كتب د/ عادل عامر
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا هامًا خلال الربيع العربي حيثُ سهلت التواصل والتفاعل بين المشاركين في الاحتجاجات السياسية السلميّة. استخدمَ المتظاهرون مواقعَ التواصل الاجتماعي لتنظيم مظاهرات سواء مؤيدة أو معارضة للحكومة كما قاموا بنشر المعلومات حولَ أنشطتهم ورفع وعي المُتلقي بما يحصلُ في بعض المناطق.
هناك إيجابيات عديدة ظهرت من خلال الإعلام الإلكتروني عبر شبكات التواصل الاجتماعية، ومنها:
1- انتشار الأفكار والمعلومات بشكل سريع دون قيود جغرافية أو سياسية، وبالتالي وصول الشعوب غلى حرية الرأي، وساهمت في نمو الثورات، وكسب التأييد والتعاطف المحلي والدولي.
2-تبني الشعوب رأيًا عامًا، وإيجاد نوع من الحوار والتواصل، فوسائل التواصل تعد أداة مهمة وقوية في يد الشعوب المتلهفة والساعية والباحثة عن الحرية والإصلاح والتغيير السياسي والمجتمعي.
3-إلغاء المسافات بين الدول والمناطق والشعوب، واختزال المسافات وتحول العالم إلى قرية صغيرة.
4-عد شبكة الإنترنت فضاء للنشر والتعبير عن الرأي، ونشر الوعي السياسي والاجتماعي، وتعريف المواطن بحقوقه السياسية والاجتماعية.
5- الدفاع عن حقوق ومبادئ ومطالب واحتياجات ومصالح المواطن العادي، وإيصال صوته وتصوراته الفكرية للجمهور والنخب السياسية.
6- مكن الفيس بوك والتوتير من توحيد أصوات الشعوب من خلال إيجاد وعي مشترك بالقضايا التي تعنيهم وتوحدهم والمعبرة عن نبض الشارع.
7- عملت وسائل التواصل بكونها أداة تربط الناشطين والثوار، وساهمت بشكل كبير في تنظيم التظاهرات والتجمهر، وتحديد أماكن التظاهر، وتحديد أماكن وجود قوات الأمن وكيفية التعامل مع الغاز المسيل للدموع.
8- تسليط الضوء على انتهاكات قوات الأمن والممارسات التعسفية بحق المحتجين والثوار، ونقل الحدث بشكل مرئي وسمعي وتوثيق الأحداث.
9- نقل الحدث والصورة والخبر والواقع لتفاصيل الثورات بعيدًا عن المغالاة والرقابة والتكلف والتحزب، وبعيدًا عن الضغوط والقيود الممارسة على الإعلام والصحافة الرسمية.
10-دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي السياسي والاجتماعي وفتحه مجالًا جديدًا للحركات الثورية والتحررية والتمرد، ومناهضة بعض القضايا، والمطالبة ببعض الحقوق بعيدًا عن سلطة الدولة ورقابتها.
11- ساهم الرقمي الافتراضي المتحرر من الضوابط السياسية في إنتاج القوة، وإعادة توزيعها من خلال توزيع علاقات القوة بين المجتمع والدولة والفرد والدولة والمؤسسات، ومن خلال تحويل الناس العاديين إلى مصادر فاعلة ومؤثرة في إنتاج الحقيقة السياسية والإعلامية، والانتقال من الاتصال العمودي ذي الاتجاه الواحد إلى الاتصال الأفقي، وبالتالي الانتقال من الفعل السياسي العمودي ذي الاتجاه الواحد إلى الاتجاه الأفقي القائم على مبدأ التشارك الشبكي. (الجموشي)
12- نشأة الممارسة السياسية التشاركية والديمقراطية التشاركية، ونشأة مجتمع مدني عربي فاعل في العمل السياسي، والاجتماعي والإعلامي والثقافي.
13- أصبح مدونو الثورة والناشطين يشكلون قوة ضغط محلية ودولية ومركز رعب للسلطة الحاكمة.
14- ظهور ظاهرة الصحافة الإلكترونية والمواطن الصحافي لا تخضع لقيود الدولة والأنظمة الحاكمة والمؤسسة الإعلامية.
15- تأدية دور مهم في تحريك الثورات، وذلك لخروجه عن السلطة السياسية، وانخفاض التكلفة، وتعدد لغاته، وسهولة الولوج إليه، وميزة المجموعات والتعليقات والمشاركة وكسر احتكار المعلومات.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك وتويتر) دورًا لا يمكن إنكاره في ثورات الربيع العربي، وبدا هذا الدور الكبير في بدايات هذه الثورات مبشرًا بأن ثمة أدوات جماهيرية جديدة آخذة في التشكُّل في مواجهة الاستبداد. ولكن مع الوقت وتراجع المأمول من ثورات الربيع العربي – في ظل واقع سياسي شديد التأزُّم والتعقيد – بدت هذه الأدوات ربما أقل تأثيرًا وقوةً.
في هذا السياق، نشر موقع مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تحليلا أعدّه كل من شيلون هيملفارب، وسين آدي مؤخرا حول دور وسائل الإعلام الجديدة في تحريك الجماهير، وبشكل أكثر تحديدًا دور مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جاء العنوان الرئيسي للتحليل “وسائل الإعلام التي تحرك الملايين“.
وتساءل الكاتبان حول طبيعة هذا الدور لوسائل التواصل الاجتماعي، وعن مدى إمكانية أن تُشكِّل السلاح الأفضل للمُحتجِّين والثوّار، دون أن يخفي التحليل أن ثمة أبحاثا قد تمَّت على الثورة السورية توضح أن مقدار ضرر هذه المواقع الاجتماعية للثوّار يمكن أن يكون أكثر من نفعها لهم.
لم يعد مخفيا دور الإعلام في توجيه بوصلة الربيع العربي ومساندة فعله وإنجاح مساره، وقد أجمع الكثير على الدور الإيجابي لقناة الجزيرة في تحميل الصورة شرقا وغربا، فكان المواطن العربي يتابع الحالة التونسية في لحظات ولادتها وهو يستجمع إحساسه وتاريخه ويستشرف بناء نفس الفعل لديه، تاركا عامل الخوف واللامبالاة وراءه.. شعوب عربية التقطت الصورة والصوت واستلهمت الفكرة وأنزلتها في موطنها، واسألوا إن شئتم شوارع القاهرة ودمشق وصنعاء وطرابلس وغيرها وستجدون نفس الصورة والصوت الذي أسقط ثوب الخوف ودفع إلى الثورة واقتلاع الاستبداد.
إن حالة الوعي المهتزة، والوضع المعيشي المتأزم، وأخطاء السلطات الثورية، والضغط الإعلامي وآلته العربيدة، كل ذلك يجعل للحفل اللاثوري إمكانية الحصول والتمدد والنجاح، ولكن.. رابعة مرت من هنا!
هناك ولا شك في كل محطات التاريخ جزء كبير أو صغير من هذه الشعوب يبقى خارج لعبة التلقي والسذاجة، شعاره “لم تنطلِ”، مجموعة أو حالة، تضرب مفهوم النخبة القديم الحامل لأدوات الشهادات والمعلقات، لتنسج مفهوما جديدا راقيا، النخبة الواعية والمجموعة الواعية وحالة الوعي السليم، والتي تبني كيانها على بساط الوعي باللحظة وباستشرافاتها حتى وإن لم تعلق لوحة شهادة الدكتوراه في بيتها.
هذه النخبة التي تكون أمواجا متلاحقة، والتي على أبوابها يتهافت المشروع المقابل، لا يحدد منطقهم زمان ولا مكان، ولكنها منظومة أخلاق وقيم حازمة تلفها أكفان وتضحيات جسام، من أجل مواطنة كريمة وفي ظل حياة كريمة ليس لإقصاء، ولا لاستئصال، ولا لاستخفاف، ولا لاستبلاه الشعوب، لحظة وجود أو حياة.. إنها الثورة الأخلاقية والقيمية الحقيقية التي غفلت عنها ثورات الربيع العربي، ولعلها اليوم تسترجع مسارها.
فمع القمع و التضييق الإعلامي الذي كان يعيشه التونسيون كان البديل شبكة الانترنت و بالتحديد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” الذي تمكن من خلاله التونسيون الالتفاف على الرقابة و على التعتيم الإعلامي و سمحت للكثيرين بنقل كم هائل من المعلومات من صور و فيديو إلى العالم وإلى التونسيين عبر موقع “فيس بوك” و عبر الانترنت ، مما ساعد في إقناع التونسيين بأن الوقت قد حان للانتفاضة و التحرك للخروج إلى الشارع و الانضمام إلى الشباب في ثورتهم.
كما في تونس كذلك في مصر فقد نشطت مواقع التواصل الاجتماعي و تحديدا خدمة “تويتر” للدعوة للتظاهر ولتنسيق الاحتجاج. فالانترنت غيّر مفاهيم الناس من خلال حملات التوعية التي يقوم بها النشطاء المصريين للتعريف بحقوق الإنسان و بحقوق” المواطن” السياسية. و في مصر لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الأكبر في تنظيم النشطاء و في نقل نبض الشارع و نقل وقائع الأحداث بشكل آنيمن قلب التظاهرات، و لتبادل المعلومات عن أماكن التجمعات بالإضافة للنصائح المختلفة لمواجهة حالات الاعتقال أو كيفية تفادي القنابل المسيلة للدموع و غيرها من الأمور لحماية المتظاهرين.
و أهمية هذا الوسيط كانت أيضا من خلال التفاعل بين المواطنين المصريين في الداخل و الخارج و أيضا في كيفية نقل وقائع الإحداث بدل الإعلام العالمي و الوطني المكبل حتى تنحي حسني مبارك . وما زال الاعلام الاجتماعي ناشطا في مصر اليوم في مواجهة المجلس الأعلى للقوات المسلحة .
في ليبيا عند اندلاع ثورة 17 فبراير/ شباط ، أسس المدون الصحفي محمد نبوس “قناة ليبيا الحرة” التي تعد أول محطة تلفزيونية إخبارية خاصة ومستقلة أنشئت في الأراضي التي يسيطر عليها “المجلس الوطني الانتقالي” تبث عبر الانترنت. حيث تناقلت وسائل الإعلام العالمية الصور الأولى التي نقلها نبوس عن الدمار و المعارك في مدينة بنغازي. قتل محمد نبوس في 19 مارس/ آذار 2011 برصاص قناصة عندما حاول التقاط صور عن الدمار الذي لحق بمدينة بنغازي جراء قصف كتائب القذافي لها في معركة بنغازي الثانية.
في سوريا مع تصاعد نبض الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد في سوريا، تصاعدت أيضا حدة المواجهات في الفضاء الالكتروني حيث تحولت الشبكة العنكبوتية إلى ساحة حرب حقيقية، فبرزت مجموعة على موقع “فيس بوك” أطلقت على نفسها اسم «الجيش السوري الإلكتروني» و فيما بعد كان لها موقعها الالكتروني الخاص.
فقد دشنت هذه المجموعة أسلوبا جديدا في التعاطي مع الاحتجاجات ومع المعارضة عن طريق قرصنة الصفحات الشخصية لبعض المعارضين أو المناهضين للنظام السوري و أيضا اختراق مواقع وسائل الإعلام العربية والغربية و مواقع غربية و إسرائيلية .
و مع منع النظام السوري عمل مراسلي وسائل الإعلام العالمي على الأراضي السورية ،لجأت وسائل الإعلام تلك إلى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب” و”فيس بوك” و “تويتر” التي تنشر عليها أفلام فيديو من المظاهرات أو المعارك مصورةبالهاتف الخلوي، دون التأكد من صدقية ما يورد في تلك الملفات.
دخلت مواقع الإعلام الاجتماعي لتنظيم الاحتجاجات الاجتماعية تظاهرات حركة «احتلوا وول ستريت» في الولايات المتحدة.و تظاهرات الشباب في أسبانيا و تل ـ ابيب كذلك الضجة التي أثارها الفيديو الذي نشرته السعودية منال الشريف على موقع يوتيوب، والذي يُظهرها أثناء قيادتها سيارتها في المنطقة الشرقية من المملكة، وذلك ضمن حملة women2driveللدفاع عن حق المرأة في القيادة في السعودية .
ولو بقي الجدل مفتوحا حول حجم التأثير الفعلي للإعلام الإجتماعي، غير أنه لم يعد بوسع أحد تجاهل هذه الشبكات.و تبقى جملة كتبها مدون مصري على موقع “تويتر” بداية ثورة 25 يناير في رسالة موجهة إلى قناتي “الجزيرة” و “العربية” و ربما إلى كل وسائل الإعلام يقول فيها :” لم نعد بحاجة إليكم بعد اليوم …لدينا تويتر“