كتب /د.عادل عامر
تعتبر جريمة التأثير على سير العدالة بطرق النشر و الإعلام، جريمة من جرائم القانون العام، وجرائم التأثير على سير العدالة تعد من أخطر الجرائم المؤثرة على الجهاز القضائي وحدوثها يسبب أذ ى كبيرا وضررا بالغا ليتناوله المجتمع بأسره، وهذه الجريمة تعتبر ضد العدالة وضد الصالح العام، لذا فإن المشرع الإماراتي قد وضع أشد العقوبات ليكفل بذلك حماية القضاء وتوفير النزاهة له، ليلجأ إليه كل ضعيف ومظلوم ويحصل على العدل والإنصاف،
وهو هدف مقدس في كل المجتمعات الراقية، وفي الحضارات الإنسانية والشرائع قديمها وحديثها. وبما أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت ومازالت سباقة إلى حماية الحقوق وتوفير العدالة لكل فرد في المجتمع سواء أكان من أفرادها أو المقيمين على أرضها من منطلق إنساني وحضار سواء كان في مرحلة ما قبل المحاكمة مثل مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو في مرحلة المحاكمة .
وتم التطرق إلى مبدأ هام وهو الصراع بين حرية النشر والصحافة ومبدأ علنية إجراءات التقاضي من جهة وبين السرية المطلوبة لضمان تحقيق العدالة التي هي من أهم أسس بناء المجتمعات المتقدمة الراقية وتوفير التعايش بين أفراد المجتمع من أجل الاستقرار والإنتاج وتوفير الأمن.
وقد حرص المشرع الإمارات ي على إيجاد نصوص في تشريعاته تجرم نشر أية معلومات أو أخبار تتعلق بالقضاء أو القضايا المنظورة أمامه التي يفترض الحفاظ على سريتها أو التي من شأنها التأثير سلبا على سير العدالة المنشودة.
وتعد هذه القوانين والإجراءات هي خطوات استباقية ووقائية، ضد ما يمكن أن يؤثر على تحقيق العدل وأحقاق الحق في مجتمع يقدر ويحترم هذه المبادي وله بصمات واضحة بين تشريعات دول العالم أجمع، ودولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان – عليه رحمة الله تعالي – قامت على مبادئ سامية منها:
احترام وتقدير الإنسان والتعايش بين جميع أفراد المجتمع ومع المجتمعات الأخرى من منطلق إنساني وديني وقومي بعيد عن التمييز العنصري والفتن ونبذ الكراهية والحقد، والمحافظة على المنظومات الأخلاقية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية في الدولة. وقد تعرض البحث بشكل أساسي إلى المسؤولية الجنائية في حالة النشر وإفشاء أسرار التحقيقات القضائية وكذلك إلى جريمة التعدي على هيئة المحكمة والإخلال بأوامرها في صدد دعوى منظورة، وما هي الإجراءات والعقوبات المتخذة في هذه الأحوال.
تتفق الأنظمة القانونية في كل البلدان بأن جريمة التأثير على سير العدالة تعد من أخطر الجرائم، فمن حيث نطاق تأثير الجريمة، هنالك الجريمة التي يرتكبها الشخص أو بالاشتراك ضد آخر أو آخرين، والجريمة التي يرتكبها الشخص أو بالاشتراك ضد المجتمع، وجريمة التأثير على سير العدالة تعد من أخطر الجرائم التي يرتكبها الشخص أو بالاشتراك ضد المجتمع بأسره، وتمس جريمة التأثير على سير العدالة النظام القضائي والعدلي برمته، وإذا تأثرت الأجهزة القضائية والعدلية شابتها الفساد وبفساد الأجهزة القضائية والعدلية تفقد الدولة أهم ركائزها فتنهار، كما وأن جريمة التأثير على سير العدالة من خلال وسائل الإعلام هي الأكثر خطورة من غيرها من جرائم التأثير على العدالة التي ترتكب بالوسائل التقليدية المحدودة النطاق والأثر، خاصة إذا ما استغل تأثير الإعلام في نصب المحاكمات الإعلامية والإدانات السابقة للمحاكمات القضائية وتوثيقها، وقد لا يتيسر حتى بعد صدور أحكام من القضاء بالبراءة تصحيح المفاهيم التي ترسخت لدى العوام من خلال التأثير الإعلامي على سير العدالة والإدانات الإعلامية المسبقة .
إقامة العدل بين الناس من أهم واجبات القضاء، حيث إن عمل القضاء غاية نبيلة يقوم بها الجهاز القضائي بصعوبة وحذر، ومن أجل إتمام هذه المهمة يتعين على جميع المشاركين في عملية التقاضي أن يساهموا في سير العدالة، ومن يعطل سيرها يجب أن يتعرض لعقاب رادع؛ لما يحدثه هذا النوع من الجرائم من ضرر كبير يتسع مداه ليتناول الأمة بأسرها، فهذا النوع من الجرائم يقع ضد تحقيق العدالة التي هي حق شرعي لكل فرد في المجتمع.
وقد أوجب المشرع الأردني على كل مواطن ألا يعطل المحكمة عن الفصل في الدعوى محل النظر، أو تعطيلها عن اتخاذ إجراء ضروري في الدعوى يساعدها على الفصل في الدعوى، وتنبه المشرع الأردني إلى أهمية وسائل الإثبات المختلفة في مساعدة المحكمة في الفصل في الدعوى؛ لذا فقد أقر حماية خاصة لوسائل الإثبات من التلف أو الإخفاء من جانب الغير، وذلك بفرضه عقوبات صارمة على كل من يتلف أو يخفي مستندًا أو وثيقةً، قاصدًا عدم استعمالها بوصفها بينةٍ على الدعوى
جريمة التدخل في شؤون العدالة: لقد جرم المشرع هذا الفعل, وذلك لما تكمن فيه من خطورة في التأثير علي حيادية ونزاهة القضاء, ويشترط القانون صفة معينة في مرتكب هذه الجريمة، وهي صفة الموظف العام أو الشخص ذي الوجاهة. وذلك بقيامهم بالتدخل لدى قاضٍ أو محكمة لصالح أحد الخصوم أو إضرارًا به بإحدى الطرق المتمثلة “بالأمر أو الطلب أو الرجاء أو التوصية”, ولا يشترط أن ينتج عن هذا التدخل تحقيق نتيجة, بل يعاقب الموظف أو ذو الوجاهة الذي قام بالتوسط ولو لم تؤدي وساطته إلى نتيجة, لان المشرع قد أراد من ذلك حماية هيبة القضاء واستقلاله قبل أن يصل الأمر إلى التأثير على القاضي.
جريمة ميل القاضي: وهي جريمة عمدية يتعمد القاضي فيها بالحكم بغير الحق نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة أو ميل لأحد الخصوم, ويكفي لقيام هذه الجريمة أن يكون القاضي قد افتقر إلى التجرد أو الحيدة الواجبين في الأحكام, ولابد لقيام هذه الجريمة أن يتوافر لدى القاضي قصد خاص هو نية الغش في الحكم.
إن للقضاء قدسية ومكانة عظيمة عند كل الأمم والشعوب, فلا يتصور أن تعيش أمة في أمان واستقرار, بدون قضاء يعيد الحقوق إلى أصحابها ويحفظ الأرواح ويصون الأعراض ويحمي الأموال ويدافع عن المظلومين ويأخذ على يد الظالمين؛ ولذلك فقد حافظت كل المجتمعات على نزاهة السلطة القضائية وأجمعت على استنكار المساس بنزاهة القضاء واستهجان الفعل وتجريمه.
ان النزاهة هي منظومة من القيم والمبادئ السامية, التي يجب على كل قاض ان يتحلى بها, وترتبط النزاهة ارتباطا وثيقا بالأمانة والإخلاص في العمل والصدق في المعاملة والترافع عن المصالح الشخصية, كما تستدعي النزاهة من القاضي أن يكون دائم التنبّه والحذر تجاه كل ربح أو نفع أو حُظوة يحاول أن يوفّرها له البعض تقرب منه بسبب ممارسته لعمله
أن حماية القضاة وصيانتهم من أي فساد أو تقصير، وحملهم على القيام بأعبائهم المنوطة بهم في تحقيق العدل ونصرة المظلوم وفصل الخصومات، لا يأتي إلا من خلال الالتفات إلى القاضي في تحسين أوضاعه, والبحث عن حاله وما يعترض حُسن أدائه وعمله من عوائق، وتهيئة البيئة والمناخ المناسب له. أن الحق المعتدى عليه هو نزاهة السلطة القضائية، وهو حق أساسي لكل مجتمع منظم، حيث يستلزم لحماية العدالة من العبث ضرورة تجريم الرشوة والتأثير على القاضي بقصد استمالته لأحد الخصوم أو أضرارا به. أن هناك حاجة الي نص قانوني يوجب على القاضي أن ينبه الخصوم وتحديداً من له المصلحة في الرد, بتوافر تلك الحالة حتى يحدد موقفه من ذلك، ويتم تدوينه في أول محضر للجلسة التي يعلم فيها القاضي أو الخصم بتوافر سبب من أسباب الرد.