كتب / د. عادل عامر
تقوم التعاونيات الزراعية بدور هام في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيـث تعتبـر أحـد الركائز الأساسية لعملية التنمية الزراعية ، ويهدف البحث إلى الوقف على تفعيـل دور الجمعيـات التعاونيـة الزراعية، من خلال التعرف على مساهمة التعاونيات في الخدمات التمويلية التي تقـدم إلـى المـزارعين، والتعرف على أهم المشاكل والمعوقات التي أدت إلى عدم تطوير نشاط الجمعيات التعاونية الزراعية، وإيجاد مقترحات لآليات تفعيل نشاط الجمعيات التعاونية، وقد تبين من البحث تدنى مساهمة التعاونيـات في تقـديم الخدمات التمويلي ة الزراعية للمزارعين،
حيث لم يتجاوز متوسط المساحة المستفيدة من الخـدامات التمويليـة التي يقدمها البنك الزراعي المصري من خلال التعاونيات الزراعية للموسم الشتوي، و الـصيفي ، و النيلـي ومحصول القصب، حوالي ،%٧ ،%٩ ،%١٧ %٢٦ على الترتيب من متوسط المـساحة المنزرعـة علـى مستوى الجمهورية لمتوسط الفترة (٢٠١٨-٢٠١٤).أهـم المـشاكل التي تعـانى منهـا التعاونيات الزراعية، حيث تركزت تلك المشاكل ف ى ثلاث جوانب رئيسية وه ى: المشاكل الإدارية، والمشاكل التمويلية، وال مشاكل التسويقية. كما تناول البحث مقترحات لآليات تفعيل دور التعاونيـات الزراعيـة لـدعم الزراع وقطاع الزراعة . مقترح إنشاء جمعية تعاونية نوعيـة رقميـة للتـدريب والإرشـاد التعاوني.
من خلال الواقع الحالي للتعاونيات والتمويل الأصغر وفي ظل الأزمات المتلاحقة التي تواجهنا في السودان، تظهر الحاجة الماسة للمزيد من الجهد على المستوي القومى فىكافة اجملالات لضمان نجاح وتنمية وتطوير هذين القطاعين، وتكاملهما بكفاءة لتأدية وظيفته الاقتصادية والاجتماعية المنشودة لهما، لتمتع النظام التعاوني بفرص واسعة للمساهمة في التنمية ومكافحة الفقر، ولما يتمع به من مقومات وأسس ومبادئ تتوافق مع ضوابط وأسس وأهداف التمويل
الأصغر، وبالتالي إمكانية إستغلال إمكانياته في إطار الصيغة التعاونية. هذه الورقة محاولة لتقديم فكرة واضحة عن التعاونيات ودورها والقيم والمبادئ والأسس التعاونية التي يقوم عليها النظام التعاوني السليم، والهدف الأساسي هو الوصول لقناعة بأهمية إستغلال التعاونيات للتمويل الأصغر في التمكين القتصادي للمرأة، ومن ثم إيجاد صيغة مناسبة
للربط بين التعاونيات النسوية والتمويل الأصغر ووضع مؤشرات للتفاعل الفعال بينهما من أجل تنمية وتطوير المرأة في الريف والحضر وتمكينها أقتصاديا وأجتماعيا. هذا الربط يخلق صيغة جديدة للتفكير بشأن تنمية وتطوير المرأة وتمكينها أقتصاديا فحسب، وهذا ما يتوفر للتعاونيات بأشكالها الم ، كضرورة اقتصادية وليس كواجبا ختلفة من خلال ً أخلاقيا المنهج التعاونى التنموي وثيق الصلة بالتنمية المستدامة، والذي لا يتحرك بدافع الربح كحالة منهج المشروع الخاص أو بأوامر فوقية كحالة منهج المشروع الحكومى. التعاونيات تتحرك بدافع اشباع الاحتياجات ( حاجة المستهلك للسلعة
أو الخدمة وحاجة المنتج الى تشغيل قوة عمله ومدخراته المحدودة ) وبالأستخدام المرشد للموارد، وبالتالي إشباع احتياجات أكثر بموارد أقل، ولهذا فالمنهج التعاونى يصير هو الاقرب ملائمة حين تكون التنمية المستهدفة تنمية متوازنة، كما أنه وثيق الصلة بالتنمية البشرية، أي تنمية الأنسان بالإنسان وللإنسان دف توسيع الخيارات المتاحة.
فالتعاونية تقوم على تجميع الجهود الصغيرة والأموال القليلة المبعثرة في كيان تعاوني كبير، واستخدامها دون أن يلغى الصفة الخاصة للملكية، محققة بذلك مزايا الإنتاج الكبير ووفورات الحجم الكبير برغم ضآلة المشاركات ومن ثم لا يقف ضعف الادخار عائقا أمام التعاونية. والورقة تركز علي كيفية الوصول لشكل تعاوني يمكن من خلاله استغلال التمويل الأصغر بكفاءة وإقتدار ليصل الي المستهدفين الحقيقيين، من النساء ولا يذهب لغيرهم، بالتركيز علي دورهن في عملية التغيير والتنمية، بدمجهن في مشاريع تنموية من خلال جمعيات الإنتاج والتوفير والتسليف التعاونية النسوية المتعددة الأغراض ذات شخصية اعتبارية ومالية وإدارية مستقلة، تقتصر عضويتها على النساء، وتمول وتدار من قبلهن
، وتمارس أنشطتها التمويلية والتنموية من اجل تنمية المرأة وتمكينها وتعزيز دورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية معتمدة على قوانين وأسس ومبادئ وأخلاقيات التعاون المعروفة. هذه التعاونيات تعتبر من أهم الأفكار التعاونية العلمية والعملية التي وجدت فرصتها للتطبيق العملي والعلمي عالميا وسدت فراغا كبيرا لخدمات التمويل الآمن
والفاعل لكل الفئات المنتجة خاصة النساء ولقد استفاد بروفسور محمد يونس صاحب بنوك الفقراء من روح وأسس تعاونيات الادخار والإقراض وحقق إتجازا إنسانيا وتاريخيا لآن روح وأسس تعاونيات الادخار والإقراض تتمثل في أن التعاون تجميع واتحاد ، لبعض الأشخاص وجهودهم المبعثرة بغرض تحقيق هدف مشترك وذلك بأقل تكلفة ممكنة لرفع المستوي الاجتماعي للأعضاء عن طريق زيادة الدخل أو الاقتصاد في التكاليف
إن التعاون نظام لتحرير الاقتصاد وإطلاق للقوى المنتجة من عقالها وهو يمكن أن يكون الدواء الناجع لعلاج الكثير من المشكلات اليومية للسوق التي أصبحت اليوم مشكلات مزمنة بل أدت إلى اختناقات تموينية.. وفي آخر الأمر إلى ضائقة الغلاء.. بل أن الحركة التعاونية بما يمكن أن نضيفه من ثقافة جديدة في الوعي الزراعي والتجاري والإنتاجي، وبما تثري به المواطن من تجارب في اجملالات الاقتصادية, وبما تبتدع من وسائل علمية لتطوير الإنتاج والعلاقات الإنتاجية، وبأثرها السلوكي على البناء القومي للمجتمع فإذا وسيلة حية لتعليم الشعب
وتربيته. فالشعوب تتعلم بالممارسة وهي تتعلم أسرع عن طريق العمل الجماعي وبصفة خاصة عندما تكون وسيلة العمل الأساسية هي الديمقراطية التعاونية التي تتيح للأعضاء حرية التعبير عن الرأي وتساعد على التوصيل للقرارات الرشيدة عن طريق الحوار الهادف.. ثم هي تشعر الأعضاء بآلام يصنعون مستقبلهم بأفكارهم وتخطيطهم ومجهودهم في العمل مما يجعل الوحدة في الفكر وفي العمل شاملة للتخطيط والتنفيذ. إن جوهر التعاون وطبيعته وظروف نشأته تقضي بحرية واستقلال ومساواة أعضاء التعاونية وتسيير ورقابة جمعيتهم التعاونية
وهو ما يعبر عنه ويترجمه مبدأ الديمقراطية التعاونية الذي يعني الاعتراف بالسلطة العليا وعلي قدم المساواة لكافة الأعضاء الذين تكونت منهم ومن أجلهم الجمعية التعاونية فيكون لهم حق وسلطة قيادēا وتقرير مصيرها بحيث لا تكون حركة جمعيتهم مفروضة بواسطة سلطة خارجية وإنما تكون هذه الحركة خاضعة للإرادة الجماعية للأعضاء
كما تكون معبرة عن مصالحهم ومشبعة لحاجاتهم المشتركة والتي تكونت الجمعية بغرض إشباعها أفضل إشباع ممكن. يتحقق ذلك في الواقع العملي عن طريق ممارسة الأعضاء لحقوقهم وسلطاēم كمنتجين وزراعيين وكأعضاء تعاونيين من خلال تشكيلاتهم الديمقراطية وأهمها الجمعية العمومية ومجلس الإدارة. ولا شك إن الديمقراطية التعاونية تعتبر بمثابة الأصل التعاوني العام الذي يتعين احترامه كقاعدة عامة تحكم الجمعيات التعاونية بكافة أنواعها.
أخيرا يمثل التعاون قيمة عٌليا ومبدأ إنساني، وهو فكر وأسلوب حياة، يعتمد على الذات والمساعدة الجماعية المتبادلة والعمل باتحاد الموارد والقدرات بشكل جماعي من خلال ارتباط مجموعة من الأشخاص ارتباطا اختياريا، وعلى قاعدة المساواة لتحقيق منافعهم ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحسين ظروف معيشتهم من خلال تجميع إمكانياتهم ومواردهم وقدراتهم وجهودهم أي (تكافلهم) بالمعنى الواسع والعميق لمفهوم التكافل، وبما يحقق منفعة اقتصادية عامة ووطنية أيضا، وهذا يعتبر خيارا فعالا لتخطي الأزمات الاقتصادية بمشاركة المجتمع ضمن توجهات وفعاليات ومبادرات تعاونية للاقتصاد الاجتماعي تساهم في تخفيف معاناة المواطن والارتقاء به نحو الأفضل؛ الأمر الذي يحتاج منا لتضافر الجهود للنهوض بالعمل التعاوني والاستفادة من الاستثمار به كاقتصاد حر وبديل وأحد أشكال النضال الاجتماعي والوطني.