بقلم عبدالناصر محمد
وجدت بعد كل أزمة مالية تأتي الدعوات من هنا وهناك إلى إقامة نظام مالي عالمي جديد ففي عام 2008 شهد العالم الأزمة المالية العالمية فوجدنا دول ومنظمات تدعو إلى نظام دولي جديد
فدعت مثلاً المانيا وقتها إلى إعادة تشكيل أسواق المال بشكل إجتماعي وإقامة نظام دولي جديد للعلاقات المالية وكان التوجه إلى بناء نظام أكثر احتواء للجميع نظام يكون أكثر أماناً واستقرار
واشترطت البنوك ضمانات كبيرة للحصول على قروض الرهن العقاري والائتمان التجاري
وعندما حدثت ثورات الربيع العربي أيضاً انتشر الحديث عن نظام يراعي المواطن ويجمع بين الرأسمالية ويراعي البعد الإجتماعي وتوفير حياة كريمة للمواطنين فكان هناك توجه إلى تبني نظام رأسمالي إجتماعي تنموي للقضاء على البطالة والفقر والمرض
واليوم مع الأزمات الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي من تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية نجد هذه الدعوات مرة أخرى من ضرورة تبني نظام مالي عالمي جديد يكون أكثر عدلاً خاصة وأن النظام المالي العالمي أصبح مهلهلاً في ظل حالة الظلم التي تتبناها المؤسسات المالية في عمليات الإقراض والفوائد الغير سوية مما يعرض الدول المقترضة إلى إنهاك اقتصادها وزيادة معدلات التضخم وارتفاع أعداد الفقراء والبطالة
والأزمة الاقتصادية الأخيرة كشفت عن وجود ضغوط كبيرة على النظام المالي العالمي ساهمت في اتساع تداعياتها على الاقتصاد العالمي وعدم قدرة على كبح جماح التضخم وارتفاع الأسعار ومن المعروف أن ارتفاع أسعار الفائدة الكبيرة من قبل البنوك المركزية تعني وجود اختلال في النظام المالي
فحالة التخبط الاقتصادي التي تشهدها اقتصاديات دول العالم وخاصة الفقيرة تزيد شهوة الحديث عن تبني نظام مالي جديد لكن هل هناك إرادة حقيقية من الدول المقرضة والمؤسسات المالية في إتخاذ خطوات نحو حلحلت الأزمات الاقتصادية وعدم التمادي في زيادة فوائد الدين وأيضاً هل الدول الفقيرة قادرة على التنمية الاقتصادية دون التوسع في زيادة الديون
و من خلال عرضنا للأزمات الاقتصادية العالمية وتكرار المطالبات بتبني نظام مالي جديد بعد كل أزمة وجدنا أن العالم بعد مرور الوقت من كل أزمة يتجه إلى رأسمالية متوحشة لا تبقي ولا تذر وتختفي الدعوات التي تطالب بتبني سياسات وأنظمة مالية جديدة تراعي البعد الاجتماعي تدريجياً
ولكني أرى كحلول سريعة أنه مطلوب من الدول النامية ضرورة الاعتماد على إمكانياتها وزيادة استثماراتها وتنويعها وتقليص وارداتها والاعتماد على منتجاتها الوطنية وتقليص سياسات الديون وعدم الخضوع لسياسات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية للخروج من فوهة الأزمات المتتالية