توفير الحماية الاجتماعية وتعزيز التضامن

كتب /د. عادل عامر

وفي مجال التضامن والحماية الاجتماعية، فان البرنامج الحكومي  يسعى إلى إنصاف  شريحة واسعة من المواطنين تحمل انتظارات كبيرة من أجل تجاوز ما تعانيه من ضعف اقتصادي وعجز أمام مجموعة من التحديات ابتداء من المرض والإعاقة  مرورا بالبطالة والتوقيف من العمل  وانتهاء بالتقاعد، ويعتبر انه من اللازم  إيجاد حلول مناسبة وعادلة لها بما يضمن التضامن والأمان المجتمعي، مع فتح حوار موسع مع الهيئات المعنية حول قضايا الحماية الاجتماعية.

ورغم أن هناك العديد من المؤسسات العمومية العاملة في هذا المجال (الوكالة الوطنية للتامين الصحي – الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي- الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي- أنظمة مختلفة للتقاعد- … ) إلا أنها تحتاج إلى عملية إصلاح عميقة لتقوم بالدور المناط بها ومقاربة إشكالية الحماية الاجتماعية بالمغرب ومستقبلها على ضوء التحديات المطروحة.

إن الحماية الاجتماعية تكتسي أهمية بالغة سواء بالنسبة للمجال الاجتماعي أو المجال الاقتصادي  مما يستدعي مقاربتها بشكل مندمج  فالهدف الأساسي منها هو إيجاد حالة من التعاضد والتضامن والعدالة فيما يخص  مواجهة التحديات التي تواجه الإنسان دون أن يكون مسؤولا عنها.

وهي تهدف، أولا، إلى تمكين ما يقارب 10 ملايين مواطن مغربي من الاستفادة بصورة تدريجية من نظام التامين الإجباري عن المرض الذي يغطي سلة مهمة من العلاجات ثم، ثانيا،  تطبيق نظام المساعدة الطبية الذي سيهم تقريبا 30% من عدد السكان (8.5 مليون نسمة).

ومن أجل تحقيق ذلك، سنعمل على:

–           إنشاء صندوق عمومي للضمان الاجتماعي للمعوزين.

–           توسيع التأمين الصحي الإجباري ليشمل المهن الحرة والتجار والصناع التقليديين والطلبة والمشتغلين الذاتيين

–           تعميم التأمين الصحي الإجباري للعاملين بالقطاع الخاص.

–           تسريع وتيرة تعميم نظام المساعدة الطبية  في سائر التراب الوطني.

–           تخفيض قسط التكاليف التي تتحملها الأسر في تمويل الصحة.

 

وستسعى الحكومة على الخصوص إلى إخراج مشاريع القوانين المتعلقة بالتغطية الصحية للطلبة والتعويض عن حوادث الشغل ومدونة التعاضد والتعويض عن فقدان الشغل.

ويخصص البرنامج الحكومي حيزا كبيرا لترسيخ القيم الكفيلة بتعزيز الديمقراطية الاجتماعية والحوار الاجتماعي معتمدا من أجل ذلك على الدور الفاعل للشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وفق منظور توافقي يوازن بين مصالح الأجراء والمؤسسات الإنتاجية على حد سواء. وبهذا الخصوص ستحرص الحكومة على دعم الحقوق الأساسية للعمال وتوطيد الاستقرار داخل المقاولة ومساعدتها على التأهيل لمواجهة المنافسة الدولية.

إلى جانب هذا، وبهدف الارتقاء بعلاقات الشغل وتحسين الضوابط القانونية المنظمة لها سيتم العمل أساسا على إتمام المنظومة القانونية لمدونة الشغل عبر إخراج بعض النصوص القانونية العامة وخاصة تلك المتعلقة بممارسة حق الإضراب، والقانون المتعلق بالنقابات المهنية، والقانون الإطار المتعلق بالصحة والسلامة المهنية.

كما ستسعى الحكومة إلى تعزيز استقرار العلاقات المهنية من خلال توفير شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل والنهوض بالمفاوضة الجماعية وتشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية وتعزيز المراقبة في مجال الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية وحوادث الشغل وتعزيز الحريات النقابية من خلال ملاءمة التشريع الوطني مع اتفاقيات العمل الدولية.

وبخصوص أنظمة التقاعد ستسعى الحكومة إلى إصلاح مندمج لنظام التقاعد بما يحفظ  توازنه المالي واستدامته وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنظمة التقاعد لتشمل المهن الحرة، والقطاع غير المنظم والصناعة التقليدية والفلاحة والصيد التقليدي الساحلي والتعاونيات و ذلك وفق منهجية تشاركية مع الشركاء الاجتماعيين و الاقتصاديين. كما ستعمل على تحسين حكامة تدبير  صناديق التقاعد بما يضمن نجاعة مردوديتها واستدامتها وجودة خدماتها.

كما أن الحكومة ستعمل على مواصلة إصلاح نظام المقاصة بهدف التحكم في كلفته بترشيد تركيبة أسعار المواد المدعمة و عقلنة استفادة القطاعات وفي اتجاه الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة واستهداف المعوزين بتقديم دعم نقدي مباشر مشروط بالتعليم والصحة وحثهم على الانخراط في برامج محو الأمية و الأنشطة المدرة للدخل، يتم تمويله بإحداث صندوق التضامن الذي سيمول بمساهمات تضامنية.

العناية بالأسرة والمرأة والطفولة:

            وتولي الحكومة عناية بالغة لقضايا الأسرة والمرأة والطفولة وفقا لمقتضيات الدستور الذي حث الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها وإحداث “مجلس استشاري للأسرة والطفولة”، والرفع من المشاركة النسائية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى حماية الأطفال وضمان تمدرسهم.

            وستتميز السياسية الحكومية المنتهجة بكونها:

–           مندمجة، تأخذ بعين الاعتبار الأسرة كوحدة ومختلف مكوناتها (نساء وأطفال وأشخاص مسنون وأشخاص في وضعية إعاقة…)،

–           أفقية تحرص على اعتماد المقاربة التشاركية والمندمجة للسياسات العمومية ذات الصلة.

 

 و بخصوص تقوية وحماية الأسرة، ستعمل الحكومة على ما يلي:

             وضع سياسة أسرية مندمجة تحرص على تماسك الأسرة وتعزيز أدوارها الوقائية.

             النهوض بخدمات الوساطة الأسرية ودعمها عن طريق تشجيع مبادرات جمعيات القرب العاملة في مجال الأسرة.

             تتبع الآثار الاجتماعية الناتجة عن تنفيذ مدونة الأسرة.

             دعم الأسرة في وضعية صعبة، والتي تعيلها النساء.

             دعم الأسر التي تقوم برعاية الأشخاص المعاقين أو المسنين.

             تقييم الآثار الاجتماعية على المستفيدات من صندوق التكافل العائلي.

             اعتماد مقاربة وقائية وإنمائية في التصدي للتفكك العائلي.

وبخصوص المرأة فستعمل الحكومة على اعتماد سياسة فعالة و طموحة للنهوض بوضع المرأة من خلال:

–           تفعيل دعم صندوق التكافل العائلي ودعم الاستقرار الأسري والنساء الأرامل والنساء في وضعية صعبة،

–           اعتماد مقاربة وقائية وإنمائية في التصدي للتفكك العائلي،

–           إقرار نظام مؤقت للتمييز الإيجابي لفائدة المرأة في التعيينات والتكليفات،

–           تحفيز المرأة على المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية،

–           التنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور المتعلقة بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و السعي إلى تحقيق المناصفة،

–           العمل على النهوض بحقوق النساء وحمايتهن، وتتبع أعمال السياسات العمومية في المجال، 

–           تأهيل النساء والحد من هشاشة أوضاعهن بالتصدي للعوامل المساهمة في ذلك: الأمية والفقر والتمييز والعنف،

–           التعزيز المؤسساتي والجغرافي لمراكز الاستماع والمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا العنف،

–           تقوية السياسة العمومية الخاصة بمحاربة كل أشكال العنف ضد النساء ووضع الآليات والتدابير القانونية والمالية الخاصة بذلك.

–           وضع الآليات والتدابير الكفيلة بمحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة.

–           تأهيل دور الولادة بالعالم القروي بموارد بشرية كفأة وسيارات إسعاف، وتوفير احتياجات المرأة الحامل من أدوية وقائية عبر برامج مندمجة للقطاعات المعنية.

–           تحسين جودة التكفل بالنساء الحوامل بمؤسسات العلاج الأساسية، عن طريق تزويدها بالأجهزة الضرورية والأساسية.

–           دعم الجمعيات التي تتكفل أو تقدم مساعدة للنساء في وضعية صعبة.

–           تعزيز الحقوق الأساسية للنساء والنهوض بها.

–           العمل على إحداث المؤسسات الدستورية ذات الصلة بالمرأة والأسرة والطفولة.

–                       تأهيل النساء وتمكينهن سياسيا واقتصاديا، وتعزيز مشاركتهن في الحياة العامة والتحفيز على تواجدهن بمراكز صنع القرار.

–                       النهوض بثقافة احترام الحقوق والحريات وكرامة النساء.

اعتماد استراتيجية وطنية مندمجة للشباب :

وبخصوص الشباب، نؤكد على أن الحكومة ستجعل من قضايا الشباب أولوية استراتيجية وورشا حكوميا أفقيا يتجاوز النظرة القطاعية ويتجه إلى بلورة تصور استراتيجي شمولي ينسق ويدعم  جهود كل المتدخلين في قضايا الشباب، وفق مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين السياسيين والجمعويين في مجال الشباب.

كما سيتم فتح حوار وطني شبابي متواصل وإرساء المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي وإنشاء مجالس جهوية للشباب، وإحداث بنيات التأطير والتوجيه، وتشجيع مساهمة الشباب في الحياة السياسية وانخراطه في العمل الجمعوي والفكري و تأهيل الفضاءات والتجهيزات الثقافية المخصصة للشباب ، ودعم “المعهد الوطني للديمقراطية والشباب“.

وسيتم اعتماد استراتيجية وطنية مندمجة للشباب تقوم على توسيع شبكة الفضاءات الشبابية عبر الاستفادة من فضاءات المؤسسات التعليمية، ودعم الجمعيات العاملة في تأطير الشباب القروي،  و إدماج هذا الأخير في برامج القرب، وإطلاق مشروع لتنظيم قوافل المواطنة الشبابية، ودعم برامج السياحة الثقافية والسياسية للشباب داخل المغرب و خارجه، ورفع عدد المستفيدين من برنامج العطلة للجميع خلال الولاية التشريعية إلى 1 مليون ونصف مستفيد ومستفيدة، وإشراك الشباب في تصميم وتنفيذ حملات متنوعة للتوعية تستهدف نشر ثقافة النجاح بين الشباب وإعلاء القيم الإيجابية ومواجهة الآفات الاجتماعية. و توعية الشباب ضد الأخطار الاجتماعية عن طريق وسائل الإعلام العمومي والمدرسة والجامعة وخاصة المخاطر المتعلقة بالإدمان والجريمة والعنف والاستغلال الجنسي والانحراف.

تعزيز مكانة المجتمع المدني:

وستسعى الحكومة إلى تعزيز مكانة المجتمع المدني في مختلف حلقات تدبير الشأن العام وتقييمه وصياغة سياساته، عبر الإسراع بوضع الإطار القانوني المنظم لذلك على ضوء الدستور وخاصة ما يهم دوره في المجال التشريعي، والعمل على اعتماد سياسة جمعوية فعالة، وإقرار معايير شفافة لتمويل برامج الجمعيات وإقرار آليات لمنع الجمع بين التمويلات، واعتماد طلب العروض في مجال دعم المشاريع، ومراجعة سياسة التكوين الموجهة للجمعيات، بما يرفع من فعاليتها، وبما يمكن من تعميم الاستفادة لفائدة أعضاء الجمعيات.

توفير شروط إقلاع رياضي:

وفي نفس السياق، ستعمل الحكومة على توفير شروط إقلاع رياضي حقيقي، وذلك بإرساء سياسة رياضية وطنية شاملة تستجيب لحاجيات المجتمع، وذلك من خلال تبني “ميثاق الرياضة للجميع” وتطوير الرياضة الجماهيرية على مستوى الأحياء والمؤسسات المدرسية والجامعية، وكذا دعم الاختيارات البناءة والطموحة على مستوى “رياضة النخبة” كتكوين أبطال في مستوى تطلعاتنا الوطنية والدولية، مما يستوجب مراجعة عميقة لحكامة القطاع الرياضي على أسس الديمقراطية والجهوية والتخطيط والشراكة مع الجمعيات والأندية.

النهوض بحقوق الطفولة وحمايتها:

وبخصوص النهوض بحقوق الطفولة وحمايتها، ستعمل الحكومة على تقوية السياسات العمومية في هذا المجال من خلال دعم آليات التنسيق الوطنية بين القطاعات، وإعداد المرحلة الثانية من خطة العمل الوطنية للطفولة وبلورة برامج الالتقائية المجالية لحماية الطفولة في وضعية صعبة والعمل على مأسسة آليات التبليغ واليقظة والوقاية من كل أشكال العنف ضد الأطفال، خاصة ضحايا الاستغلال الجنسي والتجاري والمشردين والمهملين، مع تطوير الخطة الوطنية للطفولة.

العناية بذوي الاحتياجات الخاصة:

وبخصوص العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، فستعمل الحكومة على وضع مخطط استراتيجي جديد يرتكز على تحيين البحث الوطني حول الإعاقة ووضع إطار تشريعي شامل ومندمج يهدف إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإحداث صندوق خاص لدعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وضمان الحق في التعليم والحق في الشغل وتعزيز دور المجتمع المدني في النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

 

دعم الأشخاص المسنين:

وبخصوص الأشخاص المسنين، ستعمل الحكومة على  دعم الأشخاص المسنين الذين لا يتوفرون على موارد كافية وتأهيل المؤسسات الاجتماعية المستقبلة للمسنين وتأهيل مواردها البشرية، وحث الجمعيات المحلية على تنظيم أنشطة ترفيهية واستجمامية لفائدتهم وتعزيز قدرات الجمعيات التي تعنى بأوضاع الأشخاص المسنين.

تنمية الطبقة الوسطى:

كما ستعمل الحكومة على تنمية الطبقة الوسطى بهدف دعمها وتنميتها وتوسيعها بتشجيع الارتقاء الاجتماعي وجعل المدرسة في صلب هذا الارتقاء ودعم الانتماء إلى الطبقة الوسطى وتحسين مستوى عيشها عبر تحسين قدرتها الشرائية وتجويد شبكات الحماية الاجتماعية وتحسين العرض الصحي، والعرض على مستوى التعليم والثقافة والسياحة والترفيه، والعرض على مستوى النقل العمومي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مدفوعات فوائد الدين المصرية تتراجع 10.3 مليار جنيه في 4 أشهر

كتب احمد المسيري تراجعت مدفوعات فوائد الدين المصرية بنحو 10.3 مليار جنيه خلال الأربعة أشهر ...