وزير الزراعة: الأمن الغذائي أكبر تحديات الدول المتقدمة والنامية
نشرت بواسطة:
كتبت / هناء المرزوقى
يلعب قطاع الزراعة والانشطة المرتبطة به دوراً محورياً في ملف الأمن الغذائي، حيث شهد نهضة ودعم غير مسبوق من القيادة السياسية خلال الثماني سنوات الماضية ، نظرا للدور الحيوي الذي يلعبه في الاقتصاد القومي وكذلك التوجيه الدائم بضرورة أن تكون مشروعات التوسع الرأسي والأفقي هي لتدعيم إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، و تمثل هذا الاهتمام كذلك في زيادة الاستثمارات الحكومية الموجهة إلى قطاع الزراعة في السنوات الأخيرة وتنفيذ العديد من المشروعات الزراعية القومية الكبرى، علاوة على المتابعة المستمرة للقيادة السياسية للاداء في قطاع الزراعة مع تهيئه مناخ الاستثمار فيه إضافة إلى اعتباره من القطاعات ذات الأولوية ضمن مرحلة الاصلاح الهيكلي نظراً لتميزه بتسارع معدلات النمو فيه.
وأصبح الأمن الغذائي قضية محورية كواحدة من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء ، حيث لم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والاقليمي لدرجة أنها أصبحت سلاحاً في يد الدول المنتجة والمصدرة للغذاء تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
وقال السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى إن ملف الأمن الغذائي تعرض للعديد من التحديات العالمية بدءاً من أزمة كورونا ومروراً بالأزمة الروسية الأوكرانية مع زيادة حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وكلها تحديات أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول وخلقت أوضاع مؤلمة أدت إلى ارتباك شديد في أسواق السلع الغذائية خاصة الأساسية منها نتيجة التأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع نقص في انتاجية المحاصيل وزيادة أسعار مستلزمات الانتاج والسلع والمنتجات الاستراتيجية مع ارتفاع في اسعار الشحن والنولون والتأمين ، اضافة إلى انخفاض حجم الاحتياطيات الاجنبية للدول ، كل هذا وغيره أدى إلى أن كثير من الدول أصبحت غير قادرة على توفير الغذاء لشعوبها ، وهو ما أكد حقيقة وهي أن الاموال وحدها أصبحت غير كافية لتحقيق الأمن الغذائي للشعوب وأن تأثير هذه الازمات قد طالت العالم اجمع بلا استثناء.
وأضاف وزير الزراعة أن الدولة المصرية مثلها مثل كل الدول تأثرت بالأزمات والتحديات العالمية المتشابكة نتيجة التلاحم والتأثير المتبادل للمعاملات فيما بين الدول ، خاصة مع توجه معظم دول العالم نحو الأخذ بمفهوم الأمن الغذائي النسبي الذي يساهم في زيادة حركة التجارة الدولية وفي نفس الوقت يعظم من الاستفادة من المزايا النسبية لكل دولة بما يمكنها من تحقيق أقصى استفادة من مواردها الاقتصادية بعيداً عن مفهوم الأمن الغذائى المطلق.
وأوضح القصير أن ما يزيد من تأثير هذه التحديات على الدولة المصرية هو محدودية الأراضي المتاحة للزراعة وتناقص نصيب الفرد منها اضافة إلى أن مصر تعتبر واحدة من الدول التي تعاني من الفقر المائي ، كما أن التفتت الحيازي في الاراضي القديمة بالوادي والدلتا يعتبر عائق رئيسي لتنفيذ كثير من السياسات الزراعية التنموية.
ولفت القصير إلى أن الزيادة السكانية المضطردة تعمق من حدة تأثيرات كل هذه التحديات ، وهو ما يستوجب منا جميعاً التفكير في تدابير واجراءات لمواجهة ذلك ومن خلال شراكة استراتيجية حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص مع تحفيز الاستثمارات المحلية والاجنبية في مجال الزراعة والأنشطة المرتبطة بها ، مع تدعيم دور شركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية خاصة في البرامج المرتبطة بالتخفيف من أثر التغيرات المناخية وبناء انظمة زراعية وغذائية مستدامة وقادرة على الصمود في مواجهة كل هذه المتغيرات وتقديم التمويل المستدام الذى يراعى كل الأبعاد البيئية والإجتماعية والحوكمة .
وقال وزير الزراعة ان الدولة المصرية من خلال وزارة الزراعة قامت بوضع استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة ضمن رؤية مصر 2030 أستهدفت الحفاظ على الموارد الأقتصادية الزراعية المتاحة وصيانتها وتحسينها وتنميتها مع تحقيق تنمية متوازنة واحتوائية ومستدامة و تحقيق قدر كبير من الأمن الغذائى و اقامة مجتمعات زراعية جديدة متكاملة وكذلك تدعيم القدرة التنافسية للصادرات الزراعية المصرية و توفير فرص عمل منتجة خاصة للشباب والمرأة مع تحسين دخول ومستوى معيشة السكان الزراعيين و التكيف مع التغيرات المناخية ومحاولة تقديم حلول للتخفيف من آثاره.
وتمثلت أهم محاور تنفيذ هذه الأستراتيجية في محور التوسع الأفقى والمتمثل فى المشروعات القومية الكبرى التى إستهدفت استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة لتعويض النقص فى الأراضى القديمة والتى تآكلت بفعل التعدى عليها وايضا كآثر للتوسع فى الأحوزة العمرانية ، ومشروعات النفع العام ولعل من أهم هذه المشروعات مشروع مستقبل مصر الذى يمثل باكورة مشروع الدلتا الجديدة العملاقة بمساحة 2.2 مليون فدان ، ومشروع توشكى الخير بمساحة 1.1 مليون فدان ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بحوالى 500 ألف فدان بخلاف مشروع تنمية الريف المصرى بمساحة 1.5 مليون فدان ، بالإضافة الى المشروعات الأخرى فى جنوب الصعيد والوادى الجديد وكلها مشروعات تكلف الدولة المليارات فى وقت يفقد فيه العالم ملايين الهكتارات سنوياً بسبب الجفاف والتصحر وتدهور التربة وأيضا محور التوسع الرأسى الذى استهدف زيادة الأنتاجية ورفع كفاءة وحدة المساحة من خلال استنباط أصناف وهجن متميزة ذات انتاجية عالية مع الأتجاه نحو التوسع فى الأصناف التى تتكيف مع التغيرات المناخية وهو امر جعل من الأصناف والهجن المصرية فى أعلى مراتب الأنتاجية العالمية خاصة من المحاصيل الأستراتيجية بالنسبة لوحدة المساحة ، أذ أنه وفقاً لما ورد بموقع وزارة الزراعة الأمريكية فأن ترتيب مصر من حيث انتاجية وحدة المساحة بالنسبة للقمح الرابع على مستوى العالم والثانى بالنسبة للأرز ، وهكذا بالنسبة لمحاصيل كثيرة.
كما تضمنت اتجاه الدولة الى تنويع مصادر المياه سواء من خلال اقامة محطات معالجة مياه الصرف الزراعى العملاقة مثل محطة المحسمة بطاقة 1 مليون متر مكعب يومياً ومحطة معالجة مياه مصرف بحر البقر بطاقة 5.6 مليون متر مكعب يومياً والتى حصلت على أكبر محطة على مستوى العالم ويجرى حالياً الأنتهاء من محطة الحمام بطاقة 7.5 مليون متر مكعب ، والتى تستهدف خدمة مشروع الدلتا الجديدة مع تبنى المشروع القومى لتبطين الترع والمساقى ، والتوجه نحو التوسع فى التحول من انظمة الرى بالغمر إلى أنظمة الرى الحديث من خلال اطلاق برنامج تمويلى ميسر على 10 سنوات وبدون فائدة.
وأشار إلى ان وزارة الزراعة وضعت خطة للتوسع فى الاعتماد على التقاوى المعتمدة بشكل كبير خلال العامين الماضيين خاصة فى المحاصيل الأستراتيجية مثل القمح والذرة ، ايضا تبنت الوزارة نشر الخريطة الصنفية لبعض المحاصيل بما يستهدف رفع الأنتاجية والتوسع فى الحقول الأرشادية مع تبنى برنامج قومى لأنتاج تقاوى محاصيل الخضر.
ولفت وزير الزراعة إلى اتجاه الدولة بتفعيل منظومة الزراعة التعاقدية بالنسبة للمحاصيل الزراعية الاستراتيجية فى القمح – الذرة – فول الصويا – عباد الشمس، اضافة الى محصولى قصب السكر وبنجر السكر المطبق عليهم الزراعة التعاقدية حالياً من خلال الأعلان عن أسعار ضمان وفى وقت مبكر قبل الزراعة بما يحفز المزارع والفلاح من التوسع فى هذه المحاصيل.