الذكرى 43 لتحرير سيناء.. رحلة 4 مراحل للعبور من الهزيمة للنصر والتنمية

كتبت مني جودت

في يوم 25 أبريل 1982، شهدت مصر حدثًا تاريخيًا بالغ الأهمية؛ حيث تم رفع العلم المصري على أرض سيناء بعد أن تم تحريرها بالكامل من الاحتلال الإسرائيلي.

كان هذا اليوم بمثابة تتويج لسنوات من المفاوضات الصعبة التي بدأت بعد نصر أكتوبر 1973، تلك الحرب التي كانت علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث والذي يعد العبور الأول  لأصعب مانع مائي في العالم.

بعد معركة شجاعة ودماء قدمها أبناء الوطن، جاء التحرير من خلال عملية دبلوماسية تمثلت في معاهدة كامب ديفيد التي وقعها الرئيس أنور السادات مع القيادة الإسرائيلية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أدى إلى استعادة الأراضي المصرية.

بدأت المفاوضات بين مصر وإسرائيل في عام 1977، حيث سعى الرئيس أنور السادات إلى استعادة كافة  الأراضي المحتلة وتحقيق السلام الذي يفتح أبواب الاستقرار والتنمية.

وتم التوصل إلى اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1978، التي وضعت إطارًا لاستعادة سيناء، وتم توقيع معاهدة السلام بين البلدين في عام 1979، مما مهد الطريق لانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء. وفي 25 أبريل 1982، تم رفع العلم المصري في العريش،  ليتبقي فقط كيلو متر واحد في طابا آخر نقطة تم تحريرها بالتحكيم الدولي ، ليكتمل بذلك تحرير سيناء في العبور الثاني .

منذ ذلك الحين، سعت الدولة المصرية الي تنفيذ مشروعات تنموية ضخمة لتحسين حياة المواطنين في سيناء لكن بوتيرة متباطئة بسبب اقتصاد استنزفته الحروب .

حتي حدثت ثورة 2011 التي استغلتها قوي الشر لتثبيت الإرهاب في ربوع الوطن انطلاقا من سيناء بوابتنا الشرقية، وفي 2013 بدأت الحرب علي الارهاب بعلميات نوعية لقوات انفاذ القانون وتطهير الأرض من دنس الارهاب الذي اتخذ أهل سيناء رهينة، حتي اعلان كامل تطهير الأرض بدماء الشهداء من الجيش والشرطة و أهل سيناء الذين اشتركوا في ازاحة الغمة في العبور الثالث.

وبالتوازي منذ عام 2014 وحتى عام 2025، تم ضخ استثمارات عامة بلغت نحو 530.5 مليار جنيه لتنمية شبه جزيرة سيناء ومدن القناة.
شملت هذه الاستثمارات مشروعات في مجالات الزراعة، التعليم، الصحة، الإسكان، والبنية التحتية.

على سبيل المثال، تم إنشاء 440 مدرسة وأكثر من 2000 فصل دراسي، بالإضافة إلى إنشاء 63 مدرسة صناعية و19 مدرسة زراعية و40 مدرسة تجارية و6 مدارس فندقية. كما تم إنشاء 7 مدارس يابانية لأول مرة في سيناء ومدن القناة، و4 مدارس تكنولوجيا تطبيقية.

في مجال الرعاية الصحية، تم إنشاء وتطوير أكثر من 42 مستشفى و214 مركزًا ووحدة صحية، بالإضافة إلى إطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل في أربع محافظات، بتكلفة إجمالية بلغت 24.2 مليار جنيه. كما تم فحص أكثر من 5.7 مليون مواطن للكشف عن فيروس سي والأمراض غير السارية، ضمن حملة 100 مليون صحة.

في مجال الإسكان، تم تنفيذ 131.6 ألف وحدة إسكان اجتماعي بتكلفة 23.26 مليار جنيه، بالإضافة إلى تنفيذ 54.5 ألف وحدة سكنية لتطوير العشوائيات. كما تم إنشاء 6 مدن جديدة، أبرزها مدينة الإسماعيلية الجديدة ومدينة بئر العبد الجديدة.

في مجال البنية التحتية، تم تنفيذ شبكة طرق عملاقة لربط سيناء بالوادي والدلتا، شملت إنشاء 7 كبارى عائمة أعلى قناة السويس، بالإضافة إلى إنشاء 5 أنفاق أسفل القناة بتكلفة إجمالية بلغت 35 مليار جنيه.

كما تم تطوير 8 موانئ بحرية، منها ميناء نويبع بتكلفة 475 مليون جنيه، وميناء شرق بورسعيد بتكلفة 10 مليارات جنيه.

بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ مشروعات في مجال الطاقة؛ حيث تم تنمية حقل غاز ظهر بتكلفة 15.6 مليار دولار، بالإضافة إلى مشروع تنمية حقل غاز أتول بتكلفة 855 مليون دولار. كما تم تنفيذ مشروعات للطاقة المتجددة، منها محطة جبل الزيت لطاقة الرياح بقدرة 580 ميجاوات وبتكلفة 12 مليار جنيه.

وجار تنفيذ اضخم مشروع قومي في ارض التجلي بمدينة سانت كاترين  في جنوب سيناء بتنفيذ 22 مشروعًا تنمويًا يضع مدينة التجلي الإلهي في مكانتها المستحقة كمدينة للسلام والتسامح والأديان وباجمالي تكلفة بلغت 14 مليار جنيه .

هذه المشروعات تعكس التزام الدولة المصرية بتنمية سيناء وتوفير حياة كريمة للمواطنين  لتحقيق” العبور الرابع”.

ورغم التحديات التي واجهتها المنطقة، إلا أن الإرادة الوطنية والجهود المستمرة أثمرت عن نتائج ملموسة في مختلف المجالات.
إن تحرير سيناء لم يكن نهاية المطاف، بل كان بداية لمرحلة جديدة من البناء والتنمية، تؤكد أن سيناء ستظل دائمًا جزءًا لا يتجزأ من الوطن، وان قواتنا المسلحة التي حققت النصر وفتحت باب التفاوض والتنمية ستظل درعًا للوطن وحصنًا منيعًا ضد كل التحديات.

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزيرا الكهرباء والطاقة المتجددة، والبيئة، يبحثان سبل العمل المشترك والتنسيق والتعاون في قضايا البيئة والطاقات المتجددة.

كتب / احمد نصر   ضمان توافق مشروعات الطاقة المتجددة مع معايير حماية التنوع البيولوجي ...