بقلم احمد المالكي
كاتب متخصص بالعلاقات الدولية والقضايا السياسية
يظن الامريكان ان السعودية دولة يمكن مقاطعتها بسهولة او تجميد العلاقات معها او وقف بيع السلاح لها لكنهم يدركون جيدا ان السعودية دولة على المستوى الإقليمي والدولي كبيرة ولاعب هام في الساحة الدولية سياسيا واقتصاديا وإنسانيا وهي قبلة الاسلام والمسلمين وتمتلك اقتصاد قوي لاتقدر على زعزعته امريكا او غيرها، وهي قادرة إذا قررت امريكا تسييس قرار اوبك بلس ضد السعودية سوف تجد السعودية حليف وشريك جديد لها وربما يكون الشريك او الحليف روسيا والصين .
لكن السعودية تحافظ على حلفائها وشركائها وتعمل دائما لمصلحة الجميع ولا تستخدم البترول سلاحا ضد احد ولديها قيادة قوية قادرة على إدارة زمام الازمات بحنكة وعقلانية وذكاء وهي تؤكد ان قرار اوبك بلس ليس قرار سياسي بل هو قرار اقتصادي بحت ومازالت تؤكد على العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض والتي تكون لصالح امن واستقرار المنطقة وهذه هي السعودية التي يعرفها العالم كبيرة بمواقفها ومواقف رجالها ولديها ملك قادر على حل اصعب المشكلات وقائد شاب صاحب رؤية وقرار ويدرك اهمية القرارت التي يتخذها والتي تعود بالنفع على السعودية والعالم .
تفكير الولايات المتحدة بإعادة تقييم العلاقات مع المملكة او تجميد العلاقات معها ليس لصالح الامريكان وخاصة ان السعودية من اهم الدول التي تشتري سلاحا من الولايات المتحدة وتساعد الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة إلى خفض نسبة البطالة إلى حد كبير .
الولايات المتحدة اليوم تعاني اقتصاديا وبايدن فشل في سياسته الداخلية والخارجية وتصرفاته لاتنم على انه رئيس للولايات المتحدة والذي من المفترض ان يكون رئيس ملتزم ويحافظ على علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء والشركاء.
السعودية لم تتخذ القرار بشأن تخفيض النفط إلى ٢ مليون برميل يوميا منفردة بل هناك دول في اوبك بلس مع السعودية وهذا القرار يهدف إلى مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء .
السعودية تعمل مع اوبك بلس على الحفاظ على عدم ارتفاع اسعار النفط وثباتها دون التأثير على العالم وهي لها علاقات جيدة مع دول كبرى مثل روسيا والصين لكنها علاقات اقتصادية بالدرجة الاولي والعالم قائم اليوم على الاقتصاد والمصالح الاقتصادية المشتركة ولم يعد العالم اليوم يستعمل السياسة عصا لكي يلوح بها ويستخدمها لاخافة الناس .
اوبك بلس نجحت في اتخاذ قرار تاريخي وسوف يساهم هذا القرار في الحفاظ على سوق النفط لصالح الجميع
بايدن رجل يظن ان السعودية دولة يمكن ان يتحكم في قراراتها او التأثير عليها او انها يمكن ان تكون تابعة لدولة تتحكم في مصيرها وإذا كانت السعودية كذلك لماذا بدأ جولاته الخارجية بزيارة السعودية .
التصريحات العدائية ضد المملكة العربية السعودية تؤكد ان الديمقراطيين علامة فشل وانهم دعاة خراب ونسبة كبيرة داخل الاوساط السياسية الامريكية غاضبة من التصريحات العدائية ضد المملكة ويرون ان الولايات المتحدة كان الاولى ان تضع يدها في يد السعودية ودول اوبك بلس لوقف نزيف اسعار النفط لكنهم بافعالهم ربما ترتفع اسعار النفط لاسعار قياسية .
السعودية تستطيع ان تتخذ النفط سلاح لكنها لم تفعل ذلك والعلاقة التاريخية بين واشنطن والرياض اكبر بكثير من اسعار النفط وهي تخدم مصالح البلدين والشعبين السعودي والامريكي .
دول كثيرة جربت في السابق قطع العلاقات مع السعودية لكنها خسرت كثيرا وعادت إلى المملكة وادركت ان من يقاطع السعودية او يجمد العلاقات معها الخاسر وليس السعودية .
الشرق الاوسط ساحة معارك كبيرة والسعودية دولة كبرى نجحت دبلوماسيتها في حل الازمات والصراعات على مر التاريخ ويمكن ان تلعب دورا كبيرا في الازمة الروسية الاوكرانية وهي تعمل إلى دفع الطرفين إلى حوار جاد والتفاوض وهي التي وقفت في ازمة كورونا مع الدول الكبرى لمواجهة الوباء وهي عضو فاعل ونشط واستضافت مجموعة العشرين وهي التي تراهن اليوم على شرق اوسط جديد يمكن ان يصبح اوروبا الجديدة.
الولايات المتحدة سوف تخسر حليف مهم واستراتيجي إذا ظلت على موقفها والقاء اللوم على السعودية بشأن قرار اوبك بلس والذي تم اتخاذه بالإجماع واعتقد ان دول كثيرة تتمنى ان تكون السعودية حليفة وشريكة لهم وهذا من حق المملكة في البحث عن مصالحها .
اوباما خلال فترته لم تكن علاقته مع السعودية على افضل مايرام واليوم بايدن يكرر التاريخ مرة اخرى ولم يتعلم من اوباما والسعودية طرف هام ومعادلة صعبة سياسيا واقتصاديا والعالم يتأثر عندما يتعرض اي معمل لتكرير النفط في السعودية إلى تعطيل او استهداف لاقدرالله كما حدث في استهداف الحوثيين قبل ذلك لمنشآت نفطية بالسعودية وتاثر العالم كله بهذا الاستهداف .
مرة اخرى سوف نقول للولايات المتحدة انتم بحاجة إلى احترام مصالح الدول واحترام عقل القائمين عليها و يجب احترام الشعوب والبحث عن مصالح مشتركة مع الجميع وليس البحث عن مصلحة الولايات المتحدة فقط والتي تحاول استغلال قرار اوبك بلس سياسيا وتتهم السعودية بانها تقف مع روسيا في الحرب ضد اوكرانيا .
السعودية تربح دائما وزيارة بايدن الاخيرة الى السعودية ربما ادرك ان الشرق الاوسط تغير كثيرا ولم يعد يثق بالامربكان وان دول الشرق الاوسط باتت تبحث عن مصالحها الاقتصادية اولا ولن تسمح للامريكان او غيرهم سرقة ثرواتهم او التحكم في مصيرهم او تهديد امنهم القومي.
امريكا بحاجة إلى تقديم ضمانات إلى حلفائها وشركائها والسعودية سوف تظل دولة لها مكانتها إقليميا ودوليا ولن تتأثر بالذين يحاولون تعطيل مسيرتها الاقتصادية ورؤيتها التي اشاد بها العالم والخاسر الاكبر سوف يكون كل من يعادي السعودية وشعبها ولو حتى كانت الولايات المتحدة.