بقلم: أحمد المالكي
كاتب متخصص بالشؤون الامريكية والعلاقات الدولية والقضايا السياسية
الولايات المتحدة تفتتح عام ٢٠٢٣ بملفات عديدة في الشرق الاوسط وعلى راسها التهديدات الإيرانية والحكومة الاسرائيلية الجديدة التي يتزعمها نتانياهو الذي لايملك شيئا في هذه الحكومة التي يديرها المتطرفين وهذه الحكومة تراها الولايات المتحدة تهديدا لامن اسرائيل .
نجحت الولايات المتحدة في تقريب دول عربية مع اسرائيل من خلال اتفاقيات ابراهيم وتحاول ضم دول عربية جديدة إلى الاتفاق مع اسرائيل ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية التي تضع شروطا قبل توقيع آية اتفاقيات مع اسرائيل ومن ضمنها شرط اساسي إقامة الدولة الفلسطينية وفق المبادرة العربية للسلام التي طرحتها المملكة والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧ م وعاصمتها القدس الشرقية وترفض السعودية والدول العربية والإسلامية السياسة الاسرائيلية المستمرة والممنهجة في اقتحامات المسجد الاقصى وآخرها اقتحام ايتمار بن غفير المسجد الاقصى لمدة ١٣ دقيقة وإعلانها احقية اليهود بالصلاة في جبل الهيكل وليس الزيارة فقط وهذا التصرف جعل الولايات المتحدة تتحرك سريعا وتعلن اهمية الحفاظ على الوضع القائم وهذا ما تعهد به نتانياهو الذي لم يعد يملك القرار .
الولايات المتحدة تقف امام تهديدات إيران في المنطقة وتتصدى لاعمال إيران الإرهابية في نقل الاسلحة الى اليمن حتى لاتهدد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ومنذ نوفمبر الماضي احبطت الولايات المتحدة عدد من المحاولات الإيرانية لارسال الاسلحة والذخائر إلى الحوثيين في اليمن وآخر هذه المحاولات يوم ١٠ يناير الجاري حيث احبطت سفينة صيد تحمل اكثر من الفين سلاحا في طريقها الى اليمن وقبضت على العاملين عليها وهم من الجنسية اليمنية ويتصدى لهذه المحاولات الاسطول الخامس الامريكي لكن تظل الولايات المتحدة تنظر إلى ما يحدث في الداخل الإيراني من مظاهرات شعبية غاضبة على النظام والتي كانت بداية شرارتها قتل مهسا اميني على يد شرطة الاخلاق وارتفعت المطالب الشعبية بعد ذلك وطالب الشعب الإيراني النظام بالرحيل ومازالت الاوضاع مشتعلة واعتقل النظام الإيراني الآلاف وقام باستخدام الإعدامات لتخويف الشعب الإيراني من ممارسة حقوقه السياسة في التظاهر والدعوة للمظاهرات وهذا ما دعا الامم المتحدة من خلال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يطالب إيران بالتوقف عن استخدام الاجراءت الجنائية ضد المتظاهرين لانه قتل بموافقة الدولة واستخدمت إيران الاجانب في التشكيك في المظاهرات وقامت باعتقال الاجانب واستخدامهم للضغط على الدول الغربية في الملف النووي وايضا ايجاد حجة داخليا من خلال الإعلان ان هذه المظاهرات يقف خلفها الخارج اعداء إيران .
الولايات المتحدة حاولت إيجاد حلول لمساعدة المتظاهرين على استخدام الانترنت بعد ان ضيقت إيران استخدام الانترنت على شعبها وتحاول الولايات المتحدة الضغط على إيران للإفراج عن امريكيين محتجزين داخل السجون الإيرانية لكن بلاشك ان المظاهرات في إيران غيرت وجهة النظر الامريكية في العودة للاتفاق الإيراني واعلنت الولايات المتحدة ان الاتفاق النووي لم يعد محط تركيزها وترفض اسرائيل هذا الاتفاق وترفض عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق الذي ولد ميتا وترى اسرائيل هذا الاتفاق تهديدا لها ولذلك ربما سوف يكون هناك زيارة من نتانياهو إلى الولايات المتحدة في شهر فبراير القادم إلى الولايات المتحدة لبحث هذه المسألة والتهديد الإيراني لامن اسرائيل وايضا التموضع الإيراني في سوريا وتهديده لاسرائيل .
إيران ترفض التقارب العربي مع اسرائيل وفي الوقت نفسه تسارع اسرائيل إلى تحقيق المزيد من التقارب مع الدول العربية وتوقيع شراكات جديدة وتعاون كما حدث مع الإمارات والتي استضافت اجتماع منتدى النقب ٢ في العاصمة ابوظبي وضم الاجتماع مصر والمغرب والإمارات والولايات المتحدة واسرائيل وهناك اجتماع آخر في المغرب مارس القادم .
اجتماعات الدول العربية واسرائيل تركز على التعاون والشراكة في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم والامن والطاقة لكن هذه العلاقة ايضا سوف تظل مرهونة ومهددة إذا لم تلتزم اسرائيل بتصرفاتها وتمارس ضبط النفس وخاصة فيما يتعلق بالمسجد الاقصى واسرائيل كيان يحتل اراضي عربية وتحاول فرض الامر الواقع بالقوة وهناك تشكيك في مصداقية علاقة اسرائيل بالدول العربية وانها لم تنفذ تعهداتها التي تعهدت بها للدول العربية في شراكات اتفاقيات ابراهيم لكن نتانياهو في اول اجتماع للحكومة الاسرائيلية اعلن ان اسرائيل سوف تحاول تعميق اتفاقياتها مع الدول العربية وتضم مزيد من الدول العربية إلى الاتفاق .
الولايات المتحدة لديها ملفات عديدة في الشرق الاوسط لكنها تتجه انظارها إلى ملفات اخرى تمثل تهديدا عليها وعلى راسها التهديد الصيني والحرب الروسية الاوكرانية وايضا شراكاتها مع دول امريكا الشمالية لكن سوف تظل الولايات المتحدة على علاقة بالشرق الاوسط رغم اختلاف الاولويات الامريكية في الوقت الحالي ويظل السؤال حول اضطراب العلاقات الامريكية مع دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية في ملف الطاقة رغم ان واشنطن والرياض لديهما تاريخ من العلاقات التاريخية والمتجذرة بينهما والولايات المتحدة تعرف اهمية المملكة العربية السعودية في المنطقة وسوف تحل الخلافات بينهما خاصة ان المصالح الامريكية بحاجة إلى السعودية اكبر مشتري للسلاح الامريكي ولديها استثمارات بمليارات الدولارات في امريكا ورغم اننا في بداية عام ٢٠٢٣ م الا ان الولايات المتحدة لديها العديد من التحديات في الشرق الاوسط لكنها لن تتخلى عنه والايام القادمة سوف تكشف لنا مزيد من الاهتمام الامريكي بالمنطقة وسوف يكون هذا من خلال زيارات المسؤولين الامريكيين إلى الشرق الاوسط .