أن إسرائيل تفرض حصاراً شاملاً على غزة وترتكب جرائم حرب، أن القانون الدولي الإنساني ينص على أن حماية المدنيين واجبة في جميع الحالات وتحت أي ظرف، ويعتبر قتل المدنيين جريمة حرب في كل من النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
أن العملية العسكرية الإسرائيلية وجهت ضد شعب غزة ككل، وذلك تعزيزا لسياسة شاملة ومستمرة تهدف إلى معاقبة سكان غزة، وفى نطاق سياسة متعمدة من القوة الغير متناسبة والتي تستهدف السكان المدنيين. إن تدمير منشآت الإمدادات الغذائية، ونظم الصرف الصحي للمياه، ومصانع الخرسانة والمنازل السكنية كانت كلها نتيجة لسياسة متعمدة ومنهجية، جعلت ممارسة المعيشة والحياة اليومية والحياة الكريمة، أمرا أكثر صعوبة بالنسبة للسكان المدنيين.
انبثقت قواعد الصراع المسلح المتفق عليها دوليا من اتفاقيات جنيف لعام 1949، والتي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتم استكمالها بأحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب.
تنظم سلسلة من المعاهدات معاملة المدنيين والجنود وأسرى الحرب في نظام يعرف إجمالا باسم “قانون النزاعات المسلحة” أو “القانون الإنساني الدولي”. وينطبق هذا القانون على القوات الحكومية والجماعات المسلحة المنظمة، ومن بينهم مقاتلو حماس.
إذا لم يتم تقديم الأشخاص الذين يقال إنهم ارتكبوا فظائع في هذه الحرب إلى العدالة في الداخل، فإن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي الهيئة القانونية الدولية الوحيدة المخولة بتوجيه التهم.
يمكن للمحاكم المحلية تطبيق ما يسمى بالولاية القضائية العالمية في قضايا جرائم الحرب، لكن هذا سيكون محدود النطاق.
يمنح نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قانونية للمحكمة للتحقيق في الجرائم التي يزعم أنها ارتكبت على أراضي الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول، عندما تكون السلطات المحلية “غير راغبة أو غير قادرة” على القيام بذلك.
وتحظر المادة (25) من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية “مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية”، كما نصت المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة على أنّه “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير“.
وبموجب المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة، يعد تدمير الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير من المخالفات الجسيمة التي تُوجب المحاكمة. كما تعد تلك الممارسات جريمة حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
مع استمرار القوات الإسرائيلية في تكثيف هجومها الكارثي على قطاع غزة المحتل، وثقت منظمة العفو الدولية ارتكاب القوات الإسرائيلية هجمات غير قانونية، من بينها غارات عشوائية، تسببت في سقوط أعداد كبيرة في صفوف المدنيين، ويجب التحقيق فيها على أنها جرائم حرب.
بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب على جميع أطراف النزاع، في جميع الأوقات، التمييز بين المدنيين والأعيان المدنية، والمقاتلين والأهداف العسكرية، وتوجيه هجماتهم فقط على المقاتلين والأهداف العسكرية؛ فالهجمات المباشرة على المدنيين أو الأعيان المدنية محظورة،
وتُعتبر جرائم حرب. كما تُحظر أيضًا الهجمات العشوائية – تلك التي لا يمكن أن تميّز بين ما هو مدني وما هو عسكري على النحو المطلوب. وعندما يؤدي هجوم عشوائي إلى مقتل أو إصابة مدنيين، فإنه يرقى إلى جريمة حرب.
كما يُحظر أي هجوم غير متناسب – وهو الهجوم الذي يكون فيه الضرر المتوقع للمدنيين والأعيان المدنية مفرطًا “في تجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه من ميزة عسكرية ومباشرة”. إن شن هجوم غير متناسب عن علم هو جريمة حرب.لا يعفي توجيه إنذار القوات المسلحة من التزاماتها الأخرى بموجب القانون الدولي الإنساني. وبالنظر إلى الوقت الذي انقضى منذ صدور الإنذار، كان ينبغي على منفذي الهجوم التأكد من وجود مدنيين قبل الشروع في الهجوم. علاوة على ذلك، إذا كان هذا، كما يبدو، هجومًا مباشرًا على هدف مدني، فهو جريمة حرب.
ان الخسائر في الأرواح والدمار الذي سببته القوات الإسرائيلية خلال العملية العسكرية ، وفي معظم الحوادث التي حقق فيها ، والتي قام بسردها – كان نتيجة لعدم احترام مبدأ آل”تمييز” في القانون الدولي الإنساني وهو مبدأ أساسي يوجب أي قوات عسكرية أن تميز في جميع الأوقات ما بين الأهداف العسكرية من جهة والمدنيين والأعيان المدنية من جهة أخرى.
جاء في التقرير أيضا أنه “ومع الأخذ بعين الاعتبار القدرة على التخطيط ، والوسائل ذات التكنولوجيا المتاحة الأكثر تطورا واللازمة لتنفيذ مثل هذه الخطط، والبيانات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي والتي نصت على أن ما من أخطاء تقريبا قد وقعت ، فإن البعثة ترى أن الحوادث ونمطية الوقائع التي نظر فيها التقرير جاءت نتيجة لتخطيط متعمد وقرارات سياسية”.
إن حالة الإفلات من العقاب لفترات طويلة قد تسببت في أزمة عدالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهذا أمر أضحى الرد عليه حريا بالفعل، كما يقول التقرير. ووجدت البعثة أن حكومة إسرائيل لم تنفذ أي تحقيقات ذات مصداقية في الانتهاكات المزعومة.
ولذا أوصت بأن يقوم مجلس الأمن الدولي بالطلب من إسرائيل بأن تقدم له، في غضون ستة أشهر، تقريرا عن التحقيقات والملاحقات القضائية التي ينبغي إجراءها، فيما يتعلق بالانتهاكات التي تم تحديدها في تقرير البعثة. توصي البعثة كذلك بأن يقوم مجلس الأمن بتشكيل هيئة من الخبراء المستقلين تقدم إليه تقريرا عن التقدم المحرز في التحقيقات والملاحقات القضائية الإسرائيلية.
أما إذا كانت تقارير الخبراء لا تشير في غضون ستة أشهر إلى إجراءات ذات نية حسنة ومستقلة تجري ، فينبغي عندها لمجلس الأمن إحالة الوضع في غزة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وتوصي البعثة أيضا بان تقوم نفس هيئة الخبراء تلك بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن بشأن الإجراءات التي تتخذها سلطات غزة ذات الصلة فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبها الجانب الفلسطيني.
وكما هو الحال بالنسبة لإسرائيل، وفي غضون ستة أشهر ينبغي على مجلس الأمن إذا اتضح بأنه لم تكن هناك نية حسنة لإجراء تحقيقات مستقلة تتطابق والمعايير الدولية المتعارف عليها، إحالة الحالة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
إن إسرائيل ارتكبت جملة من جرائم الحرب بحق الفلسطينيين، فيما تقترب واشنطن من المشاركة في الجرائم في حال استخدامها القوة.
أن “الكيان” المدعوم من واشنطن ارتكب العديد من جرائم الحرب، أولها “الإبادة الجماعية”، وطبقا للقانون الدولي من بين الجرائم المرتكبة أيضا: “التهجير القسري للمدنيين، الاستهداف العشوائي للمدنيين، استهداف الفئات المحمية في المدارس والمستشفيات والأطفال والنساء، فرض أحوال معيشية صعبة تشمل منع الماء والغذاء وقطع الكهرباء، استخدام القنابل المحرمة دولية“.
أن الجرائم الست أو ما يزيد عليها يضع إسرائيل والدول الغربية التي يمكن أن تشارك في عملياتها العسكرية تحت طائلة القانون الدولي، ويمكن رفع القضايا ضدهم أمام المحاكم الدولية والهيئات المختصة.
أن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني تضع إسرائيل أمام المساءلة الجنائية، أمام المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الأوروبية، بحكم وجود حملة للجنسيات الأوروبية في قطاع غزة، بالإضافة للجوء للأمم المتحدة لمخاطبة محكمة العدل الدولية بشأن التعويضات المستحقة للأطراف التي تضررت من القصف الوحشي على القطاع.
أن الولايات المتحدة الأمريكية توشك على المشاركة في جرائم الحرب في قطاع غزة، إذا ما لجأت لاستخدام القوة أو قررت المشاركة في عمليات القصف، أو إنزال جنودها على الأرض وقيادة العمليات.فإن واشنطن تصبح أمام مساءلة جنائية في حال قيامها بالمشاركة في العمليات الحالية، مشددا على أن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد إسرائيل يحتاج لإرادة وطنية فلسطينية، ومتابعة من القانونيين أمام المحاكم والهيئات الأممية ذات الصلة.
وقصفت إسرائيل المدارس والمستشفيات في قطاع غزة، كما استهدفت العديد من الأطقم الإعلامية والعاملين في المؤسسات الأممية وسيارات الإسعاف، وهي من الفئات المحمية، كما قتل الآلاف من الأطفال والنساء والرجال نتيجة القصف العشوائي واستهداف المنازل والدفع نحو تهجير أهالي القطاع.وتواجه إسرائيل اتهامات باستخدام قنابل الفوسفور الأبيض خلال عملياتها العسكرية بقطاع غزة، لكن جيشها ينفي ذلك ويزعم أنه لا يستخدم هذا النوع من الذخائر العسكرية.
وتمثل قنابل الفوسفور الأبيض أحد أنواع الأسلحة المميتة، التي ينتج عن انفجارها حرارة شديدة وأعمدة من الدخان الأبيض الحارق، تؤدي إلى إذابة جلد الإنسان وفصله عن العظام، كما أن الجزيئات الحارقة يمكن أن تبقى داخل الجسم حتى بعد انتهاء القصف لتسبب أضرارا قاتلة.
ما هي جرائم الحرب
تعرف المادة رقم 8 من نظام روما الأساسي جرائم الحرب على أنها:
“الانتهاكات الجسيمة الأخرى لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة الدولية” استنادا بصفة أساسية إلى إعلان لاهاي لعام 1899 ولائحة عام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة، وبروتوكول جنيف لعام 1925، واتفاقية لاهاي عام 1954 وبروتوكوليها، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1994 بشأن سلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.
أيضا الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية “استنادا في المقام الأول إلى المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977، والبروتوكول الاختياري لعام 1999 الملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1994 المتعلقة بسلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، والنظام الأساسي للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، والنظام الأساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون“.
وفق نظام روما فإن الجرائم ضد الإنسانية تشمل:
القتل العمد، والتعذيب والمعاملة اللإنسانية، وإجراء تجارب بيولوجية، أو إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها، دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.
إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولية معادية، تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية، والإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.
كذلك الهجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، أو تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية.
كما تشمل أيضا شن هجمات ضد موظفين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة.
وحددت أيضا مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية، بأية وسيلة كانت، وقيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.