كتب د / عادل عامر
التنمية في شبه جزيرة سيناء واجهت الكثير من العثرات، خاصة بعدما تعرضت أرضها خلال النصف الثاني من القرن العشرين إلى العديد من التوترات العسكرية، وهو ما أفضى إلى حرمان سيناء وأهلها من كافة أشكال التطور الاقتصادي والخدمي، ليؤدي ذلك بدوره إلى توفير بيئة صالحة لنمو مختلف الأنشطة الإجرامية والإرهابية. تعتبر التنمية البشرية أساسا لنجاح المشروعات التنموية، حيث أن الإنسان بعقله وعلمه
وخبرته وثقافته وطرق إدارته يمكنه أن يبدع ويحقق النجاح ألي مشروع تنموي، لذلك كانت التنمية البشرية من أهم مقومات النجاح اللازمة والمؤثرة في مشروعات التنمية ويجب أن يتم الاهتمام بها عطائها أولوية أولي في خطط التنمية . ويقترح أن تشتمل أساسيات التنمية البشرية علي إقامة جامعة ومتحف ومدارس فنية ومراكز للتدريب )
ونوضح المجالات المقترحة للتنمية البشرية، وقد تم اختيار نوعية الكليات علي أساس ارتباطها بإعداد القاعدة العلمية والتقنية والعمالة المدربة المناسبة لمجالات التنمية وخاصة الاستثمار التعديني والصناعي والمجالات عالية التقنية. وتجدر الإشارة بأن هذا المقترح يمثل اجتهادا شخصيا علي حسب تصوراتي ويمكن الإضافة أو التعديل في نوعية الكليات أو إعطاء تفصيلات أكثر لتوضيح بعضا من تلك المجالات.
خدمات السكك الحديدية
شهدت أرض سيناء خلال القرن الماضي مرور عددًا من خطوط القطارات الرابطة بينها وبين وادي النيل، بعضها كان يرتبط بالشام والبعض الآخر كان يرتبط بوادي النيل، إلا أن تلك الخطوط اندثرت بفعل العديد من العوامل السياسية والاقتصادية، إلا أن الخط الرابط بين سيناء والإسماعلية عند منطقة الفردان، كان هو الوحيد الباقي وذلك لاهتمام الحكومة المصرية بتطويره بين حين وآخر، لكن هذا الخط واجه تعطلاً منذ أواخر التسعينيات نتيجة لعدة عوامل.
الحكومة المصرية بدأت في وضع الخطط الخاصة لتطوير هذا الخط الحديدي في منتصف العقد الماضي، وذلك بالتزامن مع افتتاح قناة السويس الجديدة، لذلك تم التعاون مع إحدى الشركات الدولية من أجل تطوير كوبري الفردان القديم والمعطل عن العمل منذ سنوات طويلة، كما قامت الدولة أيضًا بالتعاقد على تشييد كوبري حديدي جديد للقطارات، وذلك لعبور مجرى القناة الجديدة بالناحية المقابلة من كوبري الفردان القديم.
ومن المتوقع فور اكتمال هذا المشروع بالإضافة إلى إعادة تشييد الخط الحديدي الواصل من الفردان إلى العريش، أن يصبح الترابط بين مدن شمال سيناء ووادي النيل أكثر سهولة وهو ما يشجع علي نقل البضائع والأفراد مما يسرع من عمليات التنمية في شمال سيناء، وهو ما يعمل على تدعيم مجهودات الدولة الرامية إلى رفع المستويات الاقتصادية بهذا النطاق. أحد أهم الطرق الطولية في سيناء، وتم إنشاء الطريق لنقل الحركة المرورية من طريق شرق بورسعيد / شرم الشيخ غربًا حتى طريق الجفجافة / تمادا (عرضي ٤) شرقًا. ويمتد الطريق من تقاطعه مع طريق شرق بورسعيد / شرم الشيخ غربًا (جنوب تل سلام) حتى طريق الجفجافة / تمادا (عرضي ٤) شرقًا بطول ٧٧ كم، وذلك في اتجاهين بعرض ١٠ م (حارة مرورية لكل اتجاه + طبان مرصوف)، كما تم تنفيذ ١٣ عملًا صناعيًّ (بربخ) للحماية من مخاطر السيول، وذلك بتكلفة إجمالية ٥٢٠ مليون جنيه. ويهدف الطريق إلى تسهيل حركة الانتقال بوسط سيناء، وخلق مجتمعات تنموية وعمرانية على جانبيه.
لا أحد ينكر فوائد الاستثمار السياحي فهو يعتبر من أهم المجالات التي يمكن أن تضيف إلي خزينة الدولة مليارات الجنيهات، وتعتبر سيناء من أهم المناطق العالمية التي يوجد بها مقومات للاستثمار السياحي ففيها الشواطئ المتميزة بجمال ر مالها وأماكن الغوص والحياة البحرية المتنوعة وطقسها البديع في معظم فصول العام. هذا بالإضافة إلي وجودها في مكان قريب من معظم قارات العالم. وأهم المناطق المناسبة للنشاط السياحي هي شواطئ خليج العقبة وخليج السويس و البحر الأبيض المتوسط فيوجد بها العديد من المنتجعات والقري السياحية.
أضف إلي ذلك يمكن تنشيط السياحة الدينية مثل دير سانت كاثرين وجبل موسي ومنطقة طور سيناء وغيرها من الأماكن التي لها أصل تاريخي وديني. وتجدر الإشارة إلي وجود أماكن جبلية فريدة في مناظرها وطبيعتها وتكوينها وتراكيبها الجيولوجية والتي يمكن أن تكون مقصدا لسياحة السفاري أو السياحة العلمية الهادفة كذلك السياحة العلاجية الخاصة بعالج بعض الأمراض الجلدية وروماتزم المفاصل وغيرها من الأمراض في بعض المناطق الشاطئية مثل حمام فرعون وغيرها
تعتبر التنمية من المشروعات اللازمة لتقدم الأمة المصرية، وتشمل التنمية عدة محاور أساسية من أهمها التنمية السياحية والتنمية الزراعية والتنمية التعدينية والصناعية. لقد أولت الدولة اهتماما ملحوظا إلي محور التنمية السياحية في سيناء حيث قامت بإقامة العديد من المنتجعات والقري السياحية والفنادق علي شواطئ سيناء ومعظم تلك المشروعات التي يستمتع بها إلا عدد قليلا من الطبقة الغنية والتي تمثل أقل من 40 %من الشعب المصري. ورغم ذلك فإنه ليس هناك اختلاف علي أهمية التنمية السياحية فإنها تدر دخال كبيرا علي خزينة الدولة وتمثل أحد مواردها المالية الهامة. لكن التنمية السياحية التي تبني أمة ولكنها تساعد في تدبير موارد إضافية.
أما التنمية الزراعية فهي مهمة ولكنها محدودة وذلك بسبب نقص المياه في الوقت الحالي وشحها في المستقبل، هذا بالإضافة إلي مشاكل المياه الحالية بين دول حوض النيل. مع ذلك يمكن إقامة مشروعات تنمية زراعية محدودة في سيناء في منطقتين رئيسيتين هما شمال سيناء حول موقع مشروع ترعة السالم، حيث يمكن أن يتم استصلاح واستزراع حوالي 200 ألف فدان في تلك المنطقة. أما الموقع الثاني فإنني أقترح منطقة سهل القاع لكي تكون هدفا للتنمية الزراعية إذا ما ثبت وجود كميات كافية من المياه الجوفية، وذلك يتطلب دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية تفصيلية الاستكشاف وتقدير كميات المياه الجوفية في سهل القاع بمنطقة جنوب غرب سيناء حتي يمكن تحديد المساحة التي يمكن زراعتها وفي نفس الوقت ليتم دراسة نوعية التربة ونوعية المحاصيل التي يمكن زراعتها. أما التنمية عن طريق الاستثمار التعديني الصناعي في شبه جزيرة سيناء – اذا ما تم فهو من وجهة نظري أنه الأمل والمستقبل لتنمية حقيقة في مصر والبدا في تنفيذها فإن ذلك سوف ينقل مصر إلي مكانتها الطبيعية التي تستحقها بين دول العالم.
لذلك يجب أن تولي الحكومة المصرية اهتماما بالغا لهذا المشروع حيث أنه يمثل هدفا استراتيجيا وتنمويا للمستقبل القريب والبعيد ويمكنه أن يعالـج الكثير من المشاكـــل التي تعاني منها مصر ويدفعــــها نحو النمــو باستثمار مصادرها التعدينية بإقامة المراكز الاستثمارية التي تتحـول إلي مدن صناعيــة متخصصــــــة.
من الأهمية بمكان أن نضع سيناء بمقدمة اهتماماتنا وعلى أولويات استراتيجية مصر للخروج من الوادى القديم الذى بدأ يضيق بزحام سکانه ، فسيناء مؤهلة للتخفيف من شدة هذا الزحام ، ومؤهلة لفتح الکثير من المجالات أمام شعب مصر لإقامة مجتمعات عمرانية وزراعية وتعدينية وصناعية وسياحية وتجارية ، کما أن قربها وتداخلها مع إقليم قناة السويس التي تعتبر شريانا حيويا من شرايين الإقتصاد والتجارة الدولية ، إن کل ذلک يستلزم علينا أن نجعل منها ملحمة بناء وجسر يعبر من خلاله الشعب المصرى إلى الأمن والرخاء ثم أتساءل : وماذا عن تنمية سيناء ؟ إن اهتمامنا شکليا بسيناء لم يتبعه أو يسبقه أى خطة جادة وفعالة لتنفيذ هذا المشروع القومى لصالح مصر وأمنها على أرض سيناء ، فبمجرد انتهاء المرحلة الثانية لانسحاب اسرائيل في ينايرعام 1980م انطلقت القيادة المصرية نحو تعمير الجزء الذي تم تحريره في سيناء وهو أکثر من65%من مساحة سيناء ، وبدأت مشروعات ربطه بوادي النيل والعمل علي تحويل سيناء الي منطقة إستراتيجية متکاملة تمثل درع مصر الشرقي ومن أجل ذلک تمت اعادة تقسيم سيناء اداريا الي محافظتين بعد أن کانت محافظة واحدة فقسمت الي محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوب سيناء فيما انضمت شريحة من سيناء شرق قناة السويس بعرض20 کيلو مترا الي محافظات القناة الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس و تأکيدا لارتباط سيناء بوادي النيل حيث لم تعد القناة تمثل حاجزا إداريا يعزل شبه جزيرة سيناء عن وادي النيل وبدأ تنفيذ العمليات الکبري لتحقيق الربط الجغرافي بين
وادي النيل وسيناء عبر قناة السويس، فأنشئ نفق الشهيد أحمد حمدي شمال السويس ليمر تحت القناة ويربط غربها بشرقها برا کما شقت ترعة السلام جنوب بورسعيد إلي سيناءلکي تروي بمياه النيل ما يقرب من نصف مليون فدان في شمال سيناء وفي إطار الخطة القومية لإعادة تعمير سيناء والتي تصل إلى ما يقرب من 25 عاما (1994- 2017) استکملت عملية الربط العضوي بإنشاء جسرين فوق القناة هما: الکوبري المعلق جنوب القنطرة وکوبري الفردان المتحرک للسکک الحديدية فضلا عن مد خط السکة الحديد بين الإسماعيلية ورفح ويبلغ طوله مسافة 217 کيلو مترا. ورغم هذا الإهتمام الواضح والصريح من قمة النظام السياسى بمشروع سيناء القومى ، وإنفاق المليارات على البنية الأساسية وحفر ترعة السلام ، وغير ذلک مما سوف نتناوله بعد إلا أن المشروع مازال يعانى الکثير من التدهور والعثرات وتدنى معدلات الإنجاز رغم أهميته الإقتصادية والعمرانية والإجتماعية والعسکرية. ختاماً، يمكننا الأجمال أن الحكومة المصرية ماضية في إحداث تطويرات جوهرية بملف النقل البري داخل سيناء، وهو ما سيساعد على زيادة ربط أرض الفيروز بوادي النيل، لينعكس ذلك في القريب على زيادة حركة التنمية فيها، مما يشير إلى إمكانية حدوث موجات من الهجرة البشرية إلى سيناء، وبالتالي دحر أي محاولات خبيثة من الأطراف الخارجية لاستغلال هذه البقعة الهامة في تهديد أمن واستقرار مصر.
—