الدكتور عادل عامر
أن الأوساط السياسية تتحدث عن مرحلة ما بعد مغادرة الرئيس مقره الرئاسي وفترة الفراغ وكيفية إدارة البلاد في هذه الفترة، مع محاولات أخرى لتشكيل حكومة جديدة، لكن الأجواء لا تبدو إيجابية في هذا الاتجاه أيضًا.
لا يمكن التكهن بدقة بمآل الأزمة اللبنانية الحالية، فبعد أن كانت الأزمة اقتصادية/مالية، مالبثت أن تحولت إلى أزمة سياسية بفشل مجلس النواب أربعة مرات في انتخاب رئيس جديد ومن قبلها الفشل في تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات مجلس النواب في مايو 2022. ثم أخيراً تحولت الأزمة إلى أزمة دستورية بعد خلو منصب الرئيس وعدم الإجماع على نقل صلاحياته لحكومة تصريف الأعمال القائمة. ومن ثم يمكن القول أن تطور الأحداث في لبنان يتوقف بشكل كبير على أكثر من عامل:
أولاً: عامل قوة التحالفات القائمة أو هشاشتها، فالخريطة الحالية للتحالفات أثمرت نوعاً من الشلل السياسي، وبالتالي فإن الانفراجة السياسية معقودة بالأساس على تغيير خريطة التحالفات، إما بكسر بعض حلقاتها أو تكوين حلقات جديدة. ومن ضمن الحلقات المرشحة للكسر التحالف بين حركة أمل والتيار الوطني الحر عبر الحليف المشترك حزب الله. فهذا التحالف القهري الذي لا يريده الطرفان استمر منذ عام 2006 برعاية حزب الله من أجل تكوين جبهة داخلية تدعم المقاومة، وقد تجلى بشكل استثنائي خلال مرحلة التفاوض على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل عبر الوسيط الأمريكي وصولاً إلى التوقيع الفعلي للاتفاق في 27 أكتوبر الماضي.
ورغم ذلك فإن هذا التحالف لم ينعكس بشكل مثمر فيما يخص الأمور الداخلية، فالتيار الوطني الحر مناصر لإطلاق حرية القضاء في التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ولكن حركة أمل بزعامة نبيه بري لا تشاطره الرأي خاصة أن أحد وزرائها السابقين تم استدعائه للتحقيق أكثر من مرة خلال العامين الماضيين. من جهة ثانية، يريد التيار الوطني الحر ترشيح رئيسه جبران باسيل للرئاسة ولكن نبيه بري يميل إلى ترشيح سليمان فرنجية، وبالتالي فالكتلة الصلبة المقربة من حزب الله التي اقترعت بأوراق بيضاء بمقدار 63 صوتاً في أول جولة ثم 55 صوتاً وبعدها 50 صوتاً في الجولات التالية ربما ستكون مرشحة للانقسام في أي جولة قادمة.
يربط كثيرون في لبنان بين عجز القوى السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية وغياب الراعي الدولي أو العربي للاستحقاق الرئاسي، فغياب التفاهم بين اللاعبين الأربعة الأساسيين والمؤثرين في الملف اللبناني، أي الولايات المتحدة والسعودية وإيران وفرنسا، يرخي بظلاله على الاستحقاق الرئاسي ويضعه حالياً في ثلاجة الانتظار كما تقول مصادر دبلوماسية
وباستثناء البيانات الدورية الداعية إلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية إنهاء للفراغ الرئاسي لا مبادرة عربية أو دولية يمكن الحديث عنها، فإن العقوبات التي لوح الاتحاد الأوروبي بفرضها مجدداً بحق معطلي الاستحقاق الرئاسي ورقة الضغط الوحيدة حتى الآن. ففي بيان صادر عن رئيس بعثة الاتحاد في لبنان جوزيب بوريل دعا السياسيين إلى “تنظيم انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة بأقصى سرعة”، مذكراً بإطار العقوبات الذي أصدره الاتحاد الأوروبي في يوليو (تموز) الماضي والذي يسمح “بفرض إجراءات تقييدية على الأفراد أو الكيانات التي تمنع الخروج من الأزمة اللبنانية”، كما حصل عشية الانتخابات النيابية وقبل تشكيل الحكومة.
وسط هذه الأجواء يشرح مصدر دبلوماسي في فرنسا أن باريس حريصة على إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت، ملمحاً إلى أنها قد تلجأ إلى وسائل ضغط للدفع في هذا الاتجاه، لكن حصول ضغط من دولة واحدة وفق رأيه أو دولتين أو أكثر لن يفيد لأنه لن يكون بإمكانها التأثير سوى في فريق واحد من النواب، وتعتبر الدوائر الفرنسية أن المسؤولية تقع على النواب أنفسهم بالدرجة الأولى في حين لن يفيد الضغط الخارجي إلا إذا جاء نتيجة توافق أوسع يشمل الولايات المتحدة والسعودية وأيضاً إيران ومثل هذا التوافق الشامل غير متوافر الآن كما يقول المصدر الدبلوماسي.
أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول جمع وزراء خارجية إيران والسعودية وتركيا لكنه لم ينجح في مسعاه بعد، فيما لا يزال الاهتمام السعودي منحصراً في الشق الإنساني وسط غياب أي موقف من الاستحقاق الرئاسي باستثناء ما صدر في البيان الثلاثي المشترك مع أميركا وفرنسا من نيويورك الذي دعا إلى انتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني.
تتعاطى الولايات المتحدة أيضاً ببرودة لافتة مع ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان وتكشف مصادر دبلوماسية في واشنطن عن أن الإدارة الأميركية لا ترتاح بالمطلق إلى جو الفراغ أو الشلل في المؤسسات، لكن في المقابل لا نية لديها للتدخل، فأولويتها الحالية هي ملف ترسيم الحدود وتنفيذ بنود الاتفاق واستكمال ملف لبنان مع صندوق النقد الدولي ولا تخفي المصادر انعكاساً سلبياً للعلاقة المتأزمة بين واشنطن والرياض، بالتالي تأجيل أي تنسيق ثنائي في ما يتعلق بالملف اللبناني. فإن تسوية معينة لأزمة الشغور الرئاسي لم تنضج بعد، مشيرة إلى أن الفرقاء السياسيين ما زالوا متشبثين بمواقفهم، فالتكتلات النيابية لأحزاب اللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد وبعض المستقلين تواصل تأييد ترشيح النائب ميشال معوض، فيما لم يحسم نواب قوى التغيير (13 نائبا) موقفهم باتجاه دعم مرشح واحد. ولا يزال كل فريق سياسي متشبثاً بموقفه، فالتكتلات النيابية لأحزاب اللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد وبعض المستقلين تواصل تأييد ترشيح النائب ميشال معوض، دون أن يحسم نواب قوى التغيير موقفهم باتجاه دعم مرشح واحد، فيما يرفع نواب حزب الله والتيار الوطني الحر، شعار الورقة البيضاء، بتعطيلهم نصاب الدورة الثانية.
وفشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية للمرة السادسة الخميس الماضي، وأظهرت نتائج فرز أصوات أعضاء مجلس النواب اللبناني، المنوط بهم انتخاب رئيس الجمهورية، حصول المرشح ميشال معوض على 43 صوتًا، بينما صوت 46 نائبًا بأوراق بيضاء.
– صلاحيات رئيس الجمهورية تجاه السلطة التشريعية:
لرئيس الجمهورية، بالإتفاق مع رئيس الحكومة، أن يدعو رئيس مجلس النواب إلى عقود استثنائية (مادة 33).
لرئيس الجمهورية تأجيل إنعقاد مجلس النواب إلى أمد لا يتجاوز شهراً واحداً (مادة 59).
لرئيس الجمهورية، في حالات محددة، الطلب إلى مجلس الوزراء حلّ مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة. فإذا قرّر مجلس الوزراء حلّ المجلس، يصدر رئيس الجمهورية مرسوم الحلّ (مادة 55).
يصدر رئيس الجمهورية القوانين وفق المهل المحددة في الدستور ويطلب نشرها (مادة 51).
لرئيس الجمهورية، بعد إطلاع مجلس الوزراء، حق طلب إعادة النظر في القانون مرّة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره (مادة 57).
لرئيس الجمهورية مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلّق بمراقبة دستورية القوانين (مادة 19).
لرئيس الجمهورية بعد مضي أربعين يوماً من طرح مشروع قانون معجّل على مجلس النواب وإدراجه في جدول أعمال جلسة عامة دون البتّ به أن يصدر مرسوماً قاضياً بتنفيذه بعد موافقة مجلس الوزراء (مادة 58).
لرئيس الجمهورية إقتراح إعادة النظر في الدستور فتقدّم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب (مادة 76).
يصدر رئيس الجمهورية القانون المتعلق بتعديل الدستور ويحقّ له خلال المدّة المعينة للإصدار أن يطلب إلى المجلس بعد إطلاع مجلس الوزراء إعادة المناقشة في المشروع مرّة أخرى (مادة 79).
إستثناءً على قاعدة عدم جواز فتح إعتماد إستثنائي إلا بقانون خاص، لرئيس الجمهورية إذا دعت ظروف طارئة لنفقات مستعجلة أن يتخذ مرسوماً بناءً على قرار صادر عن مجلس الوزراء بفتح إعتمادات استثنائية. ويجب أن تعرض هذه التدابير على موافقة المجلس في أوّل عقد يلتئم فيه بعد ذلك (مادة 85).
إنّ البت بمشروع الموازنة من قبل مجلس النواب شرط أساسي لممارسة السلطة التنفيذية مهامها كاملة لما تتطلبه هذه المهام من إعتمادات مالية. لذلك، ولعدم إعطاء مجلس النواب سلطة تعطيل عمل الحكومة، إذا لم يبت المجلس نهائياً بمشروع الموازنة قبل الإنتهاء من العقد المعيّن لدرسه، يعود لرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو المجلس فوراً لعقد إستثنائي يستمر لغاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة. وإذا قضى هذا العقد ولم يبتّ نهائياً في الموازنة فلمجلس الوزراء أن يتخذ قراراً، يصدر بناءً عليه عن رئيس الجمهورية مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدّم به إلى المجلس مرعياً ومعمولاً به (مادة 86).
2 – صلاحيات رئيس الجمهورية تجاه السلطة التنفيذية:
يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب إستناداً إلى إستشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها، ويصدر مرسوم تسميته منفرداً (مادة 53 / 2 و 3 ).
يصدر رئيس الجمهورية بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة (مادة 53/4).
يصدر رئيس الجمهورية بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مراسيم قبول إستقالة الوزراء أو إقالتهم بعد موافقة ثلثي أعضاء الحكومة (مادة 53/4 ومادة 69/2).
يصدر رئيس الجمهورية مراسيم قبول إستقالة الحكومة أو إعتبارها مستقيلة (مادة 53/5).
يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء عندما يشاء دون أن يشارك في التصويت (مادة 53/1) ويطلعه رئيس مجلس الوزراء مسبقاً على المواضيع التي يتضمنها جدول أعمال المجلس وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث (مادة 64/6) كما يعرض رئيس الجمهورية أي أمر من الأمور الطارئة على المجلس من خارج جدول الأعمال (مادة 53/11).
يصدر رئيس الجمهورية المراسيم ويطلب نشرها. وله حقّ الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة الجمهورية (مادة 56).
لرئيس الجمهورية أن يدعو مجلس الوزراء إستثنائياً كلّما رأى ذلك ضرورياً بالإتفاق مع رئيس الحكومة (مادة 53/12).
يحيل رئيس الجمهورية مشاريع القوانين التي ترفع إليه من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب. وله أن يوّجه إلى هذا الأخير رسائل عندما تقتضي الضرورة (مادة 53/6 و 10).
يعتمد رئيس الجمهورية السفراء ويقبل إعتمادهم (مادة 53/7). ويتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالإتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء. على أن بعض المعاهدات لا يمكن إبرامها إلاّ بعد موافقة مجلس النواب (مادة 52).
يرأس رئيس الجمهورية الحفلات الرسمية ويمنح أوسمة الدولة بمرسوم (مادة 53/8).
يمنح العفو الخاص بمرسوم (مادة 53/9).