الشمال الأوروبي بوابة العبور الاقتصادي لمصر

كتب د/  عادل عامر

تسعى مصر حاليًا لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر كوسيلة مهمة لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود فضلًا عن ضمان استدامة الموارد الدولارية التي أدى شحتها على مدار أكثر من عامين إلى أزمة شديدة عانت منها كافة القطاعات الاقتصادية. فيما يتكامل تنظيم هذا المؤتمر مع جهود الحكومة الحالية والسابقة لعقد صفقات استثمار مباشر واعدة كتلك التي تم توقيعها مع الجانب الإماراتي فبراير الماضي لتطوير منطقة رأس الحكمة.

فإن السوق المصري كما صرح بذلك رئيس الجمهورية خلال المؤتمر تتيح العمالة والكفاءات الماهرة المطلوبة لهذه المشروعات في ظل تعداد سكاني كبير؛ مما ينعكس على معدلات التشغيل بشكل كبير.

كذلك فإن جذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية للسوق المصرية وتشجيع القائم منها على التوسع داخل السوق المحلي يدعم بلا شك توجه الدولة لزيادة حصة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري. كما يساعد على جلب المزيد من الخبرات التي يمكن أن تسهم أيضًا في تطوير أداء القطاع الخاص في مصر، ويسهم في تطوير سياسات الإدارة والبنية التحتية للقطاعات بشكل عام والمشروعات بشكل خاص.

ليس ذلك وفقط؛ فإن هذا التوجه سوف يسهم في حصة أكبر للمنتجات المصرية في السوق الأوروبية التي تعد الشريك التجاري الأكبر لمصر خلال السنوات الماضية. تمتلك مصر رؤية تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في المنطقة من خلال زيادة استثمارات القطاع الخاص في الطاقة المتجددة. إن الاختلالات التي نجمت عن الجائحة، فضلا على التشرذم الجغرافي-الاقتصادي، والحرب الروسية في أوكرانيا، أدت كلها إلى إحداث تحول في ديناميكية التجارة العالمية. وبينما كانت نتيجة ذلك هي نشأة مجموعة من التحديات، فقد أدت إعادة توجيه مسار التجارة كذلك إلى إتاحة فرص جديدة، ولا سيما أمام بلدان القوقاز وآسيا الوسطى.

فمنذ بداية الحرب، أبدت اقتصادات المنطقة صلابة مستمرة كما حقق النشاط التجاري طفرة في كثير من بلدانها، وهو ما يرجع في أحد جوانبه إلى اللجوء إلى طرق التجارة البديلة. ففي عام 2022، ارتفعت حصة أرمينيا وجورجيا وجمهورية قيرغيزستان من التجارة، مع استبعاد النفط والغاز، مع شركائها التجاريين الرئيسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة إلى ما يصل إلى 60%. ومن ثم، وبرغم بعض التراجع، يُتوقع أن يظل نمو إجمالي الناتج المحلي في القوقاز وآسيا الوسطى قويا ليسجل 3,9% في 2024 قبل أن يرتفع إلى 4,8% في 2025.

وازدادت أحجام التجارة بين الصين وأروربا عبر آسيا الوسطى بما يربو على أربعة أضعاف. وبرغم أن هذا الطريق، الذي يُعرف بأنه “الممر الأوسط” لا يشهد سوى جزء صغير من النشاط التجاري الكلي بين الصين وأوروبا، فهو يحمل وعودا كبيرة للتنمية الاقتصادية في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى واندماجها في سلاسل العرض العالمية.

وتحول أنماط التجارة أتاح كذلك فرصا في مناطق أخرى. فعلى سبيل المثال، هناك بلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل الجزائر والكويت وعُمان وقطر، سجلت ارتفاعا يصل إلى الضعف تقريبا في صادراتها من الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي في 2022-2023 لتلبية الزيادة الكبيرة في الطلب على استيراد النفط والغاز من بلدان أخرى بخلاف روسيا. وفي ظل مشهد عدم اليقين الذي يكتنف التجارة العالمية في الوقت الراهن، فإن الرؤى الاستراتيجية المتبصرة والإصلاحات الاستباقية على صعيد السياسات ستشكل عوامل رئيسية في تمكين البلدان من تحقيق مكاسب في التجارة والدخل. ومعالجة التحديات التي تفرضها هذه الصدمات واغتنام الفرص مستقبلا سوف يقتضيان معالجة البلدان للحواجز التجارية التي استمرت لفترة طويلة ونشأت عن ارتفاع القيود غير الجمركية، وأوجه القصور في البنى التحتية، وأوجه عدم الكفاءة التنظيمية.

ويمكن المساعدة على تحقيق ذلك من خلال إصلاحات السياسات الموجهة، وإن كان الإعداد لها يكتسب أهمية بالغة. ويتبين من بحثنا أن تخفيض الحواجز التجارية غير الجمركية، ودفع الاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز الجودة التنظيمية يمكن أن تساعد كلها على زيادة التجارة بما يصل في المتوسط إلى 17% على المدى المتوسط، بينما الناتج الاقتصادي يمكن أن يرتفع بنسبة 3%. وسوف يسهم ذلك أيضا في تعزيز الصلابة في مواجهة صدمات التجارة مستقبلا.

مزايا الاتفاقية :

تتيح اتفاقية المشاركة المصرية-الأوروبية العديد من المزايا للاقتصاد المصري تتمثل في الآتي :

أولا: فى المجال التجاري :

بالنسبة للسلع الصناعية

1-زيادة حجم الصادرات المصرية الصناعية الي الأسواق الأوروبية عن طريق ازالة الرسوم الجمركية وأية رسوم أخرى ذات أثر مماثل وإلغاء كافة القيود الكمية عليها اعتبارا من 1/1/2004 .

2- الاستفادة من الإلغاء المبكر للقيود الكمية(الحصص) على الصادرات المصرية من منتجات صناعة الغزل والنسيج دون الانتظار لموعد إلغاء تلك القيود بموجب اتفاق المنسوجات والملابس فى إطار منظمة التجارة العالمية (أول يناير 2005) وقبل إلغاء الحصص على صادرات الدول الأخرى خاصة الأسيوية .

بالنسبة للسلع الزراعية والزراعية المصنعة:

1-توسيع قائمة السلع الزراعية المصرية التي يمكن تصديرها للاتحاد الاوروبى الي أكثر من مائة سلعة مقابل 25 سلعة فى اتفاق 1977 .

2- الحصول على حصص لتصدير سلع زراعية جديدة لم تتمتع من قبل بأي حصص أو مزايا تجارية تفضيلية لدى تصديرها لبلدان الاتحاد الاوروبى مثل: المولاس والزهور والفراولة والمانجو والجوافة والبلح والبصل والثوم المجفف والبازلاء والباذنجان والعصائر والزيوت النباتية والبطاطا والفول السوداني .

3- تخفيض مستوى أسعار الدخول لبعض المنتجات المصرية .

4- مد مواسم التصدير لبعض السلع الزراعية .

5-مضاعفة حصص التصدير للعديد من السلع الزراعية التصديرية الرئيسية التي تصدرها مصر لعدة مرات كالبطاطس 230% ،والبرتقال 769% والفاصوليا 166% .

6- خفض الرسوم الجمركية التي يفرضها الاتحاد الاوروبى على الكميات الزائدة عن الحصص المعفاة من الرسوم الجمركية “تخفض الى 3% للبطاطس

7- زيادة حصص التصدير من أغلب الصادرات الزراعية بنسبة 3% سنويا والتفاوض كل ثلاث سنوات لزيادتها .

8- تتيح الاتفاقية مزيدا من تحرير تجارة السلع الزراعية المصنعة عن طريق إلغاء رسم المكون الصناعي على بعض السلع ،و30% من المكون الزراعي على سلع أخرى بالإضافة الي الحصول على حصة معفاة تماما من أي رسوم على ألف طن من المربى المصرية .

ثانيا: برامج تحديث الاقتصاد المصري ودعم قدراته :

تتيح اتفاقية المشاركة المصرية-الأوروبية تقديم منح لمساعدة الاقتصاد المصري تبلغ 670 مليون يورو ،منها منحة قيمتها 250 مليون يورو لتحديث قطاع الصناعة المصرية ،إضافة الي تمويل برامج إصلاح قطاعي الصحة 110 مليون يورو ،والتعليم 100 مليون يورو ،والصندوق الاجتماعي من أجل التنمية 155 مليون يورو ،وبرنامج تحديث القطاع الخاص 55 مليون يورو .

ثالثا: فى مجال الاستثمار :

تتيح الاتفاقية جذب مزيد من الاستثمارات المباشرة من الاتحاد الأوروبي الي مصر ،حيث نصت الاتفاقية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتشجيع انتقال رؤوس الأموال بين الجانبين وذلك بهدف تشجيع الاستثمار.

أن للدولة المصرية دورا كبيرا ومؤثرا كصانع للسلام في منطقة الشرق الأوسط، وبجهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتقديم المساعدة لإجلاء الأجانب والمساعدات الإنسانية لسكان القطاع، مشيرا إلى أنه لا يستطيع أحد إنكار دور مصر في دعم ومساندة القضية الفلسطينية، حيث يعود هذا الدعم لعقود طويلة بحكم التاريخ والجغرافيا وعلاقات الدم والقومية واشتراك الحدود واستمراره بقوة وترابط للوقت الحاضر، وقد دافعت مصر بقوة وباستمرار، وجعلت القضية بؤرة اهتمامها على مر العصور.

 

اضف رد

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الهلال السوداني ينجح بالهزيمة من الاهلي0/1 ويؤجل حسم التأهل لنصف نهائي أفريقيا لموقعة الإياب

كتب كريم محمود فاز فريق الأهلي على الهلال السوداني بهدف نظيف في المباراة التي جمعتهما ...