الشيطان المدمر

كتب / د. عادل عامر

موت الشيطان هو موتٌ للأنانية والنرجسيات المختلفة في هذه الرواية، إذ هي التجسيد العملي المدمِّر لفعل الشيطان، لكن هذا الشيطان (الأنانيات المدمِّرة) لا يموت في عالم الواقع، بل في عالم الحلم، عالم المثل، عالم المستقبل حيث العلم يبلغ مراتب عالية من التطور، وبفضله لا بفضل الأديان، يموت الشيطان (تموت الأنانية) عبر لقاحات يحقن بها جسم الإنسان؛ لقاح الدين ليمحي من العقل كلّ التراث الديني، ولقاح الصدق كي تُمحى نوازع الكذب، ولقاح إزاحة الأنانية ليحل محلها الإيثار، ولقاح إسكات الغضب لتحل الحكمة والهدوء محله. وبهذه اللقاحات يتغير الإنسان، ويسود عالمٌ واقعيّ وروحانيّ أفضل بكثير ممّا تخلقه الأديان من نزاعات وحروب وأفضليات مستكبرة شوهّت معنى الإنسان وأهانَته.

سر لا يمكن أن يدركه، بسهولة، الإنسان المعاصر الذي يفتخر بتنمية الفكر النقدي لديه. الطاعة كناية عن انقياد نفسنا إلى حركتها الطبيعية نحو الله، واسترجاع صحتها. عندما لا نطيع مشيئة الله، نترك النفس بلا شفاء،

لأن الوصايا الإلهية تنمي الفضائل التي تقودنا إلى الله، وعصيانها يسهل عمل الأرواح الشريرة. إذا، الخطيئة والأهواء، هي أبواب للشياطين، لكي تستحوذ على الإنسان وتجعله شرسا جدا. في هذه الحال، لا ينقذنا التصنع في التصرف، إذ لا يستطيع الناس أن يقتربوا منا. فحضورنا لا يريحهم، ولا يحررهم، بل يقيدهم وسط الاضطراب، والجو الخانق الذي يخلقه تسلط الأهواء على النفس.

 إلا أن بعض الناس هم بركة من الله لأنهم مهذبون في القلب، يسكن الله قلوبهم الطاهرة، وتنبع من كل كيانهم المحبة الحقيقية والحرية والراحة للذين يقتربون منهم. إنهم تماما بعكس الشرسين جدا والمتصنعين في تصرفاتهم”

 أن إرضاء أهوائه هو جمال الحياة الوحيد. فاللذة والمال، والقوة والتسلط على الآخرين هي كلها القوى المحركة لنشاطاته، بيد أن هذه الأمور كلها ملوثة بسم الريبة في اقتنائها وعبور فترة التمتع بها سريعا. والشيطان، كفكر معاد لله، يعد الإنسان باكتساب هذه المتع المخالفة للناموس،

 وبضمان استمرارها، وكم لدينا أمثلة في بلدنا، يسيرون بهدي الشيطان، ظانين أن التمسك بالمال والعروش والسلطة دائم لهم فقط. من لم يتدرب على النظر إلى حياته من منظار جهاده الشخصي وحريته، تضلله وعود الشيطان بسهولة، لأنه يحب الحلول السريعة والمؤقتة، على مثال كل الحلول التي شهدناها في هذا البلد” أن سلسلة المحاولات الإرهابية أثارت الرعب في القلوب، وجعلت كل مصري غيور على أمن وسلامة هذا الوطن يدق ناقوس الخطر، ويبحث عن السبيل الناجع لمواجهة الإرهاب.

أن القرآن الكريم قد حذر أشد التحذير من الموبقات التي تذهب بعقل الإنسان فقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ”، وقد فصلت السنة ما أجمله القرآن إذ يقول (صلى الله عليه وسلم): “كلُّ مسكرٍ خمرٌ وكلُّ مسكرٍ حرامٌ”، ويقول أيضًا: “ما أسْكرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ”، وقد فطن أعداء الوطن لأهمية الشباب فهم عماد المستقبل، وعلينا الحفاظ عليه، فعمدوا إلى القضاء على قوة الشباب من خلال تدمير عقولهم بالمخدرات وغيرها، أن العقل هو مناط التكليف، والحفاظ عليه أحد الكليات الست.

أن الإدمان يدمر كل أنماط السلوك القويم، ثم لا يجد الإنسان مفرًا منه، ومن ثم يؤثر على العقل، ولذلك حرمه الإسلام بل وحرمته الشرائع السماوية جميعًا، مؤكدًا أن المدمن شخص مريض يحتاج العلاج وإعادة تأهيله حتى ينخرط من جديد في المجتمع، محذرًا من كل أنواع الإدمان

 وضرورة أن تمارس الأسرة دورها الفعال في حماية أفرادها والقدوة الحسنة للنشء، وكذلك دور المؤسسات التعليمية والدينية في التوعية من مخاطر الإدمان، حتى ينشأ شبابنا بصحة نفسية واجتماعية تنعكس بدورها على المجتمع بأسره.

لعله بات واضحًا الآن، أن حزب الشيطان المقيدة أفكاره وأهدافه بزرع القلاقل وإدارة الفتن في المنطقة، والقائمة مشاريعه على التكسب غير المشروع من خلال الإتجار بالمخدرات وتسويق الممنوعات، بات واضحًا الآن وأكثر من أي وقت آخر، أنه يقود لبنان إلى الهاوية ويسوقها إلى مستنقع واسع من الأزمات، أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة، تفوق في حدتها تلك التي أحاطت بها مؤخرًا من كل حدب وصوب.

المشهد العام يوحي بذلك، والواقع الحالي يحدثنا عن أن الحزب الذي ينحصر همه وتفكيره في إرضاء الملالي في إيران ماضٍ في مشاريعه الإرهابية التي سوف تعجل من وقوع الأزمات في لبنان، ومثل أي شيء آخر حين يبدأ صغيرًا ثم يكبر ويكبر، ككرة الثلج المتدحرجة التي تكبر على قدر سرعتها، لتستقر في نهاية المطاف لكن بعد أن تتحطم وتحطم معها كل الأشياء التي صادف مرورها، هكذا يبدو الوضع الحالي في لبنان بمحض إرادة اللبنانيين أنفسهم مع كل أسف، علموا بذاك أم لم يعلموا.

بالعودة قليلاً إلى الوراء، واستذكار بعض من الأزمات التي وقعت أخيرًا وعصفت بلبنان ومقدراته، سوف نرى أن هذا الحزب هو المتسبب الأول لكل تلك الأزمات، ابتداءً من نشوء أزمة أرتال القمامة التي غزت شوارع لبنان في وضع لم يكن يليق أبدًا بدولة عربية كلبنان، (سويسرا الشرق)

 التي أمست يومها كومة من النفايات التي تفوح منها رائحة العفن عوضًا عن رائحة الورد وأشجار الأرز، مرورًا بانفجار مرفأ بيروت المدمر والمروع الذي راح ضحيته عدد ليس بالقليل من المواطنين اللبنانيين وأدى إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة وتواترت الأدلة حول المتسبب والمتهم الأول والأوحد حزب الشيطان، ثم الأزمة الاقتصادية التي جعلت المواطن اللبناني يئن تحت وطأتها بعد أن انهارت العملة الوطنية لأدنى مستوى لها على الإطلاق،

وليس ببعيد عن ذلك كله أزمات الانقطاعات المتكررة للكهرباء التي جعلت من مدن لبنانية تغص في ظلام دامس، ثم انتهاءً بالموقف الأخير لوزير الخارجية اللبناني الوزير المرتمي في أحضان حزب الشيطان. الوزير الذي لا يفقه في دبلوماسية الوزارة الخارجية شيئا وتصريحاته غير الموفقة أكبر دليل، حقيقة لا أحد يعلم بقدر عِلم اللبنانيين أنفسهم عن مكمن الأخطاء التي تسير لبنان

وتحدد اتجاه بوصلة بيروت. لقد انعكست الآية بالأمس كنت أسيراً للإدمان واليوم مجاهدٌ في وجه الإدمان آخذ بيد المدمنين إلى بر الأمان أصرخ في وجه الشباب: يا إخواني لقد جربت المخدرات وها أنا أعود إليكم لأخبركم بما أمامكم فارجعوا وراءكم واسلكوا طريقاً آخر لا تهلكوا أنفسكم بأنفسكم.. ولا تخربوا بيوتكم بأيديكم.. ولا تحطموا مستقبلكم بحاضركم.. فإني والله لكم من الناصحين. المؤمن لا ينتحر أنى لعبد أن يفعل هذا والله قد نهاه {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}. ولكن في علم المخدرات يقتلون أنفسهم التي هي أغلى ما يملكونها في حياتهم.

سبعة من الشباب أعمارهم في العشرينات يستقلون سيارة واحدة يتوجهون من المنطقة الشرقية إلى الرياض تنطلق بهم السيارة وبعد حوالي خمسين كيلوا متراً وفي لحظة قاتلة تصطدم السيارة المسرعة بإحدى الشاحنات الكبيرة تنطلق مقدمة السيارة على السائق وشابين بجواره يفارقون الحياة فوراً تنقلب السيارة على الطريق فيهوى السقف على الشباب الذين في المقعد الخلفي أما أحدهم فتنزل على رأسه ضربة مميتة فيفارق الحياة فور وصوله المستشفى أما الثلاثة الناجون فيدخل أحدهم العناية المركزة بسبب ضربة في مقدمة رأسه ويصاب الآخران ببعض الكسور والجروح.

يقول الذي يروي القصة التقيت بإحدى الشباب الناجين يحدثني عن هذا الحادث المؤلم فيقول: طلب مني أحد رفاقي أن أرافقهم إلى الرياض انطلقنا من بلدتنا في السيارة واحد يركب ثلاثة شباب في المقدمة وبينما أن الثلاثة في المقعد الخلفي وفي الطريق رأيت أحد الشباب يخرج علبة دخان من جيبه نظرت إلى العلبة فإذا فيها سجائر الحشيش أشعلت السيجارة الأولى فكانت تدور بين الشباب

 ثم وصل الدور إلي ترددت في البداية ولكن لم أشعر إلا وأنا أضع السيجارة في فمي ثم أصبت بدوار غريب وضعت رأسي على كتف زميلي الذي كان بجواري وأنا في حالة بين اليقظة والمنام، أما السائق فكان يقود السيارة بسرعة جنونية

وكأننا نسبحُ في الفضاء حتى وقع الحادث المؤلم ثم استيقظت رفعت رأسي كأني في حلم صورة حقيقة لم أنساه أحمده أنه مد لي في عمري عاهدت الله على التوبة والاستقامة حتى الموت وأسأله أن يتب حتى الموت وما زلت. كم صاح الغيورون بأن المخدرات آفة على الإنسان والأسر والمجتمعات الإنسانية فهل من مجيب.

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس السيسي يؤكد دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

كتبت مني جودت أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في ...