في تقرير جديد لـ “معلومات الوزراء”… اتجاهات صناعة تكنولوجيا الفضاء وأبرز مؤشراته الرقمية والفرص والتحديات المرتبطة بتطور تقنياته
نشرت بواسطة:
كتبت / منى جودت
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريراً جديداً حول “تكنولوجيا الفضاء”، سلط خلاله الضوء على تعريف هذا المفهوم، وأهميته، مع استعراض أبرز الأرقام وثيقة الصلة بتكنولوجيا الفضاء، بالإضافة لمناقشة الفرص والتحديات المرتبطة بهذه الصناعة، واستعراض أبرز الاتجاهات المستقبلية لها.
أشار التقرير إلى تعدد تعريفات تكنولوجيا الفضاء، حيث تستخدم لوصف أي تقدم تكنولوجي أو أداة تم إنشاؤها خصيصاً للاستخدام في الفضاء الخارجي، سواء كان ذلك للاتصالات أو الملاحة أو الاستكشاف أو أي غرض آخر، كما تنطوي تكنولوجيا الفضاء على التقنيات التي تستخدم في السفر عبر الفضاء، أو ممارسة الأنشطة خارج الغلاف الجوي للأرض، وذلك لأغراض استكشاف الفضاء، وتشمل المركبات الفضائية، والأقمار الصناعية، والمحطات الفضائية، ومركبات الإطلاق المدارية وغيرها.
كما يشير المفهوم إلى تطبيق المبادئ الهندسية في عمليات تصميم أجهزة وأنظمة السفر والاستكشاف في الفضاء وتطويرها وتصنيعها وتشغيلها، ويمكن استخدام تكنولوجيا الفضاء لاستكشاف كواكب أخرى ودراسة الكون، أو تقديم خدمات الاتصال والملاحة لدعم الحياة والأنشطة البشرية على كوكب الأرض.
وقد أبرز التقرير أهمية تكنولوجيا الفضاء، حيث تسهم في إحداث تقدم في العديد من المجالات التي تخدم البشرية ومنها:
– التنبؤ بالطقس ومراقبة المناخ: حيث تستخدم تقنيات تكنولوجيا الفضاء وأبرزها الأقمار الصناعية في التنبؤ بحالة الطقس، مما يؤثر على اتخاذ القرارات الحكومية وكذلك الفردية، وإنقاذ آلاف الأرواح كل عام عبر إطلاق التحذيرات بشأن الكوارث المناخية قبل وقوعها، كما تقوم الأقمار الصناعية كذلك بمراقبة غازات الاحتباس الحراري.
– الزراعة: حيث يمكن استخدام الأقمار الصناعية في دراسة الظواهر مثل الجفاف والفيضانات بشكل أفضل وفهمها والتنبؤ بها من خلال مراقبة المحاصيل الزراعية ومن ثم حماية أرباح المزارعين.
– تعزيز الأمن المائي والغذائي: حيث تبتكر وكالة ناسا كل عام تقنيات متطورة لتوفير المياه وحفظ الأغذية لبعثات الفضاء، وقد تم تطبيق عدد من تلك التقنيات على سطح الأرض مما انعكس على تطوير بعض تقنيات في مجالات الزراعة وتنقية المياه في المناطق الريفية.
– مراقبة وحماية موارد الأرض: إذ تستخدم تقنيات تكنولوجيا الفضاء المختلفة لمراقبة الأرض وتوفير المعلومات اللازمة بشأن إدارة المياه العذبة ومصايد الأسماك والغابات ومراقبة الأنشطة الضارة ورصدها كالصيد الجائر للحيوانات والقطع الجائر للأشجار.
– تعزيز خدمات الاتصالات: فقد أثرت تقنيات الاتصالات الفضائية بشكل إيجابي على كافة جوانب الحياة وأحدثت طفرة هائلة في الاتصالات اليومية ووسائط البث التليفزيوني.
– إضفاء مزيد من الزخم لتخصصات علمية عديدة: حيث يعمل التقدم سريع الوتيرة لتكنولوجيا وعلوم الفضاء والاكتشافات الحديثة على تحفيز الشباب لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات مما يساعد على خلق مجتمع متعلم وقادر على المشاركة في عالم يعتمد على التكنولوجيا بشكل متزايد.
وألقى تقرير مركز المعلومات الضوء على حقائق وأرقام وثيقة الصلة بتكنولوجيا الفضاء، حيث أشار إلى أن قيمة اقتصاد الفضاء العالمي قد بلغت 469.3 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقاً لآخر بيانات متاحة في نوفمبر 2022، ويهيمن عليه إلى حد كبير شركات الطيران والأقمار الصناعية الكبيرة، كما يبلغ حجم الاستثمار الحكومي العالمي في استكشاف الفضاء 258 مليار دولار أمريكي في نوفمبر 2022، ويبلغ إجمالي إيرادات صناعة الأقمار الصناعية 279 مليار دولار أمريكي في نوفمبر 2022، ويبلغ نصيب تكنولوجيا الفضاء 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن المتوقع أن تحقق صناعة تكنولوجيا الفضاء العالمية إيرادات بقيمة 10 تريليونات دولار في عام 2030.
وقد أظهرت شركات الفضاء المتداولة في البورصة نمواً سريعاً، حيث ارتفعت قيمتها السوقية من 3.41 تريليونات دولار أمريكي في فبراير 2020 إلى 4.02 تريليونات دولار أمريكي في مارس 2021.
وأشار التقرير إلى أن إجمالي عمليات إطلاق الأقمار الصناعية السنوي (تجاري وغير تجاري) في جميع أنحاء العالم قد بلغ 95 عملية إطلاق، وذلك وفقاً لآخر بيانات متاحة في نوفمبر 2022، كما بلغ إجمالي عمليات الإطلاق التجاري السنوي للفضاء في جميع أنحاء العالم 33 عملية إطلاق، وبلغ إجمالي عدد الأقمار الصناعية في المدار الأرضي 5465 قمر صناعي في نوفمبر الماضي.
وأشار مركز المعلومات في التقرير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تُعد الدولة الرائدة عالمياً فيما يتعلق بحجم الاستثمارات في مجال تكنولوجيا الفضاء، والذي وصل في عام 2021 إلى نحو 28 مليار دولار أمريكي في 3086 شركة، وهو ما يشكل 6 أضعاف قيمة الاستثمارات الصينية في المجال ذاته والتي بلغت قرابة 4.8 مليارات دولار أمريكي في 122 شركة.
وفيما يتعلق بعدد الشركات، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تحتل موقع الصدارة من حيث عدد شركات التكنولوجيا الفضائية بنسبة 52.1%، تليها المملكة المتحدة في المرتبة الثانية 5.07%، ثم كندا 4.5%، وألمانيا 3.8%، والهند 3.4%، ثم تأتي الصين 2.7%، وذلك وفقاً لآخر بيانات متاحة في عام 2021.
وقد تم تصنيف أكثر من 10 آلاف شركة في مجال تكنولوجيا الفضاء وفقاً لـ 20 قطاعاً، في عام 2021، حيث حظت قطاعات الملاحة ورسم الخرائط والتقنيات السحابية والصناعات التحويلية بالنصيب الأكبر في عدد الشركات في مجال صناعة الفضاء.
كما تناول التقرير ميزانيات عدد من وكالات الفضاء في بعض الدول، حيث أشار إلى أن ميزانية وكالة ناسا تبلغ 24 مليار دولار وذلك في نوفمبر 2022، وميزانية وكالة الفضاء الأوروبية تبلغ نحو 7.15 مليارات يورو (7.86 مليار دولار أمريكي) وفقاً لآخر بيانات متاحة في نوفمبر 2022، كما يبلغ إجمالي ميزانية الحكومة الصينية للفضاء 11 مليار دولار أمريكي في نوفمبر 2022، كما أبرز التقرير أهم التحديات التي يتعين أخذها في الاعتبار في ظل التنامي الملحوظ لمجال استكشاف الفضاء وتطور التقنيات ذات الصلة، المرتبطة بتزايد وتيرة المساعي الحثيثة للدول لاستغلال الفرص التي يوفرها الفضاء، فضلاً عن دخول العديد من الجهات الفاعلة الجديدة في هذا المجال من قبيل رواد الأعمال (الشركات الكبيرة) وغيرهم من اللاعبين الجدد الذين تختلف دوافعهم وأهدافهم في هذا الصدد، ومن أبرز هذه التحديات الحاجة إلى إطار عمل تنظيمي دولي ملائم لإدارة وضبط الحركة في الفضاء الخارجي لمنع التداخلات أو التصادمات بين مختلف الفاعلين وأصحاب المصلحة، والحاجة إلى توسيع نطاق استكشاف الإنسان للفضاء؛ بحيث يتم توفير عملية وصول آمنة وموثوقة إلى الفضاء وبتكلفة اقتصادية يسيرة وذلك بالتوازي مع العمل على الحد من الآثار السلبية لبيئة الفضاء على صحة الإنسان، وتحقيق الاستدامة في بيئة الفضاء حيث تظهر الحاجة إلى إدارة الموارد الفضائية بما يضمن الاستدامة في بيئة الفضاء ويتضمن ذلك إمكانية توليد وتخزين الطاقة اللازمة بتكلفة معقولة لاستكشاف الفضاء، وتطوير قدرات الكشف عن الأجسام القريبة من الأرض؛ وذلك من خلال تحديد خصائصها والتخفيف من حدة التهديدات الكارثية والمخاطر التي قد تنجم عنها على كوكب الأرض.
كذلك استعرض مركز المعلومات من خلال التقرير أبرز اتجاهات صناعة تكنولوجيا الفضاء في المستقبل؛ والتي أشار إلى انها تتضمن إنشاء صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام حيث برز اتجاه عام يميل إلى إنشاء أنظمة إطلاق فضائية قابلة لإعادة الاستخدام بهدف خفض تكلفة مغادرة المركبات الفضائية للغلاف الجوي للأرض وفتح الباب أمام تحقيق العديد من المبادرات الفضائية التي اعتبرت مكلفة للغاية، بالإضافة إلى تجدد الزخم حول السفر إلى القمر، وإطلاق المزيد من الأقمار الصناعية، وتزايد الاهتمام باستدامة الفضاء، وتزايد الاهتمام بالإطلاق الذكي، وتزايد الاهتمام بإدارة الأنشطة الفضائية، وتزايد الاهتمام بالتعدين الفضائي، وتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الفضاء.
وأشار المركز أن الخطي نحو استكشاف الفضاء تتسارع عاماً بعد عام، إذ يوجد أكثر من 20 دولة ترتاد الفضاء (وهى تلك الدول التي لديها قدرات إطلاق) كما تمتلك العديد من الدول والفاعلين من غير الدول أقماراً صناعية نشطة، ومع انخفاض تكاليف الإطلاق وتعزيز النظم الفضائية، فمن المرجح أن يستمر عدد برامج الفضاء الوطنية في الزيادة، وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة، يتبين أنه إلى جانب وجود العديد من الفرص المستقبلية في مجال تكنولوجيا الفضاء، فإن ثمة تحديات يتعين التصدي لها، ويكمن التحدي الرئيس في تحقيق التوازن بين وضع إطار تنظيمي يحمي أصحاب المصلحة ومصالح الدول وحقوق الإنسان من جهة، وحرية تطوير واستغلال التقنيات الجديدة في مجال تكنولوجيا الفضاء من جهة أخرى.