كتب / د. عادل عامر
ظاهرة النصب على منصات السوشيال ميديا، ليست محصورة في بلد دون بلد، مجتمع دون مجتمع، بل هي ظاهرة عالمية كأن هؤلاء الذين يوصفون بالمؤثرين، صُنعوا في مصنع واحد، سواء أكانوا من النساء أو الرجال، الصغار أو الكبار، من أي عرق أو لون أو دين أو طائفة كانوا. لذلك أصبحت مؤسسات الدول والمجتمعات تراقب هذه الظاهرة وتتفاعل معها، آخذين في الاعتبار قدرات تأثير هذه الفئة من البشر على تفاصيل حياة الناس، على أطفالهم وكل أفراد الأسرة.
أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، منصات لانتشار الجرائم المختلفة، حيث بدأت تتنامى خلال الآونة الأخيرة ظاهرة النصب حيث تنوعت تلك الجرائم ما بين ممارسة النصب على المواطنين والابتزاز وإنشاء صفحات لبيع الوهم، وكذا عمليات نصب عبر ادعاءات قاموا ببثها على صفحاتهم أو صفحات تم إنشاؤها، لخداع ضحاياهم في العالم الافتراضي.
كانت المادة (25) من القانون، هي السبب الأول، في القبض على عدد من صاحبات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشرهن محتوًى ترفيهيًّا مرئيًّا على تطبيق تيك توك، وإحالتهن إلى المحاكمة بدعوى الاعتداء على قيم الأسرة المصرية، حيث تنص المادة على عقوبة تصل إلى الحبس 6 أشهر و/أو غرامة 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، وذلك على:
“كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة. أن الاحتيال والنصب عبر وسائل التواصل الاجتماعى زاد بنسبة 43 فى المائة عام 2018، فيما تشير النتائج إلى أن مجرمى الإنترنت يعتمدون بشكل متزايد على فيس بوك وواتس آب وإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى ومنصات المراسلة المشروعة للتواصل مع بعضهم وبيع الهويات المسروقة وأرقام بطاقات الائتمان والمكاسب الأخرى غير المشروعة.
أنه عند التعرض لعملية نصب الكتروني فعليك التوجه مباشرة إلى مباحث الانترنت ومقرها في ميدان العباسية ولها مكاتب في جميع المحافظات لتقديم بلاغ فورا ولكن بشرط أن تحتفظ بالجهاز الذي تمت عليه عملية النصب، مع الاحتفاظ بكل مايتعلق بالجريمة سواء كانت مسموعة او مرئية من صور، أو فيديوهات، أو محادثات.
مع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي ومقدرة الجميع على الوجود بهذا الواقع الافتراضي مع عدم القدرة على تحديد هوية المستخدمين في كثير من الأحيان ظهرت جرائم السب والقذف على المنصات الإلكترونية فيس بوك وواتس آب وتويتر وانستجرام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، وهو ما حتم بدوره وجود قانون عقوبات رادع لمنع جرائم السب والقذف بهذه الطريقة. وخلال الآونة الأخيرة طالعتنا العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك – تويتر” وغيرها بالعديد من الإصدارات أو مقاطع الفيديو سواء كانت لشخصيات اعتبارية أو عادية تتضمن سباَ وقذفاَ بصورة فجة منها على سبيل السخرية أو الهزار ومنها بغرض الرد على بعض الوقائع والأحداث، الأمر الذى يؤدى معه إلى النيل من سرف الأشخاص والحط من مكانتهم فى المجتمع.
فى البداية – نصت المادة 302 / 1 على تعريف جريمة القذف بأنه: “يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه”، كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: “يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه”، وبخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له: “كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه” –
وبينت المادة 308 من ذات القانون الحالات التى يحكم فيها بعقوبة مشددة على المتهم فى جريمتى السب أو القذف بالنص على: “إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذى ارتكب بإحدى الطرق المبينة فى المادة “171” طعنا فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا فى الحدود المبينة فى المواد 179 و181 و182 و303 و306 و307 على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن 6 شهور” كما أن هذا السلوك جرم فى قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 ورصد له المشرع عقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة مالية كبيرة أو إحدى العقوبتين،
إذ نصت المادة 26 من القانون المذكور على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه”، فهذا النص يجرم فى شق منه استعمال الجانى برنامج أو تقنية معلوماتية للمساس بشرف واعتبار المجنى عليه.
تسببت الثورة المعلوماتية في ظهور نوعية جديدة من الجرائم المستحدثة والتي تعرف بالجرائم الالكترونية أو المعلوماتية والتي تتم عبر وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعبر شبكة الانترنت، منها استخدام الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في انتحال هوية لشخص طبيعي أو معنوي، أو التمكن من الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول، أو على سند أو التوقيع عليه، بطريق الاحتيال، أو باتخاذ اسم كاذب، أو بانتحال صفة غير صحيحة، واستخدام الوسائل التقنية للتزوير والاحتيال والاختراق، وغيرها من الأفعال التي يجرمها القانون.
ويسقط الكثير من الضحايا في عمليات الاحتيال الإلكترونية والتي تزايدت في الآونة الأخيرة، لذلك فإن الوعي الإلكتروني ضرورة للتعرف على كيفية التعامل مع الوسائل الحديثة التي تتطور يوماً بعد يوم، ولابد من معرفة كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الخدمية لتفادي الوقوع في مشكلات قانونية ومخالفات تجر الأسر والشباب إلى الاحتيال الإلكتروني ويجرم قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات تلك الجرائم.
هناك عوامل اجتماعية مختلفة ودوافع عديدة وراء مثل هذه الجرائم، التي انتشرت منذ سنوات، ومن أبرز هذه الدوافع ما يلي –“:
1-تراجع منظومة القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع.
2-اختزال المرأة في مجرد جسد، وتغييب المرأة ككائن اجتماعي واع يسهم مع الرجل جنبًا إلى جنب في نهضة المجتمع.
3-تقلص الرقابة الأسرية إنّ تفاقم مشكلات غياب الرقابة الأسرية، ونقص الوعي والتوجيه، وعدم القدرة على الإشباع العاطفي للأبناء وحتى البالغين، والتربية بالمنع أو العقاب بدلاً من التوعية والإشباع النفسي، وانتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من قبل الآخرين، والفراغ النفسي والعاطفي ، كل هذا قد يؤدى إلى زيادة التحريض على ممارسة الابتزاز والتهديد والتحرش من خلال الانترنت، وبالتالي زيادة إمكانية تعرض مستخدمي الشبكة والأجهزة الالكترونية لهذه الممارسات.
—