كتب/ وحيد الصباح
أطلق السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام “FAST”، والتي تمثل فرصة للدول المشاركة فيها ولشركاء التنمية لمساعدتها للحصول على التمويل لتمكينها من مجابهة هذه التغيرات.
ويتضمن هذا اليوم عدد من الجلسات والفعاليات، الخاصة بآليات تدعيم منظومة الأمن الغذائي من خلال الابتكار الزراعي وتحفيز التمويل والاستثمارات خاصة الخضراء وتحفيز القطاع الخاص للمشاركة في دعم القطاع الزراعي وجميعها بمشاركة المنظمات الدولية والاقليمية والعربية.
وقال وزير الزراعة خلال كلمته في افتتاح فعاليات يوم التكيف والزراعة، ضمن فعاليات مؤتمر قمة المناخ COP27، بشرم الشيخ، إن الهدف الطموح لهذه المبادرة يأتي فى تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها أن تؤدي إلى تحسين العمل المناخي وكمية ونوعية مساهمات التمويل للتحول المستدام للأنظمة الزراعية والغذائية بحلول عام 2030، كما تتضمن عدة مبادئ إرشادية متمثلة فى ضمان انعكاس بُعد الأمن الغذائي وتنوع النظم الزراعية والغذائية في الأنشطة، كذلك تحرص على تفعيل وسائل تمويلية مبتكرة بدعم من المؤسسات المالية الكبرى إلى جانب شراكات القطاع العام والخاص كدليل على الجدية وان يكون هذا التمويل مصحوباً بتوفير التكنولوجيا اللازمة.
وأضاف القصير، أن المبادرة ستكون عبارة عن شراكة متعددة لأصحاب المصلحة تعمل كمسرّع للتحول المستدام للنظم الزراعية والغذائية، وبالتعاون مع المبادرات والتحالفات والائتلافات العالمية والإقليمية ذات الصلة خاصة، حيث يوجد تقارب في نهج المبادرة و” عمل كورونيفيا المشترك بشأن الزراعة”، لافتا إلى أنه لحوكمة المبادرة ستقوم منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى بدور الميسر المحايد، وتوفير الموضوعية والاستقلالية والمصداقية التي تعد شروطاً مسبقة لنجاح المبادرة.
وأكد وزير الزراعة، أن المبادرة سيتم تطويرها لتصبح كبرنامج تعاون بين اصحاب المصلحة المتعددين مع عقد اجتماعات سنوية للاعضاء للاتفاق على برنامج العمل، حيث تركز المخرجات الملموسة لها في البداية على 3 ركائز أساسية وهي: ركيزة الوصول إلى التمويل من خلال تعزيز قدرات البلدان على تحديد التمويل والاستثمار في مجال المناخ والحصول عليهما، وركيزة المعرفة والقدرات والتي تهدف إلى توفير التحليلات اللازمة ووضع مبادئ توجيهية طوعية لدعم تنمية القدرات بين أصحاب المصلحة من خلال توفير منصة لحصاد وتبادل ونشر المعرفة، فضلا عن ركيزة السياسات والتي تهدف إلى ضمان إدماج نظم الاغذية الزراعية ادماجاً كاملا واعطاءها الاولوية والأهمية اللازمتين في سياسات تغير المناخ.
وأوضح القصير، أن المبادرة أسهمت للتعاون مع المبادرات والشبكات والتحالفات العالمية الاكثر صلة بكل نشاط من أنشطة الشراكة حيث سيتم البناء على المبادرات والشبكات الاقليمية الراسخة في مختلف القارات مثل مبادرة AIM for Climate للمناخ ومعاهدة الميثان Global Methane Pledge، وكل مخرجات قمة جلاسكو المرتبطة بالغذاء والزراعة، وانه لضمان المشاركة المستمرة في اجتماعات الدول الاطراف فى اتفاقية المناخ فإن المبادرة تؤسس لمشاركة COP-to-COP مع فريق رئاسة COP المتتالي لضمان بقاء FAST في مرتبة عالية في جدول أعمال كل منها.
وتابع وزير الزراعة، أن تغير المناخ يعتبر هو القضية الأهم في الوقت الحالي وتشغل بال جميع الدول والمؤسسات الدولية، فالآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم والخسائر ، ولعل العالم كله قد تابع باهتمام بالغ هذا الكم الكبير من الحرائق والفيضانات والسيول والجفاف الذى أصاب مناطق متفرقة من العالم لم يسبق أن تعرضت لمثل هذه الظواهر من قبل، لافتا إلى أن الدول النامية تعد الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية رغم ضآلة مساهمتها في انبعاثات الغازات الكربونية العالمية. وأن الدولة المصرية هي واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إذ تبلغ نسبتها 0.6 ٪ فقط، إلا أنها تعتبر واحدة من الدول كغيرها من الدول الأفريقية التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ.
ولفت إلى أن الدراسات تشير إلى أن 20 دولة “وهي الدول الصناعية الكبرى” هي المسببة لأكثر من 80% من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم فإنه يجب على هذه الدول والمؤسسات الدولية التأكيد على خفض الانبعاثات من الغازات الكربونية جنباً إلى جنب مع دعم الدول النامية الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، خاصة وان هذه الدول يجب الا تعتمد في تمويل برامج التكيف والتخفيف والتحول العادل على القروض مما يزيد من الاعباء على موازنتها ، بل يجب ان يتحقق الالتزام الدولي بالوفاء بالتمويل الميسر والمحفز.
وأشار القصير، إلى أن السوابق التاريخية توضح أن معظم المشاكل على سطح الأرض هي من صنع البشر وبالتالي يجب أن تُحل من خلال البشر أنفسهم، مستشهدا بكلمة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي – رئيس جمهورية مصر العربية خلال منتدى الشباب في يناير 2022 حيث قال سيادته : إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الموجود على الأرض القادر على الإصلاح والإعمار بقدر ما هو قادر على التدمير، وأن وجود الخطر لا يمنع من وجود سبيل لمجابهته. وأيضاً اتساقاً مع ما قاله السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة “ان البشر يشنون حرباً انتحارية على الطبيعة ولكنهم قادرون على ايجاد الحلول”.
وشدد وزير الزراعة، على أن تغير المناخ يمثل تهديداً وجودياً للكثير من الدول والمجتمعات على نحو لم يعد ممكناً معه تأجيل تنفيذ التعهدات والالتزامات ذات الصلة بالمناخ، حيث سيكون التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية أكثر صعوبة وتكلفة في المستقبل وضياع لحقوق الأجيال القادمة إذ لم يتم القيام باتخاذ اجراءات جذرية لمكافحة التغيرات المناخية الآن، مشيرا الى ان النظم الزراعية والغذائية في العالم معرضة بشكل متزايد لتغير المناخ وتتزايد الادلة على آثار تغير المناخ على نظم الأغذية الزراعية في جميع انحاء العالم وبشكل أكثر وضوحاً في البلدان النامية، فارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات والتغيرات فى انماط هطول الامطار والظواهر المناخية الأخرى شديدة التأثير على الزراعة. حيث تؤدي هذه التأثيرات إلى تقليل المحاصيل وتتسبب فى الاضرار وتحدث تغيرات في مدى ملائمة الأراضي للزراعة. وتظهر الآفات والأمراض الجديدة فى اماكن لم تكن معروفة فيها من قبل ، ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مخاطر الجوع وسوء التغذية بين اكثر الفئات ضعفاً.
واختتم القصير، أن نظم الأغذية الزراعية في جميع انحاء العالم قادرة على توفير فرصة فريدة لمعالجة أثر تغير المناخ من خلال بناء هذه الأنظمة لنضمن تكيفها مع تغير المناخ، بالإضافة إلى أنها توفر العديد من الفرص للحد من انبعاثات الغازات الكربونية وتعتبر بالوعات (Carbon sink) لامتصاص ومعادلة هذه الانبعاثات ، ويتطلب لتنفيذ النظم القادرة على الصمود أمام تغير المناخ الإرادة السياسية والتعاون الدولي وتوليد وتبادل المعرفة وتنفيذ أفضل الممارسات فضلاً عن اتاحة الموارد المالية بالقدر الكافي لدعم المنتجين والجهات الفاعلة لتنفيذ التحول العادل.