أهمية البريكس لمصر

كتب / د عادل عامر

انضمام مصر للبريكس يمثل أهمية كبرى لها، كونها دولة نامية وتسعى بقوة للنهوض والتطور، وانضمامها للمجموعة بعد أن جربت جميع وصفات التنمية للان مصر تتطلع إلى جذب عدد كبير من المشروعات المستقبلية، خاصة مشروعات الرقمنة والتنمية الزراعية والاستثمارات البيئية والبنية التحتية من كبار المستثمرين العالميين ورواد رجال الأعمال في دول البريكس ، وتأمين احتياجات البلاد من السلع الغذائية الضرورية على رأسها القمح، وغيرها من المنتجات الصناعية مثل الأجهزة الإلكترونية/ زيادة عدد السياح القادمين إلى مصر، ولا سيما في ظل تطلع الدولة المصرية لجذب 30 مليون سائح بحلول 5 سنوات.

لان انضمام مصر وإثيوبيا إلى البريكس، قد يساعد في حل الأزمة بين البلدين بشأن سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل الأزرق، حيث استأنف الجانبان المحادثات يوم الأحد بعد توقف دام عامين.

أن دول البريكس تمتلك قدرات اقتصادية كبيرة، بما يعود على مصر بالعديد من المزايا الاقتصادية. أبرزها: خلق فرصة لتنشيط الصادرات المصرية، بما يخفف الضغط على النقد الأجنبي بالبلاد، وتعزيز حركة التبادل التجاري مع دول المجموعة، والانفتاح على الاستثمارات المشتركة يحقق رواجًا استثماريًا في مصر، فضلًا عن الحصول على منتجات ومواد خام بأسعار منخفضة.

في الوقت الراهن تمتلك مجموعة بريكس دورًا متزايدًا للتأثير في الاقتصاد العالمي، وسوف يكون في المستقبل القريب أحد التجمعات الرئيسة التي ستسهم في إرساء أسس نظام اقتصادي عالمي جديد، نظرًا لإعادة الهيكلة التي تحدث في هذا الصدد، إلى جانب تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي داخل مجموعة البريكس

فإن قادة دول مجموعة البريكس يعانون تحكم الدولار في الاقتصاد العالمي، والمصلحة المشتركة في المجموعة تتلخص في معارضة النظام المالي الذي يهيمن عليه الغرب، وهو ما تريده كلا من مصر وإثيوبيا، والتي أدت قوة الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية إلى زيادة تكلفة وارداتها، كما أنهم يسعون إلى إيجاد مصادر إقراض بديلة دون الشروط الغربية المرتبطة بها.

وقد انضمت مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس في فبراير الماضي للمساعدة في تخفيف أزمة الدولار في البلاد، حيث أنشأ بنك التنمية الجديد مجمع احتياطي من العملات بقيمة 100 مليار دولار لأعضائه،

ويهدف إلى تسهيل الإقراض بنسبة 30% بالعملات المحلية بحلول عام 2026. وبعد انضمام الـ 6 دول الجدد في المجموعة من المفترض أن تستمر التجارة مع دول البريكس الأخرى على قدم وساق، حيث تعمل روسيا كمصدر لواردات الحبوب إلى مصر، فقد تم اعتماد البنك المركزي الروسي الجنيه المصري إلى قائمة عملات الصرف في يناير.

ومن المتوقع أن عضوية البريكس لن تساعد في إصلاح الوضع الاقتصادي المصري على المدي القصير، قد تساعد البلاد في نهاية المطاف على جذب المزيد من الاستثمارات وخفض عبء ديونها. لذلك تأتي أهمية البريكس في توسيع حجم السوق وتحسين حركة الاستثمارات والأموال. إضافة إلى ذلك، فالانضمام إلى بريكس من شأنه أن يحقق الاستفادة للدول من فائض القوى العاملة لديها، ويخلق الفرص في مواقع اقتصادية مختلفة،

ويعمل على تزويد المستهلكين بسلع أرخص. ومن الملفات المهمة التي ناقشتها قمة بريكس 2023 مشروع العملة المشتركة، حيث يسعى تكتل بريكس إلى إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على مدفوعات التجارة العالمية، ويقترح أعضاء مجموعة بريكس زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة البينية وإنشاء نظام دفع مشترك.

1-    توفير قنوات تمويلية وتعزيز ثقة المجتمع الدولي

لان الانضمام يمثل خطوة من شأنها أن توفر لمصر صلاحيات وقنوات تمويلية هائلة، متابعاً “الأمر سيعزز ثقة المجتمع الدولي ومؤسساته التمويلية، فضلاً عن هيئات التصنيف الائتماني في الاقتصاد المصري“.

2-     إنجاح خطط التنمية المستدامة وزيادة الصادرات

أن أحد مزايا انضمام مصر للبنك، بـ”الإسهام في نجاح خطط التنمية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ضمن رؤية مصر 2030 و2063، فضلاً عن تشجيع التجارة وزيادة الصادرات“.

3-     اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب

انضمام مصر لبنك التنمية الجديد، باعتبارها لبنة لزيادة حجم التعاون الاقتصادي بين دول المجموعة، ستضاهي التكتلات الغربية وستسهم في إزالة هيمنتها، ما يدعم التوجهات الخاصة بنظام اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب“.

4-    الانضمام إلى تحالفات مختلفة والانفتاح إلى دول أخرى

أن “مزايا انضمام مصر إلى تحالفات مختلفة تجعلها تنوع مصادر الدخل والاقتراض، وسيكون من الأفضل لها الانفتاح على الآخرين“.

5-     الابتعاد عن “المنطق الأمريكي المتعالي

أن “روسيا والصين لا تتصرفان من المنطلق الأميركي المتعالي مع الدول النامية، وإنما تشغلهما المساهمة في تحقيق التقدم والتنمية بتلك الدول”.

لذا جاء الحراك الصيني لتوسيع مجموعة “بريكس” وتشكيل ما يُسمى “بريكس بلس” عبر ضم مزيد من الدول والاقتصادات الصاعدة، من أهمها السعودية والأرجنتين ومصر والإمارات، في مقابل اتجاه مجموعة دول السبع الصناعية إلى محاولة استقطاب دول أعضاء في مجموعة “بريكس” للتكتل الغربي، لاسيما الهند وجنوب أفريقيا.

فهذا التجمع، الذي يضم الاقتصادات الناشئة الرئيسية في العالم، يشمل نحو 41% من سكان العالم، ويمثل سوقاً اقتصادية ضخمة تستطيع أن تستوعب صادرات أي اقتصاد، ناهيك عن الفرص الاستثمارية الضخمة التي يتيحها هذا السوق. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول نحو 24.2 تريليون دولار في العام الماضي، بما يمثل 25% من إجمالي الناتج العالمي، وتستحوذ الصين وحدها على ما يقرب من 70% من إجمالي ناتج مجموعة “بريكس”.

كما تمثل دول المجموعة، لا سيما الصين والهند، أسواقاً رئيسية للواردات النفطية من دول الخليج، وتعتبر هذه الدول من الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر والسعودية والإمارات  واقتصادات الخليج وأفريقيا .

وبالتالي فإن الانضمام لهذا التجمع سيفتح المجال واسعاً أمام زيادة وتعزيز حجم التعاون الاقتصادي بين مصر ودول “بريكس”، وسيعزز من النمو الاقتصادي لمصر في المستقبل.

وعلى الرغم من هذه المزايا التي يتيحها تكتل “بريكس مصر، آخذاً في الحسبان النواحي المهمة التالية: أولاً: بعكس المفهوم الخاطئ، فإن مجموعة “بريكس” ليست منظمة اقتصادية، بل هي منظمة سياسية بحتة، تجمع رابطة من الدول غير الراضية على النظام العالمي أحادي القطب، وتسعى لاستبداله بنظام عالمي جديد، يكون للمجموعة فيه وزن أكبر.

إلا أن هذا الهدف قد لا يتحقق لأن الدول الغربية لا زالت الشريك الرئيسي للمجموعة في مجال الاقتصاد والتقنية والتبادل التجاري، وبالتالي فإن المشروعات الاقتصادية والتكاملية لدول “بريكس” لا زالت قيد الخطط والبيانات فقط.

لذلك من الممكن تجاهل فكرة العملة الموحدة للمجموعة، لأنها تحتاج إلى إنشاء مركز موحد لإصدار النقود المشتركة، والذي يتطلب التخلي عن جزء كبير من السيادة في المجال الاقتصادي. وبهذا تصبح عملة “بريكس” الموحدة مستحيلة من حيث المبدأ، لأنها تتعارض مع الهدف الرئيسي غير المعلن لهذه المجموعة، ولن تستطيع منافسة الاستخدام العالمي للدولار، الذي وصل خلال السنوات الماضية إلى نسبة 70%، وقد يستمر في هذا الوضع لنهاية العقد القادم.

ثانياً: بشكل عام، قد يمثل انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس” فرصة مربحة لمصر، لأنها قد تُسّرع من التنوع الاقتصادي والتنمية في مصر وتقليل اعتمادها على الكتل الغربية. ولكن في المقابل يمثل هذا الانضمام مخاطر وتحديات محتملة، أهمها زيادة المنافسة الجيوسياسية بين الغرب وكتلة القوى الشرقية بقيادة مجموعة “بريكس”، مع تزايد انقسام الاقتصاد العالمي، الذي سيعود بشكل سلبي على مصر التي طالما تم احتسابها سياسياً على المعسكر الغربي.

ثالثاً: تطور حرب روسيا على أوكرانيا إلى حرب عالمية بدخول الغرب فيها من جهة، ودخول الصين من جهة أخرى، سيكون هناك حتما إعادة تصنيف الدول بحسب انتمائهم إلى المعسكرات الشرقية أو الغربية المختلفة، لعدم قدرتهم على البقاء على الحياد، لتصبح “بريكس” حينها بمثابة نوع من المظلة الشرقية، التي لن تترك الدول الصغيرة فرادى وجها لوجه أمام الضغط الغربي. وبهذا تأمل مجموعة “بريكس” إلى استبدال منظمة الأمم المتحدة، التي تخضع لسيطرة أميركا، إلى منظمة دولية أخرى. رابعاً: تشكل الصادرات السلعية لمجموعة السبع الصناعية في العام الماضي 6.3 تريليونات دولار، بما يمثل نسبة 28.1% من إجمالي الصادرات السلعية العالمية، فيما بلغت الواردات السلعية لنفس المجموعة نحو 7.6 تريليونات دولار، وبما يمثل نسبة 33.5% من إجمالي الواردات السلعية للعالم.

 أما مجموعة “بريكس” فأن حصيلة صادراتها السلعية بلغت في نفس التاريخ 4.6 تريليونات دولار، وهو ما يمثل 20.7% من إجمالي الصادرات السلعية للعالم،

 في حين بلغت وارداتها السلعية 3.9 تريليونات دولار، بما يمثل 17% من إجمالي الواردات السلعية للعالم.

ومن هنا نلاحظ أن أداء مجموعة السبع الصناعية أكثر تأثيراً في حركة التجارة السلعية الدولية من حيث القيمة والنسبة، وهذا ما تطلع إليه مصر في شراكاتها الاستراتيجية لرفع نسبة صادراتها العالمية من السلع المختلفة 50% في إجمالي قيمة الناتج المحلي. 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جريمة تأجير الأرحام في القانون المصري

 كتب /الدكتور عادل عامر                        ...