إن علينا التزاما تجاه الفقراء والضعفاء؛ تجاه من يفتقرون إلى الأمن المالي ويرزحون تحت وطأة المرض؛ من تُرِكوا وراء الركب ولا يجدون من الفرص سوى القليل، بما في ذلك النساء والفتيات؛ وتجاه الأجيال القادمة. وعلينا التزام بمساعدة البلدان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030.مع استمرار قوى العولمة الفائقة السرعة في نقل البضائع والمعلومات والنقود عبر الحدود بسرعة متزايدة يومًا بعد يوم، واستمرارها أيضًا في تحقيق فوائد لا تبرح تتعاظم لمن هم داخل دائرتها، هناك إدراك متزايد أن قطار الرخاء هذا يفوت معظم سكان العالم.
والواقع أن معظم فوائد العولمة لا تصل إلى أكثر من نصف سكان العالم، أي 3 مليارات شخص يعيشون على أقل من دولارين في اليوم. ولا يزال هناك ما يربو على مليار شخص يعيشون في حالة من الفقر المدقع، وملايين الأشخاص الذين يعيشون بلا عمل، وعدد متزايد من المجتمعات تتصدّع تحت وطأة ضغوط عنصرية أو عرقية أو اجتماعية. وقد اتسعت الفجوة بين أغنياء العالم وفقرائه، في الوقت الذي هدّدت الأزمات المالية في آسيا والمحيط الهادئ بطمس ما تحقّق طوال سنوات من النمو والتحسن. وإذا كانت العولمة قوّة إيجابية تحسّن مستويات معيشة الكثيرين وتتيح المزيد من الفرص، يقول الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان أنه “لا تكون العولمة بالنسبة إلى الكثيرين عاملاً يؤدي إلى التقدّم، بل قوة مسببة للاضطراب، تشبه الإعصار في قدراته على حصد الأرواح وتضييع الوظائف وهدم التقاليد. وهناك ما يدفع الكثيرين إلى مقاومة تلك العملية والاحتماء فيما هو محلي. وقد تكون العولمة مؤدية إلى مزيد من عدم المساواة. وقد تكون أيضًا مسبّبة لاضطراب التقاليد الثقافية وزيادة ما لدينا من إحساس بعدم الاهتداء الروحي”.
وتعتبر معظم البلدان النامية السرعة المتزايدة باستمرار والتي تحدث بها العولمة، بما تتركه من آثار بالغة في قرارات كل البلدان تقريبًا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أكبر عقبة تمنعها من تحقيق التقدّم الاجتماعي. وقد أثار منتقدو العولمة اعتراضات مؤداها أن النظام التجاري العالمي الجديد يلحق أضرارًا بالغة بالبيئة وحقوق العمال والمصالح المحلية، وفوق كل ذلك لا يلبي احتياجات السكان
وفي ظل أجواء يسودها الإحساس المتزايد بعدم الأمان في عصر الاقتصاد العالمي الجديد، عقدت الأمم المتحدة مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في كوبنهاغن، الدانمرك، العام 1995، والموضوع الأساس هو “وضع التنمية الاجتماعية في قلب الاهتمامات السياسية العالمية”، لتوجيه الانتباه العالمي نحو إيجاد حلول لمشاكل العالم الاجتماعية الرئيسة. وقد انتهى مؤتمر القمة، الذي حضره ممثلو 186 بلداً منهم 117 رئيس دولة أو حكومة، إلى اتفاق مهم تعهدت البلدان بموجبه العمل على تحقيق أهداف محددة في مجال التنمية الاجتماعية. فقد اتفقت البلدان على إعلان كوبنهاغن بشأن التنمية الاجتماعية، الذي تضمّن التزامات قطعية بالعمل بمزيد من الجد من أجل القضاء على الفقر،
وتحسين الصحة والتعليم، والسعي إلى تحقيق العمالة الكاملة. كما اتفقت البلدان على برنامج عمل من مئة فقرة يحدد الاستراتيجيات والغايات والأهداف المتعلقة بتحسين نوعية الحياة بالنسبة إلى الناس في كل مكان. أما أهمية هذا المؤتمر فتجلّت في تركيزه على الاحتياجات الأشد أهمية وإلحاحًا بالنسبة إلى الأفراد أي سبل المعيشة، والدخل والصحة والتعليم والأمن الشخصي. وعن طريق تحديد الأولويات، رفع مؤتمر القمة المعيار العالمي لتحقيق التقدم الاجتماعي، ونبّه أيضًا المؤسسات المالية الرئيسة في العالم، إلى أن جميع الخطط الاقتصادية يجب أن تعترف بآثارها الاجتماعية[8]. وتتمثل التزامات التنمية الاجتماعية بما يلي:
ـ القضاء على الفقر المطلق بحلول موعد يحدده كل بلد.
ـ دعم العمالة الكاملة باعتبارها أحد الأهداف الأساسية للسياسة العامة.
ـ تشجيع التكامل الاجتماعي القائم على تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها.
ـ تحقيق المساواة والإنصاف بين المرأة والرجل.
ـ الإسراع بخطى التنمية في إفريقيا البلدان الأقل نموًا.
ـ كفالة إدراج أهداف التنمية الاجتماعية ضمن برامج التكيف الهيكلي.
ـ تهيئة “بيئة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وقانونية تمكن السكان من تحقيق التنمية الاجتماعية“.
ـ تمكين الجميع على قدم المساواة من الحصول على التعليم والرعاية الصحية الأولية.
ـ تعزيز التعاون من أجل التنمية الاجتماعية عن طريق الأمم المتحدة
وعلى الرغم من أن النتيجة التي خلص إليها مؤتمر كوبنهاغن ليست ملزمة قانوناً لأي بلد، فإن لها وزنًا أدبيًا وسياسيًا، ولا سيما أنها تمثل اتفاقًا تم التوصل إليه بين عدد كبير جدًا من زعماء العالم. وتوافق الآراء العالمي هذا له فائدته في نظر البلدان، لأن بإمكانه أن يساعد على وضع معايير وأهداف للتنمية الاجتماعية معترف بها عالميًا.
وعلى الرغم من أن للبلدان انطباعًا عامًا مؤداه أن الأهداف والأرقام المستهدفة التي حددت في كوبنهاغن ستكون صعبة التحقيق، فإن معظم الدول لا تزال تؤكد أنها ملتزمة السعي إلى تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية. وقد شكّلت معظم المؤتمرات الدولية التي تلت إعلان كوبنهاغن فرصة لحمل الحكومات على وضع قواعد ومعايير للتنمية الاجتماعية يهتدى بها في الجهود التي تبذلها المؤسسات المالية الدولية الرئيسة الأخرى، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وكل بلد مسؤول عن وضع جدول الأعمال الاجتماعي المحلي الخاص به.
وقد حاولت هيئات الناخبين في عدد من البلدان، منذ انعقاد مؤتمر القمة، أن تصل إلى التوازن الصحيح بين أن يكون هناك تدخل حكومي أقل وضرائب أقل وكفاءة أكبر، وأن تكون هناك حكومة تعمل على تحقيق الإنصاف والعدالة الاجتماعية. وفي كثير من البلدان النامية، انصب الكفاح على إيجاد الموارد من أجل جدول الأعمال الاجتماعي من دون تعريض الإصلاحات الاقتصادية للخطر.
أـ النشاط العالمي لتطبيق مبادئ التنمية الاجتماعية
مع استمرار العولمة النيوليبرالية في فرض تحديات خطيرة، من بينها عدم الأمن والفقر والاستعباد وانعدام المساواة داخل المجتمعات أو في ما بينها وانتشار الأزمات المالية، تزايدت الاحتجاجات الصاخبة لمناهضي العولمة في سياتل العام 1999، التي كانت من أبرز الدوافع الرئيسة لأن يتبنى رؤساء الدول والحكومات (189 دولة) بمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك من 6 إلى 8 أيلول/ سبتمبر 2000 مشروع إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية للدفع قدماً بالتنمية وتخفيض الفقر بحلول العام 2015 أو قبله، ملزمين دولهم بذل المزيد من الجهد في البدء بمعالجة المداخيل غير الكافية، والجوع الواسع الانتشار، وعدم المساواة بين الجنسين، والتدهور البيئي، والافتقار إلى التعليم والرعاية الصحيّة والمياه النظيفة، كما يتضمن إجراءات تقوم بها البلدان الغنية لتخفيض الديون وزيادة المساعدات للبلدان الفقيرة، والتبادل التجاري معها ونقل التقانة إليها. وأهم ما جاء في قمة الأرض، العمل من أجل تحقيق الأهداف الثمانية التالية:
ـ “استئصال الفقر والجوع الشديدين من خلال إنقاص نسبة من يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم والذين يعانون الجوع إلى النصف بحلول 2015“.
– “تحقيق التعليم الابتدائي الشامل لجميع الأطفال في كل مكان الصبيان والبنات، على نحو مماثل، القادرين على إكمال المقرر التعليمي للمدارس الابتدائية بحلول العام 2015“.
– “الحض على المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من خلال إزالة الفوارق بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي، وفي جميع مستويات التعليم في غضون فترة لا تتجاوز العام 2015“.
– “تخفيض نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة بمقدار الثلثين بحلول العام 2015“.
– “تحسين الصحة الأمومية من خلال تخفيض معدّل وفيات النساء في إبان الحمل والوضع بنسبة ثلاثة أرباع بحلول العام 2015“.
– “مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا وأمراض أخرى“.
– “ضمان الاستدامة البيئيّة وتتركز الغايات على دمج مبادئ التنمية المستدامة في سياسات البلد وبرامجه وعكس الاتجاه في خسارة الموارد البيئيّة، إنقاص نسبة منعدمي فرصة الحصول على مياه الشرب المأمونة إلى النصف بحلول العام 2015، وبحلول العام 2020 تحقيق تحسن مهم في حياة ما لا يقل عن مئة مليون من القاطنين في أحياء فقيرة ومكتظة“.
– “تطوير شراكة عالمية شاملة للتنمية: غاياتها مزيد من التطوير لنظام تجاري مالي منفتح، غير تمييزي، يشمل التزام الحكم الصالح والتنمية وتخفيض الفقر، ومعالجة الاحتياجات الخاصة لأقل الدول نموًا بما في ذلك دعوة البلدان الغنية. وذلك كي توسع من فرص البلدان الفقيرة لدخول السوق وتعزيز الواردات فيها، عبر تخفيض التعرفات الجمركية، والحصص النسبية والكوتا المفروضة على صادرات المصنّعات للدول النامية وإلغائها، وقف الإعانات المالية الحكومية للزراعة، تقديم مساعدات رسمية أكثر سخاءً من البلدان الملتزمة تخفيض الفقر، معالجة احتياجات البلدان المحوطة باليابسة والدول الجزرية النامية (عبر برنامج العمل للتنمية المستدامة الخاصة بهذه الدول)، التعامل على نحو شامل مع مشكلات ديون البلدان النامية من خلال إجراءات إقليمية ودولية لجعل الديون قابلة للتحمل على الأمد الطويل بالتعاون مع الدول النامية، تطوير استراتيجيات لإتاحة العمل اللائق والمنتج لمن هم في سن الشباب، تأمين فرص الحصول على عقاقير جوهرية في الدول النامية بأسعار محمولة بالتعاون مع شركات الأدوية، ومع القطاع الخاص، وجعل فوائد التقنيات الجديدة، وخصوصًا تقنيات المعلومـات والاتصالات، متوافرة
وفي سبيل تحقيق الأهداف الثمانية، تتعاون منظّمة الأمم المتحدة مع مجموعة البنك الدولي في وضع استراتيجية لدعم إنجاز هذه الأهداف، وتتمثل عناصر هذه الاستراتيجية الرئيسة، برصد التقدم المحرز على الصعيدين الوطني والعالمي، وتحليل المؤشرات وتقديم الدعم المادي للأولويات الوطنية. ثم طرحت اوراقاً استراتيجية للحد من الفقر بوصفها أداة وطنية أساسية لتركيز النفقات والمساعدة الإنمائية في الحد من الفقر. وحتى الآن فقد أنجز 30 بلدًا الأوراق الكاملة لاستراتيجية الحد من الفقر، بينما أنجز 48 بلداً الأوراق الموقتة منها
. وأيضًا من أجل تحقيق أهداف التنمية التي اتفق عليها المجتمع الدولي، ومن ضمنها الأهداف الواردة في إعلان الألفية، إنعقد في مونتيري، المكسيك، أول مؤتمر دولي لتمويل التنمية في 21 و 22 آذار/ مارس 2002، برعاية الأمم المتحدة، ومشاركة 50 دولة، ومندوبي القطاع الخاص، والمجتمع المدني والمنظّمات الحكومية الدوليّة الرئيسة (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظّمة التجارة العالمية).
وتم التزام إقامة شراكة جديدة بين البلدان المتقدّمة النمو والبلدان النامية، وباعتماد سياسات سليمة، وأسلوب حكم رشيد على جميع الصعد وبسيادة القانون، وتعبئة الموارد المحلية، وجذب التدفقات الدوليّة، وتشجيع التجارة الدوليّة كمحرك من محركات التنمية، وزيادة التعاون العالمي المالي والتقني لأغراض التنمية، وتمويل الديون التي يمكن تحملها وتخفيض عبء الديون الخارجية، وتحسين تماسك الأنظمة الدوليّة النقدية المالية والتجارية واتساقها.
إذًا تطرق المؤتمر إلى القضايا المهمة في مجالي التمويل والتنمية وسلّم بالعلاقة بين هذين العاملين، وضرورة تعزيز الدعم الدولي لأغراض التنمية من خلال الشراكة بين العناصر المعنية، مستحثاً البلدان المانحة على القيام بجهود ملموسة لبلوغ هدف الإعانة البالغة 7,0% من إجمالي الناتج القومي الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1970، كمساعدات إنمائية رسمية للبلدان النامية، على أن تطبق بفعالية التزاماتها مثل هذه المساعدات للبلدان الأقل نموًا[13]. كما وافق المجتمع العالمي في هذا المؤتمر الدولي، على نهج متماسك ذي مبادئ للتنمية وعلى أول زيادة في المعونة منذ 20 سنة، بإضافة 16 مليون دولار في السنة بحلول العام 2006 من قبل الدول المانحة (23 بلداً)
. (الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأستراليا). كما اقترحت المملكة المتحدة إيجاد آلية جديدة، عبارة عن منشأة تمويل دولية، تزود معونة متوقعة وثابتة للاستثمارات المطلوبة لإنجاز الأهداف بحلول العام 2015. وتقوم هذه المنشأة المؤقتة بجمع التبرعات من خلال إصدار سندات في أسواق رأس المال الدوليّة ما يجعل الموارد متوافرة لحظة الحاجة إليها[14]. وضمن إطار الحد من الفقر، عقد مؤتمر بدعوة من البنك الدولي في مدينة شنغهاي الصينية في الفترة 25 – 27 من أيار/ مايو 2004، ضمن حملة التعليم العالمية التي تستهدف تكثيف الجهود الرامية إلى تخفيض أعداد الفقراء. ووضع عاملون في حقل التنمية سياسات من البلدان النامية بتبادل خبراتهم حول الممارسات الناجحة وغير الناجحة، ومعالجة أسباب ذلك
أما في سياق العمل على تحسين الصحة، فقد ساهم التحالف العالمي، ووكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية، الحكومات، والمجتمع المدني، في حشد الموارد المالية، وتسخير المعرفة، وإقامة نظم صحية متينة لعلاج الأمراض والوقاية منها، وتعزيز صحة السكان في نحو 60 بلدًا من بلدان العالم التي تعاني نقصًا بنحو 3,4 مليون من الأطباء، والقوابل، والعاملين في مجال التمريض، والعاملين في مجال الدعم، ولا سيما في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث لا يوجد إلا أربعة من بين كل مائة من أولئك العاملين الصحيين، وتبلغ الحاجة إليهم أشدها
وبعد مرور عشر سنوات تقريبًا على انعقاد مؤتمر قمة كوبنهاغن للتنمية الاجتماعية، واستجابة للإجماع الدولي المتزايد حول ضرورة جعل التنمية قابلة للاستمرار على الصعيد الاجتماعي بقدر ما هي عليه بالنسبة إلى الصعيدين الاقتصادي والبيئي، أعد البنك الدولي استراتيجيته المعنية بالتنمية الاجتماعية. وفي إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الأبعاد الاجتماعية في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة، أطلقت إدارة التنمية الاجتماعية بالبنك الدولي برنامج: “خطة عمل 2015” ترتكز على المساءلة، والتماسك، والشفافية، والاشتمال، والفرص. وتندرج هذه المبادئ ضمن خطة تنفيذ استراتيجية التنمية الاجتماعية للبنك الدولي التي تحمل عنوان: “تمكين الشعوب من أسباب القوة عن طريق تغيير المؤسسات”.
وتهدف هذه الخطة الاستراتيجية إلى إدماج أدوات التنمية الاجتماعية في مختلف أنشطة البنك الدولي. وتضم الأولويات الاستراتيجية الرئيسة ما يلي: “تحسين تدابير مساندة البلدان لإدماج التنمية الاجتماعية في استراتيجياتها المتعلقة بتخفيض أعداد الفقراء أو التنمية؛ تحسين فعالية التنمية الخاصة بالإقراض لأغراض الاستثمار من خلال إدماج التنمية الاجتماعية في المشروعات بطريقة أكثر شمولية وكفاءة؛ تحسين أساليب البحث، وبناء القدرات، والشراكات، لتدعيم الأسس التي تؤدي إلى تحسن أداء العمليات. وينتظم جدول الأعمال الإنمائي لخطة عمل 2015 الخاصة بالبنك الدولي حول أربعة محاور مترابطة، هي: التحليل الاجتماعي، والتنمية المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية ورأس المال الاجتماعي، والمشاركة المدنية، ومنع الصراعات وإعادة الإعمار
التحليل الاجتماعي
يُستخدم التحليل الاجتماعي في مشاريع البنك الدولي وبرامجه وسياساته للتعامل مع الفرص المتعلقة بالتنمية والقيود والمخاطر التي تعترض سبيلها، والتي تنتج من السياق الاجتماعي. وقد وضع البنك الدولي عدة معايير وإجراءات للتشخيص ومساندة التنفيذ، والتقييم، من شأنها أن تجذب الانتباه إلى قضايا مثل التنوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين، والمشاركة، والمؤسسات المحلية. وتستخدم الأدوات الرئيسة التالية في التحليل الاجتماعي: “التقييمات الاجتماعية على مستوى المشاريع؛ وتحليلات الفقر وأثره الاجتماعي المتعلق بالإصلاحات
والإقراض المستند إلى السياسات؛ والتحليلات الاجتماعية القطرية”. ويجري تطبيق التحليل الاجتماعي حاليًا في البلدان المتوسطة الدخل. ومنذ ربيع 2003، ساند البنك الدولي حوالى مئة نشاط مشابه لمنهج تحليل الفقر وأثره الاجتماعي. أما التحليلات الاجتماعية القطرية، فتعمل على دراسة المجالات الاجتماعية-الاقتصادية، والسياسية-المؤسسية، والثقافية على المستوى الكلي، لإثراء معلومات البنك الدولي والبلدان المقترضة حتى يتسنى تصميم سياسات وبرامج ومشروعات ذات أثر أكبر على التنمية الاجتماعية.
التنمية المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية
قام البنك الدولي العام 2005، بزيادة استثماراته على نحو ملحوظ في المناهج التي تضع السيطرة على اتخاذ قرارات التخطيط وموارد الاستثمار في أيدي منظمات المجتمعات المحلية. وتوفر التنمية المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية إطار عمل يربط بين مشاركة المجتمع والإدارة المحلية للموارد ونظام الإدارة العامة المحلي التشاركي، وذلك بالتوافق في معظم الأحيان مع الإصلاحات الرامية إلى تحقيق اللامركزية. وتهدف برامج التنمية المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية إلى تقوية الروابط بين المجتمعات وشركاء القطاعين العام والخاص ولا سيما سلطات الإدارة المحلية من أجل تحسين تقديم الخدمات، وبناء رأس المال الاجتماعي، وتحسين المساءلة، وتعزيز القدرة المحلية. ويبلغ مجموع قروض البنك الدولي الحالية الموجهة إلى برامج التنمية المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية حوالى 2 مليار دولار أميركي سنويًا
المشاركة والانخراط في الشؤون المدنية
تشجع المشاركة مبادئ الاشتمال والمساءلة والتمكين من أسباب القوة. وقد أدمج البنك الدولي بنجاح عنصر المشاركة في الإعداد للمشروعات والبرامج؛ ومن ثم تستخدم معظم المشروعات التي يساندها البنك الدولي مناهج تشاركية لتحديد الأولويات وتدابير التنفيذ. ولا يزال البنك الدولي يستخدم أدوات المساءلة الاجتماعية للمتابعة القائمة على المشاركة في أثناء تنفيذ المشاريع، من خلال بطاقات تقارير المواطنين أو بطاقات تقييم نتائج المجتمعات، كما هو الحال في الأرجنتين، ومالاوي، والفيليبين.
ويساند البنك الدولي على نحو متزايد البلدان المتعاملة معه في تعزيز الصوت المسموع ومشاركة أصحاب المصلحة المعنيين في نظام الإدارة العامة وإصلاحات القطاع العام (مثل إدارة الإنفاق العام، وتحقيق اللامركزية)،
وفي البرامج التي تهدف إلى تحسين تقديم الخدمات العامة. ويستمر البنك الدولي في إتاحة الإرشادات المتعلقة بالمشاركة في استراتيجيات تخفيض أعداد الفقراء، مع التركيز على دعم المساءلة الداخلية وترتيبات الشراكات في تنفيذ الاستراتيجيات ورصد نتائجها ومراجعتها. وفي مجال الإقراض لأجل سياسات التنمية، يشجع البنك الدولي البلدان المتعاملة معه على تعزيز الشفافية ومشاركة أصحاب المصلحة في الإصلاحات المهمة المتعلقة بالسياسات