ثورة الصبار هي مجموعة من التحركات الشعبية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي، انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير2011، واختير هذا اليوم ليوافق عيد الشرطة الذي حددته جهات من المعارضة المصرية والمستقلين، من بينهم حركة شباب 6 أبريل، وحركة كفاية، وكذلك مجموعات الشبان عبر الموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتوتير، التي من أشهرها مجموعة ” خالد سعيد” وشبكة رصد.
في البداية كان السبب اعتقال خالد سعيد وانتشار صور جثته، فبدأت دعوات للغضب، وأنشأت صفحة (كلنا خالد سعيد)، وأنشأها الناشطان وائل غنيم وعبد الرحمن منصور، ودعمت هذه الصفحة ثورة الياسمين في تونس، وساهمت صفحة (كلنا خالد سعيد) في الحشد والتعبئة وكسر حاجز الخوف وفي التوعية وكشف الممارسات القمعية للنظام السياسي، والتنسيق والتشبيك والتوجيه ومن خلال شعارات إبداعية، ودعت إلى التظاهر في يوم الشرطة في 25/1/2011، وانضمت إليها الأحزاب والحركات السياسية.
وفي عام 2008 قامت فتاة تدعى إسراء عبد الفتاح البالغة من العمر ثلاثين عامًا بدعوة إلى إضراب كلي في 6/4/ 2008، من خلال موقعها على الفيس بوك، احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية، وسرعان ما لقيت دعوتها استجابة من نحو سبعين ألف من الجمهور، خاصة في مدينة المحلة الكبرى، والنتيجة أن الإضراب نجح، وأطلق على إسراء حينها لقب ” فتاة الفيس بوك” والقائدة الافتراضية، ومنذ عام ونصف قامت حركات المعارضة ببدء توعية أبناء المحافظات ليقوموا باحتجاجات على سوء الأوضاع في مصر، وكان أبرزها حركة شباب 6نيسان، وحركة كفاية، فأصدرت الحكومة المصرية قرارًا بإيقاف الإنترنت لمنع الناشطين من التواصل وتناقل المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فعمدت الحكومة إلى سحب قابس خدمات الإنترنت وشبكات الجيل الثالث، حتى لا يتمكن الجمهور من تنظيم الاحتجاجات، وموقع البث المباشر (بامبوزر)، وأوقفت خدمات (بلاك بيري)، وعطلت خدمة الرسائل النصية القصيرة، وأوقفت المكالمات الصوتية؛ فأنشأ الناشطون بيئة افتراضية للمجتمع المدني.
“إن سرعة انتقال المعلومات من قارة إلى قارة بوساطة الناشطين الذين يستخدمون الإنترنت، جعلتنا نرى المحتجين في قلب ميدان التحرير، يرفعون الأعلام المصرية، ويرفعون لافتة كتب عليها “مصر تساند عمال وسكنسون”، ويراها العالم أجمع، وفي “وسكنسون” نفسها، حيث شكل العمال احتجاجات ضخمة ضد خفض حقوق اتحاد التجارة. “يقول “جون ستافليز”، وهو واحد ضمن خمسين ألف شخص اشتركوا في الاحتجاج الأول: “أن الإلهام جاء من تظاهرات الطلاب في بريطانيا، والاحتجاجات في تونس ومصر”. (عكنان، دور الإنترنت في الثورات العربية، 2019) أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير 2011؛ ففي السادسة من مساء الجمعة 11 /4/ 2011 أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان عن تخلي الرئيس عن منصبه، وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. (قدور، 2014)
استمر حسني مبارك بحكم مصر منذ عام 1981 حتى عام 2011، وكان دور الجيش المصري عاملًا حاسمًا في الإطاحة بحكم حسني مبارك، وفي عزل الرئيس مرسي، أي عاملًا رياديًا في الثورة والثورة المضادة.
وبدأ النقاش حول أثر وسائل التواصل الاجتماعي في الحياة السياسة والتغيير في مصر وأهميتها. فمنذ عزل الرئيس محمد مرسي من الجيش، تدور حرب كلامية، ساحتها مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدي ومعارضي مرسي. أكثر المواقع التواصلية التي تحتضن هذا النقاش هي: “فيسبوك” و”توتير”.
صفحات السياسيين على الفيس بوك والتوتير
لكن موقعي فيسبوك وتوتير لم يعودا حكرًا على المواطنين، كما تقول آنّه أنطوناكيس- ناشف، باحثة في العلوم السياسية في المعهد الألماني للدراسات الأمنية والخارجية في برلين، ومتخصصة في موضوع وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي: “منذ ثورة 2011، يتم توجيه النقاشات في الإنترنت حسب المصالح السياسية والحزبية، لأن السياسيين أصبحوا واعين لفيس بوك وتوتير بكونهما وسيلتي تواصل مؤثرتين.” (نجمي، 2013) وسعت كل الأطراف لإنشاء حسابات على الفيس والتوتير من الإخوانيين والإسلاميين والجيش المصري والسياسيين وغيرهم.
اللجنة الإلكترونية للحزب الوطني
ويقوم على إدارتها “فلول” الحزب الوطني المنحل، ومهمتها دعم الرئيس السابق (مبارك) والترويج له والدفاع عنه والرد على شبان الثورة، والمشاركة في الاستفتاءات والتصويت على مواقع التواصل الإلكتروني والهجوم على رموز الثورة.
موقع «شايفينك» الحقوقي الذي أكد أن اللجنة الإلكترونية للحزب الوطني عادت للعمل، شارحًا أسلوب عملها تقنيًا، حيث تعتمد وفق موقع «شايفينك» مواقع تسمح بإنشاء أعداد كبيرة من حسابات البريد الإلكتروني دفعة واحدة، وبكلمات مرور موحدة، ليستخدمها هؤلاء الأشخاص من اللجنة الإلكترونية في التصويت على الفيس بوك مثلًا، أو إرسال التعليقات المختلفة، ويؤكد موقع «شايفينك» أنه تم، على سبيل المثال إنشاء أكثر من خمسين ألف عنوان بريد إلكتروني تتألف من رقم متسلسل تليه علامة @ ثمcaira.uk.com، وأن هذه العناوين كافة لها كلمة مرور أو كود وحيد هو واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة ستة، وهذه العناوين تتمتع بحسابات على فيس بوك. (عباس، 2011)
ومن أهم الصفحات الداعمة للرئيس السابق مبارك: (ولا يوم من أيامك يا ريس)، وصحيفة (أبناء مبارك)، وصحيفة (أنا آسف يا ريس)؛ وهناك صفحات داعمة لشخصيات رموز النظام السابق ومنها: (ولا يوم من أيامك يا عادلي)، وصفحات تهاجم رموز الثورة: (كارهي وائل غنيم)، وصحيفة (كارهي يسري فودة)، و(كذبة 6 إبريل)، و(معًا ضد 6 ابريل)، وكانت تنتهج وسائل عديدة منها توجيه اتهامات لرموز الثورة بالانتماء للماسونية، والانحلال الأخلاقي، واتباع المخابرات الغربية، وتعاطي المخدرات.
التسريبات في عهد السيسي
استطاع بعض الناشطين كشف أحاديث وتسجيلات صوتية عديدة لا يتم التصريح بها للعامة، كحوار السيسي مع جريدة موالية؛ واستطاعت شبكة رصد الإخبارية الحصول على التسجيل الصوتي لحوار أجراه الجنرال السيسي في عز سطوته الأمنية مع جريدة موالية له، وبالطبع كان التسجيل يحتوي على كثير من الحوارات الجانبية والمخفية التي لا يمكن التصريح بها للعامة ولا نشرها في حوار على الملأ، وبعد هذا السبق توالت التسريبات من كل حدب وصوب من دواليب الدولة المصرية ومكاتبها، حتى إن مكتب وزير الدفاع المصري أصبح مخترقًا تذاع منه تسجيلات شبه يومية بوساطة وسائل إعلام معارضة في حرب لأجهزة سيادية، استطاعت إحداث خرق داخل المنظومة الأمنية المصرية، وكسر حظر النشر لما يدور داخل الكواليس، حتى أصبح العرض للجميع وهو لا شك نصر للثورة الرقمية في مقابل سطوة الدولة التي تحتكر أحاديث الغرف المغلقة دائمًا. (التحرير، 2015)
هجمات الثورة المضادة على الثورة ورموزها:
أدارت الأجهزة الأمنية الهجمات من خلال تسريب بعض المكالمات لناشطي الثورة واتهامهم بالعمالة والترويج بأنها مؤامرة خارجية، وملاحقة المدونين وناشطي الثورة بتهمة التحريض على الجيش والشرطة والقبض عليهم وتهديدهم.
“وفي دراسة للباحث أحمد إبراهيم، أستاذ الإعلام بجامعة فاروق في الإسكندرية أن جمهور الطلاب الجامعيين اعتمدوا الإنترنت في الحصول على معلومات عن ثورة 25 يناير كانون الثاني، وكانت حصة التلفزيون 10% فقط، وكانت حصة فيسبوك: 44.6%، يليه يوتيوب (24.9%)، ثم المواقع الإخبارية (21.1%)، ثم توتير (5.8%)، ثم المنتديات (1.9%)، ثم المدونات (1.7%).
وتشير دراسة أخرى إلى 31% من ناشطي فيسبوك استخدموه لرفع مستوى الوعي بشأن الحركات الشعبية، وأن 24% استخدموه لنشر الأخبار والمعلومات، في حين استخدمه 30% للتنسيق بين الناشطين وتنظيم الحراك.” (الزبيدي، 2014)
ونهاية، فقد أدت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مؤثرًا في الحشد وتبادل المعلومات والتنظيم وبثها للعالم أجمع.