كتب / د.عادل عامر
ربما لم تلعب السكك الحديدية دورا حيويا في حياة أي دولة كما لعبته في حياة مصر تلك الدولة التي تتمدد أراضيها على امتداد قارة كاملة إلا قليلا. يساعد القطار السريع على احتواء الزحف العمراني وربط العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة بشبكة سكك حديد لنقل الركاب والبضائع من خلال وسيلة نقل سريعة وعصرية وآمنة.
ويعتبر المشروع بمثابة سكة حديد جديدة تربط كافة أنحاء الجمهورية بسرعات تصميمية لقطاراتها تصل إلى 250 كم في الساعة، وهى تعادل فى أطوالها شبكة خطوط السكة الحديد الحالية التي تعمل قطاراتها بالديزل.
وشبكة القطارات السريعة التي تخطط الدولة لإنشائها تتماشى مع خطة الدولة في تقليل استهلاك الوقود عبر برنامج تحويل السيارات للعمل بالغاز وزيادة والاتجاه نحو السيارات والأتوبيسات العاملة بالغاز وكذلك العاملة بالكهرباء.
وتساهم شبكة القطارات السريعة في تقليل استهلاك الوقود من خلال تقليل اعتماد المواطنين على السيارات في تنقلاتهم بين أنحاء الجمهورية، حيث سيوفر وسيلة نقل سريعة آمنة تغطى أنحاء الجمهورية وهو ما سينعكس في النهاية على تقليل استهلاك مصر من الوقود وتوفير العملة الصعبة التي تستخدم في استيرادها من الخارج.
إن مشروع القطار السريع سيوفر الوقت بشكل كبير على المواطنين وسيضاعف حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمصر والارتقاء بمستوى وسائل المواصلات العامة، كما سيسهم المشروع في سرعة نقل المستثمرين والعمال والبضائع وبالتالي يزداد إنشاء المصانع بمحافظات الصعيد وتوفير الملايين من فرص العمل.
مشروع القطار السريع سيساهم في تقليل الازدحام المروري وتحقيق مستويات أمان أعلى للركاب ويساعد على التنمية الاقتصادية وتعزيز البنية التحتية للمناطق التي يمر بها ، فضلا عن كونها تعتبر من وسائل النقل الأخضر صديقة البيئة.
ويشمل القطار السريع وهو الأول من نوعه في مصر الركاب والبضائع ويدعم النمو الاقتصادي، حيث يعمل بالمشروع نحو 200 شركة مصرية وطنية تحت إشراف مكاتب استشاريين مصريين. وسيعمل المشروع على تحسين جودة حياة ملايين المصريين، من خلال توفير نظام فعّال وآمن ومتطور للنقل. ويسهم المشروع في ربط العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة بشبكة سكك حديدية سريعة لنقل الركاب والبضائع، وتتميز قطاراته بسعة نقل أعلى، وتساهم في خدمة المجتمعات العمرانية والصناعية الجديدة على طول المسار. وشبكة القطارات الجديدة تشارك في تنفيذها شركات المقاولات المصرية بحيث تتولى أعمال تنفيذ الإنشاءات والأعمال المدنية وتركيب السكة وأسوارها وإنشائها الورش التي ستخصص لأعمال الصيانة.
بينما تقوم شركات أجنبية عالمية متخصصة بأعمال تنفيذ نظم الإشارات والاتصالات والتحكم وتوريد وتركيب بوابات التذاكر بالمحطات وتصنيع وتوريد القطارات التي ستعمل بكل خط عقب تنفيذه بشراكة محلية. ويمثل إدخال وسائل النقل الجديدة كالقطار الكهربائي الخفيف والمونوريل والقطار الكهربائي السريع نقلة نوعية لوسائل النقل المصرية، خاصة مع التجهيز لبدء الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، ويأتي ذلك في إطار التوجه العالمي للنقل الأخضر المستدام والذي يساهم في تقليل الانبعاثات. إن المقاسات المختلفة للسكك الحديدية لن تبطئ حركة السلع والأفراد بصورة كبيرة؛ حيث إن هناك معدات حديثة اليوم تسهل نقل حاويات البضائع من قطار لآخر، أما الأفراد فكأنهم يغيِّرون طائرتهم عندما يهبطون للترانزيت في أحد المطارات.
لكن العائق الأصعب من ذلك هو أن بعض الدول المعنيَّة بالمشروع لم توقِّع بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن سرعة التنقل مع قلة التكلفة الجمركية عبر الحدود المتعددة. إن رسوم الحمولات والبضائع تشكل القاسم الأعظم من عائد المشروع وليس ما يدفعه السائحون؛ لأن النقل بهذه السكة عابرة القارة الآسيوية سيكون أرخص من الإبحار عبر المحيطات والبحار، ومن المؤمل أن تثبت السكة فاعليتها من حيث التكلفة، وستأخذ الرحلة على الأكثر 28 يوماً بالقطار الذي يسير بسرعة متوسطة 48 كم – ساعة، مقارنة بـ 35 يوماً في البحر.
ومن خلال العلاقات المصرية المجرية، يتولى الجانب المجرى تمويل وتوريد عدد 700 عربة قطار، لصالح هيئة سكك حديد مصر ويبلغ إجمالي الاتفاق مليار يورو؛ تنقسم إلى 900 مليون يورو، لتمويل شراء عربات القطار، بالإضافة إلى منحة تقدر بـ100 مليون يورو، يتم من خلالها توفير 80 عربة قطار صنفتها وزارة التعاون الدولي على أنها “هدية”، و300 فرصة تدريب، بالإضافة إلى برامج دعم فنى. وذلك بسعر فائدة يقدر 1.26 % ويتم سداد التمويل على 12 سنة، وفترة سماح 5 سنوات، مع تعظيم دور التصنيع المحلى واستخدام المنتجات المصرية المطابقة لمواصفات المشروع.
وفي ظل العلاقات المصرية الإسبانية، تم الاتفاق مع الحكومة الأسبانية على تمويل مشروع تطوير كهرباء خط السكة الحديد الممتد من ” القاهرة / إمبابة/ الجيزة / برطس “، وكذلك خط ” قليوب / شبين القناطر/ الزقازيق ” بمبلغ حوالى 50 مليون يورو.
وفي سبتمبر 2016، تم بحث العرض المقدم من احدى البنوك اللاتفية لتمويل مشروع توريد وتصنيع 700 عربة سكة حديدية، لصالح الهيئة القومية لسكك الحديدية المصرية على أن يكون التصنيع المشترك لصالح تعظيم نسبة المكون المحلى في المشروع والتصدير.
10 أبريل 2017، جرى التفاوض على العرض المقدم من شركة جنرال اليكتريك، للمساهمة فى تطوير شبكة سكك حديد مصر، بتوريد من 100 إلى 200 عربة قطار، على أن تقوم بتصنيع 35 % منها فى مصر، وذلك فى إطار تتطلع الشركة لزيادة استثماراتها وتوفير مزيد من فرص العمل للشباب في مصر خلال السنوات المقبلة، والمساهمة في عملية التنمية بمصر، ودعم أهداف الحكومة المصرية لتعزيز النمو الاقتصادي وبناء القدرات البشرية. على الرغم من التكلفة العالية المترتبة على إنشاء مسارات القطارات الكهربائية، والتي تعتبر أعلى كلفةً من كلفة المسارات العادية التي تستخدمها القطارات الأخرى، إلا أن تكلفة تشغيل القطارات العادية باستخدام الوقود على المدى الطويل تعتبر أعلى تكلفةً من تشغيل القطارات الكهربائية، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا مناسبًا على المدى الطويل. كما تتميز القطارات الكهربائية بانخفاض أسعار تذاكرها مقارنةً بالقطارات العادية، وذلك نظرًا لانخفاض تكاليف فاتورة الطاقة المستخدمة، وانخفاض تكاليف الصيانة الخاصة بها، كما تتميز القطارات الكهربائية بانخفاض مستوى التآكل في المسارات التي تستخدمها مقارنةً بالقطارات العادية، لذلك فإنّ تكاليفها تعد بشكلٍ عام منخفضة يعمل القطار الكهربائي باستخدام الطاقة الكهربائية، ويستمد هذه الطاقة من مصدرٍ خارجي كاستخدام خطٍ علوي أو بطاريةٍ أو سكةٍ ثالثة، وتتعدد مصادر الطاقة الكهربائية المستخدمة في تشغيل هذه القطارات،
ومن هذه المصادر: طاقة الرياح أو الطاقة الكهرومائية أو الوقود الطبيعي. وتستخدم القطارات الكهربائية تيارًا متناوبًا أو مباشرًا يتم تخزينه في بطاريات ضخمة أو مكثفات عالية الجودة تستخدم لتشغيل هذه القطارات. ويجري الآن تطوير العديد من القطارات الهجينة التي تجمع بين مزايا القطارات التي تعمل على الوقود والقطارات الكهربائية، ونظرًا للتطورات التكنولوجية المتواجدة في القطارات الهجينة فقد أصبحت هذه القطارات تتفوق نوعًا ما على القطارات الكهربائية، مما سمح لها بحجز مكانٍ هام في الفترة الأخيرة في عالم النقل عن طريق إزالة بعض القيود الرئيسية على الانتقال، ستقلل حلول النقل الجديدة من جاذبية بناء المدن المدمجة حيث يعيش الناس بالقرب من أماكن العمل والخدمات، وبدلًا من ذلك، ستمهد الطريق لزيادة التوسع الحضري.
تعني زيادة عدد السيارات المشتركة والسيارات الذاتية القيادة أيضًا أن رسوم المناطق المخصصة لإيقاف السيارات ومخالفات السرعة قد تصبح يومًا ما أمرًا من الماضي – وهو ما قد لا يكون خبرًا سيئًا في حد ذاته، غير أنه سيحرم الحكومات من مصدرين كبيرين من مصادر الدخل. ستشهد أنماط استخدام الأراضي تغيرًا كبيرًا لأن إزالة معوقات السفر سوف تحفز مزيدا من توسع المدن ونموها في الضواحي. وسيتعين على الحكومات بدورها إنشاء بنية تحتية للنقل أكثر ذكاءً لتلبية احتياجات الربط الجديدة لمواطنيها. وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومات والمدن البحث عن مصادر إيرادات جديدة، وذلك بدلًا من مصادر الدخل التقليدية مثل إيرادات انتظار السيارات في الأماكن الممنوعة، ومخالفات السرعة.
سلامة التكنولوجيا الجديدة، على سبيل المثال السيارات الذاتية القيادة ستكون مصدر قلق مستمر. كما هو الحال في أي تكنولوجيا رقمية أخرى، تكون أنظمة النقل الذكية والمتصلة معرضة للهجمات الإلكترونية، وانتهاك الخصوصية. سيحدث الابتكار تحولًا في العديد من الصناعات وأسواق العمل. ولتجنب التأثيرات السلبية، من الضروري أن تقوم البلدان بالتخطيط للمستقبل، وتطوير المهارات المناسبة لقوتها العاملة.