كتب/دكتور / وائل محمد رضا
مقدمة :
ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان وفضله على بقية خلقه بالعقل والإدراك وعلمه ما لم يعلم أحدا من خلقه. قال الله تعالى : ” الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم “. ووهب الله للإنسان الكثير من الجوارح والحواس التي تمكنه من تفعيل الإدراك والتعلم بوسائل وأساليب مختلفة.
والتعليم كالماء والهواء .. وهو ضرورة لدفع عجلة التقدم في البلاد. ولذا يجب علي الدولة أن تحدد أهداف العملية التعليمية والسياسات المتعددة لها، والتي تحقق وتتوافق مع أهدافها وذلك طبقا لظروفها الجغرافية والزمانية والاقتصادية والثقافية. وتشترك الدول النامية في ارتفاع نسبة الأمية وارتفاع نسبة البطالة وانخفاض مستوي المعلمين وانخفاض المستوي التعليمي والثقافي للطلاب والتوزيع الجغرافي المتنوع للطلاب وارتفاع نسبة الأمية بين الإناث وعدم ملائمة متطلبات سوق العمل للمؤهلات المتوفرة والتعلم خارج أسوار المدرسة وعدم توفر بنية أساسية ( مواصلات – اتصالات – طرق – كهرباء ) وعدم توفر دعم مالي لتلك الدول لتمويل المشروعات التنموية بها.
ولم يشهد عصر من العصور التقدم التقني الذي شهده هذا العصر في مناح متعددة ، من أهمها الثورة الهائلة التي حدثت في تقنيات الاتصالات والمعلومات والتي توجت أخيرا بشبكة المعلومات الدولية (الانترنت). وقد استثمر التعليم الإلكتروني بطريقة موازية في وسائله ، فظهرت الاستفادة من هذه التقنيات داخل حجرة الصف وبين أروقة المدرسة ، إلا أن الأمر الأكثر إثارة هو تأسيس تعليم متكامل معتمدا على هذه التقنيات وهو ما سمي بالتعليم الإلكتروني ، وقد تزايد الاهتمام بهذا النوع من التعليم في السنوات الأخيرة ، إذ نظمت الجمعية الأمريكية لعمداء القبول والتسجيل أول مؤتمر دولي للتعليم الالكتروني في مدينة دنفر بولاية كلورادو الأمريكية في شهر أغسطس من عام 1997م .
مفهوم التعليم الإلكتروني:
التعليم الإلكتروني هو شكل من أشكال التعليم عن بعد ويمكن تعريفة بأنه طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائط عدة من صوت وصورة ، ورسومات ، وآليات بحث ، ومكتبات إلكترونية ، وكذلك بوابات الإنترنت سواء كان عن بعد أو في الفصل الدراسي المهم المقصود هو استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة .
أهمية الدراسة :
تهدف هذه الدراسة إلي معرفة فوائد التعليم الالكتروني وكذلك معوقاته ومن ثم التطرق إلي مستقبل التعليم الالكتروني في ظل معوقاته في الوطن العربي.
أولا: التعليم الإلكتروني وعوائقه:-
- مزايا وفوائد التعليم الالكتروني:
- زيادة إمكانية الاتصال بين الطلبة فيما بينهم، وبين الطلبة والمدرسة، وذلك من خلال سهولة الاتصال ما بين هذه الأطراف في عدة اتجاهات مثل مجالس النقاش، البريد الإلكتروني، غرف الحوار, وهذا يعد حافزا للطلاب علي المشاركة والتفاعل مع المواضيع المطروحة.
- سهولة الوصول إلى المعلم : فأتاح التعليم الالكتروني سهولة كبيرة في الحصول علي المعلم والوصول إليه في أسرع وقت .
- الإحساس بالمساواة: هذا النوع من التعليم يكون له فائدة كبيرة بالنسبة للطلاب الذين يشعرون بالخوف والقلق أو الخجل عند المناقشة, فهذا الأسلوب في التعليم يجعل الطلاب يتمتعون بجرأة اكبر في التعبير عن أفكارهم والبحث عن الحقائق.
- القدرة علي تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتطبيقية المهنية للملتحقين بالتعليم الالكتروني لما يتمتع به من مرونة وحداثة .
- ارتباط التعليم الالكتروني بحاجات الأفراد التطبيقية, والمهنية, والشخصية, والاجتماعية.
- إمكانية تحوير طريقة التدريس فمن الممكن تلقي المادة العلمية بالطريقة التي تناسب الطالب سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة.
- توفير المناهج طوال اليوم وفي كل أيام الأسبوع .
- يعد التعليم الالكتروني مظهر من مظاهر التقدم التكنولوجي, فقبل الثورة الصناعية كان علينا أن نذهب إلي المدرسة, أما في عصر الثورة المعرفية فان المدرسة سوف تأتي إلينا في بيوتنا.
- عدم الاعتماد علي الحضور الفعلي .
- سهولة وتعدد طرق تقييم الطالب .
- تقليل الأعباء الإدارية بالنسب للمعلم .
- تقليل حجم العمل في المدرسة .
ب – مزايا أساليب التعليم الإلكتروني بالمقارنة بالأساليب التقليدية للتعليم :
- تجاوز قيود المكان والزمان في العملية التعليمية.
- توسيع فرص القبول في التعليم العالي وتجاوز عقبات محدودية الأماكن , وتمكين مؤسسات التعليم العالي من تحقيق التوزيع الأمثل لمواردها المحدودة.
- يتغلب هذا النمط علي الكثير من العوائق التي تحد من إمكانية الالتحاق بالتعليم التقليدي مثل: الانتظام, التوقيت, المكان, ظروف العمل, متطلبات القبول, العمر, نظم التقويم, الشهادات.
- سهولة الوصول إلى المعلم حتى خارج أوقات العمل الرسمية.
- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين وتمكينهم من إتمام عمليات التعلم في بيئات مناسبة لهم والتقدم حسب قدراتهم الذاتية.
- نشر ثقافة التعلم والتدريب الذاتيين في المجتمع والتي تمكن من تحسين وتنمية قدرات المتعلمين والمتدربين بأقل تكلفة وبأدنى مجهود.
- تخفيض الأعباء الإدارية للمقررات الدراسية من خلال استغلال الوسائل والأدوات الإلكترونية في إيصال المعلومات والواجبات والفروض للمتعلمين وتقييم أدائهم.
- استخدام أساليب متنوعة ومختلفة أكثر دقة وعدالة في تقييم أداء المتعلمين. هذا النمط ييسر فرص الالتحاق لفئات عمرية أوسع من الفئة العمرية التي تحددها المؤسسات التقليدية مثل : الكبار , العمال , ربات البيوت .
جـ – العوامل والمبررات التي أدت إلي ظهور التعليم الالكتروني :
- زيادة أعداد المتعلمين بشكل حاد لا تستطيع المدارس المعتادة استيعابهم جميعا ، وقد يرى البعض أن التعليم المعتاد ضرورة لإكساب المهارات الأساسية مثل القرآن الكريم والقراءة والكتابة والحساب ، إلا أن الواقع يدل على أن المدارس بدأت تئن من الأعداد المتراكمة من المتعلمين ، ونرى أن مثل هذا النوع من التعليم ينبغي أن يشجع في المستويات المتقدمة (الثانوية وما بعدها) أما المراحل الدنيا من التعليم فإن هذا النوع من التعليم قد لا يناسبها تماما.
- يعتبر هذا التعليم رافدا كبيرا للتعليم المعتاد، فيمكن أن يدمج هذا الأسلوب مع التدريس المعتاد فيكون داعما له.
- يرى البعض مناسبة هذا النوع من التعليم للكبار الذين ارتبطوا بوظائف وأعمال وطبيعة أعمالهم لا تمكنهم من الحضور المباشر لصفوف الدراسة.
- ونظرا لطبيعة المرأة المسلمة وارتباطها الأسري، فإننا نرى أن هذا النوع من التعليم يعتبر واعدا لتثقيف ربات البيوت، ومن يتولين رعاية المنازل وتربية أبناءهن.
- ومن الطبيعي أن تتسبب الممارسات في نظم التعليم التقليدي من ظهور فجوة كبيرة بين الطموح التعليمي المشروع وقدرة هذه النظم علي تلبيته ولعل ابرز مظاهرها يتمثل في:
أ- الأفراد الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالتعليم التقليدي والذين انقطعوا عن الدراسة لظروف قاهرة والذين يريدون الجمع بين التعليم والعمل والأفراد الذين أكملوا تعليمهم ولكن يريدوا أن يكتسبوا علما جديدا.
ب- الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة التي تريد الالتحاق بالتعليم الجامعي ولا يتاح لها المجال بسبب سياسات القبول الجامدة .
ت- فئات المجتمع المحرومة من التعليم نتيجة لأوضاع اجتماعية, أو اقتصادية, أو سياسية أو إعاقات جسدية.
ث- وهناك أسباب ترجع إلي الجامعات العربية منها تكدس الجامعات العربية التقليدية بالطلاب, وعدم وجود العدد الكافي من أعضاء هيئة التدريس, وعدم وجود المختبرات والأجهزة والتقنيات الأخرى بالقدر المناسب لعدد الطلاب الدارسين في هذه الجامعات.
معوقات التعليم الإلكتروني:
التعليم الإلكتروني كغيرة من طرق التعليم الأخرى لديه معوقات تعوق تنفيذه ومن هذه العوائق:
- تطوير المعايير : يواجه التعليم الإلكتروني مصاعب قد تطفئ بريقه وتعيق انتشاره بسرعة وأهم هذه العوائق قضية المعايير المعتمدة.
- الأنظمة والحوافز التعويضية من المتطلبات التي تحفز وتشجع الطلاب على التعليم الإلكتروني . حيث لازال التعليم الإلكتروني يعاني من عدم وضوح في الأنظمة والطرق والأساليب التي يتم فيها التعليم بشكل واضح كما أن عدم البت في قضية الحوافز التشجيعية لبيئة التعليم هي إحدى العقبات التي تعوق فعالية التعليم الإلكتروني.
- نقص الدعم والتعاون المقدم من أجل طبيعة التعليم الفعالة, ونقص المعايير لوضع وتشغيل برنامج فعال ومستقل, ونقص الحوافز لتطوير المحتويات.
- الخصوصية والسرية: إن حدوث هجمات على المواقع الرئيسية في الإنترنت، أثرت على المعلمين والتربويين ووضعت في أذهانهم العديد من الأسئلة حول تأثير ذلك على التعليم الإلكتروني مستقبلاً ولذا فإن اختراق المحتوى والامتحانات من أهم معوقات التعليم الإلكتروني.
- التصفية الرقمية : هي مقدرة الأشخاص أو المؤسسات على تحديد محيط الاتصال والزمن بالنسبة للأشخاص ، ثم هل هذه الاتصالات مقيدة أما لا ، وهل تسبب ضرر وتلف ، ويكون ذلك بوضع فلاتر أو مرشحات لمنع الاتصال أو إغلاقه أمام الاتصالات غير المرغوب فيها وكذلك الأمر بالنسبة للدعايات والإعلانات .
- مدى استجابة الطلاب مع النمط الجديد وتفاعلهم معه.
- مراقبة طرق تكامل قاعات الدرس مع التعليم الفوري والتأكد من أن المناهج الدراسية تسير وفق الخطة المرسومة لها.
- وجود شح بالمعلم الذي يجيد ” فن التعامل الالكتروني “، وإنه من الخطأ التفكير بأن جميع المعلمين في المدارس يستطيعون أن يساهموا في هذا التعليم.
- زيادة التركيز على المعلم وإشعاره بشخصيته وأهميته بالنسبة للمؤسسة التعليمية والتأكد من عدم شعوره بعدم أهميته وأنه أصبح شيئاً تراثياً تقليدياً.
- وعي أفراد المجتمع بهذا النوع من التعليم وعدم الوقوف أمام الحاجة المستمرة لتدريب ودعم المتعلمين والإداريين في كافة المستويات، حيث أن هذا النوع من التعليم يحتاج إلى التدريب المستمر وفقاً لتجدد التقنية.
- الحاجة إلى تدريب المتعلمين لكيفية استخدام الإنترنت.
- الحاجة إلى نشر محتويات على مستوى عالٍ من الجودة ، ذلك أن المنافسة عالمية .
- القواعد القديمة التي تعوق الابتكار ووضع طرق جديدة تنهض بالابتكار في كل مكان وزمان للتقدم بالتعليم وإظهار البراعة.
ثانيا: المرأة والتعليم الالكتروني:-
للتعليم الإلكتروني أهمية كبيرة بالنسبة للمرأة , نظرا لما عليها من واجبات , فالتعليم الالكتروني يساعدها علي الجمع بين واجباتها وتعليمها وهذا عامل من العوامل التي ساعدت علي ظهور التعليم الالكتروني , ونحن في المجتمع العربي الإسلامي يقع علي عاتق المرأة واجبات عديدة منها رعاية المنزل وتربية أولادها , فكان من الصعب عليها أن تدرس وتكمل تعليمها في ظل هذه الواجبات , والتعليم الالكتروني أتاح للمرأة فرصة التعليم مع عدم الإخلال بواجباتها الأسرية . وفي تقرير صادر عن الجمعية الأمريكية للجامعة النسائية ( مجلة الجزيرة الالكترونية – العدد 6 – 2002 ) تبين أن عدد الحاصلين على شهادات جامعية عن طريق المراسلة في ازدياد ، والغالبية العظمى من هذه النسبة من النساء حيث يشكلن حوالي 60% من عدد الطلبة وغالبيتهن تتجاوز أعمارهن الخامسة والعشرين ، ويلاحظ أن الأمهات العاملات هن من يتطلعن دائما لرفع مستواهن التعليمي وهن بذلك يتحملن مسؤوليات أخرى فضلا عن مسؤولية البيت ومسؤولية الوظيفة. فالتكنولوجيا لا تزيد من أوقات الفراغ للمرأة بل تعطيها فرصة لتطوير نفسها أكاديمياً من خلال تنظيمها لوقتها.
ويلقى التعليم الإلكتروني إقبالا كبيراً لدى النساء أكثر منه لدى الرجال لعدة أسباب منها:
1- المرونة: أن تتلقى التعليم الآخر الذي تطمح إليه دون الحاجة إلى الانتقال إلى مكان آخر غير بيتها ودون احتكاك بالنصف الآخر، وبالتالي دون كسر للأعراف وتجاوز للتقاليد أي تستطيع أن تحضر المحاضرات بينما هي في بيتها ترعى أطفالها.
2- التكلفة الأقل: حيث ستوفر تكلفة الحضانة التي تضع فيها أطفالها لأنها لن تغادر منزلها. 3- استغلال الوقت: حيث تحصل على درجة جامعية وفي نفس الوقت لن يعطلها هذا عن واجباتها المنزلية.
4-عادة ما يتراوح أعمار الطلبة في الجامعات بين 18- 22 عاماً ، لهذا يواجه من تجاوز هذه المرحلة العمرية صعوبة في التأقلم مع الطلبة في الجامعات التقليدية ، لكن في حالة التعليم بالمراسلة تتلاشى هذه المشكلة لعدم الاحتكاك المباشر بين الطلبة.
وعلى الرغم من المزايا العديدة للتعليم الالكتروني بالنسبة للمرأة فقد توجد بعض السلبيات بالنسبة للمرأة وتتمثل في رسومها العالية وغلاء المواد التعليمية المصاحبة لها.. إضافة إلى أن العديد من هذه الدورات غير معتمدة لدى جهات تعليمية كثيرة.
ثالثا: معوقات أمام مستقبل التعليم الالكتروني في الدول العربية وحلولها:-
للتعليم الإلكتروني أهمية كبري في الوطن العربي نظرا لما يحمله في طياته من مزايا تحتاج إليها طلاب الدول العربية , ولكن هل يلقي التعليم الالكتروني إقبال كبير من الطلاب العرب أمام معوقاته التي من أهمها التكلفة الباهظة , وهل يكون للتعليم الالكتروني مستقبل في الدول العربية ؟ وللإجابة علي هذه الأسئلة القي الضوء علي بعض النقاط الأساسية وهي البيئة التربوية المتغيرة وتكييف المتعلمين وتعلم التكييف ودور المعلم العربي في التعليم الالكتروني ومستقبله ومعوقات المستقبل ومستقبل المعوقات.
البيئة التربوية المتغيرة:
هناك سؤال ينبغي طرحه علي الساحة والذي لا توجد له إجابة بسيطة في الوقت الراهن, وهو هل يجدر للمرء استثمار وقته وماله في التعليم الالكتروني في الوطن العربي ؟ هناك الكثيرون ممن يعارضون ذلك, كما يوجد بعض المعلمين والعاملين بالمجال الأكاديمي والذين يساورهم الشك بشأن القيمة التي يساهم فيها التعليم الالكتروني في مجال التعليم. فضلا عن ذلك , إن أسهم وتكاليف هذا الابتكار عالية , وحدوث الجدل المتوقع حول حقوق الملكية الفكرية ومسائل الخصوصية والأمان وان تغيير أدوار المعلمين والعاملين بالمجال الأكاديمي يمثل تحد للنماذج الموجودة بالفعل ويثير القلق , وربما الرعب , في نفوس من يظنون أن أصحاب الفكرة الجديدة يخاطون جودة التعليم . لذلك يجب علي الدول العربية أن تحاول أن تخفض من تكاليف هذا التعليم وتضع قواعد تحكم الملكية الفكرية وتشجع المعلمين علي التعليم الالكتروني , كل هذا يساعد علي ازدهار مستقبل التعليم الالكتروني في الوطن العربي .
تكييف المتعلمين وتعلم التكييف:
من أهم معوقات التي تقابل مستقبل التعليم الالكتروني في الوطن العربي هي عدم علم أغلب الطلاب بمفهوم التعليم الالكتروني فكيف يكون للتعليم الالكتروني مستقبل في الوطن العربي وطلائع المستقبل لم يكن لديهم فكرة عن هذا التعليم. فيجب علي الدول العربية أن تكيف الطلاب بهذا النوع من التعليم منذ الصغر فيمكن أن تدرس التعليم الالكتروني ضمن مادة الحاسوب , كما يتعين علي الدول العربية أن تغير الأفكار الراسخة في أذهان الجميع حول عملية التعليم الالكتروني , حيث يريد طلائع المستقبل أن يتملكوا القدرة علي ” معرفة كيفية التعليم وما يرغبون في تعلمه ” وبهذا يتمتعون بالاستقلالية ويتميزون بالمهارة كما يشعرون بالراحة ويكونوا أكثر تبصرا.
دور المعلم العربي في التعليم الالكتروني :
إن التعليم في النظام التقليدي الذي ينحصر بجدران , ويقيد الطالب بدوام الحضور , ويتطلب شروطا معينة لدى الالتحاق به , يختلف عن التعليم الالكتروني الذي لا ينحصر بين جدران , ولا يقيد الطالب بدوام الحضور , ولا يتطلب شروطا معينة عند الالتحاق به , وتبعا لذلك فان دور المعلم في التعليم الالكتروني يختلف إلي حد ما عن دوره في التعليم التقليدي , وان كان الاثنان تجمع بينهما مهام مشتركة , ولعل المبررات التي تدعو إلي اختلاف دور المعلم في التعليم التقليدي عنه في التعليم الالكتروني تتجلي في النقاط الآتية :
المعلم في التعليم الالكتروني يتعامل مع مجموعة غير متجانسة من الطلبة عمرياً , وأكاديمياً , واقتصادياً , واجتماعياً ومهنياً في حين يتعامل معلم التعليم التقليدي مع فئة متجانسة نسبياً . يتيح نظام التعليم الالكتروني للطالب قدراً كبيراً من الحرية في اتخاذ القرارات التربوية المتعلقة بوضوح أهدافه بنفسه , واختيار التخصص الأكاديمي الذي يريده , واختيار طريقة الدراسة التي تناسبه ومراقبة عملية تعلمه , وتنظيم جدوله الدراسي بما يتوافق مع قدرته ووضعه الاجتماعي والاقتصادي , وميوله , وأعماله . ولكن في نظام التعليم التقليدي لا يتاح للمتعلم هذه الحرية , بل يعتبر المعلم هو المسئول الأول عن اتخاذها .
يؤمن نظام التعليم الالكتروني أن عملية التعلم مستمرة ومتطورة ومتغيرة باستمرار ، سواء أكان هذا التغير علمياً أو تقنياً أو اجتماعياً في حين التعليم التقليدي قد ينتهي بانتهاء الفترة الزمنية المحددة للحصول علي الشهادة .
تختلف طرق التدريس المتبعة في نظم التعليم الالكتروني عن الطرق المتبعة في نظام التعليم التقليدي: فطرق التدريس الالكتروني تتمحور حول الطالب وليس المعلم كما في نظام التعليم التقليدي وقوامها الكتاب المبرمج وشبكات الانترنت. هذه الاختلافات في النظم أدت إلي وجود اختلاف في دور المعلم إذ أصبح دوره ثانوياً يتجلى في قدرته علي تخطيط العملية التعليمية وفي مساعدة الطالب علي استخدام المواد المطبوعة أو المبرمجة والوسائل التقنية وغير التقنية المختلفة .
معوقات المستقبل ومستقبل المعوقات:
في ظل هذه المعوقات التي تكلمنا عليها فيما سبق يبقي سؤال: هل سيوجد مستقبل للتعليم الالكتروني في الوطن العربي ؟ هل سيلقى الاهتمام الكافي من الدول العربية ؟ وهل ستتخذ كل الأساليب والطرق لتوفير الفرص الكافية للحصول علي التعليم الالكتروني ؟
فهناك تحد حقيقي يواجه الدول العربية الآن هو ذلك التطور التكنولوجي الهائل وثورة المعلومات ولذا فيجب عليها أن تحدد رؤيتها المستقبلية بخصوص العملية التعليمية وان يكون التعليم الالكتروني أحد عناصر هذه الرؤية وأحد السياسات التي يمكن الاستفادة منها وعليها اختيار ما يناسبها من وسائل التعليم الالكتروني المتعددة وأن تدرس تجارب الدول النامية الأخرى المشابهة لنفس ظروفها والاستعانة بالخبراء منها. وأن تتعاون مع بعضها لتتبادل بث البرامج مما يخفض تكلفة استخدام التعليم الالكتروني.
الخاتمة والتوصيات
خلال العقد الماضي كان هناك ثورة ضخمة في تطبيقات الحاسوب التعليمي ولا يزال استخدام الحاسب في مجال التربية والتعليم في بداياته التي تزداد يوماً بعد يوم، بل أخذ يأخذ أشكالاً عدة فمن الحاسب في التعليم إلى استخدام الإنترنت في التعليم وأخيراً ظهر مفهوم التعليم الإلكتروني الذي يعتمد على التقنية لتقديم محتوى للمتعلم بطريقة جيدة وفعالة. كما أن هناك خصائص ومزايا لهذا النوع من التعليم وأهم المزايا والفوائد في اختصار الوقت والجهد إضافة إلى إمكانية الحاسب في تحسين المستوى العام للتحصيل الدراسي، ومساعدة المعلم والطالب في توفير بيئة تعليمية جذابة. ورغم تلك الأهمية لهذا النوع من التعليم والنتائج الأولية التي أثبتت نجاح ذلك إلا إن الاستخدام لازال في بداياته في الدول العربية حيث يواجه هذا التعليم بعض العقبات والتحديات سواء أكانت تقنية تتمثل في عدم اعتماد معيار موحد لصياغة المحتوى أم فنية وتتمثل في الخصوصية والقدرة على الاختراق أو تربوية وتتمثل في عدم مشاركة التربويين في صناعة هذا النوع من التعليم.
أخيراً يمكن القول بأنه لضمان نجاح صناعة التعليم الإلكتروني في الوطن العربي يجب عمل ما يلي:
- التعبئة الاجتماعية لدى أفراد المجتمع للتفاعل مع هذا النوع من التعليم.
- ضرورة مساهمة التربويين في صناعة هذا التعليم.
- ضرورة توفير البنية التحتية لهذا النوع من التعليم والتي تتمثل في إعداد الكوادر البشرية المدربة وكذلك توفير خطوط الاتصالات المطلوبة التي تساعد على نقل هذا التعليم من مكان لآخر.
- وضع برامج لتدريب الطلاب والمعلمين والإداريين للاستفادة القصوى من التقنية.
- إنتاج البرامج اللازمة لهذا التعليم.
- زيادة برامج الدعم المادي لمساعدة الطلبة الذين يتلقون دورات قصيرة لأن حالتهم المادية لا تسمح لهم بالالتحاق بالدورات المكثفة.
- البحث في الصعوبات التي تواجهها الأم العاملة عند التحاقها بالتعليم الإلكتروني ومحاولة حلها.
- تثقيف المجتمع بالتعليم الإلكتروني وشرحه لهم بشكل أكبر.
- معاملة الطلاب عن طريق المراسلة مثل الطلاب التقليديين لا كمستهلكين أو زبائن.
- علي الدول العربية إن تحدد رؤيتها المستقبلية بخصوص العملية التعليمية وان يكون التعليم الالكتروني أحد عناصر هذه الرؤية.
- ويجب أيضا علي الدول العربية أن تدرس تجارب الدول النامية الأخرى المشابهة لنفس ظروفها والاستعانة بالخبراء منها.
- أن تتعاون مع بعضها لتتبادل بث البرامج مما يخفض تكلفة استخدام التعليم الالكتروني.
- علي الاتحاد العربي للاتصالات أن يقدم الدعم الفني والاستشارات للدول التي ترغب في استخدام التعليم الالكتروني وبناء مواقع عربية وخوادم عربية ومحركات بحث عربية.
قائمة المراجع
- د.إبراهيم بن عبد الله المحيسن ( 16-17 رجب 1423 هـ ) ، ” التعليم الالكتروني… ترف أم ضرورة ” ، ورقة عمل مقدمة لندوة: مدرسة المستقبل جامعة الملك سعود.
- أفنان نظير دروزة ( 1999 ) ، ” دور المعلم في عصر الانترنت ” ، المجلة العربية للتربية ، المجلد 19 ، العدد2 .
- م.بدر الحميد زيتون ( 2004 )، “ تكنولوجيا التعليم في عصر المعلومات والاتصالات “، عالم الكتب، القاهرة.
- بشير عبد الرحيم الكلوب ( 1993 )، ” التكنولوجيا في عملية التعلم والتعليم “، دار الشروق، عمان.
- جيلي سالمون ” التعلم عبر الانترنت ” ، ترجمة هاني مهدي الجمل ، مجموعة النيل العربية .
- عبد الله بن عبد العزيز الموسى (16-17/8/1423هـ )، ” التعليم الإلكتروني – مفهومة..خصائصه..فوائدة..عوائقه “، ورقة عمل مقدمة لندوة مدرسة المستقبل جامعة الملك سعود.
- عبد الله عمر الفرا (2004) ” القمر الصناعي والتعليم عن بعد ” ، مجلة التعليم ، السنة السابعة ، الكويت ، 198.
- محمد رضا البغدادي (1998) ” تكنولوجيا التعليم والتعلم “، دار الفكر العربي، القاهرة.
- نجوى جمال الدين (1999) ” التعليم عن بعد “، مجلة التربية والتعليم، المجلد الخامس- العدد الخامس عشر.