كتبت مني جودت
لا تتوقف جهود الدولة المصرية في سبيل تحقيق تنمية زراعية مستدامة، حيث تبنت نهجاً متكاملاً لم يعتمد فحسب على التوسع في الرقعة الزراعية وزيادة معدلات إنتاجيتها، بل تقديم مختلف أشكال الدعم للفلاح، كونه ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الزراعية المنشودة، وصمام أمان للحفاظ على الأمن الغذائي، لتتسارع خطى الدولة لتوفير سبل الدعم الفعال للمزارعين، وإطلاق مبادرات استراتيجية لتسهيل استخدام التكنولوجيا الزراعية وتطوير الأنظمة الغذائية والزراعية، فضلاً عن توفير حلول مستدامة للمشكلات التي تواجه الفلاح من خلال الاهتمام بالدراسات والبحوث العلمية في المجال الزراعي، علاوة على إقرار التشريعات والسياسات التي من شأنها تيسير المعاملات المالية للفلاحين، وهو ما انعكس على تعزيز تنافسية الإنتاج الزراعي المحلي، واستقطاب الاستثمارات اللازمة لإنشاء مشاريع زراعية مستدامة، كما أسهم بشكل كبير في زيادة الإنتاجية والعائد الاقتصادي للفلاح بشكل خاص وللقطاع الزراعي بشكل عام، وهو ما أدى بدوره لإشادة المؤسسات الدولية بجهود الدولة في دعم المزراعين.
وفي هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تُسلط الضوء على مواصلة الدولة المصرية تطبيق استراتيجيتها لدعم وتمكين الفلاح، بمناسبة عيد الفلاح الـ72.
وأبرز التقرير الرؤية الدولية لجهود دعم المزارعين، حيث أشارت فيتش عام 2024، إلى بذل الحكومة المصرية جهودًا لتشجيع المزراعين على التوسع في زراعة القمح والذرة من خلال توزيع البذور عالية الجودة ونشر الحقول الإرشادية، بينما لفتت بلومبرج عام 2023، إلى أن الحكومة المصرية تستثمر في توسيع استراتيجيات دعم المزارعين وزيادة إنتاج الغذاء، مع إعطاء الأولوية لاستصلاح الأراضي الجديدة وتنويع المحاصيل.
ومن جانبها، أكدت منظمة الأغذية والزراعة عام 2023، أن قطاع الزراعة بمصر صمد في وجه التحولات الاقتصادية والمجتمعية، حيث احتفظ بحصته في الناتج المحلي الإجمالي والعمالة، مما ساهم في دفع النمو الاقتصادي.
وفي سياق متصل، أشار برنامج الأغذية العالمي عام 2023، إلى اتخاذ الحكومة مؤخراً تدابير لمعالجة الاعتماد على استيراد القمح، من خلال استصلاح أراض جديدة لزيادة الإنتاج المحلى، وتنويع مصادر استيراده، فيما أشاد الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في العام نفسه بتمتع مصر بموارد طبيعية غنية، بما في ذلك الأراضي الزراعية ومصائد الأسماك، مشيرًا إلى أن الزراعة تعد قطاعًا رئيسيًا في الاقتصاد المصري ومفتاحاً للحد من الفقر وتوفير فرص العمل.
بدورها، أوضحت وزارة الزراعة الأمريكية عام 2024، أن استراتيجية الحكومة الحالية لزيادة المساحات المنزرعة من القمح والذرة تركز على استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية وتسعير المشتريات من خلال تطبيق نظام الزراعة التعاقدية.
ورصد التقرير تحسن مؤشرات قطاع الزراعة، حيث بلغت نسبة زيادة المساحة المنزرعة 12.4% لتصل إلى 10 ملايين فدان عام 2024، مقابل 8.9 مليون فدان عام 2014، فضلاً عن بلوغ نسبة زيادة صادرات السلع الزراعية 74.4%، حيث بلغت 7.5 مليون طن عام 2023، مقابل 4.3 مليون طن عام 2014.
ولفت التقرير إلى بلوغ إجمالى الصادرات الزراعية 6.1 مليون طن خلال الفترة من 1 يناير 2024 وحتى 4 سبتمبر 2024 بقيمة تتجاوز 3.6 مليار دولار، حيث تم تصدير 398 سلعة زراعية إلى 165 سوقاً.
وعلى صعيد ذي صلة، ذكر التقرير أن معدل نمو قطاع الزراعة سجل 3.8% (مبدئي) عام 2023/ 2024، مقابل 3% عام 2013/ 2014، بزيادة بلغت 0.8 نقطة مئوية، فيما زادت الاستثمارات العامة المنفذة بقطاع الزراعة بنحو 8 أضعاف، حيث بلغت 31.8 مليار جنيه عام 2022/ 2023، مقابل 4.1 مليار جنيه عام 2013/ 2014.
وورد في التقرير أن عدد المشتغلين في نشاط الزراعة وصيد الأسماك في الربع الثاني من عام 2024، بلغ 5.7 مليون مشتغل بنسبة 19.3% من إجمالي المشتغلين.
هذا وقد استعرض التقرير جهود إتاحة التمويل للفلاح وتطبيق نظام الزراعة التعاقدية، حيث بلغت قيمة قروض تمويل المحاصيل الاستراتيجية، نحو 10 مليارات جنيه سنوياً بفائدة ميسرة 5%، حيث تتحمل الدولة دعم يبلغ أكثر من 500 مليون جنيه سنوياً من التمويل، بجانب استفادة نحو 300 ألف مزارع وفلاح من هذا التمويل.
وتتضمن الجهود كذلك إطلاق مبادرتي تأجيل الأقساط المستحقة وإعفاء المتعثرين، وقد استفاد منها 330 ألف فلاح، بإجمالي مديونية قدرها نحو 8 مليارات جنيه، بالإضافة إلى قرض باب رزق من البنك الزراعي المصري، بقيمة 50 ألف جنيه بدلاً من 10 آلاف جنيه، إلى جانب الحصول على وثيقة تأمين مجانية، ويستهدف تقديم تمويل لمربي الطيور والأغنام والماعز وغيرهم من العاملين فى تجارة المنتجات الزراعية.
كما تشمل جهود الدولة في هذا الإطار، تطبيق نظام الزراعة التعاقدية وهو سعر الضمان الذي تضمن به الدولة للفلاح أقل سعر يمكن أن يبيع به المحصول، ويضمن له تحقيق الربح، ليصل سعر الضمان لطن الذرة الصفراء 9.5 ألف جنيه كحد أدنى لموسم 2023/2024، ويتم البيع بسعر السوق والذي وصل اليوم إلى 11.4 ألف جنيه، بينما وصل سعر الضمان لفول الصويا إلى 18 ألف جنيه لموسم 2023/2024، ويتم البيع بسعر السوق والذي وصل اليوم إلى 21.4 ألف جنيه.
وإلى جانب ما سبق، بلغ سعر الضمان لعباد الشمس الزيتي 15 ألف جنيه لموسم 2023/2024، ويتم البيع بسعر السوق وعلى حسب نسبة الزيت في المحصول ووصل ما بين 17 – 20 ألف جنيه.
يأتي هذا بينما، بلغ سعر إردب القمح كسعر استرشادى 2000 جنيه لموسم 2024، مقارنة بـ 1500جنيه لموسم 2023، وسعر الضمان لقنطار القطن متوسط التيلة بالوجه القبلي 10 آلاف جنيه، وسعر قنطار القطن طويل التيلة بالوجه البحري 12 ألف جنيه، وذلك لموسم 2024/2025، بينما بلغ سعر توريد طن محصول البنجر 2400 جنيه لموسم 2025 مقارنة بـ 1500 جنيه لموسم 2024.
وتطرق التقرير إلى المنظومة المتطورة والحديثة للتوسع الزراعي وتحسين الري، حيث تشمل استصلاح واستزراع أراض جديدة، لتصل إجمالي المساحة المستصلحة 2.1 مليون فدان منذ 2014، وكانت أبرز المشروعات (مشروع الدلتا الجديدة ومشروع تنمية سيناء ومشروع الريف المصرى ومشروع شرق العوينات).
وتشمل المنظومة استنباط أصناف ذات إنتاجية عالية، حيث تم استنباط وتسجيل 5 أصناف جديدة من القمح لتصل بإنتاجية الفدان إلى أكثر من ٢٠ إردباً، كما تم استنباط وتسجيل 5 أصناف جديدة من القطن لتصل الإنتاجية من 8 إلى 10 قنطارات للفدان.
وبشأن تحديث نظم الري، فوفقاً للتقرير تم الانتهاء من تنفيذ 7795 كم أطوال ضمن المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع، في حين تم الانتهاء من تحديث نظم الرى بـ 1.02 مليون فدان، وجار تحديث نظم الري في 1.10 مليون فدان من مزارع قصب السكر والبساتين، بجانب تأهيل 118.1 كم من المساقي.
وأضاف التقرير أن جهود الدولة في هذا الصدد تتضمن تلبية احتياجات الفلاحين من الأسمدة، حيث تم توزيع أكثر من 9 ملايين طن أسمدة مدعومة على صغار المزارعين، بدعم بلغ نحو 45 مليار جنيه خلال الأربع سنوات الماضية، كما بلغت نسبة التغطية الحالية للتقاوى المعتمدة لكل من أفدنة الذرة وأفدنة القمح 100%.
وأشار التقرير إلى جهود دعم الإنتاج الحيواني، والذي يشمل إجراء تحسين وراثي للسلالات المحلية، حيث تم إنشاء 1485 نقطة تلقيح اصطناعى بالوحدات البيطرية وتجهيزها بالأجهزة المطلوبة، خاصة لصغار المزارعين والمربيين.
وبالنسبة لمشروع إحياء البتلو، فقد استفاد منه نحو 44 ألف مزارع لتربية وتسمين نحو 510 آلاف رأس ماشية، حيث بلغ حجم تمويل المشروع بـ 8.9 مليار جنيه حتى الآن، علمًا بأنه يهدف إلى توفير لحوم حمراء بالسوق بسعر عادل ومناسب لكل من المنتج والمستهلك، وتوفير فرص عمل لأبناء صغار المزارعين.
وإلى جانب ما سبق ، استعرض التقرير الخدمات البيطرية المقدمة، حيث تم إطلاق 4537 قافلة بيطرية في أكثر من 2675 قرية، كما تم تقديم 231 مليون جرعة تحصين لعلاج الحمى القلاعية والوادي المتصدع والجلد العقدي وجدري الأغنام وطاعون المجترات والتسمم الدموي.
كما تشمل الخدمات البيطرية أيضًا إنشاء 32 وحدة بيطرية، وإحلال 96 وحدة، وتطوير ورفع كفاءة 209 وحدات بيطرية أخرى، فضلاً عن بلوغ الطاقة الإنتاجية للقاحات البيطرية وللسيطرة على الأمراض والأوبئة 2 مليار جرعة سنوياً بدلاً من 120 مليون جرعة.
وفيما يخص مراكز تجميع الألبان، فوفقًا للتقرير، من المستهدف تطوير826 مركزاً لتجميع الألبان، وقد تم الانتهاء من تطوير 282 مركزاً منهم حتى الآن، بينما بلغت تكاليف إصدار شهادة الاعتماد الدولي(HACCP) 50 ألف جنيه تتحملها الدولة دعماً للمربي الصغير وفتحاً لآفاق التصدير، في حين يتم إنتاج 6.5 مليون طن ألبان سنوياً في إطار المشروع.
وتناول التقرير الحديث عن تعزيز القدرات التسويقية وتوفير خدمات التحول الرقمي، ففيما يتعلق بتوفير خدمات التحول الرقمي، تم إصدار 4.2 مليون كارت فلاح ذكي مطبوع، وصرف الأسمدة المدعمة إلكترونياً لـ 2.7 مليون مزارع، كما تم ميكنة 20 خدمة زراعية وإطلاقها عبر بوابة مصر الرقمية، وتزويد 5830 جمعية زراعية بأجهزة التابلت وPOS، علاوة على استفادة نحو مليوني فلاح من تطبيق “الهدهد” المساعد الذكي للفلاح الجاري تحديثه ليتواكب مع أحدث أنظمة الذكاء الاصطناعى.
وبشأن جهود تعزيز القدرات التسويقية للمزارعين، فتشمل وفقًا للتقرير مشروع تعزيز القدرات التسويقية لصغار المزارعين، حيث بلغت قيمة تمويل المشروع 108.2 مليون دولار، واستفاد منه 50 ألف أسرة، من خلال زيادة دخلهم ورفع القدرات التسويقية لهم.
وأوضح التقرير أن منظومة «التكويد» والتتبع لكل المزارع والمنشآت التصديرية تتضمن “الشحنة التصديرية”، بداية من فحص التقاوى قبل دخولها مصر، وزراعتها، ورصد استخدامات المبيدات والأسمدة، وتتبع عملية الجمع والتعبئة والتغليف، ومدى مطابقتها لاشتراطات الدول المستوردة.
ووفقا للتقرير، تشمل المنظومة حالياً 11 محصولًا وهم (العنب، والفراولة، والفلفل، والجوافة، والرمان، والموالح، والبصل، والمانجو، والفول السودانى، والتمور للصين والخوخ للاتحاد الأوروبي).