كتب د/ عادل عامر
المسئولية المجتمعية للشركات هي “مسئولية الشركات عن تأثيرها على المجتمع” وهو مفهوم تقوم الشركات بموجبه بدمج الاعتبارات الاجتماعية والبيئية والأخلاقية في استراتيجياتها وسياساتها وأعمالها على نحو طوعي.
وتتزايد أهمية المسئولية المجتمعية للشركات كنهج إداري لتعزيز القدرة التنافسية للشركات لأنها تساعد الشركات على استعادة الثقة وتحويل التحديات البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى فرص استراتيجية، فضلاً عن استعداد الشركات بشكل أفضل للتعامل مع الأزمات.
ومن خلال أنشطة المسئولية المجتمعية، يمكن للشركات المساهمة بشكل طوعي في أجندات التنمية المستدامة سواء العالمية أو الإقليمية أو الوطنية. ومن جانبها تهدف الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إلى تشجيع المسئولية المجتمعية للشركات وسلوك الأعمال المسئول من خلال نشر الوعي وتبادل أفضل الممارسات ودعم تنسيق أفضل لأنشط المسئولية المجتمعية للشركات.
المسئولية المجتمعية للشركات وفقاً لقانون الاستثمار
· يهدف قانون الاستثمار رقم 72 لعام 2017 إلى تعزيز جودة للاستثمار المحلي والأجنبي الذي يساهم في التنمية المستدامة ويلتزم بسلوك الأعمال المسئول. وللمرة الأولي تضمن قانون الاستثمار مادة منفصلة لدعم المسئولية المجتمعية للمستثمر (المادة رقم 15)، وقد تضمنت هذه المادة ما يلي:
– تحفيز نشاط المسئولية المجتمعية للشركات أيا كان حجمها أو غرضها أو شكلها القانوني.
– حددت مجالات المسئولية المجتمعية للشركات: (حماية البيئة، الرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية أو مجالات تنمية أخري، التعليم الفني، التدريب والبحث العلمي)
– حددت الحوافز الضريبية التي يمكن أن تحصل عليها الشركات.
– إنشاء قائمة لأفضل الشركات القائمة بأنشطة تنمية مجتمعية.
– حظر استخدام المشروعات أو البرامج أو الخدمات لنظام المسئولية المجتمعية لتحقيق أغراض سياسية أو حزبية أو دينية أو تنطوي على التمييز بين المواطنين.
· كما تضمنت اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار على تفصيل لتنفيذ “المسئولية المجتمعية للمستثمر” حيث نصت على ما يلي:
– توضيح إضافي حول مجالات المسئولية المجتمعية للمستثمر (الفصل 2 المادة 2).
– التزام المستثمر بأن يتقدم للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بتقرير سنوي مدعم بالمستندات لأنشطة التنمية المجتمعية (الفصل 2 المادة 3). تبدو الحاجة إلى حماية ممتلكات ومقدرات المجتمع والمحافظة على المكتسبات التي وصل إليها في أوقات الرخاء مع الظروف الطارئة التي صاحبت جائحة كورونا covid – 19 ، وذلك بتكاتف الشركات ومؤسسات القطاع الخاص العاملة في مصر لحماية ومساندة المجتمع بتبنيها لمعايير الحوكمه والمسئولية الاجتماعية والتي منها معايير الأيزو 26000 ومن بنودها حماية وإصلاح البيئة ، وممارسة القيم والأخلاقيات ، والمساءلة والمحاسبة ، وجــــودة المنتجات والخدمات ، والمساهمة في تنمية المجتمع .
وفى الآونة الأخيرة أدركت الشركات ومؤسسات القطاع الخاص العاملة فى مصر بأن بقائهم واستمرارهم مرهون بإشباع رغبات أصحاب المصالح معهم وتحقيق أهدافهم المتعارضة ، وهذا لن يكون إلا بحزمه من برامج المسئولية الاجتماعية الضامنة لتحقيق التنمية المستدامة ومعالجة المشاكل الإنسانية والبيئية والاقتصادية ،
لأنه لامجال للحديث عن المسئولية الاجتماعية لشركات تقوم بإهدار البيئة أو تستغل الظروف الطارئة لاحتكار السلع سعياً وراء ربح ، كما أن تنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية ليست مجال للتصدق على المجتمع ، فلولا المجتمع ما كانت هذه الشركات .
لذا فانه على الشركات ومؤسسات القطاع الخاص إلا تلحق فكرة تنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية بالأزمات الطارئة ، واعتبار مفهوم المسئولية الاجتماعية ثقافة عامة لديها متعلقة ببقائها واستمرارها . والمسئولية المجتمعية للشركات تعد بمثابة التزام هذه الشركات بالتصرف بشكل أخلاقي والمساهمة في التنمية الاقتصادية وتحسين حياة العاملين وعائلاتهم ، كما تتضمن العمل لتحقيق ما فيه خير المجتمع ولتقييم أداء الشركات كان المؤشـــــر المصري للمسئولية الاجتماعية للشركات الذى أعده مركز المديرين بوزارة الاستثمار والذى يقوم على أربعة محــــــاور أساسية عند تقييم الشركات المقيدة في البورصة وهــــــــــــى :-
الاهتمام بحقوق الأنسان ، والبيئة ، وحقوق العاملين ، والبعد عن المعاملات المشبوهة ،فالمسئولية الاجتماعية تبدأ من داخل الشركة ثم تتجه بعد ذلك إلى الخارج فهي مسئولية كل شركة تعمل في مصر أياً كان حجمها أو مجال عملها .
ويستخدم مفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات على نطاق واسع لصنع القرارات والسياسات في مجتمع الأعمال من حيث الالتزام الكامل للمتطلبات القانونية القائمة واحترام الآخرين وأولويات المجتمعات المحلية لحماية البيئة . كيف يتسنى للفكر والممارســــة المحاسبيــــة اكتشــــاف حـــــالات النفاق المتعلـــــق بأداء الشركـــــــات ؟ ومدى المسئولية عن عمليات القياس والإفصاح في مجال المحاسبة والمراجعة الاجتماعية بالإضافة إلى التعرف على دور الأجهزة الرقابية كالجهاز المركزي للمحاسبات على شركات قطاع الأعمال العام للتحقق والإفصاح عن الأداء الاجتماعي والبيئي لها وكانت بعنـــــوان :- ( تحليل لأساليب القيــــاس والإفصاح عن مؤشر المسئولية الاجتماعية للشركات في مصر والدور المتوقع للجهــــاز المركزي للمحاسبات) وكانت النتائــــــج التاليــــــة :-
1- إن المشروعات الاقتصادية التي تسعى إلى تحقيق أكبر عائد ممكن لأصحابها دون مراعاة لأية اعتبارات أخرى أدت إلى تضارب المصالح المختلفة لنوعيات المجتمع وأصبح لزاماً على المشروع أن يعمل على تحقيق أهدافه الاقتصادية في إطار الأهداف العامة للمجتمع تجنباً لردود الفعل القوية لدى الرأي العام ومجموعات الضغط لحماية البيئــة وحمايـــــة المستهلكين وحماية العاملين .
2- زادت في السنوات الأخيرة أهمية المحاسبة والمراجعة الاجتماعية وتتابعت الدراسات والإصدارات مهتمة بهذا الجانب في محاولة لوضع المنافع الاجتماعية التي تحققها الشركات أمام التكاليف الاجتماعية التي تتحملها من خـــــلال القياس والإفصاح عن مؤشر المسئولية الاجتماعية وكان من بين أسباب هذا الاهتمام ممايلى :-
– تزايد الاعتراف بالمسئولية الاجتماعية للمنشآت الاقتصادية .
– المطالب المتزايدة للمنشآت الاقتصادية بالإفصاح عن المعلومات التي لها مضمون اجتماعي .
– الأخذ بعين الاعتبار للتكاليف الاجتماعية عند تحديد التكلفة الفعلية لوحدة المنتج .
– التركيز على جانب التكاليف في مجال قياس الأداء الاجتماعي وإهمال جانب قياس المنافع الاجتماعية .
3- مع تزايد الاهتمام بالبيئة على المستوى العالمي بشكل كبير وقد صاحب ذلك اهتمام بدراسة العلاقة بين منشآت الأعمال المختلفة وبين البيئة التي تعمل بها تلك المنشآت وتم إطلاق المرحلة التنفيذية بالاتفاق العالمي في مقر الأمم المتحدة عام 2000م بتجمع الشركات وقادة الأعمال بهيئات الأمم المتحدة ومنظمات العمل والمجتمع المدني لدعــــــم المبادئ العشرة في مجالات حقوق الإنسان ، والعمل ، والبيئة .
4- إن تحديد وسائل قياس وتقييم الأداء الاجتماعي لدى الشركات يحتاج لتفعيل دور المعلومات المحاسبية في قياس وتقييم مستوى الأداء الاجتماعي ليؤدي إلى الكشف عن حجم العوائد الاجتماعية ويسعى إلى توجيه وتحفيز تلك الشركات نحو تحقيق المزيد من العوائد والمنافع لغرض تعظيم هامش الربحية الاجتماعية .
5- المؤشر المصري والمسئولية الاجتماعية للشركات المقيدة في البورصة المصرية ركز على مدى التزام هذه الشركات بمعايير الحوكمة والبيئة والمسئولية الاجتماعية بهدف إيجاد روح التنافس الإيجابي بين الشركات وتوفيـــــر معلومات للمستثمرين الذين يرغبون استثمار أموالهم في شركات تحترم قواعد الحوكمة والبيئة والمجتمع .
وكـــــان مــــن أهم التوصيات التي جاءت بالدراســــــة : –
1- سرعة إدخال تعديل تشريعي على القانون رقم (144) الخاص بالجهاز المركزي للمحاسبات ولائحته التنفيذية وإضافة باب مستقل لكيفية ممارسة الجهاز لعمليات التحقق والتقرير من جانب شركات قطاع الأعمال العام في مصر لمؤشر المسئولية الاجتماعية الصادر من مركز المديرين بوزارة الاستثمار بعد إلزامها بتطبيقه .
2- إنشاء شعبة بالجهاز المركزي للمحاسبات تختص بعمليات التحقق والتقرير عن مؤشر المسئولية الاجتماعية من خلال دليل يتضمن الإرشادات الأساسية لكيفيه التحقق والتقرير عن تطبيق المؤشر . 3- إدراك الشركات في مصر للتحديات عند تطبيق مؤشر المسئولية الاجتماعية خاصة المرتبطة بعمليات القياس والإفصاح عن ذلك ، كما يجب على الجهاز المركزي للمحاسبات إدراك أثار هذه التحديات عند التحقق من مدى وفاء الشركات لمسئولياتها في هذا المجال من خلال برنامج للتحقق والتقرير .