كتبت مني جودت
قطاع الأدوية الهندي يشكل قوة عالمية كبيرة ويلبي أكثر من 50% من الطلب العالمي على اللقاحات
الهند صيدلية العالم.. صناعة الأدوية بها ثالث أكبر صناعة من حيث الحجم على مستوى العالم والرابعة عشرة من حيث القيمة، والقطاع يساهم حاليًا بنحو 1.72% من الناتج المحلي الإجمالي لها
في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتجارب الدولية في مختلف المجالات التي تهم الشأن المصري أو تدخل في نطاق اهتمامه، سلط المركز الضوء على التجربة الهندية في صناعة الأدوية، مشيراً إلى أن صناعة الأدوية في الهند شهدت معدلات نمو بشكل ملحوظ في الفترة (2019- 2023)، وأنه في الفترة من 2019 إلى 2022 كان معدل النمو في صناعة الأدوية يمثل نحو 11%، بينما خلال الفترة (2022 – 2023)، ارتفع النمو بمعدل 8%.
وأضاف المركز أنه من المتوقع أن تنمو صناعة الأدوية في الهند إلى 130 مليار دولار أمريكي من حيث القيمة بحلول نهاية عام 2030، حيث اجتذب قطاع الأدوية والمستحضرات الصيدلانية أيضًا استثمارات أجنبية مباشرة تراكمية بنحو 699 مليون دولار أمريكي خلال الفترة (أبريل – سبتمبر) 2022 وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة تعزيز الصناعة والتجارة الداخلية الهندية.
وأوضح التقرير أنه نتيجة لتفوق الهند في صناعة الأدوية، فقد شهدت اهتمامًا كبيرًا من قبل شركات الأدوية العالمية، التي تسعى إما إلى إنشاء عمليات في الهند للبحث والتطوير، أو للتصنيع والتوزيع، أو للدخول في شراكة لصناعة الأدوية، وذلك لأن قدرات البحث والتطوير منخفضة التكلفة في الهند، مما يساعد الشركات على تحسين التكاليف في ظل اقتصاد متقلص.
وأشار التقرير إلى أن قطاع الأدوية الهندي يشكل قوة عالمية كبيرة، حيث يلبي أكثر من 50% من الطلب العالمي على اللقاحات، و25% من جميع الأدوية في المملكة المتحدة. كما يضم هذا القطاع شبكة محلية قوية مكونة من 3000 شركة أدوية ونحو 10500 وحدة تصنيع.
وأوضح التقرير أن الهند تحتل مكانة بارزة في سوق الأدوية العالمية، مدعومة بمجموعة كبيرة من العلماء والمهندسين الذين يسهمون في دفع هذه الصناعة نحو آفاق جديدة. وتشتهر الهند بإنتاج اللقاحات منخفضة التكلفة، ما جعل صناعة الأدوية فيها ثالث أكبر صناعة من حيث الحجم على مستوى العالم والرابعة عشرة من حيث القيمة، ويساهم هذا القطاع حاليًا بنحو 1.72% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مما يعكس أهميته الكبيرة للاقتصاد الهندي فضلًا عن ذلك، تمتلك الهند أكبر عدد من مرافق تصنيع الأدوية التي تمتثل لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
وأفاد مركز المعلومات أن حجم سوق صناعة الدوية في الهند من المتوقع أن يصل إلى نحو 130 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، و450 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2047، ووفقًا لبيانات الحكومة الهندية تبلغ قيمة صناعة الأدوية الهندية حوالي 50 مليار دولار أمريكي، منها أكثر من 25 مليار دولار تأتي من الصادرات.
واتصالًا، فقد بلغت قيمة سوق المستشفيات الهندية 98.98 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2023 ومن المتوقع أن تنمو بنسبة 8% بمعدل نمو سنوي مركب لتصل إلى 193.59 مليار دولار أمريكي بحلول السنة المالية 2032، وسيجعل هذا الهند واحدة من أفضل 12 وجهة للتكنولوجيا الحيوية عالميًا، وثالث أكبر وجهة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تستحوذ الهند على حصة تتراوح بين 3-5% من سوق التكنولوجيا الحيوية العالمية، ففي عام 2022، بلغت قيمة الاقتصاد الحيوي في الهند 137 مليار دولار أمريكي، مع هدف الوصول إلى 300 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
وأشار مركز المعلومات إلى أنه من المتوقع أن تنمو السوق المحلية 3 مرات في العقد المقبل وفقًا للمسح الاقتصادي الهندي لعام 2021؛ حيث بلغت سوق الأدوية المحلية في الهند 42 مليار دولار أمريكي في عام 2021، ومن المرجح أن تصل إلى 65 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024، وستتوسع أكثر لتصل من 120 لـ 130 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
جدير بالذكر؛ أن صناعة التكنولوجيا الحيوية في الهند تتألف من الأدوية الحيوية والخدمات الحيوية والزراعة الحيوية والصناعة الحيوية وعلم المعلومات الحيوي، وقد بلغت قيمة صناعة التكنولوجيا الحيوية الهندية 70.2 مليار دولار أمريكي في عام 2020 ومن المتوقع أن تصل إلى 150 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.
في حين بلغت سوق الأجهزة الطبية في الهند 10.36 مليارات دولار أمريكي في السنة المالية 2020، ومن المتوقع أن تنمو السوق بمعدل نمو سنوي مركب قدره 37% من عام 2020 إلى عام 2025 لتصل إلى 50 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أيضًا أن ينمو قطاع الأدوية الهندي بنسبة 9-11% في السنة المالية 2024، وفقًا لـ “المؤتمر الدولي للروبوتات والأتمتة” (ICRA).
أوضح التقرير أن قطاع الأدوية في الهند يتمتع بالعديد من الخصائص الفريدة التي ساهمت في نموه المطرد، حيث تضم الصناعة العديد من اللاعبين المحليين الذين حرصوا على مكانتهم من خلال الاستثمارات في قطاع الأدوية وقدرات تطوير التركيبة العلاجية الجديدة، وتمتلك ست شركات محلية مجموعة براءات اختراع للأدوية مدعومة من الأمم المتحدة لتصنيع أدوية مضادة للإيدز لأكثر من 112 دولة في الأسواق النامية.
وقد أشار التقرير إلى قيام الهند بتوريد المنتجات الصيدلانية إلى أكثر من 200 دولة حول العالم، وكانت الولايات المتحدة هي الوجهة الرئيسة، ومن بين المنتجات الصيدلانية، كانت السلع الرئيسة التي يتم تصديرها هي تركيبات الأدوية البيولوجية، تليها الأدوية السائبة والوسائط الدوائية، وأضاف التقرير أنه اعتبارًا من عام 2023، بلغت قيمة صادرات البلاد من الأدوية والمستحضرات الصيدلانية أكثر من 25 مليار دولار أمريكي.
أدى هذا الأداء المتميز إلى استثمارات أجنبية كبيرة في القطاع، إلى جانب العديد من صفقات الدمج والاستحواذ الرئيسة. كما حرصت الحكومة الهندية على دعم القطاع من خلال تنفيذ سياسات مختلفة.
ونظراً لتفوق الهند في هذا القطاع فإنها تتمتع بالقدرة على قيادة الطريق في العديد من مجالات الرعاية الصحية العالمية من خلال السياسات الداعمة والمساعدة من الحكومة، وقد أوضح التقرير أن سلسلة توريد الأدوية في الهند قد خضعت لتحول كبير، مدفوعة بالعولمة والتقدم التكنولوجي والتحولات التنظيمية والطلب المتزايد على منتجات الرعاية الصحية. فضلًا عن تحول التركيز من العمليات اليدوية والمعاملاتية إلى الأتمتة والابتكار الاستراتيجي.
ففي السنوات الأخيرة، سلطت التوترات الجيوسياسية وجائحة “كوفيد-19” الضوء أيضًا على أهمية مرونة سلسلة التوريد وتنويعها، ونتيجة لذلك، كان هناك اهتمام متزايد باستراتيجية الصين، حيث تسعى الشركات إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها من خلال الاستثمار في مواقع التصنيع البديلة، بما في ذلك الهند.
أشار التقرير إلى أنه عقب جائحة “كوفيد-19″، تطورت سلاسل توريد الأدوية لتصبح أكثر مرونة وشفافية. وقد تبنت الهند تقنيات متقدمة مثل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي. وهناك استثمار كبير مستمر في أتمتة عمليات التصنيع والتعبئة والتغليف لتعزيز الإنتاجية وكفاءة التكلفة التشغيلية.
وقد مكن هذا التحول من تنفيذ نماذج التسليم عند الطلب، وتوظيف استراتيجيات مثل النهج المباشر للمريض (Direct-to-Patient) – استراتيجية في قطاع الرعاية الصحية تتيح توصيل المنتجات والخدمات الطبية مباشرة إلى المرضى دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين مثل الصيدليات – ومنصات التجارة الإلكترونية بين الشركات.
وتوجد عدة عوامل تجذب شركات الأدوية العالمية إلى الهند أهمها:
– انخفاض تكلفة الإنتاج بسبب مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك انخفاض تكاليف العمالة وتكلفة المواد الخام نسبيًا.
– لدى الهند سوق كبيرة ليست فقط للأدوية المنقذة للحياة، ولكن أيضًا لأدوية نمط الحياة.
– إمكانية إجراء أنشطة البحث والتطوير في الهند- حيث يوجد في الهند أكثر من 300 كلية طب، وأكثر من 20.000 مستشفى.
– تمتلك الهند القدرة التصنيعية لإنتاج المكونات الصيدلانية الفعالة (APIs) وكذلك المواد الوسيطة بتكلفة أقل مع الحفاظ على الجودة.
– لدى الهند الحد الأقصى لعدد المصانع المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (USFDA) خارج الولايات المتحدة.
– سهولة إجراء التجارب السريرية ودراسات التوافر البيولوجي والتكافؤ الحيوي نظرًا لقدرة الهند على تقديم تجارب أسرع وأقل تكلفة دون المساس بالجودة وبسبب العدد الكبير من المرضى.
والجدير بالذكر أنه يُسمح بالاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الأدوية بنسبة تصل إلى 100%، ومع ذلك، يلزم الحصول على إذن من قسم المستحضرات الصيدلانية لشراء أكثر من 74% من الأسهم في الشركات القائمة.
وأشار التقرير إلى أنه في الفترة الأخيرة، ونظرًا لزيادة التركيز على الابتكار والتصنيع المحلي، قدمت الحكومة العديد من خطط الحوافز المرتبطة بالإنتاج (PLI) ففي عام 2020، أعلنت الحكومة عن خطة (PLI) لترويج التصنيع المحلي للمواد الأولية الأساسية (KSMs) ووسيطات الأدوية والمكونات الصيدلانية الفعالة (APIs) في الدولة بنفقات مالية تبلغ نحو 841 مليون دولار أمريكي.
علاوة على ذلك، في عام 2022، أطلقت الحكومة خطة تعزيز صناعة الأدوية بهدف تلبية طلبات الدعم المطلوبة لمجموعات الأدوية الحالية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتحسين إنتاجيتها وجودتها واستدامتها، حيث تبلغ تكلفة هذا المخطط 61 مليون دولار أمريكي.
وأضاف التقرير أنه في الآونة الأخيرة، عند تخصيص الميزانية للسنة المالية 2023-2024، أعلنت الحكومة عن حوافز مرتبطة بالأبحاث لهذه الصناعة.
أوضح التقرير أنه لتصنيع الدواء في الهند، يجب ترخيص كل من المبنى والدواء، وبمجرد الحصول على الترخيص، يمكن بيع الدواء المُصنع في أي مكان في الهند في جميع أنحاء البلاد دون قيود بشرط أن يكون المشتري إما مستهلكًا نهائيًا أو شركة لديها ترخيص لشراء الدواء وأن يكون البائع مرخصًا له ببيع الدواء للمشتري.
وأضاف أنه بموجب قانون (DCA)، يشمل “التصنيع” أي عملية (أو جزء) لصنع أي دواء أو تغييره أو زخرفته أو تشطيبه أو تعبئته أو وضع العلامات عليه أو تفكيكه أو معالجته أو اعتماده بهدف بيعه أو توزيعه. ومع ذلك، فإن “التصنيع” لا يشمل التوزيع أو التعبئة على مستوى بيع التجزئة.
أشار التقرير في ختامه إلى أن صناعة الأدوية في الهند تشكل جزءًا كبيرًا من التجارة الخارجية للبلاد وتوفر إمكانات مربحة للمستثمرين، حيث يحصل ملايين الأشخاص في مختلف أنحاء العالم على أدوية عامة بأسعار معقولة وغير مكلفة من الهند، التي تدير أيضًا عددًا كبيرًا من المصانع التي تلتزم بمعايير ممارسات التصنيع الجيدة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
ومن بين الدول التي تنتج الأدوية، احتلت الهند لفترة طويلة المركز الأول. ومن المتوقع أن ينمو الإنفاق على الأدوية في الهند بنسبة 912% على مدى السنوات الخمس المقبلة، مما يجعل الهند واحدة من أكبر 10 دول من حيث الإنفاق على الأدوية.
وفي المستقبل، سيعتمد النمو الأفضل في المبيعات المحلية أيضًا على قدرة الشركات على مواءمة محفظة منتجاتها نحو العلاجات المزمنة للأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، ومضادات السكري، ومضادات الاكتئاب، ومضادات السرطان، والتي تشهد ارتفاعًا مستمرًا.
وقد اتخذت الحكومة الهندية العديد من الخطوات لخفض التكاليف وخفض نفقات الرعاية الصحية. بالإضافة إلى إنشاء خطة حماية الصحة الوطنية، التي تهدف إلى تقديم الرعاية الصحية الشاملة، والشيخوخة السكانية، وارتفاع الأمراض المزمنة، وغيرها من البرامج الحكومية.