مواصلة إسرائيل لجرائم الحرب وسط عجز القانون الدولي
نشرت بواسطة:
كتب / الدكتور عادل عامر
أن إسرائيل تقوم بعملياتها الجوية والبرية في المناطق المدنية في القطاع تحت ذريعة الاحتياجات العسكرية. تأتي هذه الانتهاكات الإسرائيلية واستهداف المناطق المأهولة بالسكان في القطاع، في وقت لا يوجد بإسرائيل أي قانون مدني يحدد معايير التعامل مع المنشآت المدنية والمستشفيات في زمن الحرب.ويعتمد الاحتلال على تعليمات حددها الجيش الإسرائيلي والمنشقة عن القانون الدولي الإنساني، للمراوغة والتحايل على نصوص المواثيق الدولية. تتمادى إسرائيل خلال الحرب على غزة في قصف وتدمير المربعات السكنية والمناطق المأهولة، دون أن تثبت وجود عسكريين ومسلحين داخلها، وفق القانون الدولي الإنساني الذي يؤكد ضرورة اعتماد معيار النسبية بشأن المدنيين بالأحياء السكنية واحتمال وجود عسكريين بينهم”.
ما اثر المذكرة الجنائية الدولية ومواصلة إسرائيل لجرائمها على المحاكمات المنظورة لقادتها
أن البند الأول من المادة 89 في قانون المحكمة ينص على أنه يتعين على الدول الأطراف الامتثال لطلبات القبض والتقديم، وإذا كان المطلوبون مسؤولين كبارا فإن المادة 27 من القانون ذاته تنص على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية في تطبيق إجراءات القبض والتسليم.
وتنطبق هذه المادة على البلدان الأعضاء في المحكمة ولا تنطبق على إسرائيل كونها ليست ضمن الدول الموقعة على اتفاقية روما، رغم أن العرف الدولي ينص على عدم تمسك الدول بحصانة المسؤولين المطلوبين أمام المحاكم الدولية.
ومما يعزز فرص تنفيذ مذكرات اعتقال المسؤولين الإسرائيليين هو أن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت في فبراير/شباط 2021 قرارا بولايتها القضائية على جرائم الحرب التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، نظرا لكون فلسطين طرفا في نظام روما الأساسي.
وتعود خلفيات ملاحقة الجنائية الدولية للمسؤولين الإسرائيليين إلى الـ18 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حينما أعلنت المحكمة أن 5 دول تقدمت بطلب للتحقيق في مجريات وآثار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما رافقها من أفعال وقرارات عسكرية.
كيف يتم مواجهة الجرائم الصهيونية المتصاعدة في غزة ضد المدنيين
ومن منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنَّ حظر هذا النوع من الأفعال الإجرامية يرمي إلى ضمان حق الأفراد والمجموعات في العيش في مجتمعاتهم وبيوتهم والتمتع بممتلكاتهم في أمان.
وقد وضع المجتمع الدولي -في حقيقة الأمر- إطارًا قانونيًا محكمًا لمواجهة جرائم الإبعاد القسري والتهجير للسكان؛ حيث يجد الحظر بإبعاد وتهجير السكان المدنيين أساسه في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والتي تنص في فقرتها الأولى على أنَّه «يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة أيًا كانت دواعيه».
وقد حددت المادة سالفة الذكر في فقراتها التالية شروط الإخلاء الكلي أو الجزئي لمنطقة محتلة، على النحو الآتي:
– إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية، على ألا يترتب على عمليات الإخلاء نزوح الأشخاص المحميين إلا في إطار حدود الأراضي المحتلة، ما لم يتعذر ذلك من الناحية المادية.
– يجب إعادة السكان المنقولين إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في هذا القطاع.
تبنت المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بجرائم الحرب مضمون ما جاء بالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، فنصت في فقرتها الثانية (أ) على اعتبار قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاءٍ من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها جريمة حرب. وطبقًا لقضاء المحكمة الجنائية الدولية الصادر عن غرفة المحاكمة التمهيدية، فإنَّه من أهم الأركان الواجب إثباتها لقيام هذه الجريمة إقامة العلاقة بين أفعال الجناة ونتيجتها التي أدت إلى إبعاد أو نزوح السكان المدنيين من المكان الذي يقيمون فيهمن الواضح أنَّ الرغبة في تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم وأماكن إقامتهم إلى خارج فلسطين ليست وليدة حرب غزة، بل هي سياسة ثابتة تتبناها العقيدة الصهيونية، عبر تضييق سبل الحياة على الفلسطينيين، أو اختلاق اضطرابات في المجتمع الفلسطيني، وكان أن انتهزت إسرائيل فرصة هجمات السابع من أكتوبر 2023 من حماس لتشن حربها الضروس على القطاع بهدف إبعاد السكان من ديارهم تمهيدًا لتهجيرهم خارج فلسطين.
ما هى المواجهة الدبلوماسية والقانونية الممكنة
جرائم الحرب خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية هي اتهامات وجهت لإسرائيل وذلك بسبب ارتكابها لجرائم حرب ضد المدنيين. وقد جاءت هذه الاتهامات إن إدارة بايدن أعطت موافقة ضمنية على جرائم الحرب الإسرائيلية. وأشار أنتوني بلينكن إلى أن إدارة بايدن لديها “قدرة عالية على التسامح” مع كل ما يحدث في غزةتحمل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن مصير المدنيين في قطاع غزة وما يتعرضون له من مأساة حقيقية تحت القصف والحصار والتجويع، بلا كهرباء أو غذاء أو مياه نظيفة، مع إجبارهم على هجر منازلهم، وعن سياسة العقاب الجماعي العشوائي التي تتبعها في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانوني الدولي الإنساني، في انتهاك لمسؤولياتها القانونية وفقاً لاتفاقيات جنيف باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال؛ أهمية المحافظة على أرواح المدنيين كافة، وعدم استهدافهم بأي شكل من الأشكال لما في ذلك من تنافي مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والشرائع السماوية؛ وفي إطار تحليل التطبيقات السياسية والقانونية والعملية الخطيرة المترتبة على ضم دولة إسرائيل لأي من أجزاء الضفة الغربية، وهو بالقطع عمل محظور بموجب القانون الدولي، دور الولايات المتحدة الأمريكية في دفع مثل هذه الأعمال غير القانونية، لا سيما في إطار ما يُسمى بـ “خطة السلام” التي تعمل على تقويض الحق الفلسطيني في تقرير المصير، ضمن حقوق أساسية أخرى. وأكد المتحدثون أنه بدون اتخاذ الإجراءات اللازمة من المجتمع الدولي إزاء استمرار إسرائيل في خرق القانون الدولي، واحتلالها العسكري طويل الأمد والتمييز المؤسسي الذي يصل حد الفصل العنصري، وما ينتج عنه على المستويات التجارية والاقتصادية والفردية؛ فإن الوضع الحالي للإفلات من العقاب سيستمر.
تنامي الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وكيف يتم البناء علية
التي اعترفت بفلسطين أكثر من 139 دولة من إجمالي 193 دولة عضوًا بالأمم المتحدة، منهم تسع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي -أي ما يمثل نحو ثلث دول التكتل- وهم: (بلغاريا، وقبرص، ومالطا، وبولندا، وجمهورية التشيك، ورومانيا، وسلوفاكيا، والمجر، والسويد)، إذ تحركت هذه الدول -باستثناء السويد التي اعترفت مُنفردة في عام 2014- للاعتراف بفلسطين قبل انضمامهم للتكتل. جاء ذلك بعد إعلان السيد “ياسر عرفات” زعيم منظمة التحرير الفلسطينية في الخامس والعشرين من نوفمبر 1988، للمرة الأولى في كلمته في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني المُنعقد -آنذاك- في الجزائر، إنشاء دولة فلسطينية، وتبني مبدأ حل الدولتين، وقرار الأمم المتحدة رقم (242) على أساس حدود 1967.
وبرغم أن هذه الخطوة ستعزز الموقف الفلسطيني وقدرته على التفاوض في مرحلة ما بعد الحرب، كما أن الاعتراف الأوروبي الجماعي سيساهم في ممارسة المزيد من الضغط على تل أبيب، ويلزمها باحترام حقوق الإنسان بموجب اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل؛ إلا أن مسألة الاعتراف بفلسطين من المُحتمل أن تواجه بعض التحديات في الداخل الإسباني أو على المستوى الأوروبي التي قد تؤخرها أو تعرقل مسارها خاصة مع استعداد الأحزاب الأوروبية المختلفة للمشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي المُقرر عقدها في يونيو المُقبل، والتي من المُحتمل أن تشهد نتائجها تحولًا نحو اليمين.