الوسطية السياسية المصرية

كتب د/ عادل عامر

وضعية مصر الجغرافية السياسية التي بقدر كونها منحة.. بنفس القدر أنها تمثل نقمة، لذات الأسباب، إذ هي مهمة لقوى الهيمنة بينما يمثل سقوطها خطورة على استقرار المنطقة، وعلى هذا الأساس يدور الصراع حولها، ربما من أيام الفُرس500 قبل الميلاد.. إلى القوى الغربية المتتالية عليها (وآخرين)، وكلما حاولت الإفلات في كل مرة، إذ سرعان ما يعيدونها إلى المربع صفر، من توسعات «محمد علي» إلى نهج «عبدالناصر»، وهى الآن تحاول الإفلات مجدداً، لذلك يتفاقم التآمر ضدها، وإن كان لا يخلو من أوجه تعاون.. حيث من غير المستطاع للنظام الإقليمي الدولي.

فالواقع الثقافي في مصر يقول إن الحزب قد يعني النخبة؛ لأن الانتماء للحزب يعني تلقائيًّا التحاق الشخص بشريحة اجتماعية نافذة سياسيًّا قادرة على التواصل المباشر مع الدولة وأجهزتها، وفي الوقت نفسه قادرة على تحقيق أنواع مختلفة من المصالح من خلال علاقاتها الشخصية ونفوذها الحزبي.

ويعدّها علماء السياسة، الركيزة القوية والمنظمة للربط بين القمة والقاعدة وكمحطة اتصال لازمة بين المواطنين والسلطة، فهي تجمع المعلومات وتنقلها إلى السلطة، وكذا تنقل إليها مطالب الشعب. قد تكون الأحزاب مخططاً ومنفذاً للسياسة العامة إنْ وصلت إلى السلطة، وبالتالي ستقوم بتطبيق برامجها عن طريق القوانين التي ستسنها في “السلطة التشريعية” أو عن طريق تنفيذها للقوانين في “السلطة التنفيذية”، أو عن طريق وجودها في المعارضة وهنا قد تقوم باستخدام وسائل وطرق عديدة للضغط والتأثير على السلطة.

والحزب قد يكون هو الفرد أو الشخص الذي أسسه ويقوده، وينطبق هذا المعنى على العديد من الأحزاب المصرية، فالحزب ملكية خاصة لرئيسه أو مؤسسه، الذي لا يقبل بأي حال من الأحوال الفصل بين ذاته وبين دوره، فهو الحزب والحزب هو، بل إن التصويت في الانتخابات لأحزاب معينة لا يتم طبقاً لبرامج هذه الأحزاب وأهدافها، وإنما عادة يتم طبقاً للأوزان النسبية لقياداتها وكوادرها والأشخاص المرشحين عنها، ولعل دراسة السير الشخصية لقادة الأحزاب الكبرى أو القومية يبين إلى أي حد هناك تماهٍ للحزب في الشخص، وإلى أي حد هناك تشخيص للعمل الحزبي في مختلف علاقاته، سواء مع الأجهزة الإدارية أو مع الشعب.

. تحمل تبعة سقوط مصر، وإلا سادت الفوضى واللا استقرار، ما يشجعها راهناً إلى محاولة مواصلة الإفلات مجدداً، وبأقل الخسائر، ذلك بالسعي إلى تحالفات متنوعة إلى تحديث السلاح إلى البناء والتنمية، مع الاجتهاد لتوحيد قوى الوطن سواء على الصعيد الداخلي أو العربي، وحيث يعزز جهودها (كما ينتقص منها) ذلك التفرد الذى تتميز به وضعيتها الجغرافية السياسية- في مركز الدائرة من محيطها المنظور، إذ تتوسط بالتقريب اليابسة القارية للستار الإسلامي- العربي.. الممتد ما بين المحيطين الأطلنطي والهندي، كما تحتل الزاوية القائمة لمصر شمال شرق البحر المتوسط (سيناء)..

 حافة الغرب الآسيوي للقوس العظيم الذى يعلو فوق الدول الممتدة من شمال شرق آسيا مروراً بشبه القارة الهندية إلى غرب الشرق الأوسط، ولتصبح مصر من ثم أقرب إلى كونها البوابة الأفرو آسيوية فى النظام الإقليمي- الدولي، خاصة أنها تمثل من جانب آخر رأس المثلث الذهبي الذى يضم ضلعاه كل من ليبيا والسودان، بحيث تمثل من ثم دور «الوصلة» بين سياسات شرق وغرب البحر المتوسط من جانب، ومع الدول ما بين الساحل والصحراء من جانب ثانٍ (دراسة إنشاء طريق برى يربط بين مصر وتشاد، ويصل ما بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط من جانب ثالث)، و

هو ما يمثل – رابعاً- أوتوستراد أفريقياً لخط سكك حديدية يربط بين القاهرة وكيب تاون فى جنوب أفريقيا، يتوازى مع المقترح بإنشاء خط ملاحي منتظم يربط بين دول القارة، ما يحقق التواصل الجغرافي والسياسي.. لخدمة أغراض تنموية ولتسيير حركة التجارة البينية، ذلك دون استثناء إنشاء مصر لعدد من المحاور- غير محور قناة السويس- تربط برياً بين البحرين الأحمر والمتوسط، ومن ثم مع الدول المشاطئة لثانى أهم شريانين ملاحيين عالمياً سواء مع دول شرق أفريقيا أو جزيرة العرب شرقي السويس أو مع الدول الأوروبية على الضفة الشمالية للبحر المتوسط.

خلاصة القول، إنه بقدر انفتاح حدود مصر البرية والبحرية، وتواصلها مع العديد من الدول والأمم المتاخمة ما بين المحيطين الأطلنطي والهندي، إذ يمكنها التميز بدورها عن الآخرين بالمساهمة بفاعلية في تشكيل النظام الإقليمي- الدولي الجاري إرهاصات قيامه على قدم وساق، ما بين إجراءات الدبلوماسية ونوازع الحرب، شرط العمل على عدم اختراق حصون مصر الطبيعية الأربعة، الجاري تهديدها، (الصحراء الشرقية- والغربية- إلى وادى حلفا- والبحر المتوسط)

، إذ من أجل تعزيز تحركات مصر الخارجية وأوضاعها الداخلية.. فإنها بصدد مواجهة معارك واسعة النطاق، سواء من أجل تطوير مقتضيات التكامل للمثلث الذهبي مع ليبيا والسودان جنوب غربي مصر، إلى مواجهة الأهداف التوسعية للجارات الإقليميات غير العربيات، سواء من جانب تركيا عند الثقب الأسود شمال شرق البحر المتوسط.. وتحركاتها بالقرب من المياه الإقليمية لمصر وقبرص شرق المتوسط من أجل الغاز.. وفى تسييرها قطع بحرية محملة بالسلاح (والمجاهدين)، إلى ليبيا غرب مصر، إلى القفز نحو جزيرة «سواكن» السودانية جنوب مصر، فضلاً عن تمحورها السياسي والإعلامي مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، ذلك دون استثناء إسرائيل كدولة متوسطية شرق مصر، تدور في السياق الأوروبي الغربي منذ زرعها في الإقليم قبل نحو سبعة عقود، إلى إثيوبيا- دولة أعالي نهر النيل- الساعية إلى المساس بالأمن المائي لدولة المصب،

 ناهينا عن إيران من جانب رابع التي لا ترعوى عن إثارة نوازع التدخل سواء في اليمن والخليج شرقي السويس أو الامتداد غرباً عبر العراق إلى الدول العربية شرق المتوسط، فضلاً عن محاولتها تصدير نهج الثورة الإسلامية إلى روابط الجوار العربية، ما يفرض على مصر في مركز الدائرة العربية، أن تواجه فضلاً عن أوضاعها الداخلية الصعبة، لأسبابها، خصومات تاريخية من قوى كبرى لا ترعوى من أجل مصالحها عن إشعال عوامل التنافس مع كل من الجارات الإقليميات غير العربيات، خصماً من الرصيد العربي، ومصر في القلب منه، ما يستوجب مراجعات علمية موثقة ودؤوبة لما يجرى من تحركات على الساحة الدولية، والإقليمية، والعربية، وعلاقة ذلك بالوضعية المحلية والجيوسياسية لمصر.

جدير بالذكر، أن فقهاء القانون الدستوري في الأنظمة الديمقراطية المعاصرة أجمعوا على أهمية وضرورة وجود الأحزاب السياسية في هذه الأنظمة لكى تسعى في طريقها، وتنجح فى تحقيق أهدافها فى تحقيق المساواة بين شعوبها وتنشيط الحياة السياسية بينهم ونشر الوعى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي ومعرفة الوعى بالقانون وتنقية كل القوانين التي تعوق ممارسة الأفراد عن  حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن ممارسة الديمقراطية السليمة فى ظل النظام الديمقراطي هو تعبير عن إرادة المواطنين وضمانة أساسية لحقوقهم في اختيار حزب يعبر عن أفكارهم وآرائهم وتقديمها للمواطنين في خصوص الموضوعات المطروحة على الخريطة السياسية للدولة لنشر الوعى الفكري والسياسي، لكى نجعل هذا الشعب مثقفا سياسياً وفكريا،

 لأن الهدف من الحزب هو الوصول للسلطة التنفيذية لتحقيق أهدافها وتنفيذ برامجها، لأن الحياة الحزبية السليمة تهدف إلى تحقيق التنمية ورقى وتقدم وازدهار ورفاهية شعوبهم، وحماية حقوقهم الأساسية من الحقوق والواجبات والحريات العامة الأساسية، والعمل على مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات وهذا يتحقق من خلال استقلال السلطة القضائية وحق التقاضي وتحقيق المعادلة المتوازنة بين السلطات العامة في الدولة وهذا يعمل على تحقيق الرقابة المتبادلة فيما بينهم لحماية الحقوق والحريات للأفراد، هذا يكون خير دليل على ثبات ورسوخ أركان النظام الديمقراطي الصحيح في الدولة، ويمنع تعسف السلطة واحتكارها للأفكار وتقيد الحريات.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رئيس الوزراء: نسعى بالشراكة مع إحدى المؤسسات العالمية أن يكون مستشفى أورام دار السلام مركزًا على أعلى مستوى

كتبت مني جودت أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات تليفزيونية، اليوم السبت حيث أشار ...