كتبت / سناء جوده
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، في تحليل جديد له الضوء على مفهوم الصحة الإلكترونية، واتجاهات هذا النوع، وحجم سوقه، ومدى تأثير جائحة كوفيد-19 عليه.
وأوضح المركز أن “منظمة الصحة العالمية” عرفت الصحة الإلكترونية (الرقمية) بأنَّها استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) بغرض تحسين الأوضاع الصحية، وتسهم الصحة الإلكترونية في توفير الفرص والحلول؛ لتحسين وصول الفقراء والأفراد المهمَّشين إلى الخدمات الصحية في المجتمعات النائية والمحرومة، كما أنَّها تعمل على خفض التكلفة، وتحقيق الكفاءة للوصول للأفراد، وتقديم خدمات صحية مرتفعة الجودة.
وأضاف المركز أن منظمة الصحة العالمية تُقدِّم برنامجًا لخدمات الصحة الإلكترونية، حيث يعمل هذا البرنامج على تقديم الدعم الفني للدول فيما يتعلق بالموضوعات الخاصة بإدارة الصحة الإلكترونية، والأطر الخاصة بسياساتها، هذا إلى جانب دعم الدول الأعضاء لتطبيق المعايير والقواعد المتفق عليها بغرض تحسين أداء النظم المختلفة، كما يهدف البرنامج إلى بناء قاعدة بيانات تتعلق بالصحة الإلكترونية، ورصد مدخلات الصحة الإلكترونية وتقييمها وقياس الأثر المترتب عليها.
أشار التحليل إلي أن هناك الكثير من الاتجاهات في مجال الصحة الإلكترونية، ومن أهمها؛ “الطب الجيني” والذي يعتمد على البيانات المجمَّعة من تحليل التسلسل الجيني للحمض النووي للإنسان، وتستخدم هذه البيانات في توقع استجابة المريض للأدوية، والكشف عن الأمراض، والأورام، والطفرات الجينية، و”السجلات الصحية الإلكترونية” وتشمل جميع المعلومات الشخصية للمريض، وتاريخه الصحي، وتاريخه الدوائي، وتاريخ العائلة الصحي؛ لتكون متاحة لمقدمي الخدمات الصحية، وذلك لرفع كفاءة الرعاية الصحية للمرضى، و”الرعاية الصحية عن بُعد” والتي تشمل أنواع الاتصال عن بُعد بين الطبيب والمريض، ولها عدة أشكال؛ “العناية السريرية عن بُعد” وهي التي تسمح للأطباء بمتابعة مرضاهم عن بُعد بتقديم التشخيص والعلاج المناسب لكل مريض عن طريق الهاتف أو عن طريق الاتصال بالفيديو عبر الحاسب الآلي، و”العلاج التشخيصي عن بُعد” حيث يتم جمع البيانات والمعلومات عن طريق التقنيات الصحية الإلكترونية، مثل: الصور الإشعاعية، والرنين المغناطيسي، ويتم إرسالها إلى الطبيب المعالج لوصف العلاج. و”المراقبة الإلكترونية للمريض” وهي تتم بمراقبة المريض عن بُعد عن طريق أجهزة المراقبة الطبية، وتكون متصلة بشبكات الاتصال حتى يتم إرسال البيانات إلى الطبيب، و”الصحة المحمولة (Mobile Health)” حيث تتم زيادة كفاءة خدمات الصحة الإلكترونية ودقتها من خلال الأجهزة القابلة للتنقل والارتداء، مثل: أجهزة الهاتف المحمول، والتابلت، والساعات الذكية و”الرعاية الذاتية” يعد تعليم المريض والرعاية الذاتية أحد أشكال الصحة الإلكترونية الأوسع انتشارًا، وتشمل المواقع التفاعلية والأجهزة الطبية التي تدعم المراقبة الذاتية، ومع زيادة اهتمام الأفراد بصحتهم، يلجؤون إلى البحث عن المعلومات التي تخص الصحة على الإنترنت.
وأفاد المركز أن الحجم المتوقع لسوق الصحة الإلكترونية عالمياً خلال الفترة من 2019 – 2025 قد بلغ نحو 175 مليار دولار أمريكي عام 2019، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 25% خلال الفترة (2019- 2025)؛ حيث يتوقع لها أن تبلغ هذا العام 2023 نحو 417 مليار دولار لتصل إلى ما يقرب من 660 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، كما من المتوقع أيضاً أن تكون الصحة المحمولة (Mobile Health) أو الصحة اللاسلكية Wireless Health، التي تعني ممارسة الطب من خلال الهواتف المحمولة، من أهم دوافع النمو خلال فترة التوقعات.
كما زادت الاستثمارات في مجال الصحة الإلكترونية سريعًا، وخاصة من قِبل الشركات الناشئة لتصل إلى 22 مليار دولار أمريكي عام 2020 مقارنة بنحو 1.1 مليار دولار أمريكي عام 2010، ومن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة رائدة في صناعة الصحة الرقمية؛ حيث تعد سان فرانسيسكو، ونيويورك، ولوس أنجلوس مراكز رئيسة في هذا القطاع.
ذكر التحليل أنه وفقًا لاستطلاع رأي أجرته شركة Statista عام 2020، فإنَّ الصين والهند تعدَّان من أكثر الدول استخدامًا للتطبيقات الصحية، كما أنَّ الأفراد في هاتين الدولتين على استعداد للدفع من خلال الهاتف أو الساعة الذكية، حيث بلغت النسبة المئوية للأفراد المستخدمين للتطبيقات لمتابعة الأحوال الصحية عام 2020 في دولة الصين 65% تليها دولة الهند 63% ثم إندونيسيا 57% ثم الولايات المتحدة بنسبة 44% والمملكة المتحدة 39% وإسبانيا 38% ودولة اليابان بنسبة 12%.
كما تعد التطبيقات المتعلقة بالتغذية هي أكثر التطبيقات استخدامًا، كما أنَّ هناك العديد من التطبيقات الأخرى التي تُعنى بضربات القلب أو وظائف الجسم الأخرى، بالإضافة إلى تطبيقات تقوم بتتبُّع النوم.
وفيما يتعلق بتأثير جائحة كوفيد-19 على قطاع الصحة الإلكترونية، فقد أثرت جائحة كوفيد-19 على العديد من الخدمات الصحية وعطلتها، كما قامت العديد من الدول بالحد من الرعاية غير العاجلة، وتأجيل برامج الفحص العام (على سبيل المثال تحري سرطان الثدي وعنق الرحم)، ويرجع ذلك إلى نقص وسائل النقل العام، ونقص الموظفين؛ نتيجة لإعادة تكليف العاملين في قطاع الصحة لدعم الخدمات الخاصة بكوفيد-19، بالإضافة إلى نقص الأدوية، ووسائل التشخيص وسائر التكنولوجيات.
وقد ترتب على ذلك وجود استراتيجيات بديلة تسهم في الحد من تعطل الخدمات الصحية، وفي هذا الإطار أوضحت الأمم المتحدة أنَّ نحو 58% من دول العالم تستخدم التطبيب عن بُعد (من خلال الهاتف أو أي من الوسائل الإلكترونية) وذلك كبديل عن الذهاب إلى الطبيب، وقد بلغت هذه النسبة في الدول منخفضة الدخل نحو 42%.
ومن المتوقع أن تزداد أهمية الخدمات الصحية عن بُعد، والتطبيب عن بُعد في المستقبل القريب؛ حيث من المُقدر أن يصل الحجم العالمي لسوق الطب عن بُعد إلى نحو 280 مليار دولار أمريكي عام 2025 مقارنة بنحو 50 مليار دولار أمريكي في عام 2019.
وقد أظهرت استشارات الفيديو الحية بين المرضى والأطباء تقدمًا هائلًا في سياق جائحة COVID-19، إنَّ الحاجة إلى التباعد الاجتماعي وتجنُّب الاتصال بالمرضى الآخرين جعلت الخدمات الصحية عن بُعد بديلًا فعالًا لمعظم الزيارات غير الطارئة، إلا أنَّ هناك العديد من المخاوف من قِبل المرضى، وذلك فيما يتعلق بتبادل البيانات الصحية؛ بسبب مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني.
وأشار التحليل إلى أهم التطبيقات في مجال الصحة الإلكترونية بالدولة المصرية ومنها؛ مبادرة “اطمن” وتم إطلاقها في عام 2021؛ لتقديم خدمة الاستشارات الطبية عن بُعد بالمجان لجميع المستفيدين من منظومة التأمين الصحي الشامل بمحافظتي بورسعيد والأقصر، و”المنصة الوطنية الإلكترونية لخدمات الصحة النفسية وعلاج الإدمان بالمجان” وقد تم إطلاق هذه المنصة بالمجان في شهر مارس 2022 بالتعاون بين الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والسكان وبين منظمة الصحة العالمية؛ بغرض إتاحة خدمات الصحة النفسية وعلاج الإدمان لجميع المواطنين بالمجان، هذا وتقدم تلك المنصة خدماتها لجميع الفئات العمرية من المصريين أو الأجانب المقيمين في مصر، وتُعد المنصة الأولى من نوعها في إقليم شرق المتوسط، وتضم نخبة من الكوادر الفنية والتقنية بوزارة الصحة والسكان، والمعالجين النفسيين، وبعض الخبراء الدوليين في مجال الطب النفسي وعلاج الإدمان، ومن المقرر أن تسهم المنصة بشكل كبير في الحصول على الاستشارات والدعم النفسي بجودة عالية مع ضمان الخصوصية والسرية التامة؛ مما يساعد على التغلب على الوصم المتعلق بالاضطرابات النفسية في المجتمع، و”الموقع المخصص للحصول على المعلومات المتعلقة بلقاحات فيروس “كورونا” المستجد، والتسجيل لتلقي اللقاح” حيث أطلقت وزارة الصحة والسكان المصرية في فبراير ٢٠٢١ موقعًا إلكترونيًّا للحصول على المعلومات المتعلقة باللقاحات ضد فيروس “كورونا” المستجد، حيث يشرح الموقع ماهية اللقاحات وأنواعها وكيفية عملها والفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس “كورونا” والفئات الأكثر تأثرًا بالإصابة حال حدوثها، ويتيح الموقع الإلكتروني إمكانية التسجيل للحصول على اللقاح، و”الشراكة بين فودافون والحكومة المصرية لتنفيذ مشروع التأمين الصحي الشامل” حيث تتولى فودافون الجزء الخاص بميكنة خدمات التأمين الصحي للمواطنين، وابتكار حلول تكنولوجية لتطوير قطاع الخدمات الصحية.
وفي معرض القاهرة الدولي للتكنولوجيا Cairo ICT الذي أقيم عام 2019، استعرضت شركة فودافون الحلول التكنولوجية والخدمات وإنترنت الأشياء التي تم تطبيقها في منظومة التأمين الصحي، والتي تعرف بـ”خدمات الرعاية الصحية عن بُعد” من خلال إنشاء نظام محاكاة لإحدى سيارات الطوارئ التي بها محطة علاج عن بُعد، كذلك استعرضت الشركة بعض الحلول التي ابتكرتها، مثل: تطبيقات الرعاية الصحية، وقاعدة البيانات الإلكترونية، والمحادثات مع الأطباء عبر مكالمات الفيديو، وتهدف تلك الابتكارات إلى تطوير القدرة على تشخيص الأمراض، وعلاج المرضى في الريف والمناطق النائية، حيث يتمكن المرضى من الاتصال بمراكز التحكم عن بُعد للحصول على خدمات صحية بجودة أعلى وتكلفة أقل، و”مبادرة التشخيص عن بُعد” حيث أطلق الصندوق المصري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مبادرة “التشخيص عن بُعد”؛ بهدف تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين باستخدام الحلول التكنولوجية، وزيادة فرص حصول قاطني المناطق النائية والحدودية علي الخدمات الصحية.