كتب د/ عادل عامر
إن ارتفاع معدل التضخم السنوي لمصر، جاء نتيجة عوامل خارجية وداخلية، لان العوامل الخارجية هي ارتفاع معدل التضخم العالمي وانخفاض حجم المعروض في ظل زيادة الطلب بعد انحسار تداعيات جائحة كورونا- ويمثل 35% من نسبة الارتفاع في التضخم الحالي- أما العوامل الداخلية فأبرزها زيادة أسعار الأغذية والمشروبات واللحوم والطيور في الأسواق بنسبة كبيرة خلال الشهر الماضي، منوهًا إلى أن تأثير تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا ستظهر في قراءة التضخم الشهر المقبل.
وارتفع سجل قسم الطعام والمشروبات بنسبة 20.1% خلال شهر فبراير عام 2022 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، نتيجة زيادة أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 43.5%، الزيوت والدهون بنسبة 34.4%، السكر والأغذية بنسبة 19.3%، اللحوم والدواجن بنسبة 18.1%.
كان الدعم الحكومي عاملا حيويا في مساعدة الأفراد والشركات على تجاوز مرحلة الإغلاقات العامة التي فرضتها الجائحة ودعم التعافي الاقتصادي. غير أنه في حالة التضخم المرتفع الذي يراوح مكانه، لا يوجد مبرر للدعم المالي المعمم. وقد تراجعت معظم الحكومات بالفعل عما كانت تقدمه من دعم أثناء الجائحة، ومع استمرار معاناة الكثيرين، ينبغي أن تستمر الحكومة في إعطاء أولوية لمساعدة أكثر الفئات ضعفا على مواكبة التكلفة شديدة الارتفاع للغذاء والطاقة وتغطية التكاليف الأخرى – غير أن على الحكومات أيضا أن تتجنب زيادة الطلب الكلي الذي يهدد بعودة التضخم إلى الارتفاع. وفي كثير من الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، يمكن أن يحقق الانضباط المالي خفضا للتضخم مع تحقيق خفض موازْ في المديونية.
قد استمر ظهور التضخم المنخفض في مجموعة واسعة من البلدان والمناطق. وبحلول عام 2015، كانت معدلات التضخم قد انخفضت عن مستوى التوقعات متوسطة الأجل في أكثر من 85% من العينة التي تجاوز عددها 120 اقتصادا – 20% منها كانت تمر بالفعل بانكماش صريح. وأحد أسباب ذلك هو الهبوط الحاد في أسعار النفط أثناء عام 2014، ولكن التضخم الأساسي، الذي تُستَبعد منه أسعار الغذاء والنفط، انحدر أيضا إلى أقل من المستويات المستهدفة التي حددتها البنوك المركزية للتضخم في معظم الاقتصادات المتقدمة وكثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة مؤخرا. ورغم أن انخفاض التضخم طال كل القطاعات، فإن الهبوط كان أكبر في أسعار المنتجين الصناعيين منه في أسعار الخدمات.
أن زيادة الأنفاق الحكومي بشكل “توزيعات نقدية” هو السبب الرئيس في ارتفاع معدلات التضخم، وأن البيت الأبيض لم يستمع لكل من حاولوا التحذير من ذلك، بل على العكس تواصل الإدارة السعي لزيادة الإنفاق بما يمكن أن يعوق محاولات الاحتياطي كبح جماح التضخم. ويطالب المشرعون في الكونغرس، بمجلسيه النواب والشيوخ، بعدم الموافقة على خطة الإنفاق الجديدة للحكومة الأميركية بعنوان “البناء الأفضل للمستقبل”، فبدلاً من التوسع في الإنفاق يتعين وقف الإنفاق لضبط معادلة الأسعار في الاقتصاد. تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة للحد من الطلب واحتواء التضخم، الذي بلغ في كثير من البلدان أعلى مستوياته منذ ثمانينات القرن الماضي. ولأن ارتفاعات الأسعار السريعة مكلفة بالنسبة للمجتمع وضارة باستقرار النمو الاقتصادي، يجب أن تتحرك السياسة النقدية لمواجهتها على نحو حاسم.
وبينما تمتلك السياسة النقدية الأدوات اللازمة لخفض التضخم، فإن سياسة المالية العامة يمكنها وضع الاقتصاد على مسار أسلم في المدى الطويل من خلال الاستثمار في البنية التحتية والرعاية الطبية والتعليم؛ والتوزيع العادل للدخول والفرص عن طريق نظام عادل للضرائب والتحويلات؛ وتوفير الخدمات العامة الأساسية. غير أن رصيد المالية العامة الكلي يؤثر في الطلب على السلع والخدمات وعلى الضغوط التضخمية.
وتخفيض العجز من شأنه تهدئة الطلب الكلي والتضخم، ومن ثم لا يحتاج البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة كثيرا للوصول إلى هذه النتيجة. وبالإضافة إلى ذلك، فمع الأوضاع المالية العالمية التي تفرض قيودا على الميزانيات، ونِسَب الدين العام التي تجاوزت مستويات ما قبل الجائحة، فإن تخفيض العجز يعالج أيضا مواطن الضعف المتعلقة بالديون. تضخم اقتصادي
التضخم الاقتصاديInflation هو ارتفاع تصاعدي ومستمر لمستوى الأسعار في الاقتصاد نتيجة لانخفاض قيمة النقود، ولا يوجد سبب واحد فقط للتضخم، ومن ذلك حالة جذب الطلب أي عندما يزيد الطلب على العرض فترتفع الأسعار، وهناك حالة دفع النفقات وذلك عندما ترتفع نفقات الصناعة وخصوصاً في بند الأجور فتدفع الأسعار إلى أعلى، وكذلك يوضع ضمن الأسباب المؤدية للتضخم بعض العوامل الخارجية مثل ارتفاع أسعار المواد الأولية كالبترول مثلاً مما يؤثر على موازين المدفوعات وبالتالي على استقرار العملة المحلية.
التضخم بالمعنى الاقتصادي هو ضعف القوة الشرائية للعملة، فإذا كان عشر وحدات من عملة البلد تشتري كيلو غرام من اللحم أو فرختين في الزمن الحاضر، ثم ضعفت القيمة الشرائية للعملة بعد سنة وأصبح ثمن كيلو اللحم أو قيمة الفرختين ما يعادل خمس عشرة وحدة من وحدات العملة المحلية، فهذا يعني أن التضخم حدث بمعدل كبير وهو 50%. لذا فإن المستثمر الذي ربط أمواله لفترة طويلة بعائد مقبول لديه وقت بداية الاستثمار، أصبح خاسرا، ليس بسبب سوء اختياره لقناة الاستثمار، بل لأن عاملا آخر وهو التضخم قد قضى على قدر كبير من قيمة استثماره. والتضخم أمر لا بد منه، فالأشياء ترتفع أسعارها، فبذلك تقل قيمة النقود أمام السلع، فما كان الإنسان يشتريه منذ ثلاث سنوات بمبلغ 20 دولارا مثلا فإنه الآن غالبا ما يكون بخمسة وعشرين دولارا، وهذا هو التضخم.
والتضخم المقبول والمعقول والمتوقع وجوده يكون صغير المقدار وقد لا يتجاوز نصفا في المائة أو واحدا في المائة في العام، عندما يكون الوضع الاقتصادي للبلد سليما وصحيحا. علما بأن تضخما في حدود 1-2% لا يمكن اعتباره نذير سوء، ولكن في حالة تجاوز معدل التضخم لهذا المعدل فإن هذا يعني وجود خلل اقتصادي كبير.
تعمل الدول ذات الاقتصاد الحر والقوي على متابعة مؤشرات الأسعار لمعرفة التضخم ومقداره ومنشئه، ومن هنا يبدأ العلاج. تتخذ الدول الرأسمالية معدل الفائدة وسيلة للحد من التضخم، فتتعامل بمعدل الفائدة بالزيادة أو النقصان لكي تعالج التضخم، فعندما يكون هناك علامات تضخم بدأت في الظهور، فإن البنك المركزي يعمل على زيادة نسبة الفائدة، والحكمة من ذلك هو الرغبة في سحب الأموال من السوق وتوجيهها إلى عملية توفير أو استثمار، فعندما تكون أسعار الفائدة عالية فإن الإغراء في الاستثمار سيرتفع لكبر الفائدة العائدة على المستثمر.
وهو من أكبر الاصطلاحات الاقتصادية شيوعاً غير أنه على الرغم من شيوع استخدام هذا المصطلح فإنه لا يوجد اتفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريفه ويرجع ذلك إلى انقسام الرأي حول تحديد مفهوم التضخم حيث يستخدم هذا الاصطلاح لوصف عدد من الحالات المختلفة مثل
الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار.
ارتفاع الدخول النقدية أو عنصر من عناصر الدخل النقدي مثل الأجور أو الأرباح.
ارتفاع التكاليف.
الإفراط في خلق الأرصدة النقدية.
وليس من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد في وقت واحد… بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصحبه ارتفاع في الدخل النقدي… كما أن من الممكن أن يحدث ارتفاع في التكاليف دون أن يصحبه ارتفاع في الأرباح… ومن المحتمل أن يحدث إفراط في خلق النقود دون أن يصحبه ارتفاع في الأسعار أو الدخول النقدية
وبعبارة أخرى فإن الظواهر المختلفة التي يمكن أن يطلق على كل منها ” التضخم ” هي ظواهر مستقلة عن بعضها بعضاً إلى حد ما وهذا الاستقلال هو الذي يثير الإرباك في تحديد مفهوم التضخم. ويميز اصطلاح التضخم بالظاهرة التي يطلق عليها وبذلك تتكون مجموعة من الاصطلاحات وتشمل:
تضخم الأسعار: أي الارتفاع المفرط في الأسعار.
تضخم الدخل: أي ارتفاع الدخول النقدية مثل تضخم الأجور وتضخم الأرباح.
تضخم التكاليف: أي ارتفاع التكاليف.
التضخم النقدي: أي الإفراط في خلق الأرصدة النقدية.
أن وقف زيادة معدل التضخم، مرتبط بعدم التكالب من المستهلكين على شراء السلع، وهو أمر من الصعب تحقيقه في الوقت الحالي في ظل ارتفاع الاستهلاك خلال فترة شهر رمضان، إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال جائحة فيروس كورونا ارتبط إلى حد كبير بأحد أبرز تداعيات الجائحة التي تسببت في حدوث اختلالات بسلاسل الإمداد والتي تسببت هي الأخرى في صعوبة تدفق السلع والخدمات بشكلٍ سلس وسهل، وذلك إما نتيجة لتعليق عمل معظم وسائل النقل العالمية وإصابتها بشلل تام، أم بسبب تحفظ عدد من دول العالم بتصدير منتجاتها، وبالذات الغذائية لدول العالم بحجة أن مواطنيها ورعياها والوطن عموماً أولى وأحق بتغطية احتياجاته من السلع الأساسية والضرورية عن غيره وبالذات في أوقات الأزمات. الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة وتداعياتها وكما يقول المثل المشهور “زاد الطين بِلَّة” من حيث تفاقم مشكلة النقص في الغذاء العالمي والارتباك في سلاسل الإمداد، والذي عادة ما يصاحبه ارتفاع في أسعار السلع والخدمات، وبالذات بالنسبة للسلع الأساسية. ومن بين الأسباب كذلك التي فاقمت من مشكلات توفر السلع والخدمات بأسعار معقولة في متناول جميع مستويات الدخول، وبالذات مستويات الدخول المحدودة والمنخفضة، موجة التضخم التي اجتاحت معظم دول العالم وتسببت في ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وبالذات أسعار الغذاء، سيما وأن بعض دول العالم قد دخلت في نفق ما يعرف بالتضخم المتسارع، الذي عادة ما تزيد فيه نسبة التضخم عن نسبة التضخم المعقولة والمقبولة اقتصادياً والتي هي بحدود 2% لتصل إلى أعلى من ذلك ما بين 3 و 10%. استمرار ارتفاع معدل التضخم خلال الشهر المقبل نتيجة الزيادة المرتقبة من الإقبال على الطلب على السلع الاستهلاكية من المستهلكين قبل دخول شهر رمضان، مما قد يؤدي إلى اتخاذ لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قرارا برفع أسعار الفائدة لمواجهة موجة التضخم، خاصة مع استمرار عوامل ارتفاع التضخم عالميًا. يوصف تضخم الأسعار عند حدوث ارتفاع متزايد في الأسعار، ويوصف تضخم الدخل عند حدوث ارتفاع الدخول النقدية مثل تضخم الأجور أو الأرباح، بينما يطلق تضخم التكاليف عندما ترتفع تكاليف السلعة أو الخدمة، أما التضخم النقدي فيرتبط بإفراط البنك المركزي في إصدار العملة النقدية