بقلم / أحمد المالكي
كاتب متخصص في الشؤون الأمريكية والعلاقات الدولية والقضايا السياسية
تقف تركيا عائقا كبيرا أمام تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتتخذ الأكراد حجة لها من أجل افتعال مشاكل وأزمات مع دول الجوار والهدف الرئيسي أطماعها التي لا تتوقف ورغم محاولة أردوغان إصلاح أوضاع تركيا بعد أن وصلت إلى طريق مسدود سياسيا واقتصاديا ومحاولات حلحلة الأزمات مع دول كبرى في المنطقة إلا إن تركيا مازالت دولة ينظر إليها العالم على أنها تعمل من أجل تحقيق اطماعها .
التدخل التركي في سوريا والعراق يؤكد أن أردوغان الذي تراجعت شعبيته يختلق حربا وهمية من أجل توحيد شعبه على إن تركيا تواجه اعدائها والحقيقة أن ما يحدث من استهداف تركي في الشمال السوري يقوض الجهود الأمريكية وقوات قسد في مواجهة العدو الأخطر على المنطقة وهو تنظيم داعش والذي منذ بداياته هذا التنظيم حصل على دعم تركي وتسهيلات من تركيا برعاية الاجهزة الامنية في تركيا حتى وصل الإرهابيين إلى سوريا والعراق وبعد انحسار التنظيم وتحمل قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع الولايات المتحدة مواجهة تنظيم داعش يعود من جديد النظام التركي في عملية تبدو تحرير الدواعش من قبضة قوات سوريا الديمقراطية لكن ترفض الولايات المتحدة هذا الأمر وتحاول الضغط على تركيا من اجل التوقف عن استهداف قوات سوريا الديمقراطية ومنع قيام تركيا بعملية برية ورغم التفهم الأمريكي المعلن لمخاوف تركيا إلا أن هذا التخوف في غير محله .
الهدف المعلن لتركيا مواجهة التنظيمات التي تراها معادية من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية بعد التفجيرات الاخيرة التي شهدتها تركيا لكن ما خفي كان أعظم وهو ربما تحرير الدواعش من قبضة قوات سوريا الديمقراطية وربما مخطط جديد لاردوغان من اجل استخدام ارهابيين داعش في أطماعها التي لم تعد تخفى عن أحد في احتلال أراضي عربية وايضا سرقة ثروات هذه الدول ولاينسى العالم نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا بمساعدة تركيا وذلك من اجل التدخل في شؤون ليبيا ومحاولات اردوغان المستمرة من اجل نهب ثروات ومقدرات الشعب الليبي وتهديد دول الجوار بالإضافة إلى أطماع أردوغان في غاز شرق المتوسط .
أمريكا لديها قلق واضح من تعريض تركيا حياة جنودها في سوريا إلى الخطر ولذلك تطالب تركيا بوقف عملياتها العسكرية في الشمال السوري حتى لاتخطئ الهدف وتتسبب في استهداف الأمريكان بسوريا .
العالم اليوم أمام خطر كبير إذا قامت تركيا بتحرير مقاتلي داعش من يد قوات سوريا الديمقراطية والعملية البرية التي تفكر تركيا في شنها على الشمال السوري رغم النفي الأمريكي من احتمال وجود تحركات تركية على الحدود السورية والقيام بعملية برية سوف تؤدي إلى عودة انتشار من جديد للتنظيم في دول عربية قريبة من تركيا وقد يتسلل الإرهاب من جديد إلى مدن وعواصم غربية وقد نشهد عودة عمليات الذئاب المنفردة من جديد داخل أوروبا .
أردوغان يستغل الأزمات والصراعات مع دول الجوار في توظيفها من أجل التغطية على فشله السياسي والاقتصادي والأمني وهو متأكد جيدا أن الشعب التركي يريد أن يرى وجها جديدا يعيد تركيا مرة اخرى إلى صفر مشاكل ويحرر تركيا من وضع فرضه أردوغان على الشعب التركي وادى الى عداء بين النظام والشعب بسبب سياسة القمع واضطهاد المعارضين لسياسة أردوغان الذي لا يعترف بالحريات ولا يعرف غير الاعتقالات التي تطال كل فئات المجتمع بدون اتهامات واضحة وبدون سند قانوني فقط قانون واحد يفرض في تركيا قانون الرجل الواحد الذي يفرض رأيه وسياسته على الشعب التركي .
حضور أردوغان افتتاح كأس العالم في قطر ومصافحة قادة الدول وأهمها المصافحة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لن تثني أردوغان عن أطماعه في سوريا والعراق رغم انه يعرف ان مصر تعارض التدخلات التركية في شؤون الدول العربية ومصر تريد سلوكا منضبطا وأكثر التزاما من تركيا بالتوقف عن التدخل في الشؤون العربية خاصة أن مصر تأخذ على عاتقها مهمة الأمن القومي العربي وترفض دائما التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة العربية .
أمريكا لا تريد في الوقت الحالي خسارة علاقتها مع تركيا وتحاول التعامل من خلال الدبلوماسية خاصة أن الولايات المتحدة منشغلة بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا وفي نفس الوقت لديها جنود في سوريا يعملون على مواجهة داعش وبعد توقف دوريات امريكية مع قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة تنظيم داعش وايضا تدريب قوات سوريا الديمقراطية عادت الدوريات والتدريبات مرة أخرى وتتمسك الولايات المتحدة بتحذيراتها لتركيا من اتخاذ منحنى خطير يقوض مواجهة الإرهاب في سوريا .
أردوغان يصر على عملية برية رغم التحذيرات الأمريكية إلا أن هذه العملية البرية سوف تتحمل تبعاتها تركيا والتي تريد إعادة اللاجئين السوريين مرة أخرى إلى بلادهم بعد أن شعرت تركيا ان هؤلاء اللاجئين يكبدون الاقتصاد التركي أعباء اقتصادية مكلفة وصعبة للغاية وساهم النظام التركي في اضطهاد الشعب التركي للاجئين السوريين وهي تعمل اليوم على محاولة إعادتهم إلى سوريا والتخلص منهم ولذلك لانتعجب من توجيه أصابع الاتهام التركي عن عملية اسطنبول الى السوريين وذلك من اجل ايجاد حل في إعادة اللاجئين مرة أخرى إلى سوريا .
العالم العربي اليوم مسؤول عن سيادة الأراضي العربية ولابد من استخدام العلاقات العربية مع تركيا من أجل الضغط لوقف نزيف الاستهداف التركي لأراضي عربية وهناك قرار عربي في جامعة الدول العربية يرفض التدخل التركي في شؤون الدول العربية والتوقف عن انتهاك سيادة الدول ولابد أن تستجيب تركيا إذا أرادت علاقات حقيقية مع الدول العربية وتساهم هذه العلاقات في تحسين العلاقة مع تركيا وتعود بالنفع الاقتصادي على الشعب التركي .