة بحقوقها في التعليم والمشاركة الاجتماعية والسياسية وشغل المناصب العامة واختيار الزوج ورعاية الأمومة وغيرها من خلال الوسائل الإعلامية المتعددة باعتبارها وسائط ثقافية تربوية ترفيهية لها تأثير كبير في اتجاهات الرأي العام وذلك إذا ما وضعت لها سياسات واضحة تتبنى قضايا المرأة تستند إلى بلورة وعي عام لدى المجتمع من خلال الآتي :

1. على وسائل الإعلام اليمنية التأكيد على وظيفة المرأة الأساسية في حماية الآسرة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإفساح المجال لها للمشاركة في الحياة الاجتماعية والتعريف بقضاياها وأنشطتها .

2. معالجة القصور في مجال مساهمة الإعلام اليمني ومساندته للبرامج الخاصة بتنظيم الأسرة باعتبارها أحد الخلايا الأساسية في المجتمع وللأنشطة السكانية الأخرى التي تعالج قضايا هامة كالحد من النزوح والهجرة داخل الوطن اليمني وخارجه .

3. الاهتمام بالمشاكل المتعلقة بالنمو السكاني وانعكاساته على التنمية وبرامج الأسرة والمشكلات الناشئة عن الهجرة بما تستحقه من اهتمام في كافة وسائل الإعلام والاتصال المتاحة .

4. تعديل الاتجاهات نحو التبني الإيجابي لمجموعة من القيم التي تدعم المفاهيم المرتبطة بقضايا المرأة وحقوقها الأساسية مثل المساواة في حق العمل والتعليم والمشاركة السياسية … الخ .

5. تناول المشكلات والظواهر السلبية ذات العلاقة بالمرأة وتحليل أسبابها وتقديم البدائل الإيجابية وتبني مفاهيم جديدة .

6. أن يلعب الإعلام دور في قضية المرأة وترسيخ القيم الإيجابية وترى د . سلوى شعراوي : (( يستطيع الإعلام أن يلعب دوراً مؤثرا في خلق مناخ عام مؤيد ومتفهم لقضايا المرأة وأهمية إدماجها في صنع القرار فعلى سبيل المثال استطاعت تغطية الإعلام الإنجليزي الأخيرة وصول مولود جديد لرئيس الوزراء البريطاني ” توني بلير ” إلى الإعلان عن عزمه للتخفيف من أعبائه العملية ليكون بجوار زوجته ذلك بالطبع ليس فقط من أجل الحرص على التماسك العائلي ولكن أيضاً ضماناً لكسب أصوات النساء لإعادة انتخابه من جديد في الانتخابات القادمة )) .

أصبحت لوسائل الإعلام والاتصال في العصر الحديث، أدوارا رئيسية في العملية التواصلية الإخبارية والتعليمية التوعوية، فاتحةً أبواب المعرفة مُشرعة، حيث باتت الوسيلة الأولى التي تجاوزت الحدود بفعل التطور التكنولوجي الحديث، وبفعل انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وصرنا أمام قرية واحدة لا حدود لها سوى حدود الأمية الأبجدية والمعلوماتية.. إن إنتاج المعلومات ونشرها واستخدامها في ظل العولمة الإعلامية وعولمة المعلومة، أضحت من بين أهم تجليات التقدم التكنولوجي الذي أنتج مجتمعات المعرفة، وقدَّم مساهمات معرفية في شتى المجالات، سواء تعلق الأمر بالعلوم الإنسانية أم الاجتماعية، بحيث صار الاهتمام بالتنمية مطلبا مُلحّا وتسليط الضوء إعلاميا على القضايا التنموية أكثر إلحاحا.

رافق المفهوم الجديد للتنمية، تطورٌ ملحوظ أيضا لوسائل الإعلام والاتصال، جعل من العملية التواصلية أمرا ملموسا نظرا للتطور التكنولوجي الذي ساعد على إيصال المعلومة، الأمر الذي جعل من الإعلام ضرورة مجتمعية تساهم هي الأخرى في العملية التنموية

إن العالم اليوم بانفتاحه وبارتباط وسائل اتصاله بعضها البعض، لم يعد في منأى عن ضرورة السعي وراء تحقيق تنمية لشعوب لاتزال في عداد التخلف، بعيدة عن تحقق كرامة الإنسان في العيش الكريم، مُبتعدة عن تحقيق الرقي والازدهار بسنوات ضوئية.. وبالتالي، فإن الاهتمام بالتنمية Development، بتسخير جميع أدوات الاتصال الجماهيرية المرتبطة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال، لَمِن شأنها أن تساهم على الأقل في التوعية وفي خلق دينامية Dynamics جديدة أكثر إيجابية للنهوض بمستوى عيش الفرد والجماعة

أمامنا اليوم أشواط كبيرة كإعلاميين، تحديات وجب علينا جميعا العمل على تخطيها من أجل مجتمع واع بمسؤولياته، مجتمع يتمتع بحرية التعبير، يتداولُ المعلومات والأفكار والمعارف بكل حرية.. مُجتمع له حقوق وعليه واجبات، مُندمج في العمل من أجل تنمية مستدامة Sustainable development، خصوصا أن العالم النامي الآن يعرف صعوبات جمّة، تحديات ذات بُعد تنموي بالدرجة الأولى، وللإعلام دورُه الرئيس في توعية الإنسان بضرورة التعاون مع أخيه الإنسان أولا، ثم العمل على إبراز كل القضايا التنموية التي بإمكانها الارتقاء بواقع المجتمع، وذلك لِما لوسائل الإعلام من قدرة على استنهاض الطاقات البشرية من أجل توجيه مجتمعاتهم نحو الأفضل، نحو واقع يجعل من المرء المُهمّش إنسانا كريما في عيشه.

وتحديدا للمفاهيم، لا يمكن لأحد أن يجادل اليوم في أن الإعلام بات يشكل دورا محوريا في قضايا التنمية، بل أضحى ضرورة أساسية في التقدم المنشود من خلال إقرار البرامج ذات الصلة بالتنمية المستدامة.

لذلك، بذا الارتباط الوثيق للإعلام بالقضايا التنموية، وأصبح اهتمام الدول ملحوظا بالإعلام التنموي حيث حضي بعناية أكثر من لدن الجهات المسؤولة لما يكتسيه من ضرورة في المساهمة بالنهوض التنموي للمجتمعات.. الجميع الآن يعترف بأن وسائل الإعلام، بمختلف حواملها Media support ، تساهم بشكل كبير في إنجاح العملية التنموية، وجميع الخطط السياسية والاجتماعية والاقتصادية أصبحت تستحضر الجانب التنموي في جُل المشاريع المـُبرمجة محليا ودوليا، سواء كان ذلك عن طريق مؤسسات محلية وطنية أو دولية أُممية… لم يعُد الإعلام تلك الوسيلة التي تتابع الأخبار وتُنجز التقارير الإخبارية فحسب، ومع ظهور الإعلام الجديد، New media المتمثل أساسا في الإعلام الرقمي، صار دور الإعلام أقوى..

تُناط بوسائل الإعلام مهمّة تسليط الضوء على كل البرامج التي من شأنها تنوير المجتمع من أجل تحقيق تنمية مستدامة تكفل للفرد العيش الكريم ما دامت تنمية الفرد من تنمية المجتمع.

أصبح الإعلام الرقمي اليوم يُشكل قوة ضغط ويصنع رأيا عاما ويحرك الحكومات والمجالس والهيئات، أصبح أداة في يد المواطن، أداة تساهم في التوعية والتعبئة وفي تشكيل وعي جماهيري وجب استثماره للنهوض بواقع الفرد التنموي. ولعلّ الاهتمام بالإعلام التنموي بتخصيص يوم عالمي له (منذ عام 1972 حيث قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتخصيص يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول) يوما عالميا للإعلام الإنمائي، جعل الأخير منصّة لتسليط الضوء على كل البرامج والخُطط والاستراتيجيات الإنمائية، سواء تعلق الأمر بالدول الراقية أو السائرة في طريق النمو.

وُلد مفهوم جديد للتنمية المستدامة من التقرير الذي أعد في عام 1990 من قبل اللجنة العالمية للبيئة والتنمية World Commission on Environment and Development ، وقد اتخذ شكلا تنمويا فرديا وجماعيا على مدى العشرية الأخيرة حيث عرفت السنوات المتتالية نتيجة لتحقيق التنمية المستدامة، “تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها “.

وقد رافق المفهوم الجديد للتنمية، تطورٌ ملحوظ أيضا لوسائل الإعلام والاتصال، جعل من العملية التواصلية أمرا ملموسا نظرا للتطور التكنولوجي الذي ساعد على إيصال المعلومة، الأمر الذي جعل من الإعلام ضرورة مجتمعية تساهم هي الأخرى في العملية التنموية… فلا شك أن الإعلام بصفة عامة، والإعلام الرقمي على وجه الخصوص، صار يشكل دعامة رئيسية في إقرار الاستراتيجيات التنموية، بل ودعامة استراتيجية لمواكبة جل المشاريع ذات البعد الإنمائي. وعليه، فإن الارتباط وثيق بين الإعلام والتنمية، بحيث أصبح لوسائل الإعلام الدور الرئيس في التعريف بالتنمية المستدامة والمساهمة في تحقيقها.

الأكيد أن وسائل الإعلام الحديثة أو ما يسمى بالإعلام الجديد، تؤدي أدوارا مُعتبرة في التأثير على الرأي العام، والتأثير هنا يكون إما بالسلب أو بالإيجاب. وفي علاقتها بالتنمية المستدامة، تُناط بوسائل الإعلام مهمّة تسليط الضوء على كل البرامج التي من شأنها تنوير المجتمع من أجل تحقيق تنمية مستدامة تكفل للفرد العيش الكريم ما دامت تنمية الفرد من تنمية المجتمع، وتنمية المجتمع من تنمية الوطن إذا توفرت الإرادة وكان الهمّ المشترك هو الوصول إلى مستقبل مُستدام حيث الإنسان هو محور جميع المبادرات التنموية.. الكل الآن صار يُجمع على أن الإنسان هو أيضا محور كل التعاريف المقدمة بخصوص التنمية المستدامة، وعلى أن الإنسان هو محور كل وسيلة إعلامية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس السيسي يؤكد دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

كتبت مني جودت أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في ...