بقلم / سيد مرسال
لم يكن غريبا على مصر ان تلد رجالا يعرفون معنى الأوطان بل ويرسيخون معاني الوطنية التي ترسم شكل الأوطان فهناك مجموعة من ضباط الجيش ” ما أطلق عليهم بالضباط الأحرار ” اشتشعروا معاني الوطنية وما يحتاجة الوطن من إصلاحات مدركين تماما أن لا بد من ثورة بعد تعدد الاسباب ففي يوليو 1952 كانت هناك الأسباب السياسية ، والاجتماعية ، بل والاقتصادية مايبرر قيامها ويمهّد لها بكل التضحيات فكان
تطبيق العدالة الاجتماعية قمة المطالب و الأهداف التي تنادي بها أغلب الثورات إن لم يكن جميعها .. حيث تنعكس الأوضاع الداعية لقيام ثورة ما في حال فسادها على أحوال المواطن المعيشية بين الأفراد في الحقوق وتطبيق مبدأ العدل والمساواة فكان لا بد من التحرك الجاد في تلك المسار ومن هنا بدأت ثورة ٢٣ يوليو تأخذ الانطباع الحقيقي التي قامت عليه الأسباب فبعد خروج الملك ” فاروق ” من مصر في السادس والعشرين من يوليو 1952 أُلْغِيَتْ الرتب المدنية والألقاب في اليوم الثلاثين من نفس الشهر ومن هنا بدأ صدور قانون الاصلاح الزراعي رقم 178 في 9 سبتمبر بعد 45 يوما من قيام الثورة الذي حددالملكية الزراعية لكبار الاقطاعيين والملاك ليمنح الفلاح الأجير الذي يزرع الأرض بيديه لسيده ( الباشا خمسة أفدنه شعر حينها الفلاح بالعزة والفخر. وانبعث بداخله الأمل في الحياة الكريمة .. كان هذا القانون في سالف الذكر من قبله إلغاء الرتب والألقاب أولى خطوات تطبيق العدالة الاجتماعية لدي المصريين والقضاء على الاستعمار وأعوانه ، تصفية الاقطاع ، القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم ، تطهير الجيش وإصلاحه باتجاه وطني ، إقامة نظام ديموقراطي سليم ومن تلك المنطلق قال حينها الزعيم ” جمال عبد الناصر ” : ” لكل شعب من شعوب الأرض ثورتان .. ثورة سياسية يسترد بها حقه في حكم نفسه بنفسه من يد طاغية فُرِضَ عليه ، أو من جيش معتدٍ أقام في أرضه دون رضاه … وثورة اجتماعية تتصارع فيها طبقاته ثم يستقر الأمر فيها على ما يحقق العدالة لأبناء الوطن الواحد ..ولقد سبقتنا على طريق التقدم البشري شعوب مرّت بالثورتين ، ولكنها لم تعشهما معاً . وإنما فصل بين الواحدة والثانية مئات السنين .أما نحن فإن التجربة الهائلة التي أُمْتُحِنَ بها شعبنا هي أن نعيش الثورتين معا في وقت واحد ، ويوم سرنا في طريق الثورة السياسية فخلعنا ” فاروق ” عن عرشه سرنا خطوة مماثلة في طريق الثورة الاجتماعية فقررنا تحديد الملكية ويعد ذلك من الانجازات الهائلة لثورة يوليو والتي أثّرت وغيّرت في مسار التاريخ المحلي والعالمي إتمام عملية الجلاء وخروج آخر جندي بريطاني من مصر .. ثم القرار الجرئ الذي إتخذه ” عبدالناصر هو تأميم قناة السويس لتكون ملكا خاصا للمصرين.
وايضامن الانجازات التي لامست حياة المصرين مجانية التعليم التي أتاحت لأبناء الطبقات المتوسطة والأدنى منها فرصة الحصول على تعليم جيد لكافة أبناء الشعب ومن هنا بدأ بناء بيوت وقصور الثقافة لزيادة المعرفة والارتقاء الفكري ولا نغفل ما تمًت إقامته من قلاع صناعية تزيد على الأف ومائتي مصنع ضمّت الآلاف من الأيدي العاملة العاطلة في ذلك الوقت مع إنشاء النقابات العمالية لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل . كما راعت الثورة متوسطي ومحدودي الدخل فأقامت المساكن الشعبية والمجمعات الاستهلاكيةوترتب على ذلك زيادة التبادل التجاري والثقافي والتنشيط السياحي الذي يمثّل موردا رئيسيا هاما .لنا حتى يومنا هذا فالحديث يطول عما قامت به ثورة ٢٣ يوليو ولكن ستظل هي اللحظات الفارقة في تاريخ مصر بل وخارجها لتظل مصر هي الرائدة والفريدة والتي تصنع الرجال في كل العصور باتت مصر شامخة أبية ، عالية خفاقة رأيتها رمزا لصمود وفخورة بأبنائها جيل بعد جيل