بقلم :احمد المالكي
كاتب متخصص في الشؤون الامريكية والعلاقات الدولية والقضايا السياسية
في بداية عام ٢٠٢٣م تتمنى الولايات المتحدة الامريكية وإدارة الرئيس بايدن في إصلاح العلاقات الامريكية مع دول الخليج خاصة انها تشهد توترات تتعلق بالموقف الامريكي من إيران والمليشيات التابعة لها وعدم التعامل الامريكي الجاد مع الإرهاب الإيراني الذي يستهدف امن واستقرار منطقة الخليج وايضا انخفاض انتاج النفط إلى ٢ مليون برميل يوميا وفقا لقرار اوبك بلس بالإجماع وهذا القرار اغضب الولايات المتحدة والتي حملت مسؤوليته إلى المملكة العربية السعودية رغم انه قرار مجموعة اوبك بلس بالإجماع .
تمنيات الولايات المتحدة بإصلاح علاقاتها بدول الخليج عبر عنه المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الامريكية صامويل روبيرج في تصريحات لقناة الحرة واكد على المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة ودول الخليج والتي تتعلق بالاقتصاد والامن والثقافة لكن بلاشك ان هذه التمنيات جاءت بعد إدراك الخطأ الامريكي وتقدير الموقف بشكل غير دقيق خاصة ان الصين نجحت في جذب دول الخليج إليها بينما فشلت الولايات المتحدة في الحفاظ على علاقة مستقرة وهادئة مع دول الخليج وزيارة بايدن في ٢٠٢٢ م لم تكن زيارة ناجحة بالنسبة له ولم يحصل على ما يريد من الهدف الذي كان يسعى له باجتماعه مع دول الخليج في السعودية بينما نجحت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ والقمة الصينية الخليجية ولذلك تخشى الولايات المتحدة من النفوذ الصيني مع الحلفاء في الخليج .
الصين تتحرك سريعا في علاقاتها مع العالم وترسخ تواجدها الاقتصادي بالاستثمار في كافة المجالات ومنها البنية التحتية وتشهد دول الخليج مشروعات كبرى وفق رؤية وضعتها وخطط اقتصادية لجذب الاستثمارات الاجنبية لها وتدخل الصين بقوة على الخط وهذا جعل الولايات المتحدة لديها قلق غير مسبوق من العلاقات الصينية الخليجية خاصة ان دول الخليج وعلى راسها المملكة العربية السعودية علاقات ممتدة ومتجذرة وتاريخية لكن التعامل الامريكي وفق المصلحة الامريكية والتصريحات التي تخرج في كل سباق انتخابي بشأن التعامل مع دول الخليج تغضب قادة وشعوب الخليج خاصة ان الدول الخليجية لديها استثمارات بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة وصفقات سلاح ولذلك اضطراب العلاقات الامريكية مع دول الخليج ليست في صالح الولايات المتحدة ونحن في عصر تحاول الدول الخليجية والعربية تنويع مصادر السلاح ولم تعد هذه الدول تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة التي لم تفعل شيئا حيال الإرهاب الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وعقدت الصفقات مع النظام الإيراني من خلال الاتفاق الايراني مع الولايات المتحدة والدول الاوروبية وهذا الاتفاق معطل مؤقتا في الوقت الحالي وهذا الاتفاق تجاهلت فيه الولايات المتحدة المخاوف الخليجية من الافعال الإيرانية التي تؤثر على امن واستقرار الخليج وتستهدف حركة الملاحة والتجارة في البحر الاحمر وباب المندب وبحر العرب ومضيق هرمز .
التوجه الخليجي نحو الصين يجعل الولايات المتحدة تفكر جديا في العلاقات الامريكية الخليجية وتعيد النظر في اهمية هذه العلاقة وتعمل مع الشركاء في الخليج على الحفاظ على الامن وتنمية المصالح الاقتصادية المشتركة لكن يظل الصراع مع الصين قائما في ظل محاولات استهداف الولايات المتحدة الاقتصاد الصيني داخل وخارج الصين ووصل الصراع إلى الخليج ومنطقة افريقيا .
عام ٢٠٢٣ م سوف يشهد محاولات امريكية لإعادة ترميم علاقاتها مع دول الخليج والتصريحات التي خرجت على لسان المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الامريكية روبيرج تؤكد توجهات السياسة الامريكية لإصلاح العلاقة مع الخليج لكن لن تنجح في تغيير موقف الخليج من الحرب الروسية الامريكية ولن تستطيع الضغط على دول الخليج للتخلي عن علاقاتهم مع روسيا وايضا سوف يظل موضوع انتاج النفط مرهونا بمصالح دول الخليج الاقتصادية وارتباطها بشركاء في اوبك بلس .
الموقف الامريكي من المفاوضات مع إيران لم يعد واضحا خاصة ان امريكا اعلنت ان الاتفاق النووي لم يعد محط تركيزها في الوقت الحالي ربما لسببيين :
السبب الاول :المظاهرات الإيرانية التي نجحت في إضعاف النظام الإيراني امام العالم وجعلت هذه التظاهرات الولايات المتحدة تترقب بعد اكثر من مائة يوم على الاحتجاجات الى اين سوف يسير هذا النظام ؟..والى متى سوف تلعب هذه المظاهرات دورا في تقديم النظام تنازلات داخليا للشعب الإيراني وخارجيا في المفاوضات مع الغرب ؟.
السبب الثاني :انها تفكر في تحسين علاقاتها مع دول الخليج والتصدي لمحاولات الصين التواجد في الخليج العربي خاصة ان الولايات المتحدة تاريخيا هي الاقدم في هذه العلاقة .
بلاشك ان العلاقات الخليجية الامريكية مهما شهدت من توترات واختلاف في الرؤى تظل هذه العلاقات قائمة وسوف تظل المصالح الامنية والاقتصادية والنفط مستمرة وربما يكون ٢٠٢٣ م عاما تتحقق فيه الامنيات الامريكية بعلاقات افضل مع دول الخليج .