كتب د/ عادل عامر
إذا كان الإعلام الجديد قد أتاح التواصل الإنساني، وتقريب المسافات بين الأفراد فإنه قد أفرز في المقابل العديد من السلبيات أسهمت فيما يسمى بـ ” اضطراب الإدمان الالكتروني”، أو ” اضطراب إدمان الانترنت”، فلم يقتصر استخدام هذا الموقع على التواصل فقط، بل أصبح يحتل جزءا أساسيا في حياة المستخدمين اليومية لتزداد ساعات استخدامهم له للهروب من واقعهم، ليجدوا في العالم الافتراضي ما يرغبون فيه ليصبح الإدمان على الموقع من الأمور الخطيرة جدا التي تعمل على تحطيم حياتهم النفسية والاجتماعية. تظهر أهمیة الموضوع في الحرص على التوجه إلى معرفة أثار الإدمان على الانترنت بالنسبة لمستخدميها من الناحیة النفسیة والسلوكیة، كما یرجع اهتمامنا بهذا المتغیر إلى زیادة عدد المستخدمین لهذه الشبكات على اختلاف الأعمار والفئات في المجتمع، مما قد ینجم عنها آثارا سلبیة متعددة ومشكلات اجتماعیة وبروز اضطرابات نفسیة وسلوكیة، وخاصة مع تطور تقنیة استعمال الهاتف والكومبیوتر فأصبح من السهل الحصول إلى شبكة الانترنت، وبالتالي التعرض للإدمان الالكتروني في ظل التغیرات والتطورات الحدیثة والمتلاحقة.
1- أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في عصر ثورة المعلومات وسيلة ناجحة تخدم الجماعات الإرهابية والمتطرفين، باستخدام الفضاء الإلكتروني لنشر كل أشكال الجرائم العنصرية والمالية على مستوى الدول، وعلى المستوى العالمي.
وقد وظفت الجماعات الإرهابية والمتطرفة وسائل التواصل الاجتماعية في خدمتها لنشر الأفكار الهدامة والفوضى والشائعات والرعب بين الناس، ولغاية التجنيد والتعبئة واستقطاب شريحة الشبان وتنسيق العمليات الإرهابية، ونشر الأعمال الإرهابية التي ترتكبها وبتقنية عالية الجودة، كحادثة إحراق الطيار الأردني (معاذ الكساسبة)، والترويج والتضخيم لقوتها عبرها.
“ويعتمد الجيل الجديد من التنظيمات الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد، وفي التواصل بين قيادات هذه التنظيمات، وبين عناصرها، بنسبة ربما تفوق 90% من وسائل التواصل المستخدمة، ولا سيما في ظل الانتشار الجغرافي الواسع لهذه التنظيمات، وتوزع الأفراد المستهدفين بالتجنيد عبر أنحاء العالم، وتستخدم التنظيمات الإرهابية أيضًا وسائل التواصل الاجتماعي على أنها قناة لتبادل الخطط والمعلومات حول تصنيع القنابل والمتفجرات، ومهاجمة المواقع المستهدفة. وباتت المراحل الأولية للتجنيد تتم من خلال “التغريدات” و”البوستات” ليتبين لها الأشخاص الأكثر ميلًا للمشاركة في “الجهاد” أو الاندفاع في مشاريعها حتى النهاية”. (ملاعب، 2019)
ويعد موقع فيسبوك من أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخدامًا في تجنيد المتطرفين، وغالبًا ما تقوم المنظمات الإرهابية بإنشاء مجموعة (Group) على هذا الموقع لاجتذاب المتوافقين فكريًا معها، حيث تركز المجموعة في أطروحاتها على فكرة إنسانية بالأساس، ومع زيادة عدد الأعضاء المنتمين لهذه المجموعة، فإن المواد الإرهابية يتم وضعها تدريجيًا عليها بطريقة لا تستهجن تلك الأفعال أو تدينها، وفي الوقت نفسه لا تنتهك سياسة موقع فيسبوك، ثم يتم بعد ذلك توجيه أعضاء المنظمة مباشرة إلى المواقع أو المنتديات المرتبطة بالجماعة الإرهابية. ويُمكِّن فيسبوك بهذه الطريقة من تجنيد الأعضاء من أنحاء العالم كافة، ودون أن يمثل ذلك تهديدًا لأمن المنظمة. وكذلك نجحت المنظمات الإرهابية في استغلال اليوتيوب من خلال قيامه بنشر الصور والفيديوهات أثناء تنفيذ العمليات الإرهابية، كما تستخدم موقع توتير بصورة خاصة لسهولة استخدامه عبر الهواتف. (حوادسي، 2018)
2- ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في الربيع العربي بتأجيج الشقاق بين أفراد المجتمع، والتمييز العنصري والصراعات ذات الطابع الطائفي والديني، والنزاع القبلي والمناطقي، وتعميق الشروخ والصدوع، وزرع الشقاق بين مكونات الوطن الواحد، وبث الكراهية، وظهور لغة التكفير والتخوين.
3- انتشار ظاهرة الذباب الإلكتروني والانفلات الأخلاقي والمهني للإعلام العربي في أثناء ممارسة الإعلام، وانتشار التجريح والتشهير.
4- نشر الشائعات وتناقلها دون تقصي الحقائق والتأكد من المعلومات المنشورة عبر الإعلام الثوري والناشطين، ما قد طعن بمصداقية كثير من الصفحات الثورية.
5- الاستخدام السلبي لتقنيات الذكاء الصناعي من خلال الحروب الإلكترونية، واختراق الصفحات والمواقع والحسابات، وتزوير الصفحات ونشر الفيروسات عبر روابط التهكير والتدمير، وإثارة الفتن وتأجيج الطائفية، والتحريض على العنف والقتل من بعض الخلايا النائمة والجيوش الإلكترونية.
6- ظهور الإعلام الموضوعي وإعلام المولاة
تناول الدكتور محمود قلندر الأستاذ بقسم الإعلام، موضوع تغطية الحروب والأزمات بين الانحياز والموضوعية، متحدثًا عن الصحافة الكلاسيكية وتقديسها للموضوعية بعناصرها المعروفة، بما فيها الحياد والتوازن وعدم الميل والصدق، وأشار إلى ظهور ما يعرف بصحافة الموالاة بمفهومها المضاد للموضوعية، لا بالمفهوم التقليدي للموالاة. (قطر، 2013)
7- بدّدت السنوات القاتمة التي تلت الثورات العربية مباشرةً، فكرة تغطية الناشطين للوقائع إلى حد كبير. فبينما كان الناشطون الليبراليون أكثر قدرةً على التنظيم عبر الإنترنت، كانت الجماعات الإسلامية السياسية والجهادية، تسير على نفس النهج. كانت هذه الجماعات أفضل تمويلًا، وأكثر تنظيمًا، وأكثر خبرةً في العمل السري بطبيعة الحال، واستخدموا أحدث الوسائل التكنولوجية في الدعاية والتجنيد والتواصل. ومع مرور الوقت، كانت الجماعات الإسلامية، كجماعة الإخوان المسلمين، والجماعات الجهادية الأخرى، هي من انتقلت إلى طليعة الثورات، غير آبهة بالناشطين الليبراليين الذين التقطوا في البداية الجزء الأكبر من الصورة التي رآها العالم. (daraj، 2017)
8- ساهمت منصات التواصل الاجتماعي في سرعة عملية التغيير السياسي في غضون أسابيع قليلة في بعض الدول، والإطاحة ببعض الأنظمة، ما أدى إلى عدم ظهور قيادات على الساحة السياسية، وعدم بناء نظام سياسي راسخ، وعدم القدرة على سد الفجوة والفراغ إثر انهيار الحكومات.
9- صعوبة عملية صنع القرار وتعقدها لعدم وجود توافق كامل للآراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في ظل تفاقم الأزمات في مختلف مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية في العقود الأخيرة بشكل خاص، برز موضوع الإعلام والأزمات، أو إعلام الأزمات بكل وسائله التقليدية والجديدة، المقننة والبديلة وإعلام المواطن، وبمستوياته المختلفة الوطنية “المحلية” والقومية والإقليمية، والدولية الموجهة للآخر، خاصة في عصر الإعلام الفضائي والإعلام بلا حدود وإعلام الإنترنت كركن أساسي من أركان مواجهة الأزمة واحتوائها.
وصارت عملية إدارة الأزمات إعلاميًا تخصصًا علميًا له قواعده ونظرياته وأسسه وآلياته واستراتيجيته، تهتم به المؤسسات التعليمية الأكاديمية والبحثية والمؤسسات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية، كما حظى إعلام الأزمات “إعلام المواجهة” باهتمام القيادة العليا فى أغلب دول العالم.
ومن أمثلة ذلك ما تحظى به المناظرات السياسية بين مرشحى الرئاسة فى أغلب دول العالم المتقدم، مثل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، وتعليقات وانتقادات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى ومطالبته الملحة للإعلام الوطنى والعربى والأجنبى بتحمل المسئولية المهنية والأخلاقية والمجتمعية فى مواجهة الأزمات ومعالجتها بلا تحيز أو التعامل بمكيالين، بما في ذلك معالجة أحداث وأعمال العنف، أو مقاومة الإرهاب، أو التطرف الفكرى، أو الخروج عن القانون، أو الأزمات الأقتصادية أو الأمنية وتفشى الفساد وغير ذلك.
أهمية الإعلام أثناء الأزمات … الأسس والقواعد:
فى ظل التطور الهائل لإمكانيات وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والجديدة، تعاظم دور الإعلام فى التعامل مع الأزمات بشكل خاص، وأصبح من الأهمية بمكان الالتزام والاستناد فى المعالجات الإعلامية للأزمات على القواعد والأسس العلمية لإدارة الأزمة، أيًا كان مجالها، من جانب القائمين بالاتصال (إعلاميين أو سياسيين أو دبلوماسيين أو مسئولين) ومن هذه الأسس والركائز نذكر:
(1) أصبح الإعلام عبر وسائله المتعددة أداة التفاعل بين الأزمة والكثير من أطرافها وحتى من ليس طرفًا مباشرًا فيها، كما لم يعد ممكنًا التعتيم أو الصمت الإعلامى على أية أزمات مهما تفاوتت في حدتها أو حجمها، فعلى سبيل المثال، كان يمكن في الماضى للسلطات في أية دولة عدم نشر المعلومات بشأن أية كارثة أو أزمة قد تقع في محيط الدولة، مثال على ذلك “لم يعرف العالم شيئًا عن حادثة انفجار مفاعل تشيرنوبيل إلا بعد عدة أيام من وقوعه”، وقد أصبح إخفاء أو تجاهل أية أزمة في عصرنا الحالي أمراً شديد الصعوبة، وبالطبع فإن درجة الاهتمام الشعبى محليًا وإقليميًا ودوليًا بأية أزمة تتفاوت من أزمة لأخرى، ولكن يظل لوسائل الاعلام دور رئيس في التعريف بها والتفاعل مع مجرياتها.
(2) الإعداد الدقيق لإدارة الأزمة، وذلك بتقدير حجم وقوة وتأثير الإعلام المضاد محليًا أو خارجيًا، وعدم الانفراد بإدارة الأزمة إعلاميًا دون مشاركة جهات الاختصاص المسئولة عن طبيعة الأزمة.
وعلى سبيل المثال، فإن التحرك الإعلامي الداخلى لاحتواء أزمة اقتصادية داخلية يكون في سياق التشاور مع الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية والخبراء ذوى الصلة، والتحرك الإعلامى الخارجى يكون من خلال الخطاب السياسي والتحرك الدبلوماسي على المستوى الخارجى والدولى.
(3) الاعتراف بوجود أزمة، بمعنى عدم إنكارها وتوجيه الرسالة الإعلامية الصحيحة المتصلة بها، ومنها على سبيل المثال قيام المسئول الإعلامي أو المتحدث الرسمي بتحديد الأسئلة المتوقعة والإجابات المناسبة لها قبل بدء أي لقاء إعلامي، مع مراعاة أن التصريح لوسائل الاعلام بمعلومات أو بيانات غير صحيحة، أو التهرب أو الامتناع من الإجابة على أسئلة معينة يأتي بنتائج عكسية غير مرغوب فيها.
ومن هنا، فإن البحث عن حل أمثل أو على الأقل حل أفضل بين البدائل المتاحة هو أساس التسوية السليمة للأزمة.
(4) رصد الدروس المستفادة من الأزمة قبل طى ملفها، ومثل تلك الدروس يشكل تراكمًا معرفيًا لا غنى عنه لمواجهة أزمات المستقبل قبل أن تنشب وتستفحل، كما يشكل التراكم المعرفى بدوره مرجعيات لتدريبات الإعلاميين من واقع الخبرات المكتسبة.