كتب/ د.عادل عامر
أحد أهم أسباب الأزمة التي عانت وتعاني منها البلاد هي الفجوة الكبيرة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. منذ الثمانينات من القرن الماضي توجّهت شريحة كبيرة من الطلبة نحو التخصصات التجارية والبنكية والمناهج النظرية في الاقتصاد حتى تشبّع السوق من هذه المهنة. الأزمة المالية العالمية التي ضربت أسواق المال، أدّت إلى تسريح مجموعة من الموظفين، وكانت سبباً في تغيير شريحة غير قليلة من الطلبة الملتحقين بالجامعات في تغيير اتجاه بوصلتهم التعليمية واختيارهم تخصصات علمية وتطبيقية.
لذلك يجب ان تستوعب استراتيجية التعليم جميع مسارات التعليم وجميع الطلاب في جميع المدارس والجامعات بلا استثناء لتغطية سوق العمل بالتخصصات المطلوبة بمهاره جيدة وبأعداد تغطي الاحتياج لها وان لا يترك ذلك فقط للاختيار العشوائي بل يتم منح المميزات لجذب اكثر عدد من الطلاب لتخصصات معينه لها احتياج كبير للمجتمع والدولة وعلى سبيل المثال لا الحصر تخصص الزراعة يلاحظ ان هناك أحجام لانخراط الطلاب بهم رغم احتياج المجتمع والدولة لهذا الاختصاص بجميع أقسامه ويحجم معظم الطلاب في الانخراط في المجال الزراعي بسبب مبرر البعض بانها تستلزم بذل جهد أكبر من التخصصات الأخرى ويستوجب لتصحيح هذا الخلل ان يتم منح الحوافز المناسبة لجذب عدد كبير من الطلاب ومنها على سبيل المثال لا الحصر منح الطلاب في المدارس شتلات زراعية مجانية للزراعة
و تنفيذ زيارات ميدانية لمزارع نموذجيه للتحفيز . تمثل مرحلة الشباب مرحلة بالغة الأهمية والتأثير على مستقبل الأفراد والمجتمعات. ويسهم التعليم عالي الجودة المقدم للشباب في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي بالدولة، وفي زيادة العائد الاقتصادي للتعليم. ويؤدي ارتفاع دخل الأفراد المتخرجين من المرحلة الثانوية بصفة عامة ومن التعليم الثانوي الز ارعي إلى فوائد عديدة للفرد والمجتمع. وعلى العكس من هذا، يؤدي تدني جودة التعليم الثانوي الز ارعي إلى ارتفاع معدلات الفقر بين خريجي هذا النوع من التعليم الفني،
وزيادة احتمالات سوء التكيف الاجتماعي لهم، وعدد آخر من الآثار السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع ونظر الناجمة عن انخفاض جودة التعليم الثانوي الز ارعي، يصبح من الضروري دراسة آليات تحسين الجودة التعليمية لهذه المرحلة التعليمية.
‘‘ وإن تشجيع التعليم عالي الجودة المقدم للشباب في المناطق الريفية وبخاصة للفتيات والنساء الريفيات يقلل من التفاوتات الاقتصادية والتعليمية بين سكان المناطق الريفية وبين سكان المناطق الحضرية. ويلعب ارتفاع التحصيل الدراسي للشباب في الريف ووجود بيئة تعليمية محفزة للتفوق في تحسين الإنتاجية، وخلق مناخ إيجابي يعمل على زيادة مستوي الرفاه في المناطق الريفية يجب على الدولة تنفيذ مبادرات فعالة لتحسين جودة التعليم بصفة عامة والتعليم الثانوي الفني الزراعي بصفة خاصة، ولزيادة معدلات الاستيعاب ومعدلات التخرج من النظام التعليمي،
ولتحسين ارتباط التعليم بسوق العمل. ويسهم تحسين الكفاءة الداخلية والكفاءة الخارجية للتعليم الثانوي الفني الز ارعي في زيادة دخول المتخرجين من هذا النوع من التعليم، من ثم في زيادة العائد الاقتصادي له. لذلك يجب ربط التعليم الزراعي لزيادة جودة الحياة في الريف المصري وزيادة الإنتاجية الزراعية وزيادتها مما يساهم في التنمية الاقتصادية التي تسعي الدولة اليها
وفي الجامعات يستوجب منح حوافز جيدة كما هو مطبق في معظم دول العالم والذي تقوم بمنح خريجي كليات الزراعة قطع ارض صالحة للزراعة بشكل مجاني ويتم صرفها من أراضي الدولة وإشراكهم في عمليات إصلاح الأراضي الزراعية ومنحهم التسهيلات الممكنة من ماء وبذور وقروض ميسره تمكنهم من زراعة تلك الأراضي المصروفة لهم . وكذلك جميع التخصصات الأخرى يتم تحفيز الطلاب للانخراط فيها بحسب الاحتياج وجوبية ربط جميع الوزرات والمؤسسات بما يوازيها من كليات الجامعات
من اهم أسباب اختلالات التعليم هو عدم ربط جميع كليات الجامعات العامة والخاصة بالوزارات والمؤسسات العامة والخاصة فكل وزارة ومؤسسة تصنع استراتيجيتها بعيداً عن التعليم والبحث العلمي مما يؤدي هذا إلى تخلف هذه المؤسسات وتكلسها ويفترض ان يتم تحديث اليات عملها بشكل مستمر ومثمر ولن يتحقق ذلك مالم يتم ربطها بالجامعات والكليات وان يتم اصدرا قرار ملزم بالربط ولا يتم اعتماد أي كلية أو جامعة مالم يكون لها علاقة تربطها مع الوزارة أو المؤسسة في القطاع العام أو الخاص وكذلك لا يتم اعتماد خطط وموازنات أي وزارة أو مؤسسة إلا اذا التزمت بالربط مع احدى الكليات ذات نفس التخصص
فمثلاً كليات الحقوق يستوجب ان يتم ربطها مع وزارة العدل وجميع مؤسسات القضاء و المحاماة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة بتخصصها والربط المقصود بها هنا ليس فقط ربط قيادات الكليات بقيادات الوزارات والمؤسسات بل ربط جميع طلاب تلك الكليات بجميع تلك المؤسسات مما يعزز من الإلمام بمهامها بحيث لا يتخرج الطالب إلا وقد حدد تخصصه في قسم يرغب التخصص فيه هل في القضاء ام النيابة العامة ام المحاماة
وبما يؤدي إلى تقليل الوقت والجهد الذي يتم تبديده من قبل جميع الخريجين لعدم تحديد هدفهم في وقت مبكر وعدم المامهم بمهام كل مؤسسة ذات علاقة بتخصصهم بالإضافة إلى ان ذلك الربط يوزع الخريجين على جميع المؤسسات ذات العلاقة بحسب الاحتياج ولا يكدسهم في قسم محدد وأغفال أقسام أخرى ذات أهمية .
من اهم أسباب اختلالات منظومة التعليم هو بسبب الاستخدام الخاطئ والمعكوس لأليات القبول في الكليات حيث يخضع القبول في الكليات بمعادلة شاذة وخاطئة مبنية على أسس تتناقض مع واقع واحتياجات الدولة والمجتمع فيتم رفع المعدلات والمستوى الدراسي لقبول الطلاب في التخصصات العلمية ويتم تخفيض نسبة القبول والمستوى الدراسي في التخصصات الإنسانية بما يؤدي إلى خلل في تغطية احتياجات المجتمع والدولة من الطلاب فنجد بسبب هذا الخلل الأف الخريجين على رصيف البطالة لانهم اضطروا للانضمام إلى كليات إنسانية بالرغم من ان رغباتهم في كليات علمية وكان العائق لذلك هو الشروط والمعايير الخاطئة فمثلاً طلاب كانوا يرغبون في دخول كلية الطب ولم يوفقوا في الانضمام لها بسبب الشروط القاسية والمجحفة ويتسبب ذلك في خلل في ميزان الاحتياج فنجد جميع المستشفيات تحتاج لعدد كبير من الأطباء ولا يوجد العدد الكافي لتغطية الاحتياج بسبب ذلك الخلل وبسبب ان عدد كبير من الطلاب اضطروا لدخول كليات إنسانية مخالفة لرغباتهم وتكدسوا في ارصفه الشوارع والبطالة لارتفاع عددهم وتشبع تخصصاتهم بينما هناك احتياج كبير في تخصصات أخرى تم حرمانهم منها بسبب خطأ إجراءات القبول والتسجيل .
ولمعالجة ذلك يستوجب ان يتم تصحيح اليات القبول في جميع الكليات ويتم ربطها باحتياجات سوق العمل ويتم عكس هرم القبول بحيث يتم تخفيض نسبة القبول لجميع الكليات العلمية ورفعها في الكليات الإنسانية وبحسب الاحتياج الفعلي لها في الواقع العملي .
اذا ما تم ربط التعليم بسوق العمل وتحول التعليم من مناهج نظرية إلى تطبيق عملي سيتم التطوير المستمر لمناهج التعليم بما يتواكب مع سوق العمل وسيتم إضافة تخصصات جديده وتطوير التخصصات الأخرى وعلى سبيل المثال تخصص الطاقة الشمسية لا يوجد هذا التخصص حالياً ولايوجد منهج يوضح هذا المجال الهام الذي يغطي احتياجات عدد كبير من إفراد المجتمع للطاقة منها لو تم ربط مناهج التعليم بسوق العمل سيتم استحداث مواضيع ومناهج وأقسام متخصصة في الطاقة الشمسية لإكساب الطلاب المعارف والمعلومات والمهارات اللازمة في هذا المجال الهام وبما يؤدي إلى تغطية احتياج سوق العمل بالكادر المؤهل المتخصص في هذا المجال وكذلك جميع المجالات .
كما ان ربط التعليم بسوق العمل سيؤدي إلى مواكبه مناهج التعليم للتطورات والتحديث الحاصل في سوق العمل ومناهج التعليم فبنظرة فاحصة نجد ان معظم مناهج التعليم الحالية في المدارس والجامعات مناهج قديمة يستوجب تحديثها لتتوائم مع التطورات الهائلة فمن غير المعقول ان يتم تعليم مناهج تم تأليفها في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي والزام الطلاب بها رغم مضي اكثر من أربعين عام تقريباً عليها وخصوصاً المواد العلمية الذي تتطور باستمرار .
لذلك يجب ان يتم تحديث جميع مناهج التعليم بما يتواكب مع التطورات العالمية وخصوصاً في المواد العلمية من جميع النواحي المواد وأيضا اليات ووسائل التعليم وبربط التعليم بسوق العمل سيتم أيضا تحديث سوق العمل باستمرار لمواكبة الجديد والمستجد وعدم التقوقع في نظريات واليات عمل قديمة .
بربط التعليم بسوق العمل سيتحول الطلاب في المدارس والجامعات إلى باحثين ومطورين لسوق العمل فيتم معالجة كثير من الاختلالات التي تعترض جميع مجالات سوق العمل وتطورها وتكسب الطلاب مهارة وخبرة كبيرة تؤهلهم ليس فقط لمعرفة احتياجات سوق العمل وأليات عملها بل وتطويرها ويتحول سوق العمل إلى مجال بحثي مستمر للطلاب
وهنا أتذكر في احدى المؤتمرات العلمية الهامة عن سوق الدواء انه تم استعراض دراسة إحصائية أوضحت ان اكثر من 80% ثمانين في المائة من سوق الدواء العالمي تحتكرها بضع شركات عالمية بسبب سيطرتها على المراكز البحثة الدوائية العملاقة فبسيطرتها على البحث العلمي سيطرة على وسائل الإنتاج والتطوير .
وبالمثل لو تم تطوير البحث العلمي في جميع المدارس والجامعات لتحول جميع الطلاب إلى باحثين وخلايا نحل مجتهدة في جميع التخصصات وتحولت المدارس والجامعات إلى مراكز بحثية مرموقة وتم تصحيح ومعالجة كثير من المشاكل والمعيقات التي تعترض سوق العمل وتعطله ببحوث تخصصية هامه يتطور بها الجميع التعليم وسوق العمل أيضا .
وتتحول الجامعات إلى مراكز بحث علمية لجميع الوزارات والمؤسسات تكتشف وتشخص الأخطاء وتقترح المعالجات لها ويتحول التعليم وسوق العمل إلى تروس هامه في ماكينة عملاقة اسمها المجتمع تتحرك بشكل كامل لتحقق نهضة مجتمعية وقفزة حضارية تنتشل الجميع من القاع إلى القمه .
نطالب وبإلحاح بسرعة أعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية للتعليم وربطها بسوق العمل وبما يؤدي إلى تطوير التعليم وتحديث سوق العمل الذي يشكو من انخفاض الجودة وانعدام الثمرة وتحولت مؤسسات التعليم إلى مؤسسات خيالية بعيدة عن الواقع المعاش وافتقد جميع الطلاب في وطني للرغبة والحافز في التعليم لأنه لا ثمره منه فيتعلم في المدارس والجامعات مناهج ونظريات تختلف عن ما هو مطبق حالياً في الواقع العملي
ولا تغطي احتياجاته والمفترض ان يتم إعادة النظر في ذلك والربط الفوري بين التعليم وسوق العمل والزام جميع مؤسسات التعليم بالتنسيق والربط مع جميع أجهزة الدولة والمؤسسات العامة والخاصة و بما يؤدي إلى انخراط الجميع في تطوير سوق العمل وتغطية احتياجه بالخريجين ذوي مهارة ومعارف ومعلومات جيدة يطوروا بها سوق العمل ومؤسسات القطاع العام والخاص وأزاله السور والعائق الكبير الذي يقطع فيما بين التعليم وسوق العمل والذي حول التعليم إلى مجال انفاق وتكاليف لا فائدة منه وعطل سوق العمل لغياب الكوادر الوطنية الكفؤة والمؤهلة.
والذي لن تتحقق أي تنمية أو تطوير لمجتمعاتنا مالم يتم تطوير اليات ووسائل التعليم لتغطية احتياجات سوق العمل ويتحقق فقط بربط التعليم بسوق العمل لتطويرهما معاً.