كتب د/وائل محمد رضا
هي العالم والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية.
أي كل ما يحيط بالإنسان كالهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه والأرض التي يعيش عليها والزرع والحيوان الذي يأكله والمكان الذي يتعلم ويعمل ويلعب فيه وما يحيط به من كائنات حية أو غير حية هي عناصر البيئة التي يعيش فيها ويمارس حياته ويتأثر بها ويؤثر فيها.
- التربية البيئية :–
لقد تعددت الآراء في معنى التربية البيئية ومفهومها ومدلولها وذلك بتعدد مدلول العملية التربوية وأهدافها من جهة ومدلول البيئة من جهة أخرى فقد يرى بعض المربين أن دراسة البيئة في حد ذاتها ضمان لتحقيق تربية بيئية في حين يرى بعضهم الآخر أن الأمر أشمل من ذلك وأعمق وليست التربية البيئية مجرد تدريس المعلومات والمعارف مثل المشكلات البيئية كالتلوث وتدهور الوسيط الحيوي وإستنزاف الموارد .
كما تعد التربية البيئـية نهج تربوي لتكوين الوعي البيئي من خلال تزويد الفرد بالمعارف والقيم والإتجاهات والمهارات التي تنظم سلوكه وتمكنه من التفاعل مع بيئته الإجتماعية والطبيعية بما يسهم في حمايتها وحل مشكلاتها وإستثمارها إستثماراً مرشداً.
ولكنها تواجه في حقيقة أمرها طموحاً أكبر من ذلك يتمثل في جانبين هما :
- إيقاظ الوعي البيئي والذي يتمثل في تمكين الإنسان من القدرة على إنتقاء التكنولوجيا وتطويعها في خدمة البيئة لتأهيلها للمرحلة الثانية من التنمية في مرحلة الإبداع تسهم في بناء الإنسان المتطور في تفكيره.
- تنمية القيم التي تحسن من طبيعة العلاقة بين الإنسان والبيئة.
لذلك عملت وزارة التربية والتعليم على إعداد ملامح إستراتيجية للتربية البيئية بالتعاون مع منظمة اليونسكو ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم ( الإيسيسكو ) بالتنسيق مع الوزارات ومنظمات المجتمع المدني المعنية حيث تحدد مفهوم التربية البيئية وأهدافها من خلال تكوين المعرفة البيئية الأساسية وتنمية الوعي البيئي لدى المتعلم وتكوين القيم الوطنية والتربوية لإتخاذ مواقف مسئولة تجاه البيئة وإستثمارها وتمكين الأفراد من المشاركة النشطة ذاتياً وإجتماعياً في حماية البيئة .
- دواعي الإهتمام بالتربية البيئية : –
- المشكلات البيئية المعاصرة التي يمر بها الإنسان ويؤثر فيها ويتأثر بها سلباً وإيجاباً .
- التزايد السكاني الذي أدى إلى إستنزاف الموارد البيئية وإزالة الغابات والتي أدت إلى ما يسمى بالتصحر وإنجراف التربة كل ذلك أدى إلى الإخلال بالتوازن البيئي.
- أهداف التربية البيئية : –
أ – في مجال المعارف :
- إكتساب الطلاب المفاهيم الأساسية في البيئة ومكوناتها .
- إدراك الطلاب العلاقات والتفاعلات بين الجوانب البيئية الطبيعية والإجتماعية والإقتصادية.
- إدراك الطلاب آثر العوامل الداخلية والخارجية في التغير البيئي .
- إدراك الطلاب لأهمية التوازن البيئي .
- إدراك الطلاب لأهمية الموارد البيئية كثروة وطنية (إقتصادياً وجمالياً)
- تعرف الطلاب علي مخاطر تلوث البيئة والمشكلات التي تنجم عن ذلك.
- تفهم الطلاب لأهمية الجهود الوطنية لحماية البيئة وتنميتها .
ب- في مجال القيم والإتجاهات :
- تعزيز تفاعل الطلاب مع البيئة والمحافظة عليها .
- تنمية الإتجاهات الإيجابية نحو دور الكائنات الحية في التوازن البيئي.
- تنمية الإحساس لدى الطلاب بأهمية العمل الجماعي في حماية البيئة وإستثمار مواردها .
- تعزيز الإتجاه الإيجابي للحد من تلوث البيئة وتدهورها .
- تقدير جهود الدولة في حماية البيئة وتنميتها إضافة للمشاركة الفاعلة في تعزيز هذه الجهود .
ج- في مجال المهارات :
- تطوير مهارات التفكير العلمي في التعرف على المشكلات البيئية والمشاركة في حلها .
- تنمية مهارات تصنيف العينات المتنوعة التي تجمع من البيئة .
- تنمية مهارات الطلاب العملية بإنشاء الحدائق وزيارة المحميات الطبيعية.
- تنمية مهارات الإبداع.
- مفهوم التربية البيئية :
لقد تعددت تعريفات التربية البيئية وخصوصاً على المستوى العالمي من خلال المؤتمرات البيئية وكذلك حاول الكثير من الباحثين خوض هذا المجال فقد عرفت التربية البيئية بأنها ” عملية إعداد الإنسان للتفاعل الناجح مع بيئته لما تشمله من موارد مختلفة ويتطلب هذا الإعداد إكسابه المعرفة البيئية التي تساعده على فهم العلاقات المتبادلة بين الإنسان وعناصر بيئية من جهة وبين هذه العناصر وبعضها البعض من جهة إخرى كما يتطلب تنمية مهارات الإنسان التي تمكنه من المساهمة في تطوير ظروف هذه البيئة على نحو أفضل وتستلزم التربية البيئية أيضاً تنمية القيم التي تحكم سلوك الإنسان إزاء بيئته وإثارة ميوله وإهتماماته نحو هذه البيئة وإكتساب أوجه التقدير لأهمية العمل على صيانتها والمحافظة عليها وتنمية مواردها “.
كما عرف مؤتمر تبليسي ( بولاية جورجيا في الإتحاد السوفيتي سابقاً ) عام 1977 التربية البيئية بأنها ” عملية إعادة توجيه وربط لمختلف فروع المعرفة والخبرات التربوية بما ييسر الإدراك المتكامل للمشكلات ويتيح القيام بأعمال عقلانية للمشاركة في مسئولية تجنب المشكلات البيئية والإرتقاء بنوعية البيئة “.
أيضاً عرفت التربية البيئية في إجتماع هيئة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بباريس عام 1978 بأنها ” العملية التي تهدف إلى تنمية وعي المواطنين بالبيئة والمشكلات المتعلقة بها وتزويدها بالمعرفة والمهارات والإتجاهات وتحمل المسئولية الفردية والجماعية تجاه حل المشكلات المعاصرة والعمل على منع ظهور مشكلات بيئية جديدة ” .
وقد عرف برنامج اليونسكو التربية البيئية بأنها : ” عملية تهدف إلى توعية سكان العالم بالبيئة الكلية وتقوية إهتمامهم بها والمشكلات المتصلة بها وتزويدهم بالمعلومات والحوافز والمهارات التي تؤهلهم فرداً وجماعات والعمل على حل مشكلات البيئة والحيلولة دون ظهور مشكلات جديدة وتكون هذه العمليات مستمرة ومتواصلة لبناء هذه البيئة “.
- أهمية التربية البيئة :
معظم الدراسات التربوية التي تناولت التربية البيئة كانت دائماً تحاول الإجابة على السؤال الآتي لماذا التربية البيئة ؟
وتمحورت الإجابة عن هذا السؤال بسبب تزايد المشكلات البيئية وتفاقمها وتعقدها بصورة شديدة بمرور الزمن وما تبع ذلك من ضرورة الإهتمام بالتربية البيئية ، كمثال على ذلك الثورة العلمية والتكنولوجية التي تعد سلاحاً ذو حدين فقد إستفاد منها الإنسان من ناحية ولكن كانت لها آثارها المدمرة من ناحية أخرى فالإنسان هو صاحب الإبتكارات العلمية والتكنولوجية التي أدت إلي زيادة مشكلة إستنزاف موارد البيئة وتكشف هذه المشكلات أن الإنسان هو مشكلة البيئة الأولى لذا أصبح من الضروري أن تتجه الجهود إلي تربية الإنسان تربية بيئية .
وبذلك عرفنا أن علاقة الإنسان بالبيئة مرت بمراحل تطور تعكس ظهور المشكلات البيئية وتعقدها حيث لبت كل حاجات الإنسان بينما أدى النمو السكاني المتزايد وسعي الإنسان لإشباع حاجاته إلى إحداث ضغط متزايد على كل النواحي البيئية بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال إنتاج كميات هائلة من الملوثات التي فاقت قدرة الطبيعة على التخلص منها . وقد أكد العديد من علماء البيئة على أن التطور التكنولوجي وسوء توجيهه أدى إلى الإستغلال السيء للموارد الطبيعية مما أدى بالتالي إلى حدوث العديد من المشاكل البيئية . ومن هنا برزت أهمية التربية البيئية والوعي البيئي لمواجهة الأخطار التي تنتج في الأساس عن الإنسان وممارساته الخاطئة .
- وتأتي أهمية التربية البيئية نتيجة للأمور التالية :
- النمو السكانى المتزايد وغير المنظم وسعيهم لتوفير الغذاء مما شكل ضغطاً كبيراً على البيئة فعدد سكان العالم بات في زيادة مستمرة ، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم خلال (25-30) سنة القادمة مع بقاء الموارد الغذائية محدودة.
- التصحر وزيادة المساحات الزراعية المتحولة إلي أراضي قاحلة .
- القطع الجائر للأشجار التي يتم إستخدامها في صناعة الورق والصناعات الأخرى مما أدى إلى حدوث الإنجرافات في التربة وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء بالإضافة إلى الزحف البشري بإتجاه هذه المناطق .
- إنقراض الحيوانات والنباتات البرية نتيجة للصيد غير المنظم والرعي الجائر ونتيجة الزحف البشري مما أدى إلي إختفاء العديد من الكائنات البرية وهذا كله يؤدي إلي حدوث خلل في التوازن البيئي .
- التلوث الكبير الذي يحدث في الأنهار والبحار والمحيطات نتيجة لإستخدام هذه المناطق كأماكن للتخلص من المياه الصناعية والنووية ونتيجة لتسرب النفط من الناقلات العملاقة والتي يمكن إعتبارها قنابل بيئية تسير في المحيطات وفي حالة حدوث خلل فيها فإن النفط المتسرب يسبب مشكلة بيئية تستمر عدة سنوات إن لم يكن قروناً.
- الإستخدام غير المنظم للمبيدات الحشرية لمكافحة الآفات مما أدى إلى القضاء على العديد من الكائنات الحية المفيدة في الزراعة التي تؤدي إلى إيجاد توازن بيئي .
- الهجرة من الريف إلى المدن مما أدى إلى إكتظاظ سكاني في هذه المناطق وزيادة المشكلات الإجتماعية والصحية فيها حيث أصبحت هذه المدن عبارة عن مناطق ملوثة تشكل خطورة على حياة الإنسان.
- زيادة عدد المصانع والورش الصناعية وزيادة عدد السيارات التي تنفث الأدخنة والمواد المسببة للتلوث ولاسيما القديمة منها المتواجدة في مناطق قريبة من المناطق السكنية.
- تطور التربية البيئية تاريخياً :
أصحبت التربية البيئية موضع إهتمام متزايد من قبل المجتمع الإنساني على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية وقد ترتب على هذا الإهتمام توافر دراسات وبحوث وخبرات بيئية عديدة حاولت