بقلم /سيد مرسال
(في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
اليوم تختلف الهمسات وتفوح العطور ويسغي القلب بالسكون فإنه دام وسيدم وبدأ ولن ينتهي سيظل شعاع النور الذي أضاء النور التي تهدي به البشرية في كل العصور وخاصتا انه نور رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي قاسي و عاش أيَّاماً صعبةً في مكَّة منذ اليوم الأوَّل من الجهر بالدعوة بالإسلام، حينها تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة إلى أشد أنواع وأشكال العذاب من المشركين التي تعددت أساليبهم في ذلك، فما تركوا شيئاً يؤذي رسول الله صلى الله واصحابه إلَّا فعلوه ولكنَّ سرعان ما باتت محاولاتاهم في ثَنْيِهم عن الإسلام كلُّها لم تؤتِ أُكُلَهَا وباءت بالفشل، فيما لا شك ان العيش في مكَّة بات امرا صعبا ،بكل التأكيد ولم يعد الصَّحابة رضوان الله عليهم- يطيقون مجابهة كلّ هذا، فهاجر كثيرٌ منهم إلى الحبشة بحثاً عن الوطن الآمن. ثمَّ توالت الأحداث العصيبة في مكَّة على رسول الله -صلَّى عليه وسلَّم- ومن بقي من الصَّحابة -رضوان الله عليهم فقد تمت محاصرتهم في شِعب أبي طالب ومقاطعتهم وحرمانهم من كل الأشياء التي تستوجب الحياة ولم يكن ذلك يوما او أسبوعا أو حتى شهرا بل لمدَّة ثلاثة أعوامٍ متتاليةٍ؛ أكل فيها المسلمون أوراق الشَّجر من شدّة جوعهم، وبطش المشركين ولم ينجي أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموت ثم تليه زوجته خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها فكان عاماً حزيناً ازدادت فيه جرأة المشركين على نبيِّ الله -صلَّى الله عليه وسلم فما كان علىيه الا أن يذهب للطَّائف ليدعوهم للإسلام، ولم تكن أحوالهم أفضل من أهل مكَّة، بل طردوا نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وضربوه فعاد مهموماً إلى بلده، كما تعرَّض للتَّعذيب فظن أنَّه لن يستطيع إقامة دولةٍ للمسلمين وسط هذا الرَّفض الشَّديد، فكان ذلك سبب هجرة الرسول، فجعل ينشر الإسلام خارج مكَّة وهنا ودخل معه الكثير من الأوس والخزرج في الإسلام، وبايعوه بيعة العقبة الأولى والثَّانية، وعاهدوه على نصرة الإسلام والمسلمين وما كان على الكفار الا ان يجتمعوا على قتل رسول الله فعلمت قريش بعد رؤيتهم لجماعات المسلمين مهاجرة أنَّ رسول الله لاحِقٌ بهم لا محالة، الشَّيء الذي زاد من قلقهم، إذ إنَّ خروج النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- والمسلمين من بين ايديهم يعني لهم مزيداً من القلق وتصبح الأمور خارجةً عن سيطرتهم، فقرَّروا عقد اجتماعٍ عاجلٍ يتشاورون فيه ما سيفعلون بالنبي محمَّد، وكان اجتماعهم في دار النَّدوة؛ فعادةً ما يجتمع المشركون في هذه الدَّار عند حسمهم لأمورٍ بالغة الأهميَّة. وكان الاجتماع يضمُّ سادات القوم، وجعل كلُّ واحدٍ منهم يدلي برأيه حتى استقرَّ بهم الرَّأي أخيراً على أن يجتمع من كلِّ قبيلة فتىً شابَّا، ويضربوه ضربةً واحدةً فيضيع دمه بين القبائل الا ان محاولاتهم لا تبدي بالنجاح فكان أمراً بضرورة ترك الصَّحابة مكَّة واللَّحاق بأنصارهم من أهل المدينة، ثمَّ بدأ أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بترك مكَّة أفراداً وجماعات متَّجهين إلى وطنهم الجديد المدينة ، تاركين خلفهم بيوتهم وأعمالهم وعشائرهم و كل ما لديهم، ومع ذلك ساروا متجاوزين كلَّ العراقيل من أجل نصرة الدِّين، وبقي في مكَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبة ابو بكر الصديق رضي الله عنه إلى أن جاء الوقت لهاجر رسول الله وصاحبه بعد عدة معانه ليلحقان بالمهاجرين في المدينة ومن هنا كانت بداية الدولة الإسلامية وترسيخ معاني القيم الإنسانية التي حس عليها الإسلام وتبعها المسلمين فهي غيرت موازين التاريخ وغيرت وجه البشرية على الاطلاق وكانت سبيلاً لإنشاء خير مجتمع أُخرج للناس إنه مجتمع بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سيظل بؤرة الضوء وحدثًا عظيمًا غيرّ التاريخ الإسلامي وحمل في طيّاتة أعظم معاني التضحية والفداء