أن الأزمة الغذائية الحالية ازمه مفتعله قد خلقت وتم تصنيعها عمداً، وما كانت لتحدث لولا احتكار الدول الاستعمارية الكبرى لزراعة المحاصيل الغذائية الأساسية، بينما إجبار الدول النامية على زراعة المحاصيل الكمالبه التي لا تسمن ولا تغني من جوع ومنعها من إنتاج السلع التي من شأنها ان تحميها من تهديد امنها الغذائي، لتكرس من خلال سياستها تلك مهنة الاستيراد، في المقابل تكتفي بتقديم الفتات لها من السلع الاستراتيجية، وهذا لربما بعض مما أوصلنا الي حافة انهيار أمننا الغذائي وعجزنا عن تأمينه لأنفسنا فماذا نحن فاعلون…..!
مشكلة أزمة المناخ المستمرة، والتي ينتج عنها دائمًا فترات جفاف كارثية متصاعدة نفقد بسببها الكثير من المحاصيل والأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا وآسيا، مما يؤدي إلى قلة المواد الغذائية محليًّا. الكثير من الأطفال يعانون من نقص وسوء التغذية، ذلك أمرٌ مأساوي.
ومن ناحية أخرى، البلدان المتضررة بشكلٍ كبير هي تلك التي تعاني من عواقب جائحة كوفيد وتشهد نموًّا سكانيًّا كبيرًا.فلربما ليس بغريبا ما نلاحظه اليوم من هيمنة بعض القوى الإقليمية والتي تعمل جاهده على حصر قدرة الدول الفقيرة في تلبية احتياجاتهم الغذائية على الاستيراد فقط، ومنعها من الإنتاج لإبقاء تبعيتها غذائيا لها باحتكارها إنتاج الحبوب خصوصاً القمح على وجه التحديد حتى بات وحش الجوع يهدد بإبادة الناس بفعل أغلاق الموانئ الأوكرانية بوجه التصدير بعد خروج العديد منها عن الخدمة نتيجة للقصف والدمار، حتى انعكست هذه الحرب على الدول الأفريقية الذين كانوا وما زالوا بأعلى هرم المتضررين
فإن اكثر من اثنان وعشرون مليون شخص من هذه القاره مهددون بالموت جوعاً وكل هذا يحدث بعد ان كانت تزداد فيه الفوائض الغذائية التي تكفي لإطعام مئات الملايين من تلك الشعوب لتواجه مصيرها المحزن الي مكب النفايات، بنية رفع أسعارها وزيادة الأرباح، فلا عجب اذاً ان العالم الذي يدّعي المجاعة ينتج كميات ضخمه من الغذاء بل واكثر مما يحتاج …!
وزادت النظرة المقلقة للأمن الغذائي مع ارتفاع معدلات الفقر وتراجع القدرة الشرائية في عدد من الدول العربية محدودة الدخل. حيث يفاقم الفقر أزمة الغذاء في عدد من البلدان، كما قد ينذر بزيادة الاحتجاجات الشعبية بسبب تردي أوضاع العيش ونقص الغذاء
الي ذلك فان سياسات الدول خاصة على مستوى مراجعة رفع الدعم عن السلع الأساسية خاصة الغذائية بهدف التقشف وتحرير الاقتصاد قد ينذر باختلالات كبيرة على مستوى زيادة عدم المساواة بين المواطنين في المقدرة الشرائية وعدم تكافؤ الفرص في تأمين الغذاء في ظل توقعات باستمرار ارتفاع أسعار الغذاء في السنوات القليلة المقبلة.
لذلك فان الخطر الداهم على الدول العربية يتمثل في تأمين الغذاء لمواطنيها، حيث أن إشكالية تفاقم أزمة محدودية الحصول على الغذاء قد يدفع الي توقع اضطرابات اجتماعية تؤثر على الاستقرار السياسي في عدد من الدول العربية. وعلى الأرجح أن الدول الأكثر تسجيلاً لعدم الاستقرار السياس والأمني والأكثر إجهادا في مصادر مياهها والأكثر فقراً والأكثر تعرضاً للتغيرات المناخية قد تواجه شبح مجاعة جزئية ومتفاوتة مع حلول العقد المقبل.
وفي ظل تراجع التعاون والشراكة بين الدول العربية وفي ظل استمرار الانقسامات والحروب على النفوذ مقابل انخفاض معدلات التنمية وزيادة التفاوت الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء في المجتمعات العربية، قد تنشأ اختلالات كبيرة في الدول العربية إذا لم تعالج مسبباتها من اليوم، وخروجها عن السيطرة قد يسبب تصدعات في السلم الاجتماعي وشبح صراعات طبقية في دول كثيرة.
فكثير من التجار بأنواعهم تجدهم يحتكرون السلع والمواد ليرفعوا سعرها بالأزمات أو في فصل الشتاء ويتلاعبون في الأسعار بين ليلة وضحاها ويتلاعبون بتاريخ انتهاء صلاحية تلك المواد ليكون المواطن ضحية لتلك الأطعمة الفاسدة أو يخلطون البنزين بمواد أخرى لتحقيق مزيداً من الربح أو يخزنون أسطوانات الغاز في أماكن متعددة بعيده عن الرقابة ليزيدوا من الطلب عليها في حال فقدانها من الأسواق وهكذا ان شتى أنواع الاحتكار وأيا كانت الاعيبه هي حرام في حرام والمحتكر ملعون وعلى الجهات المعنية المسؤولة والمراقبة لذلك مع المنظمات والجمعيات الأهلية المراقبة في نفس المجال
ان تظهر أسماء تلك الشركات أو المولات أو محطات الوقود كذلك على المواطنين ان يبلغوا عن التاجر الذي يحتكر السلع والمواد الغذائية في أي مكان بعيد عن الأنظار بغية تحقيق أرباح اكثر من قيمتها الحقيقية لان ذلك واجب وطني لحماية المواطن والمستهلك.
الأمر الآخر انه من المنطق والطبيعي ان ترتفع أسعار أي سلعة لها ارتباط بالعملات الأجنبية لكن دلائل الجشع والفساد هو ان ترتفع أسعار سلع لا علاقة لها بهذا الأمر مستندين على ان كل شيء ارتفع عالمياً أي حجة لا مبرر لها واصبحنا نعيش في قانون أسواق له معطياته وأساليبه رغم وجود قوانين وضوابط تحكم ذلك لان الجشع والطمع مسيطر على الساحة لتكوين أرباح وثروات
على حساب المستهلك البسيط ويخرج بعض هؤلاء التجار الي وسائل الأعلام يتحدثون بكل ثقة انهم وطنيون وحريصون على خدمة المواطن واستقرار الأسعار بل أحيانا يقولون انهم يبيعون بأقل من سعر التكلفة ويبقى هذا الأمر لفترة لا تزيد عن أسابيع حتى نجد ان السلعة قد عادت الي الارتفاع متناسين كل ما قيل عبر الفضائيات لقد اصبحنا نعاني من ازمه ضمير قبل ان نعاني من أسعار السلع والخدمات فكل شيء من الممكن ضبطه في الاقتصاد إلا تلاعب الضمير لذلك تجد الأسعار تتفاوت بين ليلة وضحاها أدوية ومواد بناء وقطع غيار السيارات وغيرها الكثير لذلك يمكننا القول ان تطبيق القانون هو احدى اهم وسائل ضبط حركة وسلوك المجتمعات
ولكن الشرف الإنساني هو القاعدة الأساسية التي يقوم عليها أي اتفاق بالتراضي حتى نتجنب الأزمات والأوقات الحرجة والظروف الاقتصادية الصعبة بكل تفاني وإخلاص للوطن وللمواطن الذي لم يعد يستطيع شراء أو الحصول على العديد من السلع الأساسية وعلى رأسها الأدوية وبدائلها لتفاوت الأسعار لتسويق البديل المقلد والغير مجدي وغير ذلك الكثير حتى الشامبوهات ومستلزمات تنظيف الأواني أصبحت تتفاوت أسعارها لتفاوت جودتها ومواصفاتها وهي من نفس الماركات فقط من اجل تحقيق تفاوت بسيط بالأسعار ولتحقيق ربح اكبر لدى التجار والمصانع والمؤسسات المختلفة أي تلاعب بالمواصفات والجودة من اجل تحقيق أرباح اكثر .فإن 10% فقط من ثروات حفنة من أصحاب المليارات، كافية للقضاء على مشكلة الجوع، وسد حاجات المليار فقير من الغذاء والدواء والمياه النظيفة. وهذه إحدى أسوأ مثالب الرأسمالية، وإليكم الثانية.
في أعقاب الأزمة الاقتصادية العام 2008، شهد معظم السلع (وعلى رأسها الأغذية) ارتفاعًا في الأسعار.. وظلت تلك الأسعار في ارتفاع مطرد، لتبلغ ذروة غير مسبوقة هذه السنة (2021).
في أزمة 2008، فشل المجتمع الدولي في انتزاع تعهّد من الدول الغنية بتأمين مبلغ 44 مليار دولار لانتشال ملايين الناس من الجوع، وبدلا من ذلك خصصت الولايات المتحدة وحدها 747 مليار دولار لإنقاذ كبار الرأسماليين من الإفلاس، وللحفاظ على ديمومة البنوك والشركات المالية الكبرى وضمان تدفق أرباحها. وفي هذه السنة ومع إطلالة رأس أزمة اقتصادية جديدة، وموجة عالية من الغلاء، هل ستتصرف الدول الغنية كالعادة، بحيث تبادر لإنقاذ الأثرياء الذين تسببوا بالأزمة، وعلى حساب الفقراء الذين هم ضحاياها! أم أنها ستغلّب النداء الإنساني على نداء المصالح الرأسمالية؟
مشكلة الأمن الغذائي تمسّ مباشرةً حياة مئات الملايين من الناس، بل وتهدد بقاءهم، إما بسبب الجوع، أو نتيجة الأمراض الناجمة عن سوء التغذية، بما في ذلك سوء التغذية “غير المرئي”، أو “الجوع الخفي”؛ أي عندما تفتقر وجبات الطعام للقيمة الغذائية، وحسب تقارير متخصصة فإن ربع أطفال البلدان النامية يعانون من “سوء التغذية غير المرئي“.
والأمن الغذائي لا يتحقق فقط بتوفر كميات كافية من الغذاء، بل وأيضا بإمكانية الحصول عليها بعدالة، أي أن تكون هذه المواد الغذائية متاحة لجميع أفراد المجتمع، وهذا يتوقّف على توافر فرص العمل، وعلى القدرات الشرائية. وهذه مشكلة تعاني منها البلدان المتقدّمة والبلدان النامية على حد سواء (ولكن بصور وتجليات مختلفة).
ويمكن اعتبار النقاط التالية أسباب الأزمة، بحسب ما كتبه د. محمد دياب، في دراسة شاملة وموسعة بعنوان: المشكلة الغذائية في العالم: جوهرها وأسبابها الحقيقية، سنبدأ بالأسباب الثانوية على أن نتناول الأسباب الجوهرية في المقال القادم:
أولاً: النموّ السريع الذي تشهده اقتصادات بلدان كبيرة كالصين والهند، والبرازيل، وتسارع وتيرة التصنيع فيها أدى إلى ارتفاع مستوى المعيشة في هذه البلدان، ودخول شرائح كبيرة إلى مصاف الطبقة الوسطى، والتي صارت قادرة على استهلاك اللحوم مثلا، ومن ثم إلى ازدياد حجم استهلاك المواد الغذائية بشكل عام، كما أدّى، من جهة أخرى، إلى تسارع الطلب على النفط فيها، وبالتالي إلى ارتفاع أسعاره، ومن ثم إلى ارتفاع أسعار مكوّنات أساسية للإنتاج الزراعي، كالوقود وزيوت المحركات والأسمدة والمبيدات. كما أن ارتفاع أسعار الوقود يؤدّي بدوره إلى ارتفاع كلفة نقل المنتجات الغذائية إلى الأسواق، ومن ثم إلى ارتفاع أسعارها.
ثانياً: الاتجاه نحو تطوير “الوقود العضوي” وإنتاجه، ما دفع إلى زيادة الاستثمار في إنتاج أنواع الوقود البديلة من أصل نباتي. فتحولت مساحات شاسعة من الأراضي في العديد من البلدان من زراعة الحبوب إلى زراعات لإنتاج الوقود الحيوي. والمفارقة أن الهند والبرازيل، حيث نسبة الفقر والجوع وسوء التغذية عالية جدًا، هما أكبر مصدر للوقود العضوي في العالم.
ثالثاً: من الأسباب الإضافية التي ساهمت في تفاقم المشكلة الغذائية التغير المناخي؛ فالجفاف والفيضانات في بلدان منتجة مثل كندا وأستراليا أثّرت على المحاصيل وعلى إنتاج المواد الغذائية. كما أن التغيّرات في العادات الغذائية (وفق نمط الاستهلاك الغربي) نظرًا للارتفاع في معدّلات النمو الاقتصادي والتطوّر في مستوى المعيشة، من شأنه أن يفاقم هذه المشكلة. ونتيجة لذلك، ستضطر بلدان كانت تتميّز بالاكتفاء الذاتي نسبيًا، إلى استيراد الحبوب بسبب فقدان الأراضي الزراعية.