لقد اتجهت مصر في السنوات الأخيرة نحو أبرام العديد من الاتفاقيات التجارية الدولية مع العديد من التكتلات الاقتصادية بأفريقيا، بهدف فتح أسواق جديدة للعمالة المصرية فضلاً عن إمكانية تنويع مثل هذه العمالة الأمر الذى من شانه ان يؤدى إلى زيادة حصيلة زيادة نسبة تشغيل العمالة المصرية المهرة وتحسين وضع ميزان المدفوعات، وكذلك زيادة التبادل التجاري من خلال حصول مصر على ما تحتاجه من سلع من هذه الدول وبأسعار تقل عن نظيرتها العالمية، ورغم كل ذلك فان المتتبع لحركة التجارة الخارجية المصرية الأفريقية يلمس تضاؤلها وانخفاضها دون المأمول من هذه العلاقات.
ولا تزال إدارة القوى العاملة في المنطقة واحدة من أكثر التحديات تعقيداً بالنسبة للحكومات في جميع أنحاء المنطقة حيث أنها تحاول الوفاء بمتطلبات سوق العمل المحلي، مع احتواء ذلك على تبعات اجتماعية وثقافية وسياسية تتعلق باستضافة هذه الأعداد الكبيرة من العمالة غير المحلية.
وفق إحصاءات وزارة الخارجية المصرية حتى نهاية عام 2017، بلغ عدد المصريين بالخارج أكثر من 10 ملايين و274 ألف مصري، معظمهم في الدول العربية بنسبة 68.4%، وتستحوذ السعودية على نسبة 49.9%، ثم الأردن 17.8%.تعود بداية تراجع الطلب على العمالة المصرية بالخارج إلى الحرب السعودية الإماراتية في اليمن التي بدأت في 2015، وما يميز دول مجلس التعاون الخليجي هو اختلال توازن القوى العاملة بالمنطقة بدرجة كبيرة من الناحية الديموغرافية لصالح الأجانبعلى حساب المحليين. كما يفوق عدد العاملين غير المحليين عدد المحليين أنفسهم بفارق كبير في معظم البلدان وفي العديد من القطاعات.
وقد ظلت لوائح العمل في دول مجلس التعاون الخليجي تهدف بشكل رئيسي إلى ضمان بقاء الطبيعة المؤقتة للقوى العاملة الخارجيةوخضوعها لإدارة صارمة. فقد كان نظام كفالة العمال إحدى الأدوات التي تم من خلالها التحكم في استيراد الأيدي العاملة، وقد تعرض هذا النظاممنذ به أن نظام الكفالة يتم إساءة استغلاله على نطاق واسع، كما ُيقال أن بيئاتلتدقيق وانتقاد متزايدين من جانب المجتمع الدولي. فمن العمل في الكثير من القطاعات المختلفة غير آمنة ً فضال عن عدم ملاءمة أماكن الإقامة وحدوث نزاعات بشأن الأجور وارتكاب مخالفات ضد حقوقالإنسان العامة وحقوق العمال بوجه خاص. ورداً على هذه المزاعم التي كان لها تأثيرها السيئ على القيادة والمجتمعات في المنطقة بأسرها،
اتخذت العديد من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي خطوات لتحديد الكيفية التي يمكن من خلالها تحسين أوضاع العمال المهاجرين.
وعلى مستوى السياسات، ُتداَر الكثير من المناقشات حول مراجعة نظام الكفالة للعمال أو إلغائه، وذلك برغم أن الشيء الذي سيحل محله لا يزالغير واضح.
وبرغم انتشار هذه الظاهرة، فإن هجرة العمالة في مختلف أنحاء المنطقة لم تستوف حقها من الدراسة. وتثير الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية الخاصة بالهجرة إلى دول الخليج مجموعة من التساؤلات التي يتعين دراستها بطريقة منهجية وشاملة. ومن بين المجالات الجديرةبالدراسة بحث كل من التحويلات المالية والتحويلات الاجتماعية« المنتشرة من خلال تجربة الهجرة، وكذلك قضايا الهوية والانتماء في ضوءالصورة التي تشكلت من خلال هذه التجربة، وبناء هذه المفاهيم والهويات كالمواطنة والمجتمع. ونظراً ألن العمال المهاجرين يقضون معظمفترة شبابهم خارج مجتمعاتهم المحلية، فكيف يؤثر عيشهم في دول مجلس التعاون الخليجي على المجتمعات التي يعملون ويعيشون بها وكذلكعلى من تركوا وراءهم؟ وإلى أي مدى يتأثر العمال المهاجرون ومضيفوهم بالتفاعل فيما بينهم، وما العواقب المترتبة على ذلك؟ وما الأدوار التيتقوم بها الوكالات والمؤسسات الرسمية والخاصة – الاتفاقات الدولية، وأنظمة العمل، والوزارات الحكومية، ووكالات التوظيف إلخ- في عمليةالهجرة؟
حيث تراجعت العمالة المصرية إلى 70%،أن انخفاض سعر البترول أثر على مشروعات التنمية في دول الخليج، وبالتالي تراجع الطلب على العمالة، إضافة إلى أن نوعية الطلب أصبحت تركّز على الفنيين وليس الحرفيين، فقد التراجع بدأ منذ عام 2016 وبنسبة 60% إلى 70%، وهو رقم كبير يجب التحذير منه فعلا. لذلك كانت دور الدولة وتوسيع سياستها لعودة زيادة الطلب للعمالة المصرية وتراجعها كما كانت الأعلى طلبا في أفريقيا ودول الخليج
وكذلك تمثل كل من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي مراكز قوى أساسية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية. وقد لعب كلّ منها أدوارًا محورية في تاريخ المنطقة وتشكيل توازناتها، وعلى الرغم من أن الصلات الدبلوماسية بين الطرفين لم تعبّر دائمًا عن توافق، إلا أن للعلاقة بينهما أبعادًا ثقافية وديموغرافية واقتصادية وثيقة تجعل منها عمقًا استراتيجيا أساسيًا لهذه الدول لا يمكن تجاوزه عند رسم أي سياسة خارجية، أو الحديث عن نظرة تنموية تأخذ البعد الإقليمي في الاعتبار.
ويكتسب الحديث عن العلاقة بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي أهمية خاصة في هذه المرحلة التاريخية – مرحلة ما بعد الانتفاضات العربية – التي جلبت معها تغيرات جذرية في المعادلة السياسية سواء على مستوى الشؤون المحلية لهذه الدول، أو على المحاور والتحالفات السياسية.
ولا شك أن نمو تلك العلاقات يكون له العديد من التأثيرات الإيجابية ،وبالتالي فإن المحور الأهم في دراسة العلاقات المصرية الخليجية يدور حول واقع هذه العلاقات على كافة المستويات إلى جانب البحث عن الأسلوب الأنسب لتفعيله في ضوء العديد من المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية.
تمثل كل من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي مراكز قوى أساسية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية. وقد لعب كلّ منها أدوارًا محورية في تاريخ المنطقة وتشكيل توازناتها. وعلى الرغم من أن الصلات الدبلوماسية بين الطرفين لم تعبّر دائمًا عن توافق، إلا أن للعلاقة بينهما أبعادًا ثقافية وديموغرافية واقتصادية وثيقة تجعل منها عمقًا استراتيجيا أساسيًا لهذه الدول لا يمكن تجاوزه، ولذلك سيتم دراسة الأهمية الاستراتيجية لكل من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي من حيث مصادر القوة الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية لكل من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي
تعد مصر من اكبر الدول الأفريقية سكانا، كما أنها تحتل المركز الأول عربيا والمركز ال 16 عالميا من حيث عدد السكان والمركز ال24 من حيث الكثافة السكانية. وبما الإنسان هو مولد الثروة والتكنولوجيا، تعتبر القوة البشرية عاملا أساسيا في منح عناصر القوة للدولة سواء على الصعيد المدني بشقه السياسي والاقتصادي أو العسكري.
وبفضل تمتعها بسواحل طويلة على البحرين الأبيض والأحمر، يوجد 32 ميناءً بحريا تمثل في مجموعها النافذة التجارية الهامة استيرادا وتصديرا فضلا عن أن قناة السويس تمثل همزة الوصل بين الشرق والغرب حيث تقوم بدورها في انتعاش حركة التجارة الدولية، وتعتبر أول مورد رئيسي للنقد الأجنبي لمصر فتدر يومياً بخزانة الدولة حوالي 5.5 ملايين دولار، وتستوعب قناة السويس 8% من حركة التجارة العالمية وتوفر نحو 40% من طول ونفقات الرحلة بين شرق آسيا وأوروبا.
كما تعتبر مصر من الدول المنتجة للبترول والغاز حيث تشكل محافظة البحر الأحمر المصدر الرئيسي، وتقدم ما نسبته 75% من النفط المنتج محليا، وسط تقارير علمية جيولوجية تؤكد وجود مكامن ضخمة من الغاز بالمياه الإقليمية بالبحر الأبيض المتوسط.ان علاقة مصر بدول مجلس التعاون الخليجي هي علاقة استراتيجية تستند إلى ارض صلبة من التوافق في المنظور السياسي والمصالح الاقتصادية الواسعة والترابط الاجتماعي والثقافي.
إن أبرز معالم العلاقة الاقتصادية بين الخليج ومصر هو أن حركة رأس المال والقوى العاملة تأخذ على الدوام اتجاهًا واحدًا لكل منهما. فطبيعة دول الخليج ريعية ويمنحها النفط فوائض مالية عالية فيما تفتقر إلى رأس المال البشري، في مقابل مصر ذات الكثافة السكانية العالية والموارد الطبيعية المحدودة. وهذا ما يؤدي إلى تدفق المال الخليجي (على شكل رؤوس أموال أو مساعدات) على مصر، في الوقت الذي تغذي الأخيرة اقتصادات الخليج بالقوى العاملة. ويقدر عدد العاملين المصريين بالخليج بنحو 2.5 مليون عامل 60% منهم في السعودية و20% في الكويت، و8% في الإمارات، مقابل 22 ألف خليجي يقيمون في مصر معظمهم طلبة لأغراض الدراسة.
وعلى صعيد تحولات المصريين العاملين في الخليج تأتى مصر في المرتبة الأولى بتقديرات نحو 11 مليار دولار سنويا ويتضح انه نتيجة للتوترات السياسية والظروف الاقتصادية المتعثرة في مصر فقد زاد معدل هجرة المصريين للخليج كما ان دول الخليج قدمت تسهيلات إضافية وخصوصا قطر التي بدأت في زيادة استخدام العمالة والشركات المصرية في مشاريع التنمية لديها، وفي العموم، فقد أسهم تصدير العمالة المصرية لدول مجلس التعاون بشكل كبير في حل مشاكل البطالة، ونقص العملات الصعبة، ودعم مؤشرات ميزان المدفوعات، وتحسين مستوي معيشة الملايين من العمال المهاجرين والمرتبطين بهم.إعداد كوادر فنية وعمالة مدربة لتصديرها للخارج مواكبة للتطورات العالمية والعمل على تنظيم المزيد من البرامج التعليمية والتدريبية المتخصصة التي من شأنها أن تُسهم في تنمية مهارات تلك الكوادر مع إصدار التراخيص اللازمة لعملهم بالخارج..