كتبت مني جودت
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً تحت عنوان “صناعة الأثاث عالميًّا ومحليًّا”، تناول خلاله وضع هذا القطاع على المستوى العالمي، ووضعه داخل مصر، وأبرز الفاعلين الدوليين في مجال صناعة الأثاث، مع التطرق إلى تأثير جائحة كوفيد- 19 على صناعة الأثاث، بالإضافة إلى استعراض التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال.
وأشار التقرير إلى أن صناعة الأثاث تُعد إحدى الصناعات الإنتاجية التي حققت تطوراً كبيراً خلال الفترة الماضية، وذلك نتيجة تنوع المدخلات المستخدمة والتطور التكنولوجي الهائل داخلها، كما أنها من الصناعات كثيفة العمالة، وكنتيجة للتطور الذي تشهده الصناعة، فقد أصبحت تعتمد على العديد من المواد المستخدمة في التصنيع ومنها الخشب الذى يُعتبر المادة الأكثر استخدامًا في صناعة الأثاث في جميع أنحاء العالم، وخشب MDF وهو يستخدم بشكل عام كبديل للخشب في المنازل الحديثة، ونظرًا لانخفاض سعره ووظائفه المتعددة، فهو يُعد أحد أكثر المواد شيوعًا المستخدمة في صناعة الأثاث، والزجاج، والمعادن، والأكريل، والبلاستيك.
وأشار تقرير مركز المعلومات ودعم القرار إلى أن قيمة صادرات الأثاث بلغت عالميًّا نحو 328.6 مليار دولار عام 2021، مقارنة بنحو 263.8 مليار دولار عام 2020، بنسبة ارتفاع بلغت نحو 24.6%. وتحتل الصين المرتبة الأولى كأكبر مصدر للأثاث على مستوى العالم، حيث بلغت قيمة الصادرات الصينية من الأثاث كنسبة من إجمالي صادرات العالم من الأثاث نحو 42.4% عام 2021. تلتها ألمانيا بنسبة 5.9%، ثم فيتنام بنسبة 5.8%، وفيما يتعلق بقيمة الواردات العالمية من الأثاث، فقد بلغت نحو 291.6 مليار دولار عام 2021، مقارنة بنحو 232.1 مليار دولار عام 2020، بنسبة ارتفاع بلغت نحو 25.6%. وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى كأكبر مستورد للأثاث عام 2021، حيث بلغت قيمة واردات الولايات المتحدة الأمريكية من الأثاث كنسبة من إجمالي واردات العالم من الأثاث نحو 27.9%، تلتها ألمانيا بنسبة 8.2%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 4.9%، أما فيما يتعلق بالشركات الكبرى في السوق العالمي لصناعة الأثاث، والتي تُسهم في نمو هذه الصناعة، فهي كالآتي؛ أشلي لصناعة الأثاث، ومجموعة إيكيا، وشركة هيرمان ميلر، وشركة HNI، وشركة ستيلكيس.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن الشركات المتوسطة والصغيرة تعمل على توسيع نطاق عملها في السوق من خلال الدخول في أسواق جديدة، ويرجع ذلك إلى التحسينات التقنية والابتكار في المنتجات والتصميمات الجمالية.
وعن تأثير جائحة كوفيد -19 على صناعة الأثاث عالميًّا، ذكر التقرير أنه على الرغم من عمليات الإغلاق المتعلقة بجائحة كوفيد 19 خلال عام 2020 فإن الإيرادات المحققة في قطاع صناعة الأثاث قد شهدت ارتفاعاً بنسبة 1.8% وذلك مقارنة بعام 2019، ويرجع ذلك إلى سلوك الأفراد الشرائي، وكان هناك توقّع بأن يشهد معدل نمو صناعة الأثاث عالميًّا انخفاضًا في عام 2022، بعد أن سجل نمواً بنحو 11.3% عام 2021، ويرجع ذلك إلى مستويات التضخم المرتفعة عالميًّا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة، والتي حدت من القدرة الشرائية للأفراد، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع مرة أخرى خلال السنوات الخمس المقبلة بسبب قيام الأفراد بالاستعداد لتجهيز منزلهم لأول مرة.
وجدير بالذكر أن نسبة الإيرادات المحققة من خلال بيع الأثاث عبر الإنترنت (أونلاين) عالميًّا من إجمالي الإيرادات المحققة من مبيعات الأثاث قد ارتفعت في عام 2020، حيث سجلت نموا بنحو 17%، مقارنة بنحو 15% عام 2019، ومن المتوقع أن تستمر هذه النسبة في الارتفاع لتصل إلى 25% في عام 2025، ومن ناحية أخرى، فإن الاستخدام المتزايد لمنصات التجارة الإلكترونية أدى إلى تسريع نمو سوق الأثاث في الدول الرائدة. ويعد هذا النمو مدفوعًا أيضًا بالتصميمات والنماذج الفريدة المختلفة لمنتجات الأثاث التي يقدمونها، وهو ما أدى إلى استفادة الشركات الكبرى باستراتيجيات التوزيع متعددة القنوات، مما سيؤدى إلى تحقيق المزيد من الإيرادات، وهذا، ومن المتوقع أن تحقق الولايات المتحدة الأمريكية أعلى إيرادات خلال الفترة (2022 – 2027)، تليها الصين، ثم ألمانيا، ثم فرنسا، ثم المملكة المتحدة..
وعن وضع صناعة الأثاث في مصر، أفاد التقرير أن صناعة الأثاث في مصر تُعد من الصناعات العريقة، والتي تتطلب مستويات حرفية مرتفعة. ويوجد لدى مصر مزايا نسبية عديدة تتميز صناعة الأثاث بها، ومنها: موقع مصر الجغرافي المتميز، والذي يعزز الوصول إلى الأسواق الرئيسة بسهولة، والانخفاض النسبي في تكلفة العمالة الماهرة، كما تتمتع صناعة الأثاث المصرية بنطاق واسع من حيث الأنماط والأحجام والسعات بما يساعد على تلبية احتياجات الأسواق الدولية بدءًا من المشروعات الكبرى حتى صغار تجار التجزئة.
وعن الأهمية النسبية لقطاع الصناعات الخشبية والأثاث في مصر، تشير البيانات إلى أن كل جنيه يتم إنفاقه في قطاع الأثاث في مصر يُضيف أكثر من 50 قرشًا إلى الاقتصاد القومي مقابل 30 قرشًا في المتوسط للقطاع الصناعي بالكامل في مصر، وتبلغ نسبة مساهمة قطاع الصناعات الخشبية والأثاث في مصر 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ عدد المنشآت العاملة في قطاع الأثاث في مصر 15.8 ألف منشأة، وتجدر الإشارة إلى أن كل مليون جنيه يتم استثماره في قطاع الأثاث في مصر يوفر نحو 10 وظائف، مقارنة بنحو 3 وظائف يتم توفيرها إذا تم استثمار المبلغ نفسه في باقي القطاعات، وتُشير بيانات هيئة التنمية الصناعية إلى أن عدد العاملين في قطاع الأثاث بالمنشآت المسجلة بالهيئة بلغ نحو 69 ألف عامل حتى عام 2022، مقارنة بنحو 60.8 ألف عامل عام 2021بنسبة ارتفاع قدرها 13.5%.
وقد أبرز التقرير أهم المناطق التي تتركز بها صناعة الأثاث في مصر ومنها محافظة دمياط، والتي استطاعت أن تحقق مكانة متقدمة على المستويين المحلي والدولي، كما يعمل نحو 70% من القوة العاملة داخل المحافظة في صناعة الأثاث. وتقوم صناعة الأثاث بالمحافظة على وحدات إنتاجية، ويتولى القطاع الخاص إدارة معظمها.
وفي إطار توجهات الحكومة المصرية لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة، تم إنشاء مدينة دمياط للأثاث، وافتتحت في شهر ديسمبر عام 2019، ويعد هذا المشروع من أهم المشروعات القومية التي تمت إقامتها بهدف الارتقاء بصناعة الأثاث بدمياط، وتحويل هذه الصناعة من حرفة إلى صناعة تستخدم الأساليب التكنولوجية الحديثة، ولتكون بمثابة بوابة وصول الأثاث الدمياطي إلى الأسواق العالمية. وتعد مدينة دمياط للأثاث أكبر منطقة صناعية والأولى من نوعها في الشرق الأوسط والمتخصصة في صناعة الأثاث والصناعات المكملة لها، كما تعتبر منطقة المناصرة من أهم مناطق صناعة الأثاث بمحافظة القاهرة، وتعد بمثابة صورة مصغرة لمدينة دمياط، ولا تزال هذه المنطقة هي الأولى بمحافظة القاهرة لتجارة الأثاث، حيث تلائم أسعارها جميع فئات المجتمع، وتضم المنطقة آلاف العمال وعشرات الورش، وتواجه المنطقة حاليًّا منافسة قوية مع الأثاث المستورد من الصين الأقل سعرًا؛ وذلك بسبب غلاء أسعار الأثاث في ظل ارتفاع أسعار الأخشاب والخامات بدرجة كبيرة، كما اشتهرت قرية طنان بمحافظة القليوبية بصناعة الأثاث منذ فترة طويلة، وتأتي هذه القرية في المركز الثاني بعد محافظة دمياط في تصنيع الأثاث، وتضم أغلب المنازل بالقرية معارض كبيرة للأثاث باختلاف أنواعه، وتوفر هذه الصناعة فرص عمل كثيرة للخريجين من الشباب أو الطلاب في أثناء الإجازات، تقدم هذه القرية منتجات أثاث عالية الجودة بأرخص الأسعار على مستوى الجمهورية.
وسلط تقرير مركز المعلومات الضوء على بداية قطاع الأثاث في مصر للتصدير، وذلك منذ أوائل الستينيات إلى كل من الاتحاد السوفيتي ودول شرق أوروبا، وفي أوائل الثمانينيات تم التصدير إلى الدول العربية وخاصة دول الخليج، وبدءًا من عام 2011، واجه القطاع انخفاضًا في حجم الطلب؛ نتيجة انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض حجم السياحة، بالإضافة إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، والذي أدى إلى ارتفاع تكاليف استيراد الأخشاب والمواد الخام، ولكن تجدر الإشارة إلى أن الانخفاض في قيمة العملة المحلية يمكن أن يكون بمثابة دعم لصادرات مصر من الأثاث.
وفي الآونة الأخيرة، انخفضت صادرات مصر من الأثاث، حيث شهدت الفترة (2017 – 2021)، انخفاضًا تدريجيًّا في قيمة صادرات مصر من الأثاث، ففي عام 2021، بلغت قيمة صادرات مصر من الأثاث نحو 214,7 مليون دولار، مقارنة بنحو 220.0 مليون دولار عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 2.4%، وجاءت المملكة العربية السعودية في مقدمة دول العالم استيرادًا للأثاث من مصر عام 2021، حيث استوردت ما قيمته 44.7 مليون دولار، بما يُمثل 20.8% من إجمالي صادرات مصر من الأثاث، تليها الإمارات العربية المتحدة بقيمة 30.2 مليون دولار، ثم العراق بقيمة 20.7 مليون دولار، وأبرز التقرير ارتفاع واردات مصر من الأثاث بنسبة 7.2% عام 2021؛ لتسجل 303.3 ملايين دولار مقابل نحو 282.9 مليون دولار عام 2020، ولكنها منخفضة مقارنة بنحو 10% عن عام 2019 والتي سجلت خلالها 337.1 مليون دولار.
كما تطرق التقرير إلى التجارب الدولية الناجحة في صناعة الأثاث، وأهمها؛ الصين، حيث شهد الاقتصاد الصيني انتعاشًا بعد التأثير السلبي لجائحة كوفيد- 19، حيث ارتفعت إيرادات مصنعي الأثاث بنسبة 13.5٪ على أساس سنوي عام 2021، ويمثل الأثاث المعدني والخشبي ما يقرب من 80٪ من الأثاث المصنوع في الصين، بينما يشكل الأثاث الناعم 7.6٪. كما ارتفعت مبيعات التجزئة للأثاث في الصين بنسبة 4.3 ٪ عام 2021، وزاد إنتاج الأثاث الخشبي والأثاث المعدني والأثاث الناعم عام 2021 بنسبة 14.1٪ و17.7 ٪ و6.1 ٪ على التوالي. كما ارتفع إجمالي إنتاج الأثاث عام 2021 بنسبة 14.0٪ مقارنة بعام 2020 ليسجل 1.12 مليار قطعة.
وتعد ألمانيا أحد أكبر مصدري الأثاث في الاتحاد الأوروبي، على مستوى العالم، حيث تحتل ألمانيا المرتبة الثانية بعد الصين كأكبر مصدر للأثاث على مستوى العالم، وهو ما يجعل صناعة الأثاث أحد الأسواق التي تحقق أرباحا مرتفعة، حيث ارتفع حجم صناعة الأثاث بنسبة 13.4% في النصف الأول من عام 2022، كما تمكن مصنعو الأثاث في ألمانيا من زيادة مبيعاتهم بنحو 9.5 مليارات يورو، في النصف الأول من عام 2022.
ثم جاءت فيتنام في المركز الثالث بعد كل من الصين وألمانيا كأكبر مصدر للأثاث في العالم خلال عام 2022، حيث أصبحت فيتنام من أفضل الأماكن في العالم لإنشاء مصانع أثاث، كما أنه يتم تصدير الأثاث الفيتنامي إلى أكثر من 120 دولة، من بينها الأسواق الرئيسية، وهي: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، واليابان، ومن المتوقع أن ينمو سوق أثاث المطبخ الفيتنامي سنويًّا بمعدل نمو سنوي مركب بنحو 3.70٪ خلال الفترة (2021 – 2026).
وجاءت بولندا من المصدرين الرئيسيين للأثاث على مستوى العالم، حيث توفر معظم الأثاث لألمانيا وجمهورية التشيك وبريطانيا العظمى، كما يبلغ نصيب سوق الأثاث في بولندا نحو 2.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي البولندي، وهي بذلك يرتفع نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالدول الأخرى المنتجة للأثاث في الاتحاد الأوروبي، فوفقًا لإحصائيات بولندا، في عام 2020، بلغ إجمالي الإنتاج المباع من الأثاث البولندي نحو 41.8 مليار زلوتي بولندي (انخفض بنسبة 4.16٪ مقارنة بعام 2019).
كما تلعب صناعة الأثاث الإيطالية دورًا مهمًّا في الاقتصاد الإيطالي، وتعتبر إيطاليا واحدة من المصدرين الرئيسيين للأثاث في العالم وخامس أكبر مصدر للأثاث على المستوى العالمي، ويتميز سوق الأثاث الإيطالي بإنتاجه المميز فيما يتعلق بأثاث غرفة المعيشة وغرفة الطعام، وهو ما يمثل نحو 29٪ من سوق الأثاث الإيطالي في عام 2018، يليه أثاث غرف النوم بنحو 19٪، وأثاث المكاتب بنحو 16٪ من المبيعات، وأثاث المطبخ بنحو 15٪، والجدير بالذكر أن إيرادات إيطاليا من سوق الأثاث بلغت نحو 15.7 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن تنمو سنويا بنسبة 4.23٪. وتجدر الإشارة إلى أن إيرادات غرف المعيشة في إيطاليا بلغت نحو 3.36 مليارات دولار أمريكي في عام 2022، وتعتبر كل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا أهم الشركاء التجاريين لإيطاليا فيما يتعلق بصناعة الأثاث.