من الناحية القانونية، ً عن وجود النصوص التي تعاقب على الخيانة الزوجية أو ضوابط مشابهة أم لا؟ إن كلمة خيانة لم ترد بالقانون المصري، لكنها وجدت بعبارة أخرى “ملاحقة الزوج بجرم الزنا، إذا اتخذ له خليلة جهاراً” ومن جهة المرأة بمجرد أن يتم الادعاء يعتبر جرم الزنا موجوداً وبالتالي يوجد تمييز بالعقوبة حيث تعاقب المرأة من ثلاثة شهور حتى عامين، في حين لا تتجاوز عقوبة الرجل الزاني السنة . بالإضافة لوجود شرطين هما: ـ أن يتخذ له خليلة جهاراً، ـ أو يمارس الفعل في منزل الزوجية.. وهذا يعني وجود نقاط كثيرة بقيت خارج نطاق القانون باعتبار أنه لا يوجد قوانين تتعلق بالأسرة والحماية من العنف الأسري.
أن هناك تمييزاً بالعقوبة بين المرأة والرجل، اجتماعياً وقانونياً لأن خطأ الرجل يبرر بعدم فضح الأسرة وخطأ المرأة غالباً قضية شرف، والمواد الموجودة في القانون هي المادة 273 الخاصة بعقوبة المرأة الزانية والمادة 277 التي تعاقب الزوج، والمادة 275 الملاحقة بشكوى الزوج. إذا كان القصور القانوني مشجعاً على احتضان الظاهرة أنه يجب على القوانين أن تكون سابقة لتطورات المجتمع وليس العكس، فعندما نلاحظ أن الظواهر موجودة ومنتشرة ولا نجد نصوصاً قانونية تنظمها، دليل على القصور القانوني، وبالمقابل فإن كلمة الخيانة معيار مطاط، قد لا ينطبق فقط على حالات الزنى، بالإضافة إلى أن الدوافع الاجتماعية كثيرة منها« العنف الأسري، الوضع الاقتصادي للمرأة الفقيرة، واقع العمل وبخاصة القطاع الخاص، قلة الوعي، الزواج المبكر، الزواج المتأخر…الخ» وطبعاً هذا ليس ضرورياً أو مبرراً لحدوث الخيانة لكنه موجود في الواقع، وهذا يحتاج لقوانين اجتماعية
إن مشكلة الخيانة الزوجية من أبرز المشاكل التي تواجه أي مجتمع على مستوى العلاقات الشخصية.. وقد أورد قانون العقوبات المصري المواد تعاقب على جريمة الزنا حيث نص في المادة 273 على انه ” لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها إلا انه إذا زنى الزوج في المسكن المقيم فيه مع زوجته كالمبين في المادة 277 لا تسمع دعواه عليها
وتنص المادة 274 من قانون العقوبات ” المرأة المتزوجة التي يثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت ” وتنص المادة 275 عقوبات على انه ” ويعاقب أيضا الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة ” وتنص المادة 277 عقوبات على انه” كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد عن سته أشهر ” والثابت من تلك المواد إن القانون المصري قد فرق بين الرجل والمرأة في جريمة الزنا وذلك على النحو الاتي :
1ـ انه يشترط لإدانة الزوج بجريمة الزنا أن يكون هذا الفعل من الزوج قد تم بداخل مسكن الزوجية أما إذا قام الزوج بالزنا خارج مسكن الزوجية فلا يعاقب على هذا الفعل .
2ـ الزوجية تعاقب بجريمة الزنا سواء تم هذا الفعل بداخل مسكن الزوجية أو خارج مسكن الزوجية .
3ـ كما إن العقوبة للزوجية اشد من العقوبة للزوج لان العقوبة للزوجية هي الحبس لمدة سنتين أم الزوج فهي الحبس لمدة ستة أشهر.
4ـ وأخيرا فانه يشترط لإقامة جريمة الزنا سواء على الزوج أو الزوجة تقديم شكوى من الزوج إذا كانت زوجته المرتكبة للجريمة وتقديم شكوى من الزوجة إذا كان زوجها مرتكب الجريمة بداخل مكن الزوجية .
والخيانة الزوجية تتأرجح اختلافاً بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها، وإن كانا متفقين على تعريفها فالجناية هي اقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أياً كان هذا الشخص، وأياً كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات، والقانون يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس، أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يغترف المتهم أو المتهمة، وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانوناً يحاسب عليها الجاني قانوناً.
كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها، أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظاً على الأولاد والسمعة والشرف ودرءاً للفضائح، بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، سواء أتم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما.. وواقع الأمور، والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع الأكثر خيانة من الزوجة، بحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة وذلك كقاعدة عامة
ولكل قاعدة شواذها كما نعرف. وبرغم مشروعية الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة الإسلامية السمجاء، إلا أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن الكثير من الأزواج يكتفي بواحدة، ويتصل جنسياً بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك، أو يتخذ له صديقة أو رفيقة معينة. ومن المفارقات والأحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم أنه وحسب القانون المصري يحق للزوج أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا، وتخفف عقوبته من السجن المؤبد إلى السجن لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى أو سنه كحد ادني مع إيقاف تنفيذ العقوبة ،
أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبساً بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد لأي سبب من الأسباب، ودون أي تخفيف أو تقدير للسبب الداعي للقتل.. الشك والتحقيق والتثبيت وفي بعض الأحوال قد تكتمل أركان جريمة الزنا في غير حالة التلبس، وتكون الأدلة دامغة ومحكمة بشكل لا يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل، لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله يستشعر أن المتهمة بريئة،
فيما لو كانت هي الطرف الجاني- وأن تلك الجريمة لم ترتكب من الأساس. فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة ولم تعترف، أو حتى لو اعترفت، فلكي لا يكون هناك مجال في كون هذا الاعتراف وقع تحت ضغط أو إكراه، تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير الخاصة بزوجها اعتبر هذا دليلاً على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإلا فمن أين جاءت؟ أما إذا ثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أو حيوانات منوية تخص شخصاً آخر غير زوجها، كان هذا دليلاً على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وإن وُجدت آثار منوية على ملابسها من الخارج، فأي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على الملابس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة،
وبالتالي يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد لها. إذن فلكي تكتمل أركان قضية كالخيانة لابد وأن لا يكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد بواسطة التحليل الطبي الدقيق، إلا أن الرجل أيضاً في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم لا. وكما سبق القول فإن القاضي إذا شك ولو بمقدار ذرة في صحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه يطبق فوراً قاعدة ( الشك يفسر لصالح المتهم)، ويحكم فوراً بالبراءة، فليس هناك وسطية في قضايا الزنا، فإما الجاني زانٍ وإما هو ليس زانياً، ويكون الحكم في تلك الحالة استرشاداً بروح القانون وليس بنصه الجامد.
الآثار القانونية للخيانة الزوجية : أما بالنسبة للأثر القانوني لخيانة الزوجة لزوجها، فيتمثل في سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق وغيره فقط، وبالنسبة لأولادها يسقط حق حضانتها لهم إذا كانوا في سن التمييز بين الخطأ والصواب، ولا تحتفظ إلا بالطفل الذي هو دون العامين والذي لا يستغنى عن خدمة النساء في الطعام والنظافة، ولا يستطيع تمييز ما تفعله أمه. أما الزوج الزاني الذي تثبت عليه جريمة الزنا، فتستطيع الزوجة رفع دعوى طلب الطلاق منه للضرر، فليس هناك أشد ضرراً للزوجة من الخيانة، وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر صداقها، وكذلك تعويضاً عما أصابها من الضرر المعنوي.
أما الخيانة الزوجية في المغرب
لقد جرم المشرع المغربي الفساد حينما يكون طرفا العلاقة الجنسية الغير المشروعة غير متزوجين بينما إذا كان واحد منهم على الأقل متزوجا فإن الحالة هنا تختلف إذ تكيف هذه العلاقة الغير المشرعة بالخيانة الزوجية حيث نصت المادة 491 من ق ج على أنه : “يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة وإلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه.
إلا أنه في حالة غياب الزوج خارج المملكة فإن زوجته التي تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة يمكن للنيابة العامة متابعتها”.
ومن خلال ذلك نعرض فيما يلي الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة.
المطلب الأول: الركن المادي:
يتحقق الركن المادي في جريمة الخيانة الزوجية كما هو الحال في جريمة الفساد بالموافقة بين الطرفين إلا أن الاختلاف هو أن الخيانة الزوجية لا تتحقق إلا بارتباط الجاني بعقد زواج حيث الزوج مرتكب الجريمة يعد فاعلا أصليا والطرف الآخر غير المتزوج يعد مشاركا، وينبغي لهذه الجريمة كي تكيف بالخيانة الزوجية أن تكون لاحقة على عقد الزواج الصحيح، ففي الخطبة مثلا لا تتحقق الجريمة.
وإذا كانت النصوص المنظمة لجريمة الخيانة الزوجية لم تتعرض للحل عندما يكون أحد الطرفين في العلاقة الجنسية غير المشروعة متزوجا ومشاركه غير متزوج فإن الفقه قد اهتدى وكذا القضاء، إلى اعتبار صفة الزوجية تشكل طرفا مادية في الجريمة لأنها تغير من وصفها من جنحة الفساد إلى جنحة الخيانة الزوجية ويشدد بالتالي عقابها وفي نفس الوقت تشكل ذات الصفة، طرفا شخصيا مشددا للعقوبة ترتبط بشخص الفعل
ولذلك توافر هذه الصفة تنتهي أخيرا إلى أن تصبح طرفا مختلطا عينيا وشخصيا في نفس الوقت، والقضاء سائر على اعتبار الظروف المختلطة كالظروف العينية من حيث أثرها على المساهمين والمشاركين وبالتالي فالطرف غير المتزوج يعاقب بنفس عقوبة الزوج في جريمة الخيانة الزوجية وذلك لأن: “الظروف العينية المتعلقة بالجريمة والتي تغلظ العقوبة أو تخفضها، تنتج مفعولها بالنسبة لجميع المساهمين أو المشاركين في الجريمة ولو كانوا يجهلونها.
المطلب الثاني: الركن المعنوي
لا يتحقق القصد الجنائي إذا انتفى الإدراك عن الفاعل كما إذا كان مصابا بخلل عقلي، أو كان في حالة سكر غير اختياري، أو في حالة تخدير أو تنويم، لكن إذا كان تناول المسكر أو المخدر اختياريا وبدون ضرورة فإن المسؤولية تبقى قائمة، ويخرج من هذا الإطار إذا كان عنصر الاختيار غير متوفر كما هو الحال في الاغتصاب –المادة 486 ق ج- ويبدو تطبيق نفس الحكم في حالة انتفاء رضي الرجل واستعمال المرأة وسائل للضغط عليه.
وكما أشرنا سابقا فإن الجهل بالرابطة الزوجية لا يحول دون معاقبة المشاركة في جريمة الخيانة الزوجية بنفس عقوبة الزوج، بينما جهل الزوج بوجود هذه الرابطة أو العقد يحول دون تحقيق القصد الجنائي لديه ويمكن تكييف الجريمة حينها بالفساد.
ولابد من الإشارة إلى أن المشرع في المادة 491 منع على النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية إذ لم يتقدم زوج الجاني بشكاية يطلب فيها المتابعة باستثناء الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السالفة وهي حالة ما إذا كان الزوج متغيبا خارج المغرب وامرأته تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة، فإنه يمكن للنيابة العامة أن تتابعها دون أن يتوقف الأمر على شكاية الزوج المتغيب.
والنص استعمل عبارة “يمكن للنيابة العامة متابعتها” ومعنى ذلك أن للنيابة العامة سلطة تقديرية لإثارة المتابعة أو عدم إثارتها، وذلك حسب تقديرها لظروف ممارسة المرأة للفساد.
وكما يمكن للزوج إثارة الشكوى ضد زوجته فإنه يمكن أن يتنازل عنها ويضع حدا للمتابعة الجنائية للزوجة إذ ينص الفصل 492 : “تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا لمتابعة الزوج أو الزوجة المشتكى بها عن جريمة الخيانة الزوجية”. ويتابع الفصل في فقرته الأخيرة “لا يستفيد مشارك الزوجة ولا مشاركة الزوج مطلقا من هذا التنازل” ولا يحول عدم إثارة الشكوى من طرف الزوج المجني عليه دون متابعة الشريك كان متزوجا أم عازيا حسب منطق و المادة المذكورة.