تعاني فلسطين من شُـح في الموارد الطبيعية والثروات المعدنية، ولكن معاناة الفلسطينيين الأشد تكمن في ندرة مصادر الطاقة التقليدية، كالنفط والغاز، ومن ارتفاع أسعارها بما يوازي أغلى مدن العالم، وعلاوةً على ذلك، تتحكم السلطات الإسرائيلية بحجم وكمية المحروقات وأسعارها، ومتى يُسمح بدخولها، ومتى تُمنع.
يمتلك قطاع غزة ثروات وموارد طبيعية بمليارات الدولارات قد تكون السبب وراء تهافت قوى عظمى، أولها الولايات المتحدة، على دعم إسرائيل في تدمير غزة وتهجير سكانها.
ويعتبر النفط أحد أهم الثروات الطبيعية على وجه الأرض، وذلك باعتبـاره عصـب الحيـاة بجميـع جوانبهـا، ولا يخلو أي نشاط اقتصادي من أحد مشتقات النفط. وهو يمس جميـع النشـاطات التـي يقـوم بهـا الأفـراد والجماعات. وبطبيعة الحال، لا يمكن استثناء الواقع الفلسـطيني مـن هـذه الحقيقـة، حيـث تـدخل مشـتقات النفط في كافة الصناعات والأنشطة الاقتصادية الأخـرى، ولا يمكـن بـأي حـال مـن الأحأن “استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي، من قبل السلطة القائمة بالاحتلال يفرض على الشعب الفلسطيني تكاليف باهظة تستمر في التصاعد مع استمرار الاحتلال. وهذا لا يتعارض مع القانون الدولي فحسب، بل ينتهك أيضا العدالة الطبيعية والقانون الأخلاقي. حتى الآن، تراكمت التكاليف الحقيقية وتكاليف الفرصة البديلة للاحتلال حصريا في مجال النفط والغاز الطبيعي إلى عشرات، إن لم يكن مئات مليارات الدولارات“.
ويعد حقل “غزة مارين”، الواقع على بعد نحو 30 كيلومترا من ساحل غزة بين حقلي الغاز العملاقين “لوثيان” و”ظهر”، من حقول الطاقة الهامة في منطقة شرق المتوسط.
ويحتوي الحقل على أكثر ما يزيد عن تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وفي الماضي أوكلت مهمة تنقيب الحقل لشركة “برتش غاز” لكن عمل الشركة توقف بسبب الخلافات السياسية والتدخلات الإسرائيلية، لا سيما أن تل أبيب تعمدت إحباط أي محاولة لتطويره، لتجعل فلسطين تابعة لها بالكامل في مجال الطاقة.
وظل حقل “غزة مارين” غير مطور، بينما تنتج إسرائيل الغاز الطبيعي في شرق المتوسط منذ سنوات. وتقوم إسرائيل بتصدير بعض الغاز إلى جيرانها، وتسعى لتوجيه المزيد من الشحنات نحو أوروبا، التي هي بأمس الحاجة للوقود الأزرق، الأمر الذي يكون سببا وراء الدعم الغربي الكبير لتل أبيب.
منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994، تم تأسـيس هيئـة البتـرول الفلسـطينية لتكون الهيئـة المشـرفة والمسؤولة عن إدارة قطاع المحروقات في الأراضي الفلسطينية، وممثل السلطة الوطنيـة فيمـا يتعلق بجميع الشؤون الخاصة بهذا القطاع، وقد أنشئت هذه الهيئة بقرار من مجلس الوزراء كهيئة عامة مستقلة تتبع مكتب رئيس السلطة بشكل مباشر. وتم تحويلها إلى وزارة المالية في حزيران 2003.
لأهمية النفط الاقتصادية خاصة في دولة كفلسطين لا تملك موارد وثروات طبيعية تستعد الحكومة الفلسطينية لطرح عطاءات دولية للتنقيب عن النفط في الضفة الغربية. وفي هذا الإطار تم تكليف لجنة من مجلس الوزراء لإعداد وثائق العطاءات لاستجلاب شريك استراتيجي للتنقيب وتطوير مصادر البترول في الضفة الغربية.
وكان تم اكتشاف حقل للغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة في عام 1998 الا انه لم يجري استخراج الغاز منه بعد. ومن المتوقع ان تبدأ فلسطين بإنتاج الغاز من حقل غزة المكتشف منذ العام 1998 في العام 2017. وهناك اتفاقية مبدئية لاستخراج هذا الغاز مع شركة برتش غاز البريطانية“.
وتم اكتشاف حقل بترول في رنتيس (غرب را م الله) ولكن إسرائيل تقوم باستغلال هذا الحقل وتضخ منه 800 برميل يوميا، بعيدا عن السلطة الوطنية والحقوق الفلسطينية في ذلك البترول وقد سهل ذلك وقوع المنطقة قرب خط الهدنة لعام 1948 وقد بدأت اسرائيل البيع من الحقل النفطي الذي اطلق عليه اسم “مجد5” ما بين عامي 2010 و2011”.ووفق معطيات سابقة لسلطة البيئة الفلسطينية فإن شركة جفعوت عولام الإسرائيلية بدأت الحفر الاستكشافي في حوض “مجد” على أراضي رنتيس عام 1994، وذلك من خلال الآبار “مجد2″ و”مجد3” و”مجد4″، فدلت المؤشرات على وجود نفط بكميات تجارية إلى الشرق من تلك المواقع.
ووفق المصدر ذاته فإن المناطق الغنية بالنفط في معظمها تقع شرق الخط الأخضر بعرض عشرة كيلومترات وامتداد عشرين كيلومترا، وهو ما يعني أن معظم الحقل النفطي يقع في أراضي الضفة الغربية.
ويبلغ حجم الاحتياطي النفطي من بئر البترول المكتشف بمليار ونصف المليار برميل و 182 مليار قدم مكعب من الغاز. والحقل البترولي معظمه يتواجد تحت الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967 لذلك كثف الجانب الإسرائيلي من نشاطه في البحث عن البترول على طول الخط الاخضر بين قلقيلية ورام الله منذ عام 1992.
والمعلومات المتوفرة لدى الجانب الفلسطيني عن ذلك الحقل النفطي الذي تسرقه إسرائيل هي ما تجمعه الجهات الفلسطينية الرسمية بالتعاون مع جهات دولية، وتعمل السلطة الفلسطينية على جمع البيانات للعمل على استرجاع الحق الفلسطيني في الثروة النفطية.
وتعكس نية السلطة طرح عطاءات للتنقيب عن النفط في الضفة الغربية، رغبة في التخلص من عبء الاحتلال المزود الوحيد للفلسطينيين بالمحروقات وتحكمه في الاسعار والكميات الواردة لأراضي السلطة الفلسطينية.
ولمنطقة رنتيس ومحيطها أهمية طبيعية كبرى، حيث أن مساحة حقل النفط المكتشف في المنطقة يتراوح بين 600 و700 كلم2، معظمها يقع في الأراضي المحتلة عام 1967. ويقدر المخزون بأكثر من 1.5 مليار برميل نفطي في هذا الحقل، و182 مليار قدم مكعبة من الغاز، تقدر قيمتهما الإجمالية بأكثر من 155 مليار دولار.
والأرقام الرسمية الإسرائيلية في ما يتعلق بهذا الحقل تتحدث عن مخزون يقدر بين 186 و800 مليون برميل توجد في حيز لا يزيد عن 50 كلم2 تقع خلف الخط الأخضر، علما أن غزارة المخزون تزداد كلما تم الاتجاه شرقاً حسب معطيات الجهات المختصة.
وكشفت عمليات التنقيب أن مخزون النفط يشكل طبقة سمكها نحو 600م، ويقع في عمق يتراوح بين 4200 و4800م في الأرض، وشرعت إسرائيل في حفر سادس بئر للتنقيب عن النفط خلف جدار الفصل الإسرائيلي على أراضي بلدة رنتيس.
وهناك خطة إسرائيلية لحفر أربعين بئرا، منها 26 بئرا لاستخراج النفط والغاز معا والبقية لاستخراج النفط فقط، ويوجد مخططات وخرائط تظهر مواقع هذه الآبار وامتداد الحقل الفعلي إلى أراضي الضفة كما تؤكد دراسات دولية.
لذلك يسعى الفلسطينيين للتحرك في كل الاتجاهات لنزع حقهم في الثروة الطبيعية وعدم تركه فريسة للاحتلال، في الوقت الذي لا توجد فيه موانع قانونية تحول دون استغلال الفلسطينيين لثرواتهم الطبيعية، حيث أن “التنقيب عن الثروات حق لكل دولة وأمر سيادي لها“.
وليس من حق الاحتلال استغلال ثروات الأرض المحتلة، كما ليس من حقه منع الفلسطينيين تحت الاحتلال من استغلال ثرواتهم الطبيعية. حيث ان الاحتلال بحد ذاته انتهاك قانوني، وأي فعل يمنع الفلسطينيين من استغلال ثروتهم يكون انتهاكا آخر لقواعد القانون الدولي.
وفي ذات السياق اتفقت دولة فلسطين مع فنزويلا على شراء النفط منها بـسعر عادل، ضمن اتفاقية في مجال الطاقة وقع عليها وزيرا خارجية البلدين في العاصمة كراكاس.
وتشمل الاتفاقية هذه في مجال الطاقة أن تدرب حكومة كراكاس الفلسطينيين على طرق معالجة النفط وتوزيعه، وكذلك على تسهيل تسديد ثمنه.
وفي حال أبصرت الاتفاقية هذه النور، فإنها ستدر مبالغ كبيرة على الخزينة الفلسطينية، التي تعتمد في المناطق الخاضعة لها على الوقود المستورد من إسرائيل غالي الثمن.
ووفق اتفاقية باريس الاقتصادية أحد ملاحق اتفاق أوسلو للسلام الذي وقع في العام 1994، يتم استيراد الوقود المخصص للمناطق الفلسطينية من إسرائيل، ويباع بأسعار تعادل الأسعار الذي يباع فيه داخل مناطق إسرائيل، وهي أثمان عالية جدا.
وفقًا للقوانين والاتفاقيات الدولية من حق فلسطين استغلال مواردها الطبيعية، وأن الاحتلال لا يملك منعها قانونيًا، وعلى فلسطين المضي قدمًا في المشروع مهما كانت العقبات الإسرائيلية، مهما كانت السياسات الإسرائيلية التي تودي الي استمرار حالة النهب لثروات الفلسطينيين منذ 48 وحتى الآن.
ان مشروع التنقيب عن النفط سيُقدم موردًا جديدًا لتطوير الاقتصاد وبناء الصناعة وتوليد الكهرباء مما يُسهل على السلطة الوطنية الفلسطينية عملية التنمية وخلق فرص العمل في المستقبل بشكل أفضل.
واتخذت السلطة الوطنية الفلسطينية زمام المبادرة وبدأت بالبحث عن سبل لاستغلال ثرواتها الطبيعية لانتزاع حقوقها من أيدي الاحتلال مهما كانت العقبات والعراقيل التي سيضعها الأخير أمامها وبما ان من سيقوم بالعمل شركات دولية عالمية فإن إسرائيل قد تتورع قليلًا في منعها من التنقيب حفاظًا منها على علاقاتها الاقتصادية والسياسية معها.