كتب حاتم عبدالعزيز
قبل نحو أسبوع من الآن، عثرت أجهزة الأمن على جثة طفل، عمره 15 عاما، في شقة بمنطقة شبرا الخيمة، وسط حالة ذهول ورعب من الأهالي، خاصة أن الجثة عثر عليها مشطورة لنصفين بالطول.
على قدر بشاعة الجرم، الذي راح ضحيته الطفل “أحمد”، لم يكن يتخيل أي من سكان المنطقة، أو حتى ممن تابعوا أنباء العثور على الجثة، أن تفوق تفاصيل الجريمة ما يتخيلون من بشاعة، والتي كشفتها النيابة العامة في بيان بالتفصيل.
بعد قراءة البيان للوهلة الأولى تشعر أنك في فيلم رعب أجنبي من العيار الثقيل، ترى فيه قتلة مشوهين نفسيا، يبحثون عن أموال طائلة من خلال القتل والتمثيل بجثث ضحاياهم وبيع أعضائهم وتصوير تلك الوقائع الفظيعة، وعرضها على آخرين أكثر وحشية من القتلة نفسهم، على شبكة الإنترنت المعروفة بـ”الديب ويب”، يدفعون مبالغ لا تصدق لشراء فيديوهات القتل والتمثيل.
النيابة العامة: 5 ملايين جنيه وراء ارتكاب الجريمة
النيابة العامة قالت في بيانها، إنه عُثر على جثة الطفل داخل شقة مستأجرة في شبرا الخيمة، وقد تم انتزاع بعض أحشائه ووضعها في كيس بجانبه.
وتوصلت التحقيقات إلى القاتل، وهو مراهق أيضاً يدعى “طارق”، حيث اعترف بارتكاب الجريمة بناءً على طلب من طفل مصري آخر يقيم في الكويت، تعرف عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية.
الطفل المصري المقيم في الكويت، صاحب الـ17 عاما، عرض على المنفذ 5 ملايين جنيه مقابل اختيار ضحية وسرقة أعضائه، ما دفعه لاختيار الضحية وعرضه على المتهم المصري بالكويت عبر تقنية “فيديو كول”.
القاتل نزع أحشاء الضحية في “فيديو كول”
وطلب المتهم المصري من القاتل قتل الضحية تمهيداً لسرقة أعضائه، على أن تتم عملية الانتزاع أيضاً عبر “فيديو كول”؛ وبعد تنفيذ القتل، طلب المتهم المصري من القاتل تكرار الجريمة مع ضحية أخرى لكي يدفع له المبلغ المتفق عليه، لكن تم القبض عليه قبل ذلك.
ولم تجد النيابة أي أدلة تشير إلى وجود تجهيزات طبية تدل على نية بيع الأعضاء، وتبين أن المتهم المصري استخدم هاتفاً محمولاً مزوداً بشريحة يملكها والده في التواصل مع القاتل؛ وبتقنين الإجراءات تمكنت السلطات المصرية من خلال التعاون الدولي مع الكويت والإنتربول من القبض عليه وعلى والده، وضبط الأجهزة الإلكترونية بحوزتهما.
وتم ترحيل المتهمين إلى مصر، وتقوم النيابة العامة باستجوابهما لمعرفة دوافع الجريمة.
اعترافات القاتل: نفذت جرائم مشابهة مرات سابقة
أما القاتل فاعترف أمام النيابة بأنه كان يخطط لبيع مقاطع فيديو لعملية القتل والتمثيل بالجثة على الإنترنت مقابل مبالغ كبيرة، وزعم أنه قام بفعل مماثل في مرات سابقة، وتحقق النيابة العامة في صحة ادعاءاته بفحص الأجهزة الإلكترونية للمتهمين.
الجيران: القاتل متدين وشارك في البحث عن الضحية
الجيران في المنطقة التي شهدوا الواقعة كشفوا أيضا تفاصيل من حياة القاتل، إذ أنه كان يعمل في مقهى بالمنطقة، ويعطف عليه السكان بعدما ادعى أنه مصاب بمرض السرطان.
أما الغريب فهو أن “طارق” كان في غاية التدين، وملتزم بأداء الصلاة في أوقاتها بمسجد مجاور للمقهى التي يعمل بها.
القاتل المصاب بالسرطان اختفى من المنطقة لفترة، لكنه عاد من جديد، وهذه المرة، ظهرت عليه علامات الثراء، حتى أنه كان ينفق الأموال ويقرضها لأصدقائه القدامى بالمنطقة، لكن بعد اكتشاف الجريمة أيقن الأهالي أن مصدر تلك الأموال ربما جريمة مشابهة.
“طارق” لم تربطه أي علاقة بضحيته “أحمد”، لكنه اختاره لتنفيذ جريمته، ونفذها بعدما استدرجه لشقته المستأجرة بجانب المقهى، وبعد إنهاء حياة الطفل، شارك مع أسرته وأهالي المنطقة في البحث عنه.
الكشف عن الجريمة جاء على يد أحد الجيران، الذي اشتم رائحة كريهة تنبعث من شقة المتهم، وعلى الفور استدعى الشرطة بمشاركة أهالي المنطقة التي جاءت وكشفت عن المشهد المرعب، لجثة الطفل الصغير المختفي مشطورة لنصفين طوليا، وبجانبها “كيس” به بعض الأحشاء، بينما أعضاء داخلية كالكبد والكلى والطحال غير موجودة.
النيابة العامة أمرت بحبس المتهمين على ذمة التحقيقات، وتواصل التحقيق في ملابسات وتفاصيل الجريمة.