الأحلام المجنحة

 كتب /الدكتور عادل عامر                                                                                                                                     

يسعى معظم الناس بل كلهم الي تحقيق النجاح بمختلف أنواعه، النجاح للشهرة والنجاح للقيمة الاجتماعية وللمركز وللمادة ولتحقيق الراحة والاستقرار او حتى لمجرد إشباع رغبات ذاتية أخرى. والسعي لتحقيق النجاح يختلف من شخص لأخر وكذلك تختلف نسبة الطموح وجديتها للوصول لتحقيق الأحلام المنشودة وتتباين تبعا لذلك نسبة الحماس والرغبة في ان تصبح تلك الأحلام واقعا ملموسا

. والأنسان بينه وبين الزمن مسافة طويلة يقطعها البعض بآمالهم الكبيرة.. وأحلامهم العريضة وخيالاتهم الواسعة سعيا لتحقيق النجاح وحرصا على الا تتحول تلك الآمال والأحلام والخيالات الي قبضة رمل ناعمة تتسلل من بين الأصابع بكل سهولة.

 بعض الناس تظل المسافة بينهم وبين الزمن بعيدة فتكون أمالهم بلا أقدام وأحلامهم بل أجنحة وخيالاتهم بلا اشرعه فيتحركون في اتجاه ويتحرك الزمن في اتجاه مضاد وعندها يقوم الزمن بتشكيل وتكوين او حتى بعثرة تلك الآمال والأحلام.

 مليت من الأماني دام ماهي ممكنة لاهي تحقق ولا يأسي بوجهي يبين فئة أخرى من الناس تقع ضحية لأحلامها فلا تستطيع التخلص منها حتى تجد نفسها مفجوعة بالواقع الذي وصلت اليه بعد رحلة الوهم الكبيرة التي عاشوا فيها. اخرون يسقطون متعبين من مراجعة احلامهم الكثيرة اثناء عملية ترتيب يقومون بها كل لحظة وهؤلاء يكون خروجهم من قصور الأحلام سيئا للغاية حيث انهم يفقدون القدرة على معاودة السير من جديد

وقد يصابون بالفجيعة عندما يفشلون في التوفيق مابين الواقع والحلم. وما قصة صاحب جرة العسل ببعيدة عن الأذهان فها هو صاحبنا يحتضن جرته التي لم تكن مملوءة بالعسل فحسب بل كانت مليئة بكم من الأماني والأحلام، يضعها أمامه ويتأملها ويناجيها وكأنها محبوبته في زمن الأحلام، ويطير به بساط الأحلام الي دنيا الخيال وتكون المحطة الأولى هي بيع الجرة وبالثمن سوف.. وسوف.. وسوف..

 وهكذا اخذ صاحبنا ينتقل من محطة الى أخرى في مدن الأحلام ولم يكتف ولم تنته الاماني بعد. وفجأة يعود الى واقعه المر ويستيقظ من دنيا احلامه الوردية ليكتشف ان الاحلام قد تلاشت وان الاماني قد تبددت بحركة بسيطة من عصاه.. تسلل العسل ومعه تسللت كل الاماني والاحلام.

والأحلام عند فئة اخرى من الناس كالحبوب المهدئة تعطيهم شيئا من الراحة المزيفة ثم تثقل رؤوسهم بالنوم فينسون واقعهم ويجدون متنفسا في صناعة الحلم باستخدام وسائل المرض.

على الاقل يرتاح  وقلة من الناس فقط يقفون على واقعهم قريبا من قدراتهم ويقارنون بينها وبين احلامهم حتى لايحدث هناك فرق كبير او حتى خسارة فادحة في حالة فشل امالهم او تحطم احلامهم او وقوف احد من البشر في طريقهم. هؤلاء فقط هم الاجدر بالاحلام لانهم هم الاجدر كان حلما فخاطرا فاحتمالا ثم اضحى حقيقة لا خيالا  باكتمال مثلث اضلاع الحكم الدستورية، دخلت الكويت مرحلة جديدة وأشرقت شمس الصباح ممهدة لموكب الخير السير على دروب العطاء والوفاء تحمل امانة ورسالة وعهدا من الأسلاف الأخيار لمواصلة الطريق الذي رسخه وثبته بالثقة وبالنهج القويمِ

باكتمال هذا العقد الجميل نقف اليوم وقفة جادة، مواجهة الواقع والوقائع، مواجهة جادة وصادقة لنقل كل تلك الطروحات والأمنيات، الخطط والاستراتيجيات الى ارض الواقع بصدق وثقة وايمان وامل مقرون بالعمل الصادق، كلنا يد واحدة في مركب واحد لإبحار المركب مع ربانه الى بر الامان وشاطئ السلام، فكل عطاء يبذل، مهما صغر شأنه وموقعه، هو نبتة خير وساعد يدفع بتلك المركبة الخيرة الى مسارها الصحيح، واليوم – واكثر من اي وقت مضى – نحن بحاجة الى التكاتف والتلاحم فالزمن يمضي بنا سريعا واسرع مما نتوقع، وعقارب الساعة لا تعود الى الوراءِ

 بحاجة نحن الى وقفة صادقة مع القسم الذي أقسمناه للوطن الذي أحببناه بترجمة عملية وفعلية، فالوطنية ليست زيا يلبس ويخلع، وليست اعلاما ترفع وأكفا تصفق وحناجر تهتف، بل هي عطاء ووفاء، أخذ وعطاءِ

قد نختلف، نعارض ونعترض، نرضى ونتبرم، وتلك هي الحياة – خلاف واتفاق، وفي النهاية لا يتبقى الا استحقاقنا، وامام المواقف المصيرية كلنا قلب واحد وعقل يسمو إلى تحقيق الآمال المنشودة، دعونا اليوم نقف وقفة صادقة نفكر ونضع عطاءاتنا وانجازاتنا ومخططاتنا تحت عدسة المجهر، لنرى بالعدسة المكبرة اين كان مكمن تعرج خطواتنا، متى اصبنا واين كان الخطأِِ وفي اي موقع وتحت اي ظرف من الظروف؟ ما المعوقات التي تعثرت فيها خطواتنا، وكيف ذللت الصعوباتِ

لنقف اليوم على نافذة الأمل الجديد – وقفة جادة وصادقة، نفكر ونعود ادراجنا الى ‘مراجعة’ الى تقويم خطانا وخططنا، استراتيجياتنا، ما تحقق منها وما لم يتحقق على ارض الواقع، فالنظرية شيء، والتطبيق على ارض الواقع شيء آخر، والواقع لا يعترف الا بالوقائعِ

 والوقائع المدروسة، فلقد حملنا الأيام أوزانا كبيرة وأوزارا ثقيلة من الشكوى والتبرم، واستنزفنا الكثير من الجهد والوقت، مشاريع، خطط، نظريات، وطروحات لا تعد ولا تحصى يصعب على الزمن المحدود او العقل المحدود والإمكانات المتوافرة على ارض الواقعِ استيعابها كلها، فما ان توضع على محك الواقع الفعلي حتى تصطدم، وقد تتوارى، فالواقع لا يتعامل الا مع الوقائع، مع الحقائق والمنطق والمعطيات المتاحة، بعيدا عن الأحلام المجنحة والأوهام الضبابية، باتفاقنا، باختلافاتنا،

برضانا ورفضنا، بهذه الظاهرة الصحية، بإيماننا وصبرنا وعزمنا وتلاحمنا، نبقى عقدا جميلا على صدر الوطن لا تنفرط حباته، نزرع الخير نبذل العطاء، نفي بالعهد للأخيار والأبرار، وليفتر الثغر الباكي عن ابتسامة امل جديد سرقها الحزن القريب، ولنعد للصباح الجديد لونه المشرقِ فالحياة تستمر وتمضي وتبقى الذكريات في حنايا الوجدان، دافعا واملأ، بذور الخير تثمر عطاء لعزة الأوطان!

من رضي بأن يعيش على هامش الحياة كائنا لا إرادة له، آلة إنسانية خربة و معطلة، لا مطالب له، لا أحلام له، لا أشواق له .. من يقدر على اختزال كل حياته، كل تاريخه، في أكل و شرب و نوم و باب يغلق دونه ليلا !! .. لم يفعل شيئا بحياته، ظل يتسكع على دروب الحياة ينتظر ان يبتسم له الحظ، و لم يبتسم.. و كيف يبتسم له الحظ و الحياة جهد و عرق و تضحية. يعلمنا الناجحون أن الفقر لم يكن يوما حائلا .. الإحباط هو الحائل .. اليأس هو الحائل .. الهزيمة النفسية هي الحائل .. من وقف على باب يطرقه يوشك أن يفتحه .. يوشك أن يكسره .. و لو كان من حديد . حين نحلم، و نرابط على تخوم قلوبنا نحرس صورة ما نحلم به، و نكد و نجد لأجل أن نحقق ما نحلم به، ينكشف لنا ساعتها الوجه الآخر للحياة، الوجه المشرق للحياة .. ندرك كم هو رائع ان نحيا و أن نحلم و أن نكافح لأجل أن نعانق، ذات يوم، أحلامنا. كيف تنقدح الإرادة في دواخل كل منا فتدفعه إلى استفراغ جهد الليل و النهار من أجل أن يصنع نجاحه هو و يساهم في صناعة نحن ؟ حين نحتفي بالنجاح و الناجحين نكون قد خطونا الخطوة الأولى ..إن الكلام، و إن كان مؤثرا، لا يستمد فاعليته التغييرية إلا من النماذج الناجحة. نريد أن يتمثل شبابنا هذه التجارب و يحذو حذوها ..

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسعار العملات اليوم الإثنين 2-12-2024 أمام الجنيه المصرى

كتب احمد المسيري ننشر أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الأثنين 2-12-2024، وفقا للتحديثات الصباحية ...