كتب د/ عادل عامر
تم اكتشاف ظاهرة النشاط الإشعاعي في مطلع القرن الماضي , أدت إلى اكتشاف البنية الذرية ومنها بنية النواة, تم اكتشاف الانشطار النووي في عام 1938 نتيجة تفاعل نووي بين التترون ونواة ذرة اليورانيوم 235 الذي يطلق طاقة هائلة هي الطاقة النووية . وقد كان أول استخدام للطاقة النووية في ظروف الحرب العالمية الثانية هو إنتاج قنابل نووية ,
ومن خلال جهود علمية تكنولوجية وإدارية وتنظيمية وعسكرية هائلة بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية والتي استخدمتها في هيروشيما ونجازاكى في 6و9 أغسطس 1945 , وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت الجهود تتجه نحو الاستخدام النووي في مجالات عدة , منها تطوير المفاعلات البحثية ومفاعلات إنتاج الكهرباء , و
إنتاج المصادر والنظائر المشعة وتوسيع رقعة استخدامها في البحوث والتطوير والأغراض الطبية والزراعية والصناعية وغيرها لخدمة الإنسان .
وسوف نتعرض للقواعد القانونية المختلفة التي تحكم النشاط النووي أو ما يعرف بمبدأ المشروعية النووية .\
مبدأ المشروعية النووية
يمثل مبدأ المشروعية أحد الركائز التي تقوم عليها الدولة القانونية الحديثة, ويعنى هذا المبدأ وجوب خضوع كافة سلطات الدولة للقانون بمعناه الواسع.
ولما كان مبدأ المشروعية بهذه الأهمية, فإنه في مجال التراخيص النووية والإشعاعية أكثر أهمية. حيث تتعدد القواعد التي تحكم النشاط النووي ما بين داخلية وخارجية حسب مصدر
هذه القواعد , ويتطلب هذا التنوع ضرورة إلمام الجهة الرقابية بهذه القواعد ومراعاة تدرجها في سلم القواعد القانونية , حيث يعد إغفال أحد هذه القواعد ليس مجرد الخروج على مبدأ المشروعية ومخالفة القانون , وإنما حرمان النشاط النووي من الجهد الضخم الذي تمثله أي من هذه القواعد , وهو ما يؤدى ولا شك إلى التأثير على الممارسة النووية المثلى
جدوى دراسة مبدأ تدرج القواعد القانونية ومضمونه
تكمن جدوى دراسة مبدأ تدرج القواعد القانونية النووية وتحديد مضمونه في الأسباب التي دفعت إلى دراسة هذا المبدأ, بصدد تعرضنا لموضوع الترخيص النووي, ثم تحديد مضمون هذا المبدأ. تبرز أهمية دراسة مبدأ تدرج القواعد القانونية النووية بمجرد تأمل تلك القواعد, حيث تمثل تنوعا قانونيا فريدا, تتكامل فيما بينها لتكون ما يعرف بقواعد القانون النووي NUCLEAR LAW
فالقانون النووي هو مجموعة القواعد القانونية التي نشأت من التزاوج بين العلم والتكنولوجيا والقانون , وتتضمن طريقا إيجابيا للرقابة الاجتماعية على العلاقات الجديدة بين الإنسان وبيئته فالقانون النووي هو ذلك القانون الخاص بالاستخدامات السلمية للعلوم والتكنولوجيا النووية .
ويعنى تعبير الاستخدامات السلمية استبعاد البحوث والتطبيقات للأغراض العسكرية , ويندرج تحت تعبير الاستخدامات السليمة التفجيرات الذرية والتي تجرى لأغرض سلمية , وذلك بالرغم من صعوبة تمييز أغراض هذه التفجيرات سواء كانت سليمة أم عسكرية .
كما يمتد تعبير العلوم والتكنولوجيا النووية من استخدام النظائر المشعة في الفحص والعلاج وحتى تشغيل محطات القوى النووية . وتحدد هذه الألفاظ بدقة نطاق القانون النووي فهي تحدده بصلته بالعلوم والتكنولوجيا النووية وارتباطه الوثيق بتطور هذه التكنولوجيا .
ويشترك القانون النووي في وظيفته مع وظيفة القانون عموما, وخاصة فيما يتعلق بالتطوير والحماية, فيستخدم ذلك القانون لتطوير العلوم والتكنولوجيا النووية, كما يهدف إلى حماية الإنسان والبيئة من أي خطر يرتبط باستخدام العلوم والتكنولوجيا النووية.
ولتحقيق شق التطوير في هذا القانون , نجد أنواعا من التدابير العامة مثل الامتيازات الضريبية للمنشات النووية وكذلك التأمين النووي والتعويض عن أي خطر نووي , حيث يقوم على حصر المسئولية النووية في شخص وحيد هو المشغل النووي , كما يتم تقديم الإعانات المالية للمشروعات النووية .
وفيما يتعلق بشق الحماية في القانون النووي فيتمثل في الحماية من الأخطار الإشعاعية المرتبطة بالتطبيقات السلمية للطاقة النووية والمواد الإشعاعية , كما يتمثل هذا الجانب في منع أي استخدامات غير سلمية للطاقة النووية بواسطة أنظمة الضمانات والتي يتم تطويرها باستمرار لتحقيق هذا الغرض مثل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية
ويحتل القانون النووي في الهرم القانوني موقعا مميزا , فيمثل :
أولا قانون عام وطني :
حيث يضع أساس تنظيم الأنشطة النووية في الدولة , وهو ما يمثل المجال الطبيعي لقواعد القانون الدستوري كما ينظم هذا القانون ترخيص ورقابة الأنشطة النووية , وهو ما يندرج ضمن قواعد القانون الادارى , وقد يحدد ذلك القانون عقوبات لجرائم يتم اقترافها في المجال النووي , فتخضع هذه القواعد لأحكام القانون الجنائي.
ثانياً القانون النووي – قانون خاص وطني
وتمثل تلك الخاصية في قواعد المسئولية عن الضرر النووي, كما أنه يضع قيودا على الملكية الخاصة للمصادر والمواد النووية وقد يحظر هذه الملكية تماما.
وقد يتم تنظيم المسئولية المدنية عن الأضرار النووية في معاهدات دولية وهو ما يندرج ضمن قواعد القانون الدولي الخاص.
ثالثا: وهناك مجموعة من القواعد القانونية النووية تحتل أهمية في مجال القانون النووي نظراً لطبيعة العلوم والتكنولوجيا النووية ذاتها.
ألا وهى مجموعة القواعد التي تعنى بإنشاء المنظمات الدولية الحكومية المعنية بأمور الطاقة النووية .
مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية , ووكالة الطاقة النووية الأوربية التابعة لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي وكذلك الجماعة الأوربية للطاقة الذرية “اليوراتوم”. وتحتل هذه القواعد أهمية كبيرة لأسباب متعددة, لعل أهمها الطبيعة الدولية التي ارتبطت بأول ظهور للطاقة النووية, وهو استخدامها في الحرب العالمية الثانية, وتدخل هذه القواعد ضمن قواعد القانون الدولي العام.
ويتضح من هذا العرض لتعريف القانون النووي وتحديد عناصره تشعب جوانبه ودخوله في فروع القانون المتعددة , ولذلك فإنه يتميز بوضع خاص . وهذا يتطلب نظرة خاصة له وتعاملا معينا مع مشاكله . ومع ذلك فالقانون النووي هو جزء من النظام القانوني ككل .
وهذا التنوع في قواعد القانون النووي يطرح أمام الجهة الرقابية عند تنظيم ورقابة النشاط النووي العديد من القواعد القانونية النووية , مما يلزم معه جمع شتات هذه القواعد ووضعها داخل بنيان واحد يكون معلوما للجهة الرقابية وللمتعاملين معها مما يحقق للقواعد القانونية النووية سهولة ويسرا في التطبيق وتحوز قبول كل أطراف العملية الرقابية النووية , وهذا هو الدافع الرئيسي لدراسة مبدأ تدرج القواعد القانونية النووية. مصادر القاعدة القانونية طبقاً لمبدأ التدرج
بعد التعرض لأسباب دراسة مبدأ المشروعية وتحديد مضمونه , يلزم التعرض لتعدد مصادر القاعدة القانونية طبقا لمبدأ المشروعية.
وتنقسم هذه المصادر طبقاً لذات مصادر القاعدة القانونية إلى الدستور والمعاهدات والتشريع العادي والقرارات الإدارية اللائحية. وسوف نتعرض لهذه المصادر.
المطلب الأول
الدستــــــور
Constitution
الدستور هو أسمى القواعد القانونية في الدولة, وينظم سلطات الحكم في الدولة ويبين اختصاصاتها وكيفية وجودها, وتوزيع هذه الاختصاصات وعلاقات السلطات يبعضها. كذلك يبين الدستور حقوق المواطنين في مواجهة السلطات العامة وواجباتهم قبل الدولة .
ويأتي الدستور في قمة الهرم القانوني في الدولة الحديثة , ذلك إنه يصدر عن السلطة التأسيسية في حين أن القواعد القانونية الأخرى تصدر عن السلطات المؤسسة والى أوجدها الدستور نفسه , لذا وجب إن تأتى كافة القواعد القانونية متفقة مع أحكام الدستور سواء كانت هذه القواعد قد صدرت عن السلطة التشريعية متمثلة في صورة تشريعات عادية أم صدرت هذه القواعد عن السلطة التنفيذية في الأحوال التي يجوز فيها ذلك وبخروج هذه القواعد عن الدستور كانت مخالفة لمبدأ تدرج القواعد القانونية ومبدأ المشروعية , وكانت غير دستورية
وجاز لذوى الشأن التقدم بشأنها بشكوى بالوسيلة القانونية
وفيما يتعلق بمجال هذه الدراسة ألا وهو مبدأ المشروعية في المجال النووي , فقد ينص الدستور على تنظيم بعض الأمور الخاصة بالمجال النووي , وهنا يكون المشرع الدستوري قد أفصح عن إرادته في تحديد مجال النشاط النووي , بحيث لا يجوز لكافة سلطات الدولة أن تخرج عن هذا المجال , وإلا كان عملها غير دستوري وتعرضت لإجراءات التي تعيدها على حصن الدستورية .
وفى الواقع فأن الطاقة النووية ومنذ اكتشافها تحتل مكانا متميزا بين سائر الأنشطة في أي دولة, لما لها من آثار بعيدة المدى على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية وتأثيرها على الأمن الداخلي والخارجي.
من اجل هذا نجد المشرعين الدستوريين قد اختلفوا في جدارة الطاقة النووية بالتنظيم الدستوري , فالدستور الفرنسي الصادر في 4 أكتوبر 1958 ما يعرف بدستور الجمهورية الخامسة لم يتعرض مباشرة لتنظيم الطاقة النووية بين ثنايا نصوصه , وكذلك الدستور الأمريكي الصادر سنة 1787 لم يتعرض لتنظيم الطاقة النووية ولذلك لسبب بديهي وهو عدم اكتشاف الطاقة النووية عند وضع هذا الدستور ولكن لم يتعرض أي تعديل لهذا الدستور لتنظيم الطاقة النووية , وفى الوقت ذاته لم يتعرض الدستور المصري الصادر في 11 سبتمبر 1971 بالتنظيم المباشر للطاقة النووية.
وعلى العكس الاتجاه السابق نجد بعض المشرعين الدستوريين قد سلك مسلكا مختلفا فاهتم بتنظيم النشاط النووي ووضع أسسه الدستورية ولى رأس هذا الاتجاه نجد ألمانيا في دستورها المعدل في سنة 1959 , فالمادتين 74 فقرة أ, 87 فقرة ب تضع أساس وتوزيع الاختصاص بين السلطات الفيدرالية والولايات في تنظيم الأغراض السليمة للطاقة الذرية , حيث جعل من اختصاص البرلمان الفيدرالي إصدار التشريعات الخاصة بالطاقة الذرية وجعل تنفيذها من اختصاص الولايات.
وهذا ما نجده أيضا في الدستور المكسيكي حيث يقضى في مادته الثالثة والسبعين باختصاص البرلمان الفيدرالي بالتشريع في المسائل ذات الطبيعة العامة, كما نص في مادتيه 28,25 على ملكية ورقابة الدولة للأنشطة النووية .كذلك جعل هذا الدستور إنتاج الطاقة النووية والخامات المشعة من المجالات مادته 27 اى امتياز فيما يتعلق بالخامات المشعة أو تعاقد بهذا الشأن
وقد نهج المشرع الدستوري السويسري النهج ذاته تعديل المادة 24 من الدستور في يونيو 1957 ليجعل التشريع في المجال النووي من اختصاص الحكومة الفيدرالية , كما جعل من اختصاصها تحقيق الأمان النووي , جعل من أخصاص المقاطعات الترخيص بالمنشآت النووية
وقد تنص الدساتير على بعض الحقوق التي تتأثر بالنشاط النووي مثل حق الإنسان في بيئة سليمة الذي نص عليه الدستور الإيراني (12).
ولم يتعرض الدستور المصري الصادر في 11 سبتمبر 1971 بالتنظيم المباشر للطاقة النووية .
المطلب الثاني
المعاهدات النووية
Nuclear conventions
وسوف يتم تناولها من خلال العلاقة بين المعاهدة النووية والتشريع الوطني.
تكمن دراسة المعاهدات النووية في هذا الموضوع باعتبارها احد مصادر المشروعية النووية ووجوب خضوع الجهة الرقابية لأحكام المعاهدة النووية ليس باعتبارها معاهدة نووية تنظم العلاقات بين الدول وترتب أثار قانونية تدخل في إطار القانون الدولي العام, ولكن باعتبار هذه القاضي.
ولما كانت دراسة المعاهدات كمصدر من مصدر المشروعية الداخلية ضرورة حيث باتت المعاهدات آية لما تتمتع به المعاهدات في الوقت الحاضر من أهمية , فإنها في مجال القانون النووي أكثر إلحاحا , حيث باتت المعاهدات النووية مثل لغة مشتركة تجمع عناصر النشاط النووي المختلفة .
ودون الدخول في الجدل الفقهي الذي صار لدى فقهاء القانون الدولي بين مذهب وحدة القانون الدولي والقانون الداخلي وكون القاعدة القانونية الدولية ملزمة في المجال الداخلي دون تطلب إصدارها في أي شكل أخر , وبين مبدأ ثنائية القانون والذي يقضى باستقلال كل من القانون الدولي عن القانون الداخلي وضرورة أن تصدر القاعدة الدولية بوسيلة قانونية معينة حتى تكون قاعدة من قواعد القانون الداخلي .
فتختلف قوى المعاهدات النووية كمصدر من مصادر المشروعية إلى نظام قانوني أخر , لذا سنتعرض لهذه القوة القانونية للمعاهدات النووية بالنسبة لسائر مصادر المشروعية الأخرى في بعض الأنظمة القانونية , ثم نتعرض لهذه القيمة القانونية على المستوى الدولي .
البند الأول:
العلاقة بين المعاهدة والتشريع الوطني في القوانين الوطنية
أولا : في النظام القانوني الفرنسي :
لم يفرد النظام القانوني الفرنسي المعاهدات النووية بقوة قانونية على سائر المعاهدات الأخرى , وإنما ذهبت المادة 55من الدستور الفرنسي 1958 إلى أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية تشكل مصدرنا مباشر لإعمال الإدارة يفوق في مرتبة القوانين العادية الصادرة من الجمعية الوطنية حيث تكون الأولية في التطبيق عند التناقض لنصوص المعاهدة . على كلا من القاضي والعادي والادارى أن يتأكد من مدى التزام الإدارة والأفراد بتنفيذ هذه الأحكام كلا في مجاله .
ويتضح من النص السابق أن المعاهدات اقل مرتبة من الدستور وتسبق التشريعات العادية في سلم تدرج القواعد القانونية .
وقد أطرت على ذلك أحكام مجلس الدولة الفرنسية حيث طبق مبدأ سمو المعاهدة على القانون العادي الصادر من الجمعية الوطنية على الأخص منذ صدور حكم nicolo سنة 1989 وانضم بذلك إلى الاتجاه القضائي الذي تبناة القضاة العادي وعلى رأسه محكمة النقض الفرنسية ويطبق المبدأ ذاته سواء كان القانون سابقا المعاهدة أم لاحقا عليها ويتلخص حكم نيكولو nicoloفي الفاء مرسوم لرئيس مجلس الوزراء لمخالفته مجلس الجماعة الأوربية حيث جاء بهذا الحكم ومن حيث انه يخلص بجلاء أن نصوص المادة 189 من معاهدة 15 مارس 1957 المنشاة للجماعة الأوربية أن توجيهات مجلس المجموعة الأوربية تلزم الدول الأعضاء بالنسبة إلى النتيجة المطلوب تحقيها وانه إذا كانت الجهات الوطنية ملزمة بموائمة تشريعها وتنظيماتها والتوجيهات الموجة إليها للوصول إلى هذه النتيجة , ظل وحدها مختصة بتقرير الذي يكون فيه تنفيذ هذه التوجيهات وتحدد هي نفسها تحت رقابة القضاء الوطني الوسائل الكفيلة لجعلها تنبت أثرها في القانون الداخلي , فلا تستطيع هذه الجهات قانونا بعد انقضاء المدة المحددة لا أن ترك نصوصا لائحية لم تعد تفق مع الأهداف التي حددتها التوجيهات المعنية القائمة ولا أن تضع نصوصا لائحية منقضة لهذه الأهداف…
وقد أقرت محكمة العدل الأوربية صراحة مبدأ مسئولية الدول الأعضاء لعدم نقل توجيهات الجماعة إلى القانون الداخلي , وقد اقر القضاء الفرنسي في الواقع مسئولية الدولة لعدم النقل أو النقل السىء
ثانيا : المعاهدات النووية في النظام القانون الامريكى:
تحتل المعاهدات عما طبقا للمادة الثانية من الدستور الأمريكي الصادر سنة 1787 المرتبة ذاتها التي يحتلها التشريع الفدرالي الصادر من الكونجرس . وتجرى التفرقة في هذا الشأن ين المعاهدات ذات التنفيذ الذاتي , وهى تلك التي تم بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ حيث يكون لهذه الاتفاقيات قوة التشريع الفدرالي أما لك الاتفاقيات التي يبرمها الرئيس الامريكى منفردا ودون موافقة مجلس الشيوخ استنادا إلى سلطنة الدستورية في هذا فلم تحسم مرتبها في سلم القواعد القانونية بعد ويطلق على هذه الاتفاقيات self-executiveagrreements , وبمجرد إبرام اى معاهدة ونفاذها تصبح نصوصا قانونية وطنية ملزمة للأجهزة الداخلية والمواطنين على حد سواء وتكون جزاء مما يطلق علية الدستور الامريكى القانون الأعلى للبلاد.
ثالثا:ت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية المبادئ السابقة حيث ذهب القاضي مارشال في قضية fosev v wetson إلى أعلن دستورنا أن المعاهدات تكون قانونا أعلى للبلاد وبالتالي ينظر إليها في المحاكم كقواعد عامة مساوية للأعمال التشريعية عندما تطبق لذاتها دون أن يساندها اى نص تشريعي
وقد جاء قانون الطاقة الذرية 1954 لينص في مادته 121 على اى شروط في هذا القانون أو اى إجراء تتخذه اللجنة(لجنة التنظيم النووي) يعارض مع اى اتفاق دولي يبرم بعد نفاذ هذا القانون تكون نصوص غير سارية بالنسبة لهذا الاتفاق
وقد أرثت المادة السابقة مبادئ أولية المعاهدة النووية على نصوص قانون الطاقة الذرية لعدم تكبيل السلطة التنفيذية بأي قيود تعرقل تقدم الولايات المتحدة في المجال النووي , والمحافظة على تفوقها في هذا المجال في ضوء القيود السابقة.
ثالثا : المعاهدات النووية في النظام القانوني المصري :
تنص المادة 151 من الدستور المصري 1971 رئيس الجمهورية يبرم العاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان : وتكونه لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة .
ويتضح من هذا النص أن الدستور المصري أعطى للمعاهدات قيمة التشريع العادي ذاته الصادر من مجلس الشعب. وبالتالي تكون المعاهدات متى استوفت الشكل القانوني قيمة التشريع العادي وأصبحت جزء من النظام القانوني الداخلي. وفى حالة حدوث تعارض بين التشريع والمعاهدة نلجأ لقواعد التفسير في هذا الصدد من حيث أن اللاحق ينسخ السابق أن الخاص يقيد العام
فالمعاهدة ملزمة للإدارة , ويتحقق القاضي الإداري من مدى التزام الإدارة بشرط ألا يثير هذا التحقق مسائل ذات طابع دولي
ولم يتضمن النظام القانوني المصري أيه إشارة من المعاهدات النووية في هذا الصدد بالرغم من غزارتها ولذا فلا محيص من تطبيق القواعد العامة حيث تؤخذ المعاهدات النووية مرتبة سائر المعاهدات من حيث أنها تساوى في المرتبة التشريع العالي ولا يجوز الخروج على الأحكام المعاهدة النووية إلا بتشريع لاحق ومن حيث وجوب النص بقواعد التفسير المعمول بها وقد أيدت المحكمة الدستورية المبدأ السابق حيث ذهبت في أحد أحكامها إلى أن البين من نص الفقرة الأولى من المادة 3 من القرار رقم 141 لسنة 81 انه لم يغير من المراكز القانونية للأجانب اللذين أبرمت مع دولهم اتفاقيات دولية للتعويضات بل قصد إلى استمرار سريان أحكام تلك الاتفاقيات على رعايا هذه الدول بصريح نصه ,
وهى اتفاق لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة أو من ثم يكون هذا النص المطعون عليه كاشفا عن الأصل العام في التفسير الذي يقضى بعدم أعمال القواعد العامة في ما ورد في شأنه نص خاص وإذ كان القرار المذكور وهو القانون الواجب التطبيق علي جميع الحالات التي حددها نطاق تطبيقه عدا منه وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقرار بقانون سالف الذكر – مجرد تأكيد سريان أحكام الاتفاقيات المشار إليها على رعايا الدول التي أبرمتها الدول وتعد أحكامها بهذه المثابة نصوصا خاصة واجبة الأعمال في نطاقها استثناء من القواعد العامة
وذهب نفس المنحى حكم محكمة امن الدولة العليا (طوارئ ) في قضية إضراب عمال السكة الحديد والصادر في 16 ابريل 1987 حيث ذهب إلى إلغاء تجريم الإضراب طبقا لقانون العقوبات حيث أجازت الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 وقد صدقت مصر عليها وتم نشرها في الجريدة الرسمية في 8/4/82 وبالتالي أصبحت جزءا من القانون الداخلي ومساويا للتشريعات العادية وتلغى ما يخالفها من أحكام