كتب /الدكتور عادل عامر
لم يعد الاهتمام بالتعليم مقصورا على دول بعينها ، فقد انتقل الاهتمام به من الدول المتقدمة إلى الدول النامية بعد تأثر الجميع بالدور الحيوي والمهم الذي يقوم به التعليم في تحقيق النهضة القومية للمجتمعات المدنية ولما له من آثار وعالقات متداخلة ، و يعد التعليم
أحد المداخل الأكثر فاعلية وأهمها لتأكيد حقوق الإنسان ، وذلك من خلال ما نص عليه الدستور من مجموعة الحاجات من أن التعليم حق ، تكفله الدولة لكل مواطن باعتباره الحاجات الأساسية الالزمة لكل فرد في المجتمع ، فليس حق التعليم هبة تخلعها الدولة على مواطنيها ، بقدر ما هو واجب عليها والتزام مفروض عليها أن تؤديه .
فالتعليم يرتبط ارتباطا عضويا بالمجتمع ، ويتأثر بمدى التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يعيشه المجتمع ، كما أنه ليس امتياز تتفرد به الطبقات الأرستقراطية الميسورة ، حيث أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي أن التعليم حق لكل في كل مراحله الجامعية وما قبل الجامعية شخص ، وأن الدولة عليها أن توفر التعليم مجالات التعليم ويكون التعليم العالي متاح للجميع تبعا لكفاءاتهم وقدراتهم العقلية ، وتتزايد الحاجة إلي التعليم في عالم يعصف به التغير السريع في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أن تقدم المجتمع ونموه يتوقف إلي حد كبير علي حسن استثماره مكانيات وثروات وعلي أرسها الثروة البشرية وهناك دعوات لكل ما لديه من طاقات و لتحقيق العدالة التعليمية تبنتها المؤسسات الدولية و الإقليمية والوطنية الشرق أوسطية في محاولة منها لمواجهة مطالب الثورة العلمية والتكنولوجية والتنمية الشاملة ، وتحقيق مبدأ الديمقراطية ، وضمان الحقوق الأساسية للإنسان وكلها حقوق قائمة علي المساواة وتكافؤ الفرص عطاء أسبقية للفئات المحرومة وفي مقدمتها
1 )ديمقراطية التعليم ، والتعليم للجميع ،والتعليم الأساسي ، والتعليم المستمر ، وتعليم الكبار ، وتعليم المرأة ، والتعلم الذاتي وأدى ذلك إلى المناداة بإصلاح التعليم والسعي لتغيير مقاصده وأبعاده لتحقيق الأهداف السابق الإشارة إليها .
إن إصلاح التعليم يستهدف تغييب ارب يمكن من خاله تفعيل نظام التعليم بما يحقق ما ننشده من تنشئة وتكوين الأجيال الجديدة ، بحيث تصبح طاقة مضافة إلي قوة الأمة تعينها علي التسريع بخطي التقدم لتحقيق أهم مقاصد الصالح التعليمي والتي تتمثل في تعزيز الهوية الثقافية وتطويرها ، العدالة التعليمية ،الارتفاع بالكفاءة والجودة التعليمية .
و يعد تحقيق العدالة التعليمية أسمي مقاصد الصالح التربوي لما تتضمنه من معني في أن يحصل كل مواطن علي حقه في التعليم ، المجرد التجاوز عن الفروق التي قد تنشأ نتيجة للبيئة أو المذهب أو الدين أو الحالة المالية أو الوضع الاجتماعي ، أو غير هذا وذاك مما اليد للمتعلم فيه ، نما بأن يكون هناك تكاتف اجتماعي يسوعي إلي بذل الجهد في التغلب علي بعض هذه الظروف ومواجهتها).
ويعتمد تحقيق العدالة الاجتماعية في التعليم على عدة عوامل من أهمها الارتكاز على فلسفة تربوية تنبثق من الواقع الاجتماعي المعاش في المجتمع ، بمعنى أن العدالة الاجتماعية في التعليم تنبثق من فلسفة المجتمع وفلسفة التعليم التي وضعها في صورة منطلقات ومفاهيم ، وقيم لتطبيقها في المجال التربوي و لذا تتطلب العدالة الاجتماعية في المجال التربوي إيجاد معايير موحدة يخضع لها جميع الطالب داخل النظام التعليمي ككل ويفترض الجانب التوزيعي في العدالة ، مبدأ تكافؤ الفرص ، والذي يتمثل في إتاحة التعليم لكل قادر وراغب فيه بتذليل الصعاب والمشكلات ، التي تعترض هذه العملية سواء أكانت مادية أم معنوية
وعليه، يظل تكافؤ الفرص التعليمية أهم مقوم للسياسة التعليمية في مصر ، وبخاصة في ظل تحول الاقتصاد المصري نحو اقتصاد السوق والخصخصة ، وما يترتب عليه من تحولات هيكلية في الاقتصاد وتغير دور الدولة .
و لذا يؤكد العديد من رجال التربية على أن تحقيق العدالة و تكافؤ الفرص التعليمية في السياسة التعليمية يتطلب:
ضرورة بناء المؤسسة التعليمية لتحقيق وجودها الفعلي بالمنطقة .
إتاحة الفرص لالتحاق بالمدرسة لكل من تنطبق عليه شروط القيد العادل.
المساواة في ظروف التعلم وتوفير إمكاناته و مداخلته لجميع الملتحقين.
المسـاواة فـي المعاملـة والاحترام فـي المواقـف المختلفـة داخـل مجتمـع المدرسـة دون
تمييـز فـي العالقـات فـي تعامـل المدرسـين مـع الطـالب أو فـي تعامـل الإدارة المدرسـية معهم
القـدرة علــي مواصـلة التعلــيم فــي مختلـف مراحلــه إلـي أقصــي مــا تسـمح بــه القــدرات العلمية في التحصيل.
ألا يعيـق الالتحاق بالمدرسـة عـائق مـادي أو اجتمـاعي أو سـكنى أو نتيجـة اللـون أو الاعتقاد الـديني وأن يعامـل الطـالب فـي مختلـف المراحـل التعليميـة علـى قـدم المسـاواة في ظل مجتمع يسوده القانون ذا كـان رجـال التربيـة يتفقـون علـى أهميـة تحقيـق العناصـر السـابقة و فـي المجتمعـات
المختلفـة إلا أنـه قـد يكـون هنـاك بعـض الاختلافات فـي مـدى أهميـة تواجـد أحـد هـذه العناصـر
وفق ا لظروف وأحوال كل مجتمع .إنّ التربية والتكوين هما السبيلان الجوهريان والأكثر فعالية لمكافحة الظلامية والتطرف العنيف. وتقوم المدرسة من حيث نشأتها وبرامجها التعليمية وبرنامجها الوطني الخاص بمكافحة العنف في الوسط المدرسي، بدور هام في مكافحة التطرف العنيف والراديكالية. وتمّت مراجعة برامج التعليم في إطار القانون التوجيهي للتربية الوطنية وتكفل هذه البرامج، بالتكامل مع باقي مكونات النظام التعليمي، تجسيد أهداف نقل القيم الوطنية وترسيخها، و إصلاح المنظومة التربوية وإدراجها في منظور يركز على ترسيخ القيم الوطنية العريقة لدى الطفل الذي سيصبح مواطنا في المستقبل ويشجع بحزم على الحداثة والاندماج في باقي العالم الحديث مع تطوير الفكر النقدي والعلمي والعقلاني.
كما أولت الدولة اهتماما أكبر بسياسة محو الأمية ، ولهذا الغرض، تمّ اللجوء إلى مناهج تكوين متنوعة تتوافق واحتياجات ومشاكل الأشخاص المستهدفين (تكوين تأهيلي، تكوين خاص بالأمهات الماكثات بالبيت، دروس مسائية وتدريبات).
– أما بالنسبة لحرية المعتقد :
يرتكز العمل الذي قامت به الدولة في مجال القضاء على الراديكالية والذي يتجلى في استعادة المرجع الديني الوطني وتدعيمه إلى العديد من المبادرات ، التي تم إجرائها و الموجهة صوب البيئة المباشرة للعائلات والحركة الجمعوية والزوايا والمنظمات التقليدية الأخرى، و وسائل الاتصال والإعلام .
– بالنسبة لمجال التشغيل و العمل :
أرست الدولة تدابير لتعزيز التكوين المهني، لأنه يعد من أنجع السبل لحماية الشباب، الذين لم يكملوا تعليمهم ضمن النظام التربوي، من تأثير التطرف العنيف، من خلال تزويدهم بمؤهل مهني معترف به يمكّنهم من الالتحاق بسوق العمل وفي هذا السياق، بذلت الدولة جهودا جبارة لتمكين كلّ المواطنين، خاصة الشباب، من الاستفادة من التكوين المهني
3- التدابير ذات الطابع الثقافي:
أمام آفة الإرهاب ، وسعيا لتقديم بدائل للمواطنين من أجل صون التراث الثقافي الوطني وتشجيع الإبداع الثقافي بكل أشكاله، عملت الحكومة انطلاقا من العشرية السوداء على تكثيف الأنشطة الثقافية من خلال توخي مجموعة من التدابير التي تلم بكافة أبعاد النشاط الثقافي، نذكر من بينها ما يلي:
وأتاح هذا النهج السياسي تحفيز الإنتاج الثقافي والفني بوصفه شكلا من أشكال مكافحة التطرف العنيف والإرهاب وذلك في جميع الميادين الثقافية سواء في الفن السينمائي ، في المسرح، الأدب ، من أجل تشجيع الحوار بين الثقافات وحماية التراث غير المادي كرادع يقف في وجه الرسائل الأصولية. – استعادة الفضاءات الثقافية والإقامة التدريجية والشاملة للوعظ بإسلام معتدل ومتسامح كما كان دائما الحال عليه. – تنشيط الثقافة من جديد وتعبئتها من أجل إحياء وتنمية قيم التسامح والتفتح على العالم والحوار والأصالة واحترام الغير والعيش المشترك.
إنّ من أبرز النتائج المحققة من خلال التدابير المذكورة أنفا، هو تركيز جميع فئات المجتمع و بالأخص فئة الشباب، اهتمامهم على مختلف السياسات العمومية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الموجهة صوبهم ، والتي تقدم لهم فرصا حقيقية للاندماج في مسار البناء الوطني وتنمية البلد.
—