الفيفا في رأيي يتقمص دور الدول الاستعمارية زمان، التحكم كان في السيطرة على الحكم في هذه البلاد، الفيفا نجح في السيطرة على مصير كرة القدم في أي دولة في العالم، أيام الاستعمار الدول كانت تطالب بالسيادة وحق تقرير المصير.
كان للمد الاستعماري الأوروبي في أفريقيا أثر واضح على اللغة، وخطوط الهجرة، ومسارات النزوح وغيرها. ولم تكن كرة القدم بمعزل عن ذلك التأثر؛ فقد حرصت دول الاستعمار الأوروبية على خلق قنوات تواصل وشبكات علاقات بينها وبين مستعمراتها في تلك الدول، حتى يتيسر لها نقل اللاعبين الأفارقة المتميزين إلى دوريات بلادهم.
بدأت فرنسا في استقدام اللاعبين من الشمال الأفريقي والمغرب والجزائر منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وضمتهم إلى الأندية الفرنسية. بل ومنحت بعضهم الجنسية الفرنسية ليمثلوها في المحافل الدولية. ثم حذت البرتغال حذو فرنسا، وجعلت من مستعمراتها في أنغولا وموزمبيق وغينيا، منجماً لتوريد الجواهر السمراء إلى بلادهم، وسارت بلجيكا على نفس النهج واتخذت من مستعمراتها في «زائير-الكونغو الديمقراطية حالياً»، بوابة لعالم اللاعبين الأفارقة المأهول بالموهبة الصافية، زهيدة السعر، غزيرة الإنتاج.
كان الشرق الأفريقي، وأكبر دوله كينيا وأوغندا وتنزانيا واقعاً تحت سطوة الإمبراطورية البريطانية التي نحت منحىً آخر، أكثر تحفظاً في التعامل مع مواطني مستعمراتها، في ما يتعلق بكرة القدم والهجرة.
فعلى النقيض تماماً من النهج الفرنسي؛ فرضت بريطانيا قيوداً على اللاعبين الأفارقة تُلزمهم بقضاء سنتين كمؤهلٍ للحصول على إقامة شرعية. وهو ما يعني أن أولئك اللاعبين لن يتاح لهم إلا اللعب كهواة في تلك البلاد. ناهيك عن أنها لم تكلَف بتطوير قنوات للتواصل واستكشاف اللاعبين، وجلبهم من مستعمراتها بالأساس.
وبقيت بريطانيا على تلك الحالة، منغلقة بشكل كبير على لاعبيها من الإنجليز والإيرلنديين حتى صدر قانون بوسمان عام 1995 الذي يسمح بالانتقال الحر للاعبين بين دول الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء عقودهم. فزادت أعداد اللاعبين الأفارقة في الدوريات الأوروبية الكبرى بشكل ملحوظ، لكن التوزيع القائم على الإرث الاستعماري ظل قائماً أيضاً.
شيع في معظم دول أفريقيا ثقافة الخلاص والهجرة، شأنها في ذلك شأن بقية الدول النامية حول العالم. لكن هناك تبايناً واضحاً بين دول غرب القارة وشرقها في ما يخص تلك الثقافة وتمحورها حول كرة القدم تحديداً.
وبحسب ما أثبتت دراسة أجراها باحثان في جامعة إيراسموس روتردام الهولندية؛ فإن ثقافة الهجرة حاضرة بقوة في غرب القارة بأجيالها المختلفة، مهما تباينت الأسباب من بحث عن فرص العمل والتعليم أو توقاً للحياة الحضرية في الدول المجاورة. وقد أصبحت الهجرة تجاه أوروبا وأمريكا هي القاعدة الاجتماعية الغالبة عند الشباب في الغرب الأفريقي. هذا التوق لحياة أفضل انعكس بدوره على كرة القدم، وقد ترسخ لدى أولئك اللاعبين الصغار أن المستقبل المهني الأفضل مرتبط بشكل وثيق بالهجرة إلى الخارج.
وقد ساعدت عدة عوامل على ترسيخ تلك الثقافة، من بينها ما تقدم ذكره من قنوات اتصال تربط بين تلك الدول والمجتمعات الكروية الأوروبية، وأيضاً اتساع رقعة البث والدعاية التلفزيونية لتشمل تلك الدول، فأصبح حلماً راسخاً لدى الشباب، أن الأحلام يمكن أن تصبح حقيقة هناك عبر المحيط. أما العامل الأهم، فيتمثل في اللاعبين اللامعين الذين قد سبقوهم، وربما خرجوا من نفس المكان الذي خرجوا منه؛ فأصبح لديهم من يمكن اقتفاء أثره والسير على خطاه.
وإذ يشترك أبناء الشرق والغرب في توقهم إلى حياة أفضل، واعتقادهم أن تلك الحياة تكمن في بلاد ما وراء المحيط؛ إلا أن ذلك التوق الشرق أفريقي لم يتجاوز عتبات الوجدان، وبقي خاطراً حبيساً في النفس، ولم يثمر عبر السنين عن أي محاولات اجتماعية لتغيير ثقافة عدم الاغتراب المنتشرة بين أفراد هذا المجتمع.
أضف لذلك، غياب التمثيل الشرق أفريقي في الساحة الكروية العالمية، فبينما يجد الشباب في السنغال ساديو ماني مثالاً يمكن أن يرنو إليه، ويجد أقرانهم في ساحل العاج دروجبا، فلمن سيتطلع الشباب التنزاني، وعلى خطى من سيسير الشاب الأوغندي، ومن سيتبع الشاب الكيني؟
في الحقيقة، هنالك نماذج للاحتذاء والاحتفاء، وهم اللاعبون المحليون الذين يجدون في المقابل الجيد الذي توفره لهم ممارسة الكرة على هذا القدر من الاحتراف سبيلاً لحياة كريمة بل ومميزة على الأغلب تكفيهم وعثاء السفر وسوء المنقلب في أوروبا.
حتى لو نزع أحدهم عن عاتقه نِير تلك الثقافة البالية؛ فإن عائقاً أكبر سيكون بانتظاره هناك ولن يجد وجهاً مألوفاً يعاونه على احتمال الحياة الجديدة والتأقلم السريع معها. وبعد ظهور الهواتف الذكية وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي وارتفاع تكاليف الطباعة وابتعاد الجمهور عن اقتناء مثل تلك المجلات، توقف معظم هذه المجلات الرياضية عن الإصدار والتوزيع في الأسواق واتجهت بعضها إلى الإصدارات الإلكترونية.
إن كرة القدم هي رافد من الروافد القوية للشخصية الوطنية وهو رباط يجمع الفلسطينيين، أينما كانوا، في نضالهم من أجل الاستقلال وتحرير كل بلدهم من الاستعمار الصهيوني. وكانت كرة القدم، في القرن الماضي، أحد العناصر الفعالة في استراتيجية الكفاح التي انتهجتها حركات التحرر الوطنية ضد الاستعمارية والإمبريالية في إفريقيا وفي جنوب أوروبا.
لنتذكر فقط، على سبيل المثال، ملحمة فريق كرة القدم لجبهة التحرير الوطني الجزائري، الذي مثل قضية الجزائر المجاهدة على الجبهة الرياضية. وعليه، يمكننا القول إنّ لاعبي المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم يحملون مشعل المقاومة الفلسطينية كلما لعبوا مباراة دولية. وأندية كرة القدم الفلسطينية تشارك، هي أيضا، في حركة الجهاد والمقاومة، حتى يقولوا للمستعمرين الإسرائيليين، إنّ فلسطين موجودة وحيّة وإن الشعب الفلسطيني لن يركع، فالنضال قائم ومستمر! وعندما سيطر الاستعمار على بلادنا كان حريصا على نشر كل ما يبعد الناس ويلهيهم عن مواجهته ومقاومته، فتم نشر وإنشاء الأندية الرياضية بمفهومها الشعبوى العنصرى الذى يشتت الناس ويثير الإنقسام والتشرذم ، وأيضا تم إنشاء أندية الروتاري الماسونية التى لها مهمة أساسية هى تمسيخ وتمييع الشخصية الوطنية وإبعادها عن الدين الإسلامى المقاوم وعن الهوية الإسلامية نفسها بل وحتى عن الإنتماء الوطنى والقومى بأكمله ، فيشترط لعضوية تلك الأندية والذى يتم ترشيح أعضائها الجدد بواسطة قادة النادى هو أن يكون المرشح معروفا ببعده التام عن الدين وتعاليمه ،
كذلك ألا يكون ذو نزعة وطنية إستقلالية، ولم يكن هناك فارق فى هذا الخصوص بين الإستعمار الإنجليزي والإستعمار الفرنسى ولا الإستعمار بالوكالة ، ولكن بعض النظم الوطنية التى رفعت شعارات مناوئة الإستعمار بعد الإستقلال أصدرت قرارات وطنية بإلغاء أندية الروتاري وحاكمت أعضائها ، كما همشت فى الوقت نفسه وحدت من الهوس بتشجيع كرة القدم،
إن النجاح المبهر في تنظيم كأس العالم من قبل دولة عربية وإسلامية وهي دولة قطر قد أثار حفيظة البعض في الغرب وراهنوا على فشل الحدث من خلال حملات انتهت بالفشل الذريع والسقوط الأخلاقي. ومن هنا فإن هذه القضية المحورية لا بد من إثارتها مع الجانب الآخر، حتى تأشيرة شنجن تم ربطها بتلك السلوكيات السلبية، وهنا تكمن خطورة الأساليب الغربية المرفوضة وعلى الدول الغربية أن تراجع سلوكها تجاه العرب والمسلمين لأنها بذلك تخلق عداء حضاريا سوف يكون الأخطر في هذا القرن، وسوف يظل العالم الإسلامي محافظا على سمات التسامح والحوار وقبول الآخر في الحدود المقبولة دينيا وأخلاقيا.